home الرئيسيةpeople_outline الأعضاء vpn_key دخول


chatالمواضيع الأخيرة
فيفو Vivo V40access_timeأمس في 6:12 pmpersonrahma14
موبي برايس ماركات الموبايلاتaccess_timeأمس في 6:02 pmpersonrahma14
افضل شركة تسليك مجاري بمكةaccess_timeأمس في 5:24 pmpersonrahma14
كهربائي منازل بجدةaccess_timeأمس في 5:11 pmpersonrahma14
افضل شركة مكافحة حشرات الدمامaccess_timeأمس في 4:58 pmpersonrahma14
افضل شركة تسليك مجاري بالخرجaccess_timeأمس في 4:41 pmpersonrahma14
new_releasesأفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
new_releasesأفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
bubble_chartالمتواجدون الآن ؟
ككل هناك 104 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 104 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

مُعاينة اللائحة بأكملها

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 2984 بتاريخ السبت أبريل 14, 2012 8:08 pm

طريقة عرض الأقسام

لونك المفضل

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty السلطة الرابعة

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

مقالات تعنى بالشأن السوري والعربي

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

حقائق هامة وخطيرة عن البرنامج النووي الإيراني السري في سوريا


د. كمال اللبواني: كلنا شركاء
بمناسبة ذكرى مجزرة الغوطة الكيميائية ، وبسبب معركة الابادة والتهجير التي تتعرض لها الزبداني ، أقدم هذه المعلومات الهامة التي تريثت كثيرا في نشرها لأقول للمجتمع الدولي : إذا كان مسموحا للميليشيات والنظم الإرهابية أن تصنع أسلحة الدمار الشامل وأن تستخدمها ؟ وإذا كانت شعوب المنطقة ودولها لا تخشى على نفسها منها ؟ وإذا كان القانون الدولي معطلا بقرار من الدول العظمى ، التي أصبحت تقدم الرعاية والحصانة للمجرمين !!! واستبدلت حقوق الانسان بحقوق السفاحين بالقتل والترويع والتهجير وامتلاك أسلحة الدمار الشامل ؟؟؟ … فلماذا لا نعطي داعش أيضا حق الوصول إلى هذا السلاح أسوة بغيرها من الإرهابيين ؟ عملا بالمبادئ الديمقراطية التي تتغنون بها !!!وأقول في هذا الصدد محذرا : إذا لم يتحرك المجتمع الدولي ولا الدول الغربية ولا الدول الإقليمية لوضع حد لمشروع حزب الله في بناء دولته المارقة على الأراضي السورية ، وتطوير ترسانته من أسلحة الدمار الشامل عليها … فنحن ننتظر من دولة الخلافة الاسلامية أن تتجه سريعا لهذه المستودعات والمصانع الواقعة ضمن الأراضي السورية بالقرب من الحدود اللبنانية التي يحاول حزب الله جعلها مربعا خاصا به ، وتحصل منها على كل ما تريد من سموم ويورانيوم وعتاد نوعي ، لتسعمله هي أيضا من أجل بقائها … وكما يقول المثل من باعك بالبصل بِعْه بالقشور … وفهمكم كفاية … قصة المشروع الكيميائي – النووي لحزب الله :نبدأ من اعلان حافظ الأسد سعيه لتحقيق التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل ، واحتفاظه في كل مرة بحق الرد حتى التوصل لذلك ، فبعد تدمير المفاعل النووي العراقي ، وقيام الثورة الاسلامية في ايران ، طور حافظ الأسد علاقات وطيدة مع طهران ، واستفاد من علاقاته المميزة مع كوريا الشمالية والاتحاد السوفييتي، وباشر مع ايران برنامجا نوويا سريا مشتركا بخبرات كورية شمالية وسوفيتية ، واستفاد أيضا من علاقاته مع معمر القذافي الذي اشترى تقنيات نووية من باكستان … وهكذا صار حافظ يقتطع مبالغ كبيرة من الموازنة لتحقيق مشروعه ، وكان يردد أن عائدات النفط التي لا تدخل الموازنة هي في أيدي أمينة ( طبعا هو يستغل هذا المشروع الاستراتيجي السري والنفقات العسكرية الضخمة لتغطية سرقاته وعائلته لعائدات النفط التي لم تدخل عمليا الموازنة الحكومية ) و كان يقصد بهذا التوازن الاستراتيجي امتلاك أسلحة الدمار الشامل ؟ التي سيستخدمها للحفاظ على نظامه الطائفي . ونظرا لقربه من اسرائيل ولخشيته من قصف المنشآت على أرضه. قرر استخدام ايران كشريك بعيد في ذلك المشروع الاستراتيجي … وهو يشمل السلاح الكيمياوي ، والصواريخ البعيدة المدى ، والسلاح النووي. وقد أقام علاقات وثيقة بين الخبراء النوويين السورين والإيرانيين والكوريين ، عبر مركز البحوث العلمية العسكري، وكانت هناك برامج تدريب وتأهيل مشتركة، وزيارات متكررة سرية طويلة لطهران وكوريا وبالعكس . وقد حرص حافظ على الحضور شخصيا لكل استلام وتسليم بين الرؤساء الإيرانيين لكونه شريكا في هذا الملف السري الخطير . ومع استلام بشار الأسد للسلطة أطلق يد ايران أكثر فأكثر في سوريا . ويبدو أن بشار الأرعن كان مستعجلا ، وقد قبل بإنشاء القسم العسكري من البرنامج النووي المشترك على أراضيه ، بعد تعذر ذلك في ايران التي خضعت للتفتيش والرقابة الشديدة ، وخزن التكنولوجيا التي كان قد طورها العراق والتي تم نقلها لسوريا قبل القبول بالتفتيش ، ورفض اعادتها ، وهكذا أعجبت فكرة القوة هذا المعتوه بالعظمة ، ولتفادي مصير صدام تمت المباشرة سرا في انشاء مفاعل الكبر في دير الزور ، وهو الذي انكشف أمره ودمر ، أو ربما (كشف عمدا للتمويه على الموقع الحقيقي)... في حين كان يجري تحضير أمكنة أخرى بشكل سري منذ مدة طويلة (قبل تدمير مفاعل الكبر بل منذ بداية فترة بشار ) . فمشروع ايران النووي بتقديرنا هو مشروع سوري ايراني مشترك ، ظاهره سلمي (ايران) يشكل القاعدة التقنية لبرنامج عسكري سري مكمل له يقام في دولة أخرى ( سوريا ) . نحن نعتقد أنه قد بوشر في التفكير في اقامة مركز عسكري سري على الحدود مع لبنان في أكثر من موقع ، منذ بداية عهد بشار وتحديدا عام 2002، والتي يتوفر في بعضها كل العناصر اللوجستية اللازمة لتركيب وتشغيل مفاعل نووي يعمل بالماء الثقيل بالنموذج الكوري ، يقوم بتحويل اليورانيوم المنضب في المفاعلات السلمية لبلوتونيوم مشع ينتج بسرعة وسهولة كميات كافية لصنع عدة قنابل صغيرة ( حيث يكفي 10 كغ بلوتونيوم لصنع قنبلة ، في مقابل طن من اليورانيوم عالي الخصوبة كحد أدنى ) ، وبوجود المطارات العسكرية القريبة، وبوجود الأنفاق التي تربط تلك المراكز بالأراضي اللبنانية ، يتم النقل السري للمعدات والعاملين ، إلى مراكز سرية عسكرية تبنى في مغاور وكهوف ضخمة يجري تمويهها بشكل جيد ، وهذه المراكز تمتد من القصير نحو القلمون والشعرة وصولا للناعمة ومعسكر نبع بردى وزرزر ، وجبال الصبورة ، وكل منها يتكون من انفاق ومغر عميقة جدا في الجبال وبعضها يترتبط بمصادر مياه غزيره لتأمين التبريد اللازم لأي مفاعل نووي . قد تكون هذه التحضيرات وراء الحديث المتكرر عن المفاجآت التي يتوعد حزب الله وايران بها ، وتوعد بها حسن نصر الله في أكثر من خطاب له مهددا اسرائيل والعالم . والسبب الخفي وراء استماتة الحزب في الدفاع عن النظام ، ثم اصراره على احتلال القصير وتهجير سكانها واستبدالهم ، والسبب وراء تمدده نحو القلمون فالزبداني لاستيطانها وإقامة دويلته المارقة ، في حال سقط النظام ، مدعيا أنها ضرورية لتحرير القدس ؟…. مبررا لحاضنته الشعبية وكوادره دفع كل تلك الخسائر في الأرواح في سبيل تحقيقها . لقد تمكنت مجموعات الاستطلاع التابعة لوحدات الجيش الحر العاملة في المنطقة من رصد ومتابعة هذه المراكز وقدمت معطيات جدية حولها … تقييمنا الأولي لهذه المعطيات هو الآتي :

ن المؤكد وجود مصانع ومستودعات سرية عسكرية ايرانية خطيرة وكبيرة جدا بأمرة حزب الله وبالتعاون مع النظام السوري في المنطقة الواقعة على الحدود مع لبنان .
حتما في هذه المواقع يتم تخزين وتصنيع منتجات كيمياوية بشكل مستمر وحتى الآن ، وصناعة قذائف وصواريخ ذات رؤوس كيميائية . وقد نقل إليها الكثير من المخزون الكيميائي السوري وأدوات التصنيع .
من المثبت وجود نية استخدام هذه المواقع لأغراض نووية نظرا للتحضيرات اللوجستية المتكاملة المصطنعة والمقصود تمويهها ، وبشكل خاص تلك القريبة من السدود المائية .
أما نوع ومستوى التجهيزات النووية المشتبه في وجودها فعلا ، فهو أمر يحتاج للتقييم و المزيد من التقصي : بشكل خاص التقصي عن تركيب ، أو ربما تشغيل ، مفاعل نووي صغير يعمل بالماء الثقيل لتحويل اليورانيوم المنضب لبلوتونيوم ، ( أشارت اليه صحيفة دير شبيغل قبل أقل من سنة ) و التقصي عن القيام بعمليات تخصيب اليوانيوم لنسب مرتفعة جدا ، وتخزين منتجات ومعدات نووية أخرى . وقنابل قذرة ، ويورانيوم منضب ، ومخصب … ويورانيوم خام ينقل بطائرات وسفن لبنانية غير مسجلة دوليا من وسط افريقيا…
تاريخ النظام وحزب الله وايران في المراوغة ، ومحاولاتهم السابقة في الكبر ، تعزز الشك بوجود مركز نووي عسكري قيد الإنشاء أو قد التشغيل ، كما أن نوعية المكان وتحضيراته والسرية الشدية المحاطة به تجعله مكانا مشتبها بشدة .
الظرف الذي يمر به النظام السوري والإيراني وحزب الله والصراعات الخطيرة التي فتحها في كل مكان ، يجعله مستعجلا في امتلاك الأسلحة الحاسمة نظرا للخطر الوجودي الذي يعيشه ، والذي يشبه المرحلة التي سبقت انهيار النازية ، عندما صارت في تسابق مع الزمن لانتاج هذا السلاح .
المدلولات السياسية:

وجود مربع أمني ايراني لحزب الله فوق الأراضي السورية ، يشكل حالة احتلال يقوم به لبنان تجاه دولة مجاورة معترف باستقلالها .
تخزين وتصنيع سلاح الدمار الشامل من قبل دول أجنبية وميليشيات تابعة لها على الأراضي السورية ضمن برامج سرية دون علم وموافقة الشعب السوري أو اللبناني ، هو خرق فاضح للسيادة وللقانون الدولي .
تصنيع أسلحة ممنوعة دوليا ( كيماوي ) وتخزينها بالرغم من توقيع سوريا لمعاهدة الحظر ، هو خرق اضافي.
تقديم دليل جديد على التضليل الإيراني وسوء النية لديها حتى بعد توقيعها الاتفاق النووي مع الغرب …. فهي تفترض دوما احتمال دخولها بصراع مسلح مع الغرب وتتحضر له .
إثبات أن البرنامج النووي الإيراني موزع على عدة دول لتضليل الرقابة الدولية وتشتيت المسؤولية .
إثبات عدم سلمية النشاطات النووية الإيرانية ، وترجيح وجود تحضيرات لانتاج السلاح النووي ، وربما المباشرة الفعلية في انتاجه .. على الأراضي السورية ضمن المربع الأمني لحزب الله . مستغلة فشل الدولة السورية التي كانت هي أحد مسببيه . مستفيدة من التراخي الدولي بعد توقيع الاتفاقية المغرية اقتصاديا للغرب .
إثبات أن سوريا شريك أساسي في المشروع النووي الإيراني العسكري ، وضرورة شمول عمليات التحقق والتفتيش أراضيها وأراضي لبنان والعراق ضمن أي اتفاق مع ايران ، والدليل هو مفاعل الكبر وهذه المواقع التي تؤكد استمرار هذه النية في انتاج سلاح نووي.
حزب الله (كميليشيا ارهابية تقتل وتهجر الشعب السوري ) هي شريك أيضا في صنع أسلحة الدمار الشامل التي يهدد بها كل شعوب المنطقة ويركز في اعلامه على إبادة ما تبقى من الشعب اليهودي وحرق اسرائيل ، إذا ما تعرض للضغوط والعرقلة ، لذلك هو أخطر من القاعدة وداعش .
اثبات كذب النظام السوري في تخلصه من السلاح الكيماوي وكذلك النووي وتطبيق العقوبات الجزائية عليه .
اثبات نية حزب الله صنع دويلة مارقة خاصة به في سوريا يديرها كما يشاء بعيدا عن ضغوط اللبنانيين أو أي شرعية ، تشمل قمم جبال لبنان الشرقية التي ستصبح منصة لتهديد المنطقة كلها وهذا ما يستوجب احالته لمجلس الأمن الضامن للأمن ولسلامة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة .
اثبات ضرورة العودة بالتفاوض مع ايران للوراء وتشميل نشاطات سوريا ولبنان والعراق وأراضيهم للتحقيق .
التنبيه لأهمية القيام فورا بتفتيش المواقع المشتبهة ، حيث لا تستطيع السلطة في سوريا الاعتراض لأنها وقعت اتفاقية الحظر ،
تخلي النظام عن تلك المناطق لميليشيا أجنبية ، يجعلها أرض لا تحكمها سلطة ، وبالتالي يشملها مبدأ الدفاع العميق لبقية الدول ، التي يصبح لها الحق في دخولها والقيام بعمليات عسكرية فيها .
ضرورة التخطيط لدخول هذه المواقع بالقوة وتفتيشها ، وذلك أفضل كثيرا من تدميرها خوفا من كوارث وتلوث في المنطقة . لأن اثبات وجود سلاح دمار شامل بيد مليشيات ارهابية يستوجب سحب سلاح حزب الله كاملا وتسليمه للدولة اللبنانية بقرار دولي ، وحظر هذا الحزب لخرقه القانون الدولي وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ، والتخطيط لارتكاب المزيد منها .
الدخول إلى هذه المواقع سيكشف مدى تطور البرامج النووية والعسكرية الإيرانية .
الفشل في التدخل الفاعل والسريع ، سيجعل هذه المصانع والمستودعات هدفا مباشرا لتنظيم الدولة الذي سيتجه عاجلا أم آجلا للمنطقة، ويحصل منها على كل ما يريد من عتاد وسموم ويورانيوم ونفايات قذرة … خاصة بعد أن اضطرنا التراخي والتخاذل والغباء الدولي للحديث عنها علنا …
الشعب السوري ليس وحده من يجب أن يدفع ثمن غباء وانحطاط المجتمع الدولي وقلة أخلاقه . ولعنة الدم السوري ستطال جميع المتواطئين بإذن الله .. والله هو الحق وهو المنتقم لضحايا الغوطة ودوما والزبداني ..

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

هندسة التغيير الديمغرافي في سورية بين الأسد وإيران و"حزب المتعة "

تعكس الهجمات الأخيرة الواسعة التي يشنها نظام بشار الأسد وميليشيا "حزب المتعة " اللبناني بدعم إيراني مطلق لا سيما في ريف دمشق، إلى انتقال الحلفاء الثلاثة إلى تطبيق فعلي لخطة إفراغ بعض المناطق السورية من سكانها الأصليين واستبدالها بآخرين يعلنون الولاء التام للأطراف الثلاثة، ولهذه الخطة ما بعدها من تأثيرات خطيرة على مستقبل سورية، وتعتبرها المعارضة السورية بداية فعلية للإعلان جهراً عن تقسيم البلاد.ويشير موقع "ميدل ايست بريفينغ" (meb) الأمريكي المختص بالأبحاث وتقييم المخاطر إلى أن التحالف الثلاثي الذي يجمع الأسد وإيران وميليشيا "حزب الله" يبدو أنه قيد نفسه بإطار زمني معين لتأمين المناطق الحيوية تحقيقاً لأهدافهم الاستراتيجية المستقبلية، حيث تركز هذه الأطراف على مناطق معينة مثل غوطة دمشق بشكل عام ومدينة دوما بشكل خاص – التي تضم أحد أهم معاقل المعارضة في سورية – بالإضافة إلى منطقة القلمون، وسهل الغاب بريف حماه.
ويهدف الأسد وحلفاؤه إلى تفريغ مناطق ريف دمشق بشكل أساسي من تواجد قوات المعارضة (السنية) وخلق حزام يلف العاصمة من مؤيديه (العلويين والشيعة)، وذكرت مصادر على صلة بمسؤولين في نظام الأسد لـ"السورية نت" أن المخطط الإيراني يسعى لخلق منطقة نفوذ آمنة وخالية من التواجد السني لا سيما فئة الشباب، تمتد من الحدود اللبنانية غرب سورية وصولاً إلى دمشق شرقاً باتجاه منطقة السيدة زينب.
وأشارت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها أن إيران تعزز تواجد العائلات الشيعية في المناطق الواقعة جنوب شرق دمشق لتشكيل خط آمن من ناحية السيدة زينب إلى مركز العاصمة، أما بالنسبة للمناطق السنية في جنوب دمشق فيجري العمل على اختراقها عن طريق "المصالحات والهدن" وشراء الذمم بحيث يصبح سكان المنطقة الواحد متسلطون على أبناء منطقتهم لصالح إيران ونظام الأسد.
ويلفت "ميدل ايست بريفينغ" إلى أن العمليات الأخيرة العنيفة التي شنها النظام وحليفاه (خصوصاً في الزبداني بريف دمشق) تشير إلى أن الأطراف الثلاثة قسموا أهدافهم إلى ثلاث مناطق، المنطقة الأولى ويرى فيها الحلف الثلاثي أنها غير قابلة للتفاوض، والمنطقة الثانية تضم المناطق التي يتعين على الحلف إبقائها تحت سيطرته؛ إما لحماية المنطقة الأولى أو لاستخدامها في وقت لاحق كورقة ضغط، فيما تندرج المنطقة الثالثة ضمن المناطق المستحيل السيطرة عليها.
ويبيّن هذا التصور أسباب شن نظام الأسد هجمات هيستيرية على الغوطة الشرقية خصوصاً دوما – التي يراها من المناطق غير قابلة للتفاوض-، حيث ارتكب فيها النظام مجازر خلال الشهر الجاري راح ضحيتها المئات بين شهداء وجرحى، واللافت أن النظام استخدم بالهجمات ذخائر أكثر من تلك المستخدمة في مناطق أخرى.
ولا تنفصل تحركات الحلف الثلاثي (الأسد وإيران وميليشيا حزب الله) عن إطار تطبيق ما بات يعرف بالخطة "ب" لتقسيم سورية، وتقتضي هذه الخطة إجراء بعض التعديلات على التركيبة السكانية في سورية، وهو ما سعت إليه إيران بشكل واضح خلال المفاوضات الأخيرة حول مدينة الزبداني، حيث أصرت على شرط نقل سكان بلدتي "كفريا والفوعة" الشيعيتين بريف إدلب إلى الزبداني بعد تفريغها من سكانها الأصليين.
ويشير موقع "بريفينغ" إلى أنه وفقاً لهذا المنظور فإن الأسد ومؤيديه يرون أن "السني السوري هو المواطن الصالح الذي يدعم النظام. ويتم قياس مدى ملاءمة هذا السُني من خلال معايير ازدواجية: أين يعيش، وما هو موقفه السياسي. هذا المعيار في التصنيف مفيد وعملي، لاسيما وأنّ هناك مناطق لا يمكن تطهيرها من السُنة بسهولة. على سبيل المثال، عدد السنة في مدينة اللاذقية الآن مساوٍ لعدد العلويين إن لم يكن أكثر منهم. وفي حماة هناك مزيج متشابك من السُنة والعلويين".
وفي التركيز على المناطق التي يرى الأسد وحليفاه أنه لا يمكن التخلي عنهما، فإن منطقة جبال القلمون بريف دمشق تندرج تحت هذا الإطار لأسباب استراتيجية تتعلق بتأمين ميليشيا "حزب الله" في جنوب لبنان. وتمثل مدينة الزباني بوابة رئيسية لهذه الجبال، والمعارضة هناك تقاتل النظام بشكل طولي ولذلك؛ فهم أهداف لعملية التطهير.
وقال متحدث باسم حركة "أحرار الشام" في تعليقه على المفاوضات مع الإيرانيين بخصوص الزبداني: "لقد جنّ جنون الإيرانيين؛ إنهم يريدون منا أن نتخلى عن الزبداني، وإخراج أهلها، وفي المقابل سينقلون جميع سكان كفريا والفوعة ويضعونهم في موقع قريب من الحدود اللبنانية أو في ريف حماة. لقد حذرونا أنه إذا سيطرنا على القريتين، سيُخرجون السكان الشيعة على أي حال ولكن بعد ذلك سيحولون القريتين إلى أنقاض".
وبذلك فإن تقاطع الخطوط الطائفية، والسياسية والاستراتيجية في بقعة واحدة مثل الزبداني، يجعل من الاستيلاء عليها، وإجبار سكانها على الرحيل، ضرورة ملحة للتحالف.
ويرى موقع "بريفينغ" أن الإيرانيين لم يفقدوا صوابهم بل ينفذون ما ذكرناه حول الخطة "ب"، ويضيف أنه "من الطبيعي أنّ القيادة المشتركة التي تتألف من الأسد وحزب الله والحرس الثوري لديها قطاع عمّال واضح يخدم خطة واحدة، لكنه ليس من الواضح أنّ المعارضة السورية لديها خطة موحدة موازية، إما لإحباط نوايا هذا التقسيم الثلاثي أو شنّ هجوم مضاد فعّال".
ويتابع الموقع: "لعبة التحالف الثلاثي أصبحت سهلة القراءة الآن أكثر من أي وقت مضى. ما يحدث هو أنهم يحاولون تنفيذ هذه اللعبة في أسرع وقت ممكن من أجل تمكين أنفسهم للانتقال إلى طاولة المفاوضات. إنّ اللحظة التي سنجد فيها الأطراف الثلاثة حول طاولة المفاوضات في انتظار المتحاورين ستكون لحظة انتهائهم من نحت وتحديد مناطقهم. ومن ثم؛ يجب أن نكون على استعداد للاستماع، بمجرد الانتهاء من العمل، إلى دعوات تصالحية من طهران وسيل من المكالمات والتأكيدات بأنّ الأزمة السورية لن تنتهي إلا من خلال حل سياسي".
والجدير بالذكر أنه من أجل إجبار أهل السنة على الفرار من المناطق التي يضعها تحالف الأسد – إيران – ميليشيا "حزب الله" ضمن المناطق الهامة، فمن المتوقع أن يتصاعد العنف كما حصل في دوما، ويرغب النظام وحلفاؤه في إيصال سكان المناطق المستهدفة إلى الشعور بضرورة المغادرة وترك منازلهم وبالتالي تحقيق خطة تغيير التركيبة السكانية.
ويتحدث موقع "بريفينغ" عن احتمالين قد نشهدهما خلال الفترة المقبلة:
الأول: شنهجمات عسكرية عديمة الرحمة من "الحرس الثوري الإيراني" وقوات النظام وميليشا "حزب الله" لتطهير المناطق المختارة - ذات الأهمية الاستراتيجية وغير قابلة للتفاوض - للمعارضة أو السُنة أو كليهما. وسيحدث ذلك تحت وابل من المحادثات الناعمة بشأن الدبلوماسية والحلول السياسية، ولكن لن توجد تحركات جادة. وفي غضون ذلك، ستبقي روسيا على الطريق الدبلوماسي مفتوحًا بيدها اليمنى، وتستمر في إرسال المعدات العسكرية إلى الأسد باليد اليسرى.
الثاني: وفي مرحلة ما، بعد السيطرة على كل المناطق الاستراتيجية المطلوبة، ستقول إيران إنّها على استعداد لإقناع الأسد بمغادرة دمشق. وستصبح الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار أعلى من صوت النار، وسيزداد الضغط على الأطراف المعنية وسيلعب التحالف الثلاثي فجأة دور حمامة السلام. وسيعرض التحالف كل هذا إلى العالم باعتباره حبًا حقيقيًا للسلام ومشاعر صادقة تجاه معاناة المدنيين في سورية. ولكن، في المقابل، فإنّ هذا التحالف الثلاثي يريد إضفاء الطابع المؤسسي على الوضع الراهن، وجعل مناطقهم معترفًا بها دستوريًا من قِبل النظام الجديد بالطريقة نفسها وإضفاء الطابع المؤسسي على الوضع في جنوب لبنان كأرض لميليشيا "حزب المتعة ".

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

العلويون ووهم الدويلة في سوريا

30 / آب / 2015
بقلم : سامي الصوفي

============
روى لي والدي حكاية عن المرحوم جدّي حدثت في ثلاثينات القرن الماضي. كان جدّي عائداً من ريف بلدة جبلة إلى اللاذقية، وتعب حصانه خلال الرحلة، فاضطر للاستراحة، لكن مواصلة الرحلة تعذّرت لضعف الحصان وحلول الظلام. لذلك قصد جدّي أول بيت صادفه، وعرّف بنفسه طالباً المساعدة. استضافه أهل البيت وكانوا من عائلة مهنا العريقة، وقاموا بواجب الضيافة بكرم بالغ. وفي صباح اليوم التالي، أعاروا جدّي حصاناً لمواصلة رحلته ورفضوا إلاً أن يرافقه أحد أبناء العائلة إلى مشارف اللاذقية لضمان سلامته.
عندما تذكرت هذه الرواية أخيراً، تساءلت في نفسي: لو حدث ذلك لي اليوم في المكان والزمان نفســـيهما، هل ســـأحظى بالمساعدة نفسها التي حظي بها جدّي قبل أكثر من 80 عاماً بعد اندلاع الثورة السورية؟ أعتقد أن الإجابة ستكون بكل مرارة كلا .
هواجس العلويين بأنهم طائفة مهدّدة من السنّة، تسيطر عليهم منذ القِدم. وفقاً لجريدة «البشير» البيــروتية في عددها بتاريخ 17 حزيران (يونيو) 1939، والتي أحتفظ بنسختها الأصلية، فقد طالب النائب عن دولة العلويين الشاعر بدوي الجبل، عام 1936، رئيس وزراء فرنسا بأن تبقى دولة العلويين تحت الانتداب الفرنسي، لأن «ســـوريا المسلمة هي عدوة العلويين» وفق تعبيره! وعلى رغم ما قاله شاعر سورية الكبير، فقد غفر له السوريون، لا بل وزّروه أثناء عهد الرئيس الراحل شكري القوتلي. هكذا تعاملت أكثرية سورية السنّية مع العلويين حتى عندما أخطأ ممثلوهم .!
كانت ثورة البعث في 1963 نقطة تحوّل في تاريخ سورية، وقد استغلّها العلويون بكل ذكاء. بدأ صلاح جديد ومحمد عمران مع حافظ الأسد بتطييف الدولة السورية بعد حركة شباط (فبراير) 1966، التي سماها ميشال عفلق «القفزة النوعية». وكانت بالفعل القفزة النوعية التي مكّنتهم من السيطرة على السلطة في سورية، قبل أن ينقلب عليهما حافظ الأسد عام 1970 .
كانت الثورة السورية امتحاناً صعباً للعلويين. فعلى رغم سلمية الثورة في عامها الأول، وندائها «واحد واحد واحد... الشعب السوري واحد»، وعلى رغم أنه في حزيران (يونيو) 2011 كانت جمعة باسم «جمعة الشيخ صالح العلي»، وفي أيلول (سبتمبر) 2011 رفع الثوار لافتة بأن «حقائب آل الأسد لا تتّسع لهم وأن مكانهم بيننا»، كان موقف العلويين باتهامهم للثورة بأنها مؤامرة من الخارج واتهام الثوّار بأنهم طائفيون، مخيباً لآمال كثر من السوريين .
اليوم، يوجد في سورية بين المدنيين 300 ألف شهيد، وسبع محافظات مُدَمّرة عن بكرة أبيها، و14 مليون مُهجّر، منهم ما لا يقل عن أربعة ملايين خارج سورية. في المقابل، قُتِل عدد غير معروف من جنود النظام يصل إلى 100 ألف، لكن من قُتِلُوا من جنود النظام - وغالبيتهم من العلويين - لم يكونوا مدنيين في بيوتهم، فإذا اعتبرنا أن العلويين هم 12 في المئة من أبناء سورية، وأن المعارضة طائفية كما يدّعي العلويون، لكان هناك بين المدنيين منهم، لا قدر الله، أكثر من 36 ألف علوي مدني شهيد ومليون ونصف مليون علوي مدني نازح أو لاجئ، وهذه الأرقام غير موجودة .
خطة النظام بالتغييرات الديموغرافية في سورية، باتت واضحة تمهيداً لوهم الخطة البديلة بالدويلة العلوية. هذه الخطة البديلة تتضمن شريطاً مجاوراً للحدود اللبنانية، يمتدّ من دمشق إلى الساحل لتأمين الاتصال الجغرافي لـ «حزب الله». لكن حظوظ قيام هذه الدولة تبقى ضعيفة. فإيران، على رغم إعلانها مراراً أن الأسد هو رجلها في سورية، لا تزال تخدع العلويين ومستعدة للتخلّي عنهم متى انتهت من المساومة على الأسد، إضافة الى أنه لا يهمّها دويلة علوية ليس مضموناً فيها بقاء دمشق. روسيا لا تهمّها تلك الدويلة، وتقبل بمن يضمن لها مصالحها وقاعدتها في طرطوس. أميركا تدعم قيام دويلات وليس دويلة في سورية، وليس سكوتها عن «داعش» على مدى أكثر من سنتين إلا كونه الأداة التي تساعدها في رسم حدود هذه الدويلات. تركيا لا يمكن أن تقبل بدويلة علوية على حدودها، خوفاً من اتصال هذه الدويلة بعلويي الأناضول الذين يتجاوز عددهم 14 مليوناً، ما قد يؤدي مستقبلاً إلى تقسيم البلاد .
الحديث عن ضمانات لعلويي سورية فيه إهانة لمواطنتهم بكل حقوقها وواجباتها. حقوق علويي سورية مُصانة عندما تكون حقوق الأكثرية مُصانة، ويبقى العكس غير صحيح. العلويون لم يُطالَبوا بإظهار صكوك وطنية، فهم أبناء سورية، شاء من شاء وأبى من أبى. لكن ما يؤسف في خيارهم هو أنهم آثروا بغالبيتهم، تأييد النظام خوفاً من المتطرفين الذي لم يوجدوا خلال سنتين من الثورة. عمد النظام الى تذكيرهم بالمؤامرة الكونية على سورية. يتحجّج العلويون بأن خيارهم تأييد النظام هو حرية رأي أو وجهة نظر. بيد أنهم يتناسون أن تأييد القاتل ليس حرية رأي ولا يمكن أن يكون وجهة نظر .
لا أعرف كيف ستنتهي الحرب السورية. أعتقد أن الحل السياسي هو مضيعة للوقت، لأن الأسد سيماطل به وسيرفضه إذا ما وضع تحت الأمر الواقع، ولأن المفاوضين السوريين والإقليميين ليسوا جادين في الوصول الى حل. التسوية الوحيدة المتاحة هي تسوية الأمر الواقع، وستحدث عندما تخترق فصائل المعارضة الخطوط الحمر المتمثّلة بدمشق والساحل. وإلى أن يحدث هذا الاختراق، ستستمر الحرب السورية، وسيستمر التدمير وقتل المدنيين .
ستكون المرحلة ما بعد الأسد المرحلة الأصعب في سورية. فبناء البلاد وعودة اللاجئين وتنفيس الأحقاد، لن تكون بالأمر السهل. أعتقد أن سورية، كما عرفناها، لن تعود .!

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

القرداحة: صراعات عائلية واقتتال بين الشبيحة وتعزيز الحراسة حول قبر حافظ الأسد

*الاسد مهد لمشروع الدولة الطائفية وهيأ أركانه وأسسه منذ بداية عهده
*هناك توأمة بين أحلام حزب الاتحاد الكوردي.. وأوهام آل الأسد في تقسيم سوريا
*الخوض في المسائل العلوية أكثر المحرمات خطورة في الشؤون السورية
*قتل حافظ الأسد كمال جنبلاط بسبب الإشارة إليه كعلوي طائفي وكذلك سليم اللوزي وميشال سورا
*رفعت الأسد أول من استعمل القوات العسكرية في أعمال النهب والتهريب وتردد انه عندما غادر سوريا كان يحمل معه ما يتجاوز المليار دولار
*ميناء اللاذقية كان تحت سيطرة جميل الأسد واستخدامه في التهريب
*مارون الأسد نشط في أعمال التشبيح والمافيات السرية بما فيها تهريب المخدرات وترويع المواطنين
*محمد الأسد أول من نظم وجهز الشبيحة منذ السبعينيات
*احتمال تحقق المشروع العلوي في دولة مستقلة أو حكم ذاتي خاص بهم ليس وهماً
*فكرة الدولة العلوية طرحت في نهاية العهد العثماني اسوة ببقية الملل والنحل في تلك الدولة
*علويو شمال لبنان برز دورهم في العام الأخير كمقاتلين جاهزين للدفاع عن النظام السوري ومصالحه خاصة نسف السلم الأهلي في لبنان
*حين تقدم حافظ الأسد لخطبة زوجه أنيسة مخلوف رفضته أسرتها لعدم الكفاءة الاجتماعية بين الأسرتين
*اعتقال عبد العزيز الخير في أيلول هو عامل الانفجار الأخير لأحداث القرداحة
*ما قلب موازين القوى داخل العلويين هو ازدياد عدد القتلى من جنودهم وشبيحتهم وارتفاع كلفة الدفاع عن نظام بات بحكم الساقط
*في يوم واحد وصل إلى طرطوس 320 تابوتاً لقتلى علويين في حلب وحدها
بقلم: محمد خليفة
على الرغم من التطورات اليومية الساخنة والمثيرة للثورة السورية سياسياً وعسكرياً, فإن أحداث العنف التي وقعت الاسبوع الماضي في القرداحة ومناطق أخرى من الساحل السوري وجبال العلويين استأثرت باهتمام المراقبين في الداخل والخارج حتى غطت على ما عداها من احداث، نظراً للمفاجأة التي مثلتها، ولحساسيتها الشديدة وانعكاساتها على نظام بشار الأسد وعائلته. وهو نظام عائلي وطائفي بامتياز يرتكز أساساً على نسقين من العصبية، الأول عصبية علوية متسعة، والثاني عصبية عائلية ضيقة، أحكم حافظ الاسد ترسيخهما خلال ثلاثين سنة من حكمه على حساب ((الدولة)) وميراث وقيم النظام الجمهوري البرلماني الدستوري الذي تأسس منذ العشرينيات من القرن الماضي. وكان الاسد المؤسس وأركان العائلة والطائفة معاً يراهنون على أن يستمر حكم سوريا وراثياً لعشرات بل ربما مئات السنين في قبضتهم بواسطة سلالته وذريته بطريقة قرون وسطية نمطية وتقليدية تماماً. لكن بشار الاسد وحلقته التي ضاقت أكثر فأكثر مع نهاية الدزينة الأولى من سنوات عهده أخفقا في المحافظة على إرث الأب الموروث، نتيجة أخطائه الفادحة التي كشفت برأي البعض عن نقص فادح في الأهلية والمؤهلات لديه لإدارة الدولة والحكم وتسيير شؤون مجتمع معقد يتكون من عناصر ومكونات عديدة ومختلفة.
ويتوقع المراقبون وخاصة السوريون منهم، أن تفشل محاولات إخفاء وإطفاء جذوة النار التي اشتعلت في قلب القرداحة والجبل رغم المحاولات العلاجية السريعة التي بذلها بشار الاسد، بل يتوقعون أن تزداد اشتعالاً واتساعاً بين أجنحة وقوى وعائلات الطائفة كافة، نتيجة الاحتقان المتفاقم في المنطقة منذ شهور بتأثير حرارة الثورة السورية بعامة وتفاعلاتها الحادة المباشرة وغير المباشرة بخاصة.
فما هي العوامل التي أدت لهذا الاقتتال العلوي - العلوي؟ وما هي طبيعته وعناصره؟ وما هي خريطته الاجتماعية والجغرافية؟ وإلى اين يمكن أن يذهب؟ وما مصير النظام جراءه؟
لا بد في البداية من حسم صورة وطبيعة هذا الذي حدث ويحدث في المناطق العلوية، إذ انه لا يعتبر جزءاً من ثورة الشعب السوري بكل تأكيد، لكنه نتيجة حتمية لتطوراتها وآثارها وأعراضها.
إنه - أولاً - اقتتال واصطراع داخلي بين العلويين بعضهم بعضاً وليس بين المصطرعين أحد أو جهة من السنة أو غير السنة .
وهو - ثانياً - بين طرفين أو أطراف كلهم من الشبيحة، وكلهم من أعمدة النظام، وكلهم شاركوا في قمع السوريين ونهب أموالهم وممتلكاتهم على مدار عشرات السنين، وما زالوا يفعلون.
إذن فهذا الذي يحدث ليس انتفاضة في المناطق العلوية تشابه ما شهدته بقية المناطق السورية، ولا هو تعبير عن انضمام أقسام من الطائفة العلوية الى ثورة الشعب السوري، ولا هو انتفاضة ثورية أو سياسية، كما صورها البعض أو شاء أن يعتبرها، ولا سيما مراقبو الوضع السوري في الخارج نتيجة قصور في فهم الخصوصيات المحلية، والتباس أو اختلاط في المشهد بين قتال الثوار ضد النظام وقواته، من ناحية، وهذا القتال بين أطراف الطائفة العلوية التي يعتمد النظام عليها من ناحية ثانية. ولكنها تصدع ربما يتحول زلزالاً مدمراً في بنية الطائفة المسيطرة، والنظام القائم.
بدايات السيطرة العلوية على سوريا
يذكر في هذا الصدد أن الخوض في المسائل العلوية بهذا الوضوح والشفافية كان أكثر المحرمات خطورة في الشؤون السورية طوال نصف قرن كامل، وخاصة ما يتعلق منها ببنية النظام وسماته العلوية، وكان الموت أو القتل الشنيع هو العقوبة الأكيدة لمن يتجاسر على الخوض في هذه المسألة بالذات في عهد الأسد. وعلى سبيل المثال، فإن قتل الشهيد الكبير كمال حنبلاط جاء بسبب تهجمه على الاسد شحصياً والاشارة اليه كعلوي طائفي، وكذلك كان مصير الكاتب الصحافي المرحوم سليم اللوزي الذي عوقب بقتله وتذويب يده التي تمسك بالقلم بالأسيد لأنه كان يصر على إبراز هذه الصفة في الأسد، ولقي المصير نفسه باحث فرنسي أكاديمي هو ميشال سورا في مطلع الثمانينيات لأنه كان يعد بحثاً عن الطائفة العلوية في سوريا وهيمنتها على السلطة، وكان الباحث يزور لبنان وسوريا بكثرة في تلك الفترة، ثم خطفه حزب الله ووجد ميتاً في صندوق سيارة. وفي المواحهات الدموية التي شهدتها سوريا بين النظام والإخوان المسلمين ( 1979 - 1982 ) كان الأسد مستعداً للصفح عن اي خطيئة أو جريمة لخصومه سوى التركيز على كونه طائفياً، وهو الجانب الذي كان يحرص على إخفائه تحت طلاء كثيف من الشعارات القومية واليسارية والوطنية، بينما ركز (الاخوان ) حملتهم الدينية والفكرية عليه آنذاك بصفته صاحب مشروع طائفي علوي، الأمر الذي ذهب بالصراع العنيف إلى مداه الأقصى. وكانت المعارضة السورية كلها تعي أن الأسد الاب، يتساهل نسبياً في اي اتهام توجهه له المعارضة، باستثناء الاتهام بالطائفية، وإبراز هويته العلوية .
يذكر أن رموز العلويين الذين تسللوا للسلطة عبر حزب البعث منذ الخمسينيات كانوا في الغالب يحملون الطموحات والتطلعات نفسها، ولا يقتصر الأمر على حافظ الأسد، فسلفه صلاح جديد لم يكن أقل علوية ولا طائفية منه. وقد روى كثير من شهود تلك الحقبة ورموزها من ساسة سوريا ما يبين ويؤكد حقيقة أن الضباط العلويين، كانوا يشكلون كتلة متراصة لفرض هيمنتهم على السلطة ووضع أيديهم على مقاليد الحكم في سوريا من خلال الجيش والانقلابات العسكرية أولاً، ثم من خلال حزب البعث ثانياً. ومن هؤلاء الشهود رئيس الدولة الاسبق محمد أمين الحافظ، والقيادي البعثي أحمد أبو صالح، والسياسي البارز أكرم الحوراني وغيرهم. وكلهم أكدوا أن الضباط العلويين كانوا يسعون الى ما بلغه الأسد عام 1970، ومضى به الى نهاياته القصوى، من خلال عملية استيلاء منظمة على قطاعات السلطة تدريجياً، وكانت البداية في الاستيلاء على الجيش والامساك به، وبناء جيش مواز له بقيادة رفعت الأسد، ليكون قوة علوية خالصة ضاربة، تتحدد مهمتها في حماية النظام أولاً وردع الجيش الاصلي إذا حاول التحرك ضده ثانياً. وتلى السيطرة على الجيش السيطرة على أجهزة الدولة ومؤسساتها، بواسطة جيش آخر بناه الأسد يتكون من عدد غير معروف حتى الآن من أجهزة الاستخبارات المتوحشة، وذات الصلاحيات المطلقة، والمحمية من اي محاسبة قانونية عن جرائمها، بموجب قانون استثنائي سنه الاسد منذ عام 1972. وتلى ذلك ايضاً التخطيط والعمل على السيطرة على قطاعات الاقتصاد السوري، بطرق مافياوية شديدة الاحتيال والبشاعة، وعندما نجح الاسد وزمرته العلوية في السيطرة على القطاعات الثلاثة، أصبح السبيل ممهداً لاختراق المجتمع السوري التقليدي والنفاذ اليه والسيطرة عليه، من خلال أدوات مبتكرة لبناء شبكة علاقات عضوية مع القبائل والفئات التقليدية والطبقات المحافظة. لم يكن تحقيق هذه المنظومة السلطوية ممكنا بوسائل مشروعة وواضحة دائماً، كان لا بد من اللجوء لوسائل وطرق غير قانونية ولا واضحة، ولا أخلاقية، وخاصة أعمال التهريب وجني الأرباح والسوق السوداء وعالم الارهاب والتشبيح والقتل والخوة والابتزاز التي برزت تدريجياً، واحدة بعد أخرى لأن الأمور عادة متراكبة كل نسق منها يستند الى نسق آخر، وهكذا وصولاً الى مستوى المنظومة الكاملة، إذ لا بد من العمليات القذرة للحصول على الأموال، وهذه وتلك بحاجة لشبكات من المجرمين، وبحاجة لحماية من السلطة، ولا بد لهذه من قوى ضاربة ومسلحة. وأجهزة استخبارات وعملاء وهكذا خطفت كل وسائط الدولة ووضعت في خدمة الارهاب والنهب المالي والسيطرة، واتضح مع الوقت أن جميع هذه المنظومات المعروف منها وغير المعروف كانت حلقاتها تنتهي عند اشخاص من آل الأسد، وعلى سبيل الذكر لا الحصر :
رفعت الأسد : تخصص بالجانب العسكري الأمني، وكان يقود سرايا الدفاع بين 1971 و1984. وكان مسؤولاً عن مذابح حماه 1982 وسجن تدمر 1980 وغيرها، وكان أول من استعمل القوات العسكرية في أعمال النهب والتهريب والسرقة، وتردد انه عندما خرج من سوريا كان يحمل معه ما يتجاوز المليار دولار، والغريب أنه واصل عملياته القذرة في أوروبا، ومع ذلك ظل يحتفظ بمعاملة خاصة وحماية من سلطات الدول الديمقراطية!!!
جميل الأسد : تخصص في السرقة والنهب والتهريب ولا سيما عبر البحر وميناء اللاذقية الذي كان تحت سيطرته المطلقة، فضلاً عن تخصصه بمحاولات تجذير ومأسسة الطائفية وتنظيمها ومحاولات اختراق المجتمع السوري وفئاته المحافظة ذات العصبيات التقليدية، من عشائر وعائلات وفئات دينية .
هلال الأسد : تخصص ايضاً بالعمل العسكري وكان ايضاً قائدا للشرطة العسكرية، في بعض المحافظات الساحلية، وكان يدير شركات مقاولات تحتكر المشاريع الكبرى للدولة في اختصاصاتها وخاصة استخراج وتصنيع وبيع مادة الاسفلت، ويفرض الاسعار التي يريدها على الدولة التي كانت تسهل له صفقاته، اضافة لدوره في تصريف نفوذ التجار وتسيير أعمال التجار والسماسرة الطفيليين مقابل رشى ضخمة تقدر عائداتها بالمليارات لا بالملايين.
هارون الأسد: تخصص في أعمال التشبيح ونشاط المافيات السرية التي تقوم بأوسع أعمال التهريب بما فيها المخدرات، وعمليات القتل وترويع المواطنين، ونشر الارهاب في مدن الساحل السوري الثلاث اللاذقية وطرطوس وبانياس، ويقال ان المواطنين كانوا يرددون قولاً صار مأثوراً عنه حين يصل إلى أي مدينة من هذه المدن الثلاث: هارون في البلد اهرب يا ولد!!
محمد الاسد : تخصص بأعمال التشبيح، ويعد من أوائل من نظم وجهز وجند الشبيحة منذ السبعينيات، وكان يستعملها في ابتزاز التجار وتصفية الحسابات معهم وتأديب المعارضين والمتمردين ومن لا ينصاعوا لإرادة آل الأسد، ولا سيما في منطقة الساحل .
هذا غيض من فيض، وقائمة الأسماء طويلة تحتوي أسماء نسائية من آل الأسد، أو آل مخلوف الاسرة التي تنتسب لها زوج حافظ الأسد، وقد أدى أشقاؤها أدواراً كبيرة بمستوى أدوار آل الأسد في مجالات الأمن والجيش والاقتصاد والتجارة والنهب، ومنهم عدنان مخلوف وحافظ مخلوف، وأخيراً رامي مخلوف الذي يقال إنه يملك نصف اقتصاد سوريا ويحتكر أكثر من مائة شركة كبيرة في مجالات الاتصالات والاعلام والمقاولات والطيران والسفر والمصارف، ويعتقد أن رامي مكلف باستثمار وإدارة أموال الأسد نفسه، وأن أمواله هي أموال بشار الأسد وبقية العائلة. ويلي هاتين العائلتين عائلات أخرى علوية متحالفة مع آل الأسد أمثال شاليش وحيدر والغزال ونجيب .
ويعرف السوريون في جميع المحافظات، ومنذ عقود، أن الطريق المضمون شبه الوحيد المتاح لهم للوصول الى السلطة وحل مشاكلهم فيها أو معها، تتم من خلال الاتصال بأحد مفاتيح السلطة العلوية والاسدية تحديداً. وذلك يتطلب ((الحج)) الى القرداحة ودفع الأتاوة المطلوبة للحصول على المبتغى، سواء كان مشروعاً أو غير مشروع، وسواء كان اقتصادياً أو أمنياً. ويعرف تجار سوريا بالذات أن أعمالهم وصفقاتهم ومشاريعهم وتجارتهم، لا بد أن تتم من خلال الاتصال والتنسيق مع رموز آل الأسد والسلطة والاستخبارات ومشاركتهم بجزء كبير من الأرباح. وكانت منافذ البلاد الحدودية كافة وبشكل دائم ولا سيما في منطقة الساحل مع أشخاص من هذه السلطة، وعائلاتها الكبيرة وحلفائهم. وأقام هؤلاء تحالفات موازية مع رجال أعمال ونافذين من لبنان مستفيدين من سيطرة الجيش السوري والاستخبارات السورية على لبنان نحو ثلاثين سنة وكانوا يديرون عمليات تهريب تدر أرباحاً سهلة وصافية تقدر بمليارات الدولارات سنوياً فضلاً عن عمليات سرقة منظمة. وكانت أجهزة الدولة السورية تستعمل للأغراض نفسها وخاصة التهريب والنهب.
ولا بد من التذكير دائماً أن هذه الاعمال المافياوية السوداء، التي نخرت الاقتصاد السوري وحولته على حد تعبير كثيرين من المستثمرين العرب الذين حاولوا الاستثمار في سوريا إلى(غربال مليء بالثقوب) مما يجعل الاستثمار الأجنبي فيه ضرباً من المحال لأنه خاسر حتماً. . لم تكن هذه الأعمال مجرد سلوك انحرافي لأشخاص من جماعة السلطة، تتم خارج نطاق القانون بل كانت سياسات موجهة ومحمية ومخططة من أعلى مستويات الدولة، وقد كشف نواف الفارس الذي انشق عن السلطة في تموز/ يوليو الماضي أنه عندما كان رئيساً لجهاز الاستخبارات في اللاذقية ويقوم أحياناً بمهمته الوظيفية في ضبط عمليات التهريب الاسطورية، التي تحدث يومياً في منطقة الساحل، كانت تصدر اليه أوامر معاكسة من الرئاسة بإعادة المصادرات الى اصحابها. لقد كانت سياسات منظمة هدفها إحكام السيطرة بكل معانيها السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية على سوريا، واستطاعت فعلاً بعد اربعين سنة من إعادة توزيع الثروة السورية، وإعادة رسم خريطة اجتماعية جديدة لسوريا، تغيرت فيها التضاريس ومراكز القوة والنفوذ والثروة بين المحافظات والمدن وبين الطبقات والفئات الاجتماعية والسكانية، بحيث انقلب الهرم الاجتماعي رأساً على عقب وانتقلت رؤوس الأموال من حلب ودمشق وحمص واللاذقية الى منطقة الساحل، وتمركزت في أيدي حفنة رجال وشخصيات غامضة، ليسوا من الصناعيين ولا من المزارعين ولا من التجار، بل من اللصوص والمافيويين والمهربين وتجار السوق السوداء والمسؤولين المرتشين. وأدى هذا الى هروب المستثمرين والاستثمارات الوطنية والاجنبية، ونزوح مليارات تقدر بأكثر من 300 مليار دولار خارج سوريا. وأدت إلى خراب ودمار وعطالة هائلة في أركان المجتمع السوري وبنياته الاقتصادية، وتبدل عميق في أنماط الحياة ومستويات المعيشة ومجالات الكسب والعمل والبحث عن الثروة، واعترفت في احدى الفترات السلطة نفسها بأن 11% فقط من مصانع ومنشآت الدولة الاقتصادية تعمل بشكل صحيح، والباقي محطم وخاسر وفاشل، والمصانع التي أممت في بداية حكم البعث وكانت القاعدة الصلبة للاقتصاد السوري الحديث، هي بالاجمال من هذا النوع، ونالها الكثير من النهب والتدمير المتعمد لإخفاء السرقة والتلاعب فيها. وبينما أفقرت منطقة الجزيرة السورية رغم انها سلة غذاء سوريا ومصدر خزينتها الرئيسي، فإن منطقة الساحل تحولت الى جنة خصراء تركزت فيها الزراعات النموذجية الأكثر تطوراً، وشيدت فيها أحدث المباني ومشاريع السياحة والخدمات، إلى حد أن صحيفة ((تشرين)) نشرت تحقيقاً عجيباً عن النقلة الهائلة في هذه المنطقة، وكان عنوانه اللافت والمثير على النحو الآتي: ((منطقة الساحل أصبحت بفضل خطط التنمية فيها منطقة مكتفية ذاتياً ومؤهلة للاستقلال التام)) ولم يكن من معنى لهذا العنوان سوى التبشير في وقت مبكر بقدرة المناطق العلوية أن تنفصل عن سوريا وتصبح دولة ذات اقتصاد مكتف ذاتياً، بعد العناية الفائقة بها في عهد آل الأسد، وامتصاص رجالهم ومواليهم الكتلة النقدية الكبرى من جيوب السوريين، الى جيوبهم وتسخير الدولة كلها لنقل الساحل الى مصاف دولة علوية قادرة على الانفصال وقابلة للحياة..!!! كما يحيلنا هذا العنوان المبكر، إلى مسألة غاية في الأهمية حالياً تتعلق بنزوع العلويين الى الانفصال عن سوريا، إذا لم يتمكنوا من الاستمرار في حكم سوريا كاملة بطريقتهم الاستعبادية الخاصة. وهذه المسألة مطروحة للبحث والنقاش بين السوريين ومكوناتهم ونخبهم المعارضة حالياً. ويرى كثيرون ان احتمال تحقق المشروع العلوي في دولة مستقلة، أو على الأقل حكم ذاتي خاص بهم داخل سوريا (كونفدرالية) ليس وهماً، بل هو حقيقة من ناحية استعداد بشار الأسد وزمرته للمطالبة به، أو السعي لتنفيذه. والدولة العلوية فكرة قديمة طرحت في نهاية العهد العثماني، اسوة ببقية الملل والنحل في تلك الدولة. ويقول كثيرون الآن أن الأسد سيسعى اليه اذا أيقن أنه خسر حكم سوريا كاملة كحل أخير وبديل، وأنه يضع ممهدات ومقدمات له، من خلال إثارة مخاوف جميع الاقليات من تسلم الاسلاميين للحكم في سوريا، ومن خلال دفعه الأمور الى صراع طائفي في سوريا، وأخيراً من خلال تفاهمه الاستراتيجي مع حزب الاتحاد الديموقراطي الكوردي، واتفاقه معه على تسليم مقاليد الامور في شرق سوريا الى قوات هذا الحزب الارهابي المسلح تمهيداً لإقامة حكم ذاتي كوردي في المنطقة لتكون قاعدة قتال دائم ضد تركيا ودعم لعمليات حزب العمال الكوردستاني في تركيا. وتمهيد لتوزيع سوريا بين فئات عرقية وطائفية تعني عملياً التقسيم. ويرى هؤلاء أن ثمة تزاوجاً بين مشروع الحزب الكوردي المذكور، وآل الأسد ومن معهم من الطائفة العلوية بحيث ينفذان عملياً تقسيم سوريا بهذه الطريقة.
العلويون في سوريا ... وأسرارهم
العلويون في سوريا (سر) مبهم وملف مغلق، كم عددهم؟؟ وكم نسبتهم في الجيش وأجهزة الاستخبارات؟؟ وكيف يمسكون بالسلطة ويديرون الدولة؟؟ واين هي مناطق تواجدهم؟؟ وما هي علاقاتهم ببقية السوريين..؟؟ وما هي ثقافتهم التاريخية المميزة لهم؟؟ وما هي عقيدتهم وشعائرهم وتقاليدهم؟؟ كل هذه الاسئلة كانت مشمولة بقانون الحرام وقانون المنع من التداول والبحث بل والحكي فيه طوال نصف قرن مع أن جميع السوريين يرون بالعين المجردة أنهم عصب الدولة والسلطة والنظام، وأن نفوذهم يرتفع باستمرار ولا ينخفض، وان أي مسؤول منهم حتى ولو كان صغيراً يحوز على سلطة غير رسمية، تمكنه أن يتسلط على بقية المسؤولين، وأن يأمرهم مهما علت رتبهم من حوله، وهم للأسف مضطرون للطاعة ما دام الآخر علوياً!! مما أفقد الدولة أهم مقوماتها وخصائصها، وحولها دولة لصوص تحكمها عصابة منهم.
الطائفة العلوية في سوريا يتراوح عددها بين مليونين وثلاثة ملايين حالياً، ويمثلون حوالى 10 الى 12% وينتشرون في المناطق التالية:
أولاً، محافظتا طرطوس وبانياس وجبلة ثم اللاذقية، وهم بالأصل سكان جبال وليسوا سكان مدن، ولم ينتقلوا الى المدن إلا في حقبة البعث/الأسد. وصاروا الآن يقيمون في طرطوس وبانياس وجبلة واللاذقية، أي امتداد الساحل .
ثانياً، محافظة حمص. وفيها نسبة مهمة من العلويين لكنهم يختلفون عن علويي الساحل من حيث علاقتهم ببقية السوريين المسلمين والمسيحيين، إذ توصف هنا بأنها علاقة حسنة يسودها التعايش والتفاعل والمودة على عكس الساحل حيث تسود علاقات الكراهية والحقد والخوف .
ثالثاً، محافظة حماه حيث توجد عشرات القرى والبلدات ذات الكثافة العلوية، بجانب طائفة الاسماعيلية التي تعتبر قريبة دينياً من العلويين .
اما بعد التحولات التي حدثت في عصر سيطرتهم على الدولة، فقد نشأت تجمعات استيطانية جديدة وضخمة للعلويين، في المحافظات الأخرى بما فيها دمشق العاصمة وريفها، حيث يوجد ما يقارب مليون علوي وبعضهم تزوج من غير العلويين وصار لهم جذور وروابط اجتماعية متشعبة وقوية هنا وهناك. وفي محاولاتهم لاختراق المجتمع السوري في مطلع الثمانينيات، سعوا إلى فبركة مواد تاريخية زائفة للادعاء ان الدولة الحمدانية في حلب كانت دولة علوية، وعملوا على استمالة عشائر حلبية لموالاتهم وإقناعهم بأصولهم العلوية، وكرروا المحاولة مع بعض القبائل العربية في دير الزور والحسكة والجزيرة، بل كرروها ايضاً مع بعض الأكراد والسريان بادعائهم أن أصولهم العلوية تعود الى جبل سنجار في منطقة شمال غرب العراق.!!! وكانت ((جمعية المرتضى)) التي أسسها جميل الأسد في الثمانينيات هي التي تقوم بهذه المحاولات لاختراق المجتمع السوري من ناحية، وتوسيع حجم وانتشار الطائفة العلوية التي كانت في الستينيات لا تزيد عن نصف مليون نسمة!!
وهناك وجود تاريخي كبير نسبياً للعلويين في تركيا يصل الى خمسة عشر مليون تركي علوي حالياً. مع ضرورة التنويه الى أن علويي تركيا يختلفون نسبياً عن علويي سوريا، من حيث العقيدة والثقافة، باستثناء علويي لواء اسكندرون الذين يعتبرون امتداداً متجانساً تماماً لعلويي الساحل السوري. وهناك علاقات قوية وواسعة بين علويي تركيا، وعلويي سوريا أمنت للنظام السوري حليفاً قوياً وسنداً مهماً، ففي أحداث 1980 كان هناك علويون من تركيا يقاتلون في سوريا دفاعاً عن النظام. وفي الثورة الحالية وقف علويو تركيا بالمرصاد لسياسة حكومة أردوغان المؤيدة للثورة وخلقوا له متاعب ليست قليلة.
وللعلويين وجود محدود في شمال لبنان، استطاعوا نيل الدعم السوري في فترة الهيمنة أدت إلى تحسن موقعهم السياسي في التركيبة اللبنانية وأدت أيضاً لأن يصبحوا حصان طروادة للنفوذ السوري في لبنان برز دورهم في العام الأخير كمقاتلين جاهزين للدفاع عن النظام السوري ومصالحه وسياسته في لبنان، وخاصة حين يريد الأسد تفجير ونسف السلم الأهلي في لبنان خدمة لاستراتيجيته الاقليمية.
والعلويون في سوريا ليسوا صنفاً واحداً من الناحية المذهبية والعصبية، فهم منقسمون الى جماعات مختلفة دينياً واجتماعياً. منها على سبيل المثال الطائفة المرشدية التي تنتشر في سهل الغاير وتؤمن بأن سليمان المرشد هو الرب، وكانت هذه الفئة تقف على الحياد بين السلطة وثورة الشعب السوري، لكنها أخذت مؤخراً تنحاز تدريجياً الى خندق الأسد العلوي. وهناك (الكلازية) و(الحيدرية) و(الجعفرية) و(الخياطون) و(الحدادون) .. والكلازية هي الأقوى وإليها ينتسب آل الأسد وينتسب لها أيضاً عدد كبير من الشخصيات العسكرية التي برزت في ظل الأسد أمثال علي حيدر وعلي دوبا وعلي أصلان.
وربما كان ضرورياً الإشارة هنا إلى أن الاسم التاريخي للطائفة العلوية هو النصيرية وليس العلوية، ويمكن الرجوع إلى مؤلفات مؤرخين موضوعيين في هذا الصدد مثل أحمد أمين الذي تحدث عنهم في كتبه فجر الاسلام، صبح الاسلام وضحى الاسلام. ويقال إن شيوخ الطائفة هم الذين طلبوا من السلطات العثمانية ثم الفرنسية تغيير اسمهم ذاك الى الاسم الحالي واستجيب لطلبهم.
والواقع ان الطائفة العلوية في سوريا لم تكن دائماً موحدة ولم تكن متفقة مع الأسد في سياسته الداخلية على الدوام، بل كانت هناك في كل المراحل معارضة سياسية واجتماعية، وكان هناك معارضون. ومنشأ هذه وتلك ان آل الأسد لم يكن لهم مركز اجتماعي يذكر في وسط الطائفة، بل العكس هو الصحيح، فهم من قاع المجتمع العلوي، بينما كانت القوة والنفوذ لعائلات معروفة وعريقة وغنية من أهمها خير بك، والاحمد، واسماعيل، والخير. وحين تقدم حافظ الأسد لخطبة زوجه أنيسة مخلوف رفضته أسرتها لعدم الكفاءة الاجتماعية بين الاسرتين. ورغم التبدلات التي حصلت وانقلاب الهرم الاجتماعي داخل الطائفة ما زال آل الخير يحظون بأعلى مستوى من الهيبة والاحترام بين العلويين، وخاصة على مستوى القرداحة نفسها حيث يتقدم آل الخير وآل عبود وآل شاليش على آل الأسد مكانة واحتراماً. وبرز آل الخير دائماً في صفوف المعارضة السورية السياسية، فبعد أفول نحم حسن الخير الشخصية القومية الناصرية في الستينيات والذي ظل يقيم في القاهرة حتى منتصف السبعينيات، برز عبد العزيز الخير، كأحد أبرز قادة رابطة العمل الشيوعي التي تأسست في السبعينيات واتضح أنها ضمت عدداً كبيراً جداً من المناضلين العلويين، وتميزت بحدة معارضتها لسلطة الأسد، مما دفعه لسحقها بقسوة ملحوظة، وبقي مناضلوها في سجون تدمر وصيدنايا 15 سنة، وعذبوا كما عذب أعضاء الاخوان المسلمين. وعبد العزيز الخير هو الشخص الثاني حالياً في هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديموقراطي ويحظى باحترام كبير في جميع مواقع المعارضة، وكان اعتقاله في دمشق يوم عشرين ايلول/ سبتمبر الماضي هو عامل الانفجار الأخير للأحداث التي شهدتها القرداحة. وعلى أي حال استطاع الأسد على رغم التمايزات داخل الطائفة أن يظهر نظامه في صورة النظام العلوي الذي يتبنى مصالح الطائفة كلها ويحميها، واستطاع أن يجند تسعين في المائة من رجالها وشبابها في مؤسساته العسكرية والأمنية، ويرضيهم ويوزع عليهم عائدات السلطة وخيراتها، مما أكسبه ولاء الغالبية الساحقة من هؤلاء بدليل ما رآه الجميع من تماسك العلويين ككتلة وكصف واحد من خلف بشار الأسد، منذ بداية الثورة وحتى اليوم وقد مر عليها 19 شهراً، وضآلة عدد وحجم وقيمة المنشقين منهم عن النظام، وعدم بروز أصوات سياسية معارضة قوية تذكر، باستثناء أصوات محدودة مثل وحيد صقر وعارف دليلة وبعض الفنانين والمثقفين القلائل جداً بل إن الضباط العلويين هم المسؤولون الرئيسيون عن أعمال القتل والقصف والتدمير والتعذيب، فضلاً عن المذابح الجماعية التي وقعت أو اقترفت، وسيكون هؤلاء مسؤولون عنها وعرضة للمحاسبة داخل أو خارج سوريا، الأمر الذي يجعلهم متورطين على نطاق واسع في جرائم النظام، وهم الذين أيضاً بمواقفهم وجرائمهم وموالاتهم العمياء للأسد أصبحوا مسؤولين عن إضفاء الصفة الطائفية على الصراع داخل سوريا، وتحويله من ثورة شعبية الى صراع طائفي وحرب أهلية زوراً وبهتاناً.
حقيقة ما حدث ويحدث في المناطق العلوية حالياً
كان ثمة أمل لدى كثيرين من المعارضين والمثقفين السوريين، ان يظهر من داخل الطائفة العلوية كتلة أو مجموعات مؤيدة للثورة ورافضة للنظام، ولا سيما بعد تورطه في الجرائم الكبيرة، ولكن هذه الآمال خابت على رغم أن المعارضة توسلت عقلاء وحكماء العلويين أن يقفوا معها، وتضمنت توسلاتها أحياناً العهود بعدم مسهم ومس الطائفة والوعود بعدم الانتقام منهم على جرائم النظام. ولا يمكن القول الآن إلا أن الطائفة العلوية ما زالت للأسف، بغالبيتها متماسكة وراء النظام ووراء الأسد، وما زال الشبيحة الذين يقاتلون ويذبحون وينهبون ويدمرون هم من العلويين في الغالب، وخصوصاً الفرق والألوية العسكرية التي تقاتل في جميع الجبهات من حوران إلى دير الزور وإدلب وحلب مروراً بحماة وحمص، وانتهاء بما يجري في دمشق وريفها ضد المواطنين العزل من فظائع مروعة ومذابح يومية. ولكن ما قلب موازين القوى داخل الطائفة شيء آخر لا علاقة له بتوسلات المعارضة ولا عهودها للعلويين، هو ازدياد عدد القتلى من جنودهم وشبيحتهم، وارتفاع كلفة الدفاع عن نظام بات بحكم الساقط في نظر العالم أجمع من أرواح أبنائهم. ويبدو ان النظام أصبح يدرك هذه الحقائق ويستشعرها فأخذ يخفي عدد القتلى وجثثهم عن ذويهم ويحتفظ بها بدل أن يسلمها لهم. وفي الأسبوع الماضي سجل المراقبون مشهداً غير مألوف في الساحل حيث تجمع مئات المواطنين أمام المستشفى العسكري في طرطوس حيث علم المواطنون وجود 320 جثة لجنود وشبيحة علويين قتلوا في معارك حلب مع الثوار، وكان المواطنون يريدون معرفة أسماء هؤلاء ومصير أبنائهم الذين لا يردون على مكالماتهم الهاتفية منذ أسابيع مما يوحي بأسوأ الأخبار.
وكان الحيش السوري الحر قد بدأ في الآونة الأخيرة عمليات قتالية في المناطق العلوية، رداً على ما تقترفه قوات الاسد في حميع المدن السورية، وورد في بيان رسمي في نهاية الشهر الماضي ان الجيش الحر قام بتحرير ست مستوطنات نصيرية من النصيريين في ريف اللاذقية. وبحسب ما نشره البيان فإن القرى هي ((الكنديسية، الحمراء، جورة الماء، بيت زيفه، بيت حلبيه، كفرنان)). وتقع هذه القرى في ريف اللاذقية الشمالي. وقال البيان المصور في ثلاثة أشرطة إن الهجوم على القرى استمر مدة أسبوع. وقال البيان إن ((كتائب الهجرة الى الله)) و((لواء أحرار التركمان)) و((كتائب أحرار الساحل)) شاركت في الهجوم على القرى المذكورة. ويعتقد ان المقصود بمستوطنات في البيان هو القرى والتجمعات السكنية التي بنيت في العقود الأخيرة حول اللاذقية وإسكان علويين فيها من ريف وجبال الساحل بهدف تغيير طبيعة اللاذقية – التي لم يسكن فيها- حتى الستينيات أي علوي, باستثناء بعض القرى.
ما يعنينا هنا ان السكان العلويين بدأوا يتأذون ويتضررون من تطورات الصراع الذي فرضه الأسد فرضاً على شعبه، وبدأوا يخافون من المستقبل وما يخبئه لهم المجهول القادم بعد أن أيقنوا بحتمية سقوط النظام، وعودة السلطة للغالبية السنية الشعبية في سوريا, وصارت الجثث والتوابيت تصل إليهم يومياً من جبهات القتال الدائر في كل مكان من سوريا، ولم يعودوا هم بمنأى عن نتائحها كما كان الأمر في السابق. في يوم واحد وصل الى طرطوس 320 تابوتاً من حلب وحدها.
بتأثير من هذه التطورات وتفاعلاتها المحلية وما تولده من مشاعر، حصل الاشتباك الأول الكبير بين عدد من أبرز رجالات الطائفة في القرداحة، وذلك يوم 30 أيلول/سبتمبر الماضي، حين دخل محمد الأسد الملقب بشيخ الجبل وهو المؤسس الأول لجهاز (الشبيحة) منذ سنين طويلة وصاحب فكرتها، إلى مقهى في القرية التي صارت عملياً عاصمة سوريا الفعلية ومركز قراراتها الاستراتيجية, والمقهى يملكه أحد أبناء عائلة الخير، ووجد الشبيح محمد الأسد عدداً من رجالات القرية من عائلات الخير والعبود والعثمان يتحدثون عن آخر أخبار الوضع السوري السياسي العام.. وتوجه إليه أحدهم بالسؤال: ألا تقولون لنا الى متى سيبقى بشار متمسكاً بالكرسي ونحن نقتل وندفع الثمن.. متى سيحل عن (ط..) ويرحل..!!؟ فرد عليه محمد الأسد بحدة وتحول التخاطب بسرعة الى شجار، ثم الى اشتباك بالمسدسات من الجانبين, فأصيب شيخ الشبيحة إصابة خطرة وما لبث أن هلك لاحقاً، وأصيب أكثر من شخص من آل الخير والعبود وعثمان. وعلى إثر ذلك هاجم عدد من آل الأسد بيوت العائلات الأخرى وهدموا بعضها، بينما أطلقوا النار على عدد من أصحابها، وذكر أيضاً ان عمليات خطف لبعض النساء وقعت أيضاً. وقد كتبت الأديبة المعروفة سمر يزبك على صفحتها في الفيس بوك ان ستة من أقربائها من آل العثمان قتلوا في هذه الاحداث برصاص آل الأسد وشبيحتهم وتوجهت بالسؤال الى وليد العثمان والد زوج رامي مخلوف كيف سيكون موقفك من مصرع أولاد عمومتك بأيدي آل الأسد وشبيحتهم الذين يمولهم صهرك رامي..؟؟؟ وختمت مقالتها بقولها عن الحادث: بالتأكيد سيشكل مصدر إضعاف وتآكل إضافي لنظام الأسد. وبينما حاولت وسائل اعلام النظام التقليل من أهمية الحادث بحجة انه فردي وشخصي فإن صحيفة ((ذي ديلي تلغراف)) البريطانية (6 /10/ 12) نقلت عن عدد من سكان القرداحة قولهم إنه حادث سياسي وانه بداية صراع وانقسام بين العلويين إزاء الموقف من الثورة وبشار الأسد ومستقبل الحكم. وفي اليومين التاليين شهدت منطقة الشاطىء الأزرق الراقية في مدينة اللاذقية اشتباكات عسكرية عنيفة بين الشبيحة بعضهم مع بعض على خلفية الحادث الأول. وذكر أيضاً ان بشار الأسد أمر بإرسال 40 دبابة الى القرداحة وعدداً من أفراد الجيش لحفظ الأمن ومساندة أقربائه في مواجهة الآخرين وهم من أرفع وأكبر عائلات العلويين في سوريا على الاطلاق.. ثم أمر بتشديد الحراسة على قبر والده الهالك والمقبور في البلدة نفسها خوفاً من نبشه ونزع عظامه.
الوضع متفاقم وقابل للإنفجار في مناطق عديدة من الساحل السوري لأسباب مختلفة، ولكنها بكليتها ناتجة عن انعكاسات الثورة وقتال الثوار والجيش الحر، ببسالة ضد جيش السلطة العلوي، وإيقاع خسائر كبيرة في صفوفه وصفوف الشبيحة، الذين يقاتلون في جبهات على طول البلاد وعرضها. وذكر مراقبون ومراسلون ان القرى العلوية حالياً خالية من الشباب والرجال, وأصبح هؤلاء نادرين في القرى العلوية وبدأ يخلف نتائج اجتماعية كثيرة ومخاوف من هجمات مضادة على قراهم من ثوار الجيش الحر.
وذكرت مصادر في الهيئة العامة للثورة، انه للمرة الأولى صار عدد من أبناء الطائفة يتصلون بناشطي الثورة للتنسيق معهم في فعاليات الثورة ونشاطاتها، ويعكس ذلك الخوف من المستقبل وزيادة النقمة على النظام وآل الأسد وما آلت إليه البلاد في ظل الاصرار على المضي في الخيار الأمني الى نهايته المحتومة: دمار البلاد وهلاك العباد بمن فيهم العلويون
مجلة الشراع

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

لماذا قتل العميد محمد سليمان الذي كان "كل شيء" في سوريا؟

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Headshot

بسام جعارة

بعد استقبال العاهل المغربي لبشار الأسد في آذار (مارس) عام 2001 كتبت خبر الوصول والاستقبال بصفتي مديراً لمكتب الوكالة العربية السورية للأنباء في الرباط وقدمته لجبران كورية المستشار الصحافي لرئيس الجمهورية، وعندما طلب مني أن أعرضه على العميد محمد سليمان استغربت وقلت متعجباً: وما علاقة العميد سليمان بالشأن الصحفي وأنت المستشار الإعلامي للرئيس فقال بإجابة قاطعة: هو كل شيء.
ولكن من هو العميد سليمان الذي قال عنه جبران كورية إنه كل شيء؟
عندما تسلم بشار الأسد اللواء 41 للحرس الجمهوري بعد وفاة أخيه باسل تسلم العميد سليمان منصب مدير المكتب الخاص لبشار وأصبح يدير غرفة العمليات الخاصة به والتي تتعلق بنقل الضباط وتسريحهم ومتابعة شؤون الجيش والأمن وأسس مكتباً خاصاً بالتنسيق مع مكتب المعلومات التابع للقصر الجمهوري لمتابعة الوضع الداخلي، وأصبح بعد وفاة حافظ الأسد في عام 2000 يدير غرفة العمليات التي تشرف على الأجهزة الأمنية، وكان المسؤول الأول عن تسمية أعضاء اللجنة المركزية والقيادة القطرية للحزب في المؤتمر القطري لحزب البعث عام 2000، ولاحقاً في المؤتمر القطري عام 2005، وأسندت إليه كافة الملفات المتعلقة بالجيش وألحقت به رئاسة الأركان ووزارة الدفاع، وكان العميد سليمان يدير من خلف الستار تعيينات الوزراء والمحافظين وعندما يتحدث العالم الآن عن ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية أتذكر مباشرة العميد محمد سليمان لأنه كان يختزل بشخصه جميع مؤسسات الدولة من القضاء إلى الجيش بالإضافة الى الحزب.
هو إذن كل شيء تماماً كما قال جبران كورية، وكان من الطبيعي أن يتسلط على الإعلام ويقرر هو، وليس المستشار الصحافي جبران كورية الأخبار المتعلقة برئاسة الجمهورية.
هذا الـ"كل شيء" كان أيضاً عضواً في مجلس إدارة مركز البحوث العلمية التابع لوزارة الدفاع والمسؤول الأمني الأول عن المركز، وهو الموقع الذي مكّنه من الاطلاع على برامج تصنيع الأسلحة الكيميائية والصواريخ بل والذرية أيضاً، وهذا الموقع هو الذي مكنه، باعتباره "كل شيء"، من تصفية عالم الكيمياء السوري الدكتور أيمن الهبل، وقلع عين عالم فيزيائي آخر بعد افتعال حادث سير مع سيارته، ويومها نزل السائق وضرب الباحث الفيزيائي بقضيب حديد قبل أن يقول له: لكي لا تتمكن بعد اليوم من استخدام المجهر.
يومها جاء من يخبرني أن العميد محمد سليمان أقدم على تصفية الدكتور الهبل بتهمة التجسس للموساد، ومن دون إجراء أي محاكمة ولو صورية كما يفترض.
ولكن لماذا تخلص محمد سليمان من الدكتور الهبل ومن عالم الفيزياء السوري؟ محمد سليمان كان "البطل المجهول" في أبرز العمليات التي نفذها الموساد الإسرائيلي، من الغارة الجوية على موقع "الكبر" (حلبية - زلبية) قرب دير الزور في أيلول (سبتمبر) 2007، إلى الاغتيالات التي استهدفت عماد مغنية القائد العسكري والأمني في "حزب الله"، ومحمد المبحوح، القائد في حركة "حماس"، وعدد من القيادات الفلسطينية، والصور التي التقطت لموقع الكبر حلبية - زلبية أخذت من الأرض وليس من الجو، ومن قرب الموقع وداخله، فضلاً عن الصورة التي جمعت بين مدير هيئة الطاقة الذرية السورية وزميله الكوري الشمالي، ومنصب محمد سليمان كمسؤول أمني عن مركز البحوث ومديراً للمكتب العسكري لبشار الأسد كان يسمح له بالتجول والتحرك بحرية مطلقة في جميع الأمكنة، وكان من المستبعد الشك به ليس لانتمائه الطائفي فحسب بل لأنه من رفاق باسل الأسد وكذلك شقيقه ماهر وبعد ذلك بشار.
ومحمد سليمان هو من سلم البريد الالكتروني الخاص ببشار الأسد إلى جهاز الموساد الذي تمكن من الدخول إليه ونسخ جميع ما فيه بشكل مستمر طيلة فترة طويلة.
ومحمد سليمان هو من اتهم بتسليم إسرائيل المعلومات الخاصة بالزيارة الأخيرة لعماد مغنية إلى دمشق وكل ما يتعلق بتفاصيلها، ولذلك جاءت الرواية التي تقول أنه كان لجهاز أمن حزب الله والمخابرات الروسية اليد الطولى في كشف ارتباط محمد سليمان بجهاز الموساد منذ أن كان يتابع دراساته العسكرية في روسيا، ويومها أخبرت المخابرات الروسية نظيرتها السورية بتلك العلاقة ولكن لم يتخذ أي إجراء بحقه ولو من باب السؤال.
في الثاني من آب (أغسطس) 2008 اغتيل العميد محمد سليمان في الشاليه الخاص به في مدينة طرطوس حيث وكما تقول الرواية الرسمية أطلقت النار عليه في ظهره ورقبته في ساعة متأخرة من الليل بعد أن تم قطع الكهرباء عن المنطقة، وتم اتهام جهاز الموساد الإسرائيلي باغتياله.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا لم يكن العميد سليمان يوم اغتياله في رفقة بشار الأسد خلال زيارته لطهران باعتباره المسؤول الأول عن التسليح والتعاون النووي، وعن تهريب السلاح إلى حزب الله؟... يذهب مع بشار إلى المغرب في زيارة لا تحمل الطابع العسكري ويغيب عن زيارة طهران الشريك الأساسي في التعاون العسكري، وهو المسؤول الأول عن ملفاتها؟
اغتيال محمد سليمان جاء بعد أقل من ستة شهور على اغتيال الزعيم العسكري في حزب الله عماد مغنية ومسار التحقيق الذي أجرته اللجنة المكلفة بالتحقيق انحرف باتجاه آخر يتناقض مع الرواية الرسمية بعد اكتشاف 80 مليون دولار نقداً في فيلا محمد سليمان، الأمر الذي "صدم" بشار الذي كان حريصاً على معرفة "كيفية" حصول سليمان على هذا المبلغ، وبعد أن جاءته الإجابة قال: لقد خانني... خانه شخصياً ولم يرتكب خيانة بحق بلده!
وبالنتيجة فإن ما حدث يؤكد أن "الاغتيال السياسي" هو أهم ثروة ورثها بشار الأسد عن أبيه.
بدأنا بجبران كورية المستشار الإعلامي في القصر الجمهوري ونكمل به أيضاً.
في نهاية السبعينات من القرن الماضي تلقى جبران عرضاً مغرياً من صحيفة أردنية وكان وقتها يعمل في صحيفة "تشرين"، وعندما علم حافظ الأسد بالعرض، وبموافقة جبران على العمل في الأردن استدعاه وطلب منه أن يعمل مستشاراً إعلامياً في القصر الجمهوري، وكان خلال عمله يحظى بتقدير حافظ الأسد بسبب كفاءته وإخلاصه.
قبل زيارة البابا إلى دمشقش في عام 2006 جاء بشار في أحد أيام الجمع إلى مكتبه مبكراً على خلاف العادة وفور وصوله طلب مسودة الكلمة التي سيلقيها ترحيباً ببابا الفاتيكان، وعندما قيل له إن جبران لم يحضر بعد ولا يرد على الاتصالات الهاتفية طلب منهم إجراء اللازم.
من أجرى "اللازم" يومها هو محمد سليمان الذي أرسل دورية إلى منزل جبران أتت به موجوداً، ولم ينفع اعتذاره انه كان في الحمام ولم يسمع صوت الهاتف أو القرع على الباب قبل اقتحام المنزل، ولم يشفع له أيضاً كبر سنه لأنه كان قد تجاوز السبعين من عمره.
تلقى جبران بعد اقتحام منزله الضرب والركل وانتهى الأمر بسجنه عدة أيام في مكتبه كي لا يكرر فعلته... وبعدها بفترة قصيرة أحيل إلى التقاعد وغادر إلى المانيا للعلاج من ورم خبيث، ولكن بشار طلب منه العودة فعاد وكان حتى لحظة وفاته يعتقد أنه سيعود إلى عمله في القصر الجمهوري.
الكوميدي - تراجيدي في الحكاية أن جبران استمر في كتابة المقالات التي تدافع عن بشار الأسد رغم ما فعله به... هل كان ذلك خوفاً أم أنه سلوك العبيد؟... لا أملك الإجابة.

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

روسيا وثوار سوريا والعشق الممنوع
د. أحمد موفق زيدان

الإثنين، 28 سبتمبر 2015 01:41 ص
بعد أسابيع على الغزو السوفياتي لأفغانستان 27 ديسمبر 1979 وبينما كانت ثورة الإخوان المسلمين مشتعلة ضد طاغية الشام المؤسس حافظ أسد فوجئت موسكو بعملية فدائية استهدفت خبراءها فقتل العشرات منهم، تكتمت يومها موسكو على الخبر، بينما هللت الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين صاحبة العملية، والتي أتت ضمن أربع عمليات فدائية استهدفت مفاصل النظام السوري يومها، بيان الطليعة ربط العملية وتوقيتها بما يجري في أفغانستان، لكن العقل الباطن للطليعة وللإخوان يومها يؤمن جازماً أن الهدف موسكو لكونها ظهيراً حديدياً لعصابة أسد، لاسيما أن ثورة الخميني لم تكن بعد قادرة على حماية نفسها فضلاً عن دعم غيرها.
ابتلعت موسكو يومها الإهانة فلم تشأ التعليق أو الرد لانشغالها بأفغانستان أولاً وثانياً لعدم رغبتها بفتح جبهة جديدة عليها يشارك فيها الإخوان وربما إسلاميون آخرون وبمناطق قد تكون ذات مصالح سوفياتية حيوية، وهي ما لا تقوى عليه في ظل ثورة سورية أفغانية حافزها الإسلام، وهو ما يهدد حزامها الرخو بآسيا الوسطى.
انتهت ثورة الإخوان والطليعة في سوريا مبكراً لعجز الشعب عن فهم وإدراك خطر العصابة التي تحكمه، وعجز الثائرين عن توسيع قاعدة الثورة من ثورة تنظيمية إخوانية إلى ثورة شعبية كما هي اليوم، وفضلاً عن ذلك الافتقار إلى الدعم الجواري الحقيقي بإسقاط العصابة الطائفية، وهو ما يدفع السوريون والجوار العربي والإسلامي اليوم ثمناً باهظاً، والله وحده من يعلم كم عليه أن يدفع في قابل الأيام بعد الغزو الروسي، وتوقع دخول أطراف دولية قد تكون الصين من بينها تحت ذريعة محاربة الحزب الإسلامي التركستاني.
ربما هذا عزز علاقة الثنائي موسكو مع أسد نظراً لعدوهما الإسلامي المشترك، فموسكو ترى في إسلاميي أفغانستان هدفاً خطيراً وأسد يرى في الإخوان والطليعة خطراً وجودياً، فوقف أسد مع موسكو في غزوها على أفغانستان، ليضع ديناً كما نُقل عنه في رقبتها ستسدده يوماً ما، وقد جاء أوان سداده.
انتهت ثورة الإسلاميين في سوريا نهاية مأساوية، فاعتقل عشرات الآلاف منهم وتشرد عدد مماثل، وعاشت البلاد بسجن كبير لا يدانيه سجن أنور خوجا أو الجدار الحديدي الستاليني، إلى أن انتفض الشعب كله في ثورة عارمة لكن بعد أن تفشى السرطان الطائفي في كل الجسد السوري، وأمسك بخُناقه، فكانت المستوطنات الطائفية تزنر كل المدن والقرى السنية، بأسوأ ما تقاسيه المدن والبلدات الفلسطينية.
لم يفقد كثير من الإسلاميين في سوريا أملهم، فهاموا على وجوههم في ديار الله الواسعة لكن نجحوا بشكل استثنائي في الحفاظ على كيانهم، إذ درس شبابهم في أرقى الجامعات وتبوؤوا أفضل المواقع والمناصب فضلاً عن قدرة تنظيمية إخوانية هائلة في توفير كل الشهادات والوثائق المدنية التي يحتاجها أفرادهم، متحدين حرب الوثائق التي شنها النظام عليهم، فانتقموا منه عبر العلم والترقي في المناصب، مع المحافظة على هويتهم، فكانوا بمثابة الجوزة العصية على الكسر، فلم يتمكن النظام من كسر إرادتهم رغم حربه الضروس، فكان قصارى همه أن يعيدهم إلى سوريا فرادى ويرغمهم على تحمل مسؤولية أحداث مجزرة حماة وغيرها من مجازر الثمانينيات، فخاب فأله.
اتجهت قيادة الإخوان المسلمين في سوريا إلى أفغانستان لتقدم مشورتها للمجاهدين الأفغان وتنسق معهم، بينما آثر بعض شبابها النفرة لقتال القوات السوفياتية فكان أن وصل بعضهم إلى مزار الشريف كالشهيد أبي حامد السرميني رحمه الله حيث كان يعمل على مضاد طيران فاستشهد على ثراها، وفضل آخرون من حماة البطلة التوجه إلى وادي بنجشير ليشاركوا يومها بمعركة فاصلة إلى جانب القائد أحمد شاه مسعود ضد القوات السوفياتية والتي تكبدت يومها خسائر فادحة، ووجد آخرون الفرصة مواتية أكثر للانتقام من الدعم الروسي لأسد بالمشاركة في معركة جاجي الفاصلة في رمضان المبارك من عام 1987 وذلك ضد قوات السبيتناز وهي القوات السوفياتية الخاصة، وقد أبلوا بلاءً حسناً فيها، وحين يُذكر مشاركة أهل الشام في القتال بأفغانستان ينبغي أن يذكر بأحرف من ذهب رضوان طباع أبوأسيد الذي أتقن الفارسية كأهلها حتى إنه كان يرى مناماته باللغة الفارسية، وأصبح علماً من أعلام الجهاد الأفغاني في مزار الشريف وبلخ.
أكاد أجزم أن هذه وربما أضعافها كانت على مكتب بوتن حين اتخذ قراره بغزو الساحل السوري واقفاً إلى جانب طاغية الشام ليهدد بذلك دول الجوار الأقرب والأبعد والذين سيدفعون ثمناً باهظاً لخذلانهم وتلكئهم بنصرة الشاميين، لكن ينبغي الإشارة إلى أن هذا الغزو كان موجوداً منذ اليوم الأول لوصول طاغية الشام المؤسس حافظ، اليوم وحين بدأت طلائع الغزو الثاني بالوصول إلى الساحل أعلنت معظم المعارضة الإسلامية والائتلاف معارضتهم للخطوة ووصفوه بالغزو، بينما سارع جيش الإسلام إلى الرد العملي بتدميره طائرة شحن روسية، وبقصف السفارة الروسية بدمشق، وما تردد عن نحر ضابط روسي في حماة، فما ينبغي أن يُستدعى اليوم ذكريات أفغانستان بغرمها على الروس وغنمها على المسلمين.
لعل الفارق بين غزو أفغانستان وغزو الشام، هو في الصمت والتواطؤ الدولي الرهيب على الغزو الثاني مقارنة بالرد العنيف على الأول، بالإضافة إلى إمكانية أن يجرأ هذا دولاً أخرى على الحذو حذوه لتصفية حساباتها مع مواطنيها المقاتلين في الشام، فالغرب ربما تعلم من درس أفغانستان خطورة وقوفه إلى جانب الإسلاميين لكن الروس لم يتعلموا بعدُ من فداحة وقوفهم مع الطغاة، فهل نحن على أبواب الملاحم التي ذكرها نبينا عليه السلام حين تغزو الشامَ جيوشٌ على ثمانين غاية مطالبين بتسليمهم رعاياهم فيقول لهم المجاهدون والله لن نسلمكم إخواننا؟!

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

وزير خارجية بريطانيا الأسبق: الأردن سيدخل دمشق مضطرًا

السلطة الرابعة  - صفحة 2 %D9%A1%D9%A02

ماهر ابو طير: الدستور
يقول وزير خارجية بريطانيا الأسبق «ديفيد اوين»: إن الأردن سيدخل إلى دمشق في نهاية المطاف، بتفويض دولي ورضا أممي.
يزيد ديفيد اوين بقوله: إن الدولة السورية الحالية سوف تتحوصل فقط على شواطئ المتوسط، وإن على العالم الاستعداد لهذا السيناريو، أي: سيناريو سقوط الدولة السورية الحالية والشكل الجديد للمناطق المتبقية من الدولة السياسية الحالية، فهي مناطق ستخضع فعليا لإعادة ترسيم بقرار دولي.
في مقال مهم له يضيف: «دمشق ستسقط قريباً، وليس بعيداً، وعندئذ سينتقل «داعش» إلى الفوضى، ومن الحتمي بالنسبة لروسيا وإيران، وكذلك لأميركا وأوروبا، أن يتم إنقاذ دمشق.
ولكن السؤال هو: كيف؟ إن ما تمس إليه الحاجة بشكل يائس، هو تفويض إقليمي بمقتضى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحفظ السلام الدولي وتحقيق استقرار الصراع في دمشق وحولها، تفويض لإدارة العاصمة والدفاع عنها، يكفل الانتقال على مدى سنتين لاستعادة دولة مستقلة، والإعداد لانتخابات يتم الإشراف عليها دوليا، وإن هذا التفويض لا بد أن يلبي ويعترف بالحاجة إلى انسحاب متزامن للأسد وقواته إلى اللاذقية، فيما يتحرك الأردن إلى دمشق.
ويقر هذا التفويض أيضاً، بأن الأردن يمكنه استدعاء مساعدة إقليمية كاملة في دمشق وحولها، وصولاً إلى الحدود الأردنية، كما يقر بأن الأردن ينبغي أن يكون قادراً على استدعاء المساعدة العسكرية من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، التي يمكن لقواتها أن تصل جواً على الفور للدفاع عن حدود الأردن، ولكن مع سلطة دخول سوريا».
كلام وزير خارجية بريطانيا الاسبق، يقرأ السيناريو في مجمل مقالته باعتبار ان الاراضي السورية سوف يتم تقسيمها نهاية، وان النظام العلوي سوف يبقى لكنه على شكل دويلة علوية على الشاطئ.
التدخل الروسي الذي نراه حاليا لم يتطرق له الوزير بشكل عميق، والارجح ان التدخل بهذا المعنى لن يكون معنيا بالحفاظ على مجمل الدولة السورية، بقدر حفاظه على النظام وعلى مناطق محددة في سورية لها صلة بالثروات المعروفة والمخفية والخطوط البحرية وبعض اسرار الروس في سورية، فهي ليست مهمة روسية لانقاذ كل الدولة السورية، كما يظن كثيرون.
الاستنتاج من كلام اوين يقول، ان دخول الاردن الى دمشق، سيأتي اضطرارا وليس اعتداء، فالدولة السورية سوف تنهار، والعلويون سيذهبون الى دويلة على البحر، ومناطق جنوب سورية ودمشق ستبقى مفتوحة لقوى كثيرة؛ ما سيجبر الاردن على التدخل في النهاية لاعتبارات كثيرة.
خلاصة الكلام هي الخلاصة ذاتها التي نصل اليها كل مرة، سورية سوف تستدرج العالم الى صراع اكبر خلال الفترة المقبلة، ومارأيناه حتى الان، لاشيء، مقارنة بما هو مقبل وآت، والارجح ان تستقطب سورية صراعا اكثر حدة بين قوى العالم خلال الفترة المقبلة، بما يؤدي الى اشتداد الصراع، وما يتفرع عنه من ازمات او اعادة ترسيم لكل المنطقة، فوق التدخل الأجنبي بصورة واضحة جدا.

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

 عن حافظ الأسد ورئيس حكومته من “الأصدقاء السوفييت” إلى “الأشقاء الروس"

السلطة الرابعة  - صفحة 2 %D9%A3%D9%A41

بسام جعارة: هافينغتون بوست عربي
تمنى عليّ عبدالله البري، وكان مديراً في مجلس الوزراء أن نذهب لنودع محمد علي الحلبي بعد أن صدر مرسوم بإعفائه من رئاسة مجلس الوزراء.
ترددت قليلاً خشية أن يؤدي اللقاء الى صدام لأنني كنت انتقد أداء حكومته، ثم حزمت أمري بعد إلحاح منه وقلت لا بأس مادام الرجل يودّع منصبه ولا توجد عداوة شخصية معه.
القاعة كانت تغصّ بالمودعين منهم من يبكي فرحاً ومنهم من يبكي حزناً لأنه سيفقد امتيازات حصلها في عهده، وعندما دخلت قال: بسام جاء مودعاً ليكفر عن ذنبه لأنه لم يكن يتوقف عن مهاجمتي بتوجيه من وزير الإعلام!
قلت له يبدو أنني أخطأت بحضوري ولكن لابد من أن أقول لك إننا كنا ننتقد أداء حكومتك ولا نصفي حساباً شخصياً معك ومن تتهمه – وزير الإعلام- كان يغضب من ملاحظاتنا وكانت توجه لكل من ينتقد اتهامات تصل الى حد التخوين، ولكن عندما جاءت التعليمات من “فوق” بمهاجمة الحكومة تمهيداً لترحيلها كما جرت العادة لم أشارك في الحملة الإعلامية ضدك وتولاها من كان يصفق لك.. قلت ذلك وخرجت بعد أن خيّم الصمت في قاعة الاستقبال.
في مطلع الثمانينيات ذهبت الى موسكو كمرافق لوفد رسمي وعندما دعي الوفد الى مأدبة غداء أقامها محمد علي الحلبي الذي أصبح بعد إقالته سفيراً في موسكو تخلفت عن الذهاب وعندما اكتشف غيابي أرسل من يقول لي إنه يتمنى حضوري.
بعد انتهاء الغداء تمنى عليّ أن أرافقه الى بيته، وهناك بدأ يتحدث عن اعتزازه بالصداقة مع السوفييت وأنه حاول توطيد العلاقات السورية السوفيتية و… لم أفهم شيئاً لأنه لم يكن يتحدث معي بل مع أشباح كما تهيأ لي.
كان يوجه رسالة استعطاف “للأصدقاء السوفييت” من خلال أجهزة التنصت المزروعة في منزله بعد أن اتهم الروس زوجته بالقيام بعمليات تهريب وطلبوا من الحكومة السورية استبداله بسفير آخر، وهذا ما حصل.
حادثة التهريب هذه لم تكن الأولى أو الأخيرة من نوعها لأنه سبق للحكومة الروسية أن طردت مراسل وكالة الأنباء السورية من موسكو بعد أن ضبطت في حقائبه كمية من المجوهرات قبل أن تقلع الطائرة باتجاه دمشق.
في الجلسة إياها روى لي محمد علي الحلبي أحد “فصول” حافظ الأسد معه وقال إنه طلب منه وعلي دوبا رئيس الاستخبارات العسكرية أن يذهبا الى مستودعات الأخشاب في منطقة الزبلطاني في دمشق بعد التفجير “الإرهابي” الذي تعرضت له.
بعد أن أمضى ساعات يتفقد خلاله حجم الخسائر والأضرار توجه الحلبي الى بيت “عديله” وتناولا معاً العشاء وكمية كبيرة من الكحول قبل أن يعود الى بيته فجراً ويقول لزوجته أن لا توقظه من النوم حتى ولو كان المتصل حافظ الأسد.
في الثامنة صباحاً أيقظته زوجته على عجل وقالت إن حافظ الأسد على الخط.. وسألني حافظ الأسد عن حجم الخسائر فأجبته ثم بدأ يطرح أسئلة جديدة تفصيلية تعجيزية وكان آخرها عن أسماء حراس المستودعات وأعمارهم وأماكن ولادتهم و.. عندها قلت له أرجوك لا أستطيع التركيز الآن لأنني شبه مخدر بفعل المهدئات التي تناولتها لأتمكن من النوم.
في اليوم التالي – يقول الحلبي – اتصل مدير مكتب الرئيس وقال لي حرفياً: يقول لك الرئيس أن تتوقف عن تناول الكحول إذا كان جسمك لا يستطيع تحمل مفعولها!
عندما اتصل حافظ الأسد برئيس حكومته لم يكن يبحث عن معلومات حول حادث التفجير لأنه حصل عليها من علي دوبا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، بل أراد أن يقول له إنه يعرف كل شيء عن تحركات المسؤولين لكي لا يفكر أحد بخداعه، وعندما علم بزيارة الحلبي الى بيت قريبه أراد أن “يُعلّم” عليه، ولذلك طلب منه التوقف عن شرب الكحول.
في موسكو سألني معاون وزير التجارة الخارجية الروسي في نهاية المباحثات عن انطباعاتي عن الاتحاد السوفييتي من خلال زيارتي هذه، فأجبته إن كل شيء تمام وإننا نعتز بـ”الصداقة” مع بلدكم.
لو كنت أملك الشجاعة يومها لقلت له كيف أنني شاهدت أحد الطلاب السوريين الموفدين الى موسكو يحاول إقناع سكرتيرة السفير – تحمل شهادة دكتوراه دولة في الفلسفة كما علمت- بالذهاب معه مقابل بنطلون “جينز” لأن راتبها المتواضع كان يضغط عليها للموافقة على مثل هذا العرض! كان الاتحاد السوفييتي يومها الدولة العظمى والأقوى عالمياً ولكنه لم يكن يوفر لمواطنيه إمكانية العيش بكرامة وحرية حاله في ذلك حال معظم الدول المتخلفة.
وعلى سيرة الدول المتخلفة فقد اعتدنا أن نردد خلال زمن الاتحاد السوفييتي مصطلح “الأصدقاء السوفييت” ولكن هذا المصطلح تطور بعد قصف روسيا لشعبنا وتدميرها لبلدنا وأصبح “الأشقاء الروس” كما يردد الإعلام السوري الآن.
أخيراً وليس آخراً روى لي الزميل منصور أبوالحسن الحكاية التالية: كنا في موسكو ضمن وفد فلاحي بعد هزيمة 1967 ودعانا “الأصدقاء السوفييت” الى حفل عشاء وعندما لاحظنا غياب الملحق العسكري في السفارة السورية العميد عبدالغني إبراهيم فكرنا بمقاطعة حفل العشاء لأن عدم توجيه الدعوة له يشكل إهانة لنا وله ولجيشنا، فمعنويات جيشنا يومها كانت في الحضيض بعد الهزيمة وبالتالي كان لابد من إشعار الضباط بالاحترام والتقدير.
عندها – يضيف – منصور اقترب منا أحد المسؤولين السوفييت وقال: يجب عليكم أن تتفهموا لماذا لم ندع الملحق العسكري.. هو تسبب في إعدام مواطنين سوفييت استخدمهما في عملية لتهريب الذهب والمجوهرات.. الملحقون العسكريون كانوا كما جرت العادة يستبدلون الأزرار المعدنية لستراتهم العسكرية بأخرى من الذهب ليكون التهريب مستتراً، وكنا نغض النظر، ولكن ملحقكم العسكري لم يكتف بذلك بل هرب كميات كبيرة تستوجب سجنه لو لم يكن يتمتع بالحصانة الدبلوماسية.
بعد ترحيله من موسكو أجبر محمد علي الحلبي على التقاعد ولزم بيته حزيناً محبطاً بعد حملة تشهير طالته بسبب تهريب زوجته لعدد كبير من “الشالات” الحريرية.
أما عبدالغني إبراهيم فتمت ترقيته بعد ترحيله من موسكو وأصبح عضواً في القيادة القطرية ومديراً للإدارة السياسية في قيادة الجيش.. فقط لأنه من “عضم الرقبة”.

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

بين رحاب المخبرين وأجهزة التنصت في مجلس الوزراء

السلطة الرابعة  - صفحة 2 %D9%A3%D9%A41

بسام جعارة: هافينغتون بوست عربي
فوجئت ذات يوم قبل دخولي إلى مكتب رئيس الوزراء بوجود سكرتير جديد كان يعمل موظفاً صغيراً في أحد مكاتب المجلس. كانت هيئته توحي بأنه يصلح للعمل كـ”بودي غارد” في إحدى الملاهي الليلية أكثر من أي عمل آخر.
فاجأني محمود الزعبي (رئيس الوزراء السوري الأسبق) عن رأيي بالسكرتير فقلت: سألتني وعليّ أن أكون صادقاً معك… هذا الشخص يعمل كسكرتير شخصي لابنك مفلح وكان معه قبل أيام في ألمانيا بقرار إيفاد منك والجميع يعلم أنه مجرد وسيط ويؤمن خدمات شخصية للسيد مفلح.
قال مستغرباً: ولماذا لم تقل لي ذلك من قبل؟
أجبت: أنا لا أتدخل في أمر لا يعنيني ولكن عندما تسألني يجب أن أكون صريحاً وصادقاً معك.
لم يتركني أكمل كلامي واتصل بمدير مكتبه محمد أنيس وقال له: عليك أن تصدر قراراً بإعادة السكرتير الجديد إلى هيئة الاستشعار عن بعد التي هبط منها إلى المجلس قبل أن يعين سكرتيراً.
قال الزعبي: ما دامت “سيرة وانفتحت” فما هو رأيك بموظفي السكرتارية الآخرين؟
ترددت بالإجابة خوفاً من ردة فعله وقلت: الأول مرتبط بالأمن السياسي وهذا أمر يعرفه الجميع، والثاني يعمل مباشرة مع اللواء ماجد سعيد مدير المخابرات العامة! فوجئت عندما قال: نعم هذا صحيح تماماً و… لكن!… وصمت دون أن يفسر لي ماذا تحمل معها هذه “اللكن”.
هل فرض عليه أن يتعامل مع سكرتاريا مرتبطة أمنياً بوجود مئة طريقة للتجسس عليه خاصة وأن السكرتير السابق الذي جاء معه من مجلس الشعب انتهى دوره بهاتف من القصر الجمهوري يقول بوجوب إنهاء عمله في المجلس؟!
وماذا عن “أبو الأنيس”؟… طبعا كان يقصد محمد أنيس مدير مكتبه الذي رافقه في المناصب التي تقلدها خلال أكثر من ربع قرن وكانت تربطهما علاقة عائلية وثيقة جعلت من “أبو الأنيس” الرجل المدلل، بل إن تكريم الزعبي له وصل الى حد تعيينه عضواً في مجالس إدارات شركات نفطية أجنبية تعمل في سوريا وكان ذلك يعني أنه يتقاضى آلاف الدولارات شهرياً لمجرد كونه عضو مجلس إدارة في هذه الشركات.
صمتّ طويلاً وقلت: أعرف أن إجابتي ستزعجك ولكنني سأفعلها وأقول لك: أبو الأنيس مرتبط بالأمن العسكري وتحديداً بالعقيد “…” وقبل أن أنهي كلامي نهض من كرسيّه مشيراً بإصبعه نحوي غاضباً: لا أسمح لك… كل شيء إلا “أبو الأنيس”. قالها “أبو الأنيس” وليس “أبو أنيس” لتفخيم مقام كاتم أسراره.
كان محمود الزعبي محاطاً بالمخبرين، وكان يدرك أكثر من ذلك أن مرافقه الشخصي “حافظ” مكلف بمرافقته شاء أم أبى في كل تحركاته، وذلك بأمر من قيادة الحرس الجمهوري، وبمجرد أن يتحرك موكب الزعبي كان لابد من وجود “حافظ” حتى ولو كانت الزيارة شخصية.
أما في مجلس الوزراء فكان يجلس قريباً من الباب الخلفي لرئيس الوزراء فهناك من يراقب الباب الرئيسي ولابد من مراقبة الباب الآخر.
ما لم يستطع المخبرون إنجازه كانت تتكفل به أجهزة التنصت المزروعة في كل مكان، من مكتبه إلى قاعة استقبال الضيوف مروراً بقاعة اجتماعات مجلس الوزراء، وكذلك قاعة الاجتماعات الأخرى.
قبل أن يدخل محمود الزعبي إلى ضيوفه في قاعة الاستقبال كانت تجري دردشات بيني وبين الضيوف أو بينهم وبين الوزير المعنيّ بحضور الاستقبال وكنت أضحك بصمت عندما يشطح بعض الوزراء أو الضيوف في ثرثرته وأنظر الى الساعة الجدارية التي كانت ترصد وتسجل كل شيء.
خلال اجتماعات مجلس الوزراء كان رئيس المجلس ينبه الوزراء إلى ضرورة تقيّد كل وزير بالتحدث من خلال “المايكروفون” المزروع أمامه كي لا يحسب حديثه على زميله المجاور، وكان الوزراء يضجون بالضحك في كل مرة يتم فيها التنبيه إلى ضرورة التقيد بهذه التعليمات لكي لا يحدث أي إشكال وينسب كلام الوزير إلى زميله المجاور له.
قبل أسابيع من طرد محمود الزعبي من رئاسة مجلس الوزراء قال لي في لحظة صفو إن الرئيس حافظ الأسد أوحى له أنه سيعينه نائباً لرئيس الجمهورية، وقال: هل ستأتي معي؟
قلت له: أنت تقول لي كل أسبوعين لماذا يسأل عنك الأمن السياسي… وأحياناً المخابرات العامة فأقول لك إسألهم هم عن السبب… فكيف يمكنك أن تصطحبني معك إلى موقعك الجديد وتتحمل وزر ذلك؟
قبل أيام من صدور قرار عزل الزعبي من رئاسة الحكومة ويطرد من الحزب أيضاً لأنه، وكما قال حافظ الأسد لنائبه عبد الحليم خدام “لقد خانني”، يومها استدعاني محمود الزعبي مساء وكان بانتظاري داخل المكتب على بعد خطوات من الباب وسألني بشكل واضح: هل نحن من استرجع أموال باسل الأسد من النمسا؟! قلت: وكيف لي أن أعرف ذلك؟… أجاب: ولكنك كنت معنا في الوفد وحضرت ونبيل الكزبري لقائي بمستشار النمسا! أجبته: هذا صحيح ولكن لم يتم خلال وجودي بحث هذا الأمر وأنا لا أعرف أي شيء عن هذه القضية.
هذا الحوار أراده محمود الزعبي أن يكون في المكان المناسب من مكتبه أي في المكان المزروع فيه جهاز التنصت وأراد من خلال ذلك إرسال رسالة تقول إننا لم نثرثر في هذه القضية ولم نفش سراً حول مليارات باسل الأسد التي كان قد أودعها في بنوك النمسا وأن مصدر التسريب هو جهة أخرى وليس محمود الزعبي أو من كان معه.
خلال اجتماعات المجلس الأعلى للفلاحين كان أحمد قبلان عضو القيادة القطرية يخاطب الزعبي: يا سيادة الرئيس بينما يفترض أن يخاطبه بكلمة “رفيق” لأنه رفيقه في القيادة القطرية، وكنا نعلم أنه يخاطبه بهذه الطريقة الذليلة بسبب طمعه في الحصول على توقيع منه على معاملة أو صفقة تدر ربحاً.
بعد انتهاء محاكمة الزعبي في القيادة القطرية اقترب منه أحمد قبلان وقال له حرفياً: لقد وقعت يا لص! فأجابه محمود الزعبي بحزن: حتى أنت يا…!
كنت في مكتب محمد أنيس عندما تلقى اتصالاً هاتفياً يعلمه بطرد محمود الزعبي من الحزب.
يومها نظرت إلى “أبو الأنيس” أنتظر تعليقاً ولم يخيب ظني أو يصدمني عندما قال شامتاً: لقد طردوه من الحزب أيضاً… طبعاً “اللي بياكل بصل بتطلع ريحته”… ولكنني يومها لم أشمّ سوى رائحة “أبو الأنيس”.

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

“تاجر القناصات” سليمان معروف

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Download33

بسام جعارة: هافينغتون بوست عربي
الإنزال “المظلي” الوحيد الذي عرفه مكتبي في رئاسة الوزراء كان عندما اقتحم مفلح الزعبي خلوتي وقال محتداً: هل تريد أن تخرب بيتنا؟!
قلت: من أنا لأخرب بيتكم وماذا فعلت بكم؟… رد غاضباً وكأنه يصدر أمراً: عليك أن تتصل فوراً بمحافظ حلب محمد مصطفى ميرو وتطلب منه أن يوقف الإجراءات التي طلبت منه اتخاذها بحق سليمان معروف.
أجبته: أنا لا أصدر قرارات ولم أطلب شيئاً وكل ما فعلته هو أنني نقلت له ما طلبه مني رئيس مجلس الوزراء وهو أن يصدر أمراً عرفياً في حق من قطع أشجار الحديقة العامة بحلب.
ردّ معترضاً: ألا تعرف من هو سليمان معروف… ألا تعرف أنه الصديق المقرب من بشار الأسد وأن أي احتكاك به سيقلب الدنيا على رؤوسنا؟!
قلت: كل ذلك لا يعنيني وكل ما فعلته هو أنني نفذت ما طلب مني تنفيذه.
صمت قليلاً وقال باستعطاف: أرجوك اتصل فوراً بالمحافظ واطلب منه أن يتوقف عن فعل أي شيء الآن ريثما أتمكن من التحدث إلى والدي.
قلت بهدوء: أنا لست موظفاً عندك، ولا أتلقى الأوامر منك بل من محمود الزعبي بصفته رئيساً للوزراء وليس بصفته والدك وعليك أنت أن تتصل بأبيك وتطلب منه ما تريد.
أجابني وهو يرتعد خوفاً: الوقت يمر بسرعة وحاولنا الاتصال به دون جدوى لأنه في اجتماع القيادة القطرية للحزب كما تعرف، وعندما اتصلنا بمحافظ حلب قال إنه سينفذ التوجيه إذا لم يتلق تعليمات جديدة من أبي مباشرة أو من خلالك لأنك أنت من أبلغه بالتوجيه.
قلت: هذه مشكلتك وليست مشكلتي. فنظر إليّ غاضباً وخرج مسرعاً.
سليمان معروف صديق شخصي لبشار الأسد وزوجته صديقة لـ”السورية الأولى” أسماء الأسد، أما لقبت “تاجر القناصات” فظهر بعد فشله بشراء بنادق قنص متطورة من جنوب افريقيا بطريقة رسمية وشرعية مما اضطره لشرائها بالسر وتهريبها إلى سوريا لقتل المتظاهرين خلال الأشهر الأولى للثورة.
في آذار/مارس 2012 تسلل مجهولون إلى بريد بشار الالكتروني واتضح من بعض الرسائل أن سليمان معروف هو من كان يقوم شخصياً بتأمين مستوردات ومشتريات ممنوعة على بشار وزوجته فكان سليمان يقوم بدور “البديل” ويشتري ببطاقات فيزا وغيرها بضائع فاخرة للتهرب من الحظر الأوروبي المفروض على الزوجين الرئاسيين.
“التايمز” البريطانية ذكرته أنه يمكن الاشتباه بأنه قام بعمليات غسيل أموال عبر تمريره ملايين الجنيهات إلى قنوات شبكة حسابات مصرفية له بسويسرا وألمانيا وبيروت وأن رصيد أحد حساباته كان 48 مليون دولار عام 2011 وفق الصحيفة.
وجمدت بريطانيا أرصدته وأملاكه ومنعته أيضاً من السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي ومن سحب أي مبلغ من حسابه المصرفي إلا بإذن رسمي.
الاتحاد الأوروبي أدرج اسمه في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2012 مع 26 وزيراً سورياً وشركتين ورجل أعمال سوري ممن شملتهم العقوبات للتضييق على خناق الداعمين لبشار.
ويقيم سليمان مع زوجته وأولاده الثلاثة في منزل قام بتحويل ملكيته إلى شقيقته حيث يقيم أيضاً أبواه وبعض أفراد عائلته وأقاربه. نعم هو يقيم في لندن واشترى أسلحة لقتل السوريين ولكنه لم يحاسب بريطانياً وأوروبياً على فعلته هذه.
ولكن ما الذي جرى في ذلك اليوم من تسعينات القرن الماضي قبل أن يقتحم مفلح الزعبي مكتبي؟
جاءني اتصال هاتفي من صديق في حلب يقول إن سليمان معروف الذي حصل على موافقة خاصة على استثمار أرض الحديقة العامة في حلب ليقيم مشروع “دريم بارك” الذي يضم سلسلة مطاعم وصالات ألعاب قام بقطع أشجار يفوق عمرها المئة عام، وكنت أعلم أن رئيس الوزراء لن يجرؤ على اتخاذ أي قرار بحقه وهو الصديق المقرب من بشار الأسد وشريكه.
انتظرت يومها حتى اقترب موعد ذهاب رئيس الوزراء إلى اجتماع القيادة وقلت له وهو يهم بالمغادرة بما جرى من قطع أشجار دون أن أذكر اسم الفاعل فطلب مني أن أتصل فوراً بمحافظ حلب ليصدر أمراً عرفياً باعتقاله.
عندما اتصلت بمحمد مصطفى ميرو محافظ حلب ضحك وقال مستغرباً: هل أنت متأكد أن رئيس الوزراء يطلب سجن سليمان معروف؟ فأجبته: عليك أن تطرح عليه هذا السؤال وأنا لست طرفاً في هذه القضية.
بعد حوالي ساعة من مغادرة مفلح الزعبي لمكتبي هاتفني رئيس الوزراء وقال لي أن أتصل فوراً بالمحافظ وأن أقول له أن يوقف جميع الإجراءات.
وعندما فعلت ضحك المحافظ من جديد بسخرية وقال: أنا أصلاً لم أتخذ أي إجراء لأنني كنت أعلم أنك ستتصل من جديد وتطلب مني ذلك.
بعد إقالة محمود الزعبي ومقتله بأشهر قليلة جاء من يخبر بشار الأسد أن عائلة الزعبي تبيع مفروشات البيت لتتمكن من تأمين احتياجاتها فقال للرسول: يمكن لزوجته أن تأخذ ما تريده من ابنها مفلح الزعبي لأنه يملك الملايين.
لا أعرف كم كان حجم ثروة مفلح الزعبي ولكن الرقم لا يتجاوز عشرات ملايين الليرات السورية لأنه لم يستطع أن يحصل على أكثر من ذلك، وكانت رصاصات مفلح التي يطلقها على سقف البيت هي طريقته المثلى للحصول على توقيع الوالد على معاملات كان يقبض عمولتها، ورغم ذلك، أقول إن ترتيبه في سلم اللصوص يأتي في مرتبة متأخرة قياساً ببقية المسؤولين.
قال حافظ الأسد لمحمود الزعبي مرة معاتباً إن الرئيس حسني مبارك أعلمه بوجود استثمارات باسم مفلح الزعبي في القاهرة، ولكن الأسد العجوز لم يقل للزعبي أن مبارك طلب منه وضع حد للعميد محسن سلمان الذي أرسل باخرة محملة بالمخدرات إلى ميناء بورسعيد.
لم يتخذ حافظ الأسد أي إجراء بحق العميد محسن سلمان ولكن بشار فعلها لسبب آخر بعد ان اكتشف خلال إحدى زياراته إلى لبنان أن موكب مرافقة العميد محسن يضم أكثر من 13 سيارة بينما لم يتجاوز عدد السيارات المرافقة لبشار عدد أصابع اليد الواحدة.
انتحر محمود الزعبي بثلاث رصاصات في الرأس وقتل بعد ذلك ابنه المدلل همام وقيل حينها أنه توفي نتيجة تعاطيه جرعة كبيرة من المخدرات وليس لأنه “طوّل لسانه” واتهم بشار بقتل أبيه.
سليمان معروف يتمتع في لندن بالأموال التي نهبها من سوريا ولم يحاسب أوروبيا على استيراد قناصات لقتل السوريين وبشار ما زال يرتكب الجريمة تلو الأخرى.
أما مفلح الزعبي فهو لا يقاتل مع ثوار حوران انتقاماً لأبيه وأخيه همام بل يشبح في دمشق ويطلب من قاتل أبيه أن يبيد الشعب السوري بالبراميل!

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

'الأستاذ' وسوريا: خريف الغضب

العرب محمد قواص [نُشر في 16/10/2015، العدد: 10068، ص(9)]
السلطة الرابعة  - صفحة 2 _8

أن يتجاهل الكاتب الكبير دكتاتورية وبراميل ومجازر وتشريد ونكبة حقيقية تسببها نظام دمشق، فتلك سقطة أخلاقية كبرى لا يمكن تبريرها.
لم يفقد محمد حسنين هيكل بريقه ككاتب لامع يمتلكُ في الموقف والرأي ما يبقى لافتاً سواء أحببت الرجل أو كرهته. لم نعد نقرأ كثيراً للـ”أستاذ”، أو لم نعد نهتم لما يكتب، طالما أن أداءه على الفضائيات يغنينا عن الغوص في السطور، وما أكثر ما خطّها في عقود مشواره المهني المجيد. تحوّل هيكل إلى ظاهرة إعلامية، لطالما غرفت من زاده قناة الجزيرة القطرية، قبل أن يبعدهما مزاج قاهري جديد، فكان الطلاق.
يطلُّ هيكل مؤدّياً محاضراته التلفزيونية، وهي كذلك، من حيث أن المُحاور المتشرِّف بمقابلة “الأستاذ” يُحدث ضجيجاً يشبه أسئلة تصاحبُ سرداً منتظماً مبرمجاً مُعدّاً لا مجال لارتجال أو عفوية داخله. تشبه تلك الإطلالة خطبة الجمعة عند المسلمين وعظة الأحد عند المسيحيين، من حيث أنها مرافعة تعتمدُ على المقدّس في النصّ والقول وأخبار السلف، فلا يعترضُ مؤمن ولا يشكك مصلي، وربما ما على المشاهد المشدوه إلا أن يقول “آمين”.
نعم يجب الاعتراف بالمواهب التي يمتلكها الرجل لإفحام مُحاوره ومشاهده على السواء. يعتمدُ هيكل على إستراتيجية قوة النيران التي تربك أي خصم، فهو مطّلع على تقارير المخابرات في كوريا الشمالية، كما على تسريبات السي أي إيه، ناهيك، طبعاً، عما تتولى المخابرات الروسية توصيله من معلومات للكاتب الصديق. يغرف “الأستاذ” من أمس أتاح له أن يكون قريباً من صاحب القرار في مصر، وبالتالي حاضراً في مداولات العواصم الدولية. لا يخفي ما دار بينه وبين شخصيات ورموز ووجوه في العالم كافة، فيقدّم المعلومة بصفتها سرّاً يمررُه ولا يكشفه، طالما أن الحديث يدور في غرف مغلقة لا تتجاوزه ومُحاوره والجمهور الكريم.
في كل مرة حاولتُ فيها متابعة “الأستاذ” كنت أشعر بتعب غير مبرر أشبه إلى ضيق. لم أفهم تفسيرا لهذا التعب ولا تبريراً لذلك الضيق. لكن التقنية التي يعتمدها هيكل تتأسسُ على بناء خطّ درامي تصاعدي، ينحشر في سياقه كمٌّ هائل من الاستطرادات، التي لا شك تعظّم حالات التشتت والضياع والغثيان، بحيث أنه حين يصل بك إلى قمّة ما يصبو إليه، يُلقي بك في هوة سحيقة يريدها حقيقة مسلّم بها والمطلوب التسليم لها.
قال يوماً في لغة الواثق أنه زار ألمانيا قبل أسابيع، واكتشف هناك أن الألمان يرون كذا ولا يوافقون على كذا. ليس مهماً لماذا زار “الأستاذ” ألمانيا، وليس مهماً أننا في عصر معولم يمكّننا من معرفة موقف الألمان دون أن نسافر لألمانيا، المهم هو هذه التفاصيل للواقعة الدرامية، بما يتطلبه ذلك من سيناريو وأداء وديكور وموسيقى تصويرية وشخوص ولعبة إضاءة. في نهاية المشهد يتشبّع التشويق بنهاية بانتظار مشاهد أخرى.
قدّم هيكل على قناة الجزيرة روايات رائعة بحبكات مميزة تعكس خبرة في الصنعة بما يتماشى مع هوى الدوحة. لم يكن هناك أي لُبس أو ارتجال أو أداء خارج النصّ. والحقيقة تقال أن أجندة القناة القطرية كانت رحبة واسعة شاملة فضفاضة تستوعب موسوعية الرجل وأبجدياته الكلاسيكية. فالكلام عن الإمبريالية والوقوف مع قضايا العالم العادلة والحنين لموسكو واتحادها السوفياتي وتفهم كوريا الشمالية ودعم المقاومين والممانعين من كوبا حتى أفغانستان، تمارين لغوية لطالما تواكبت مع طبول شعبوية قصوى، لم تتقلّم أطرافها إلا في موسم “الربيع”، وحساباته.
يواصل هيكل إطلالاته الفضائية من داخل مصر هذه المرة. كان الرجل ركناً في نظام جمال عبدالناصر، فيما لفظه نظام أنور السادات، وتجاهله نظام حسني مبارك. تحفّظ على حكم الإخوان، ثم رفضه واقترب من الحراك الذي أفضى إلى النظام الحالي. وفي “محاضراته” الراهنة ما يوحي أن الرجل يحضّر العامة للتسليم بدور مصري مخصّب بلبس وحرج لا تلميع له إلا على لسان ناصري كبير بحجم محمد حسنين هيكل.
يلفُّ الرجل في كواليس العالم ويدور في قضاياه ليخرج بأداء موسوعي مُفحم هدفه الدفاع عن إيران. من إيران تبدأ الدنيا وإلى إيران تحجّ، ولابد في كل فاصلة من التذكير بالحضارة الإيرانية التي لا مثيل لها في المنطقة إلا تلك المصرية. ثم، وبالصدفة المحضة، يتوجّه طلال سلمان، رئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية، القريبة من دمشق وطهران، قبل أسابيع، لمقابلة “الأستاذ” في شاليه (في منتجع الرواد) في الساحل الشمالي، ليستنيرَ برأي الرجل مستهلاً ما نشره بجملة مفيدة “لقد ذهبنا إليه للحديث عن إيران”.
لا شيء يؤرّق الولايات المتحدة حسب ما يرى هيكل إلا إيران، ويذهب أكثر من ذلك في اعتبار المقاربات الأميركية إزاء طهران وهافانا سببها صمود النظامين الإيراني والكوبي. هكذا بدون رمشة عين تتقهقر الولايات المتحدة أمام هذين الجبارين. يعتبر هيكل أن الاتفاق النووي لن يوقف التناقض بين واشنطن وطهران “فإما أن يتغير النظام فيها (إيران) أو يتمّ إسقاطه”. وبناء على هذا التحليل يدعو هيكل مصر للوصل مع إيران وإقامة علاقات معها، ربما حنينا إلى ذاكرة مصرية معادية للإمبريالية.. إلخ.
في مصر من يعتبر أن أطروحات “الأستاذ” تُستخدم لابتزاز الحليف الخليجي وتذكيره بالبديل الإيراني الكامن. تشارك القاهرة مبدئياً، وربما عملياً، بالحلف الذي يخوض الحرب في اليمن ضد الحوثيين وفريق علي عبدالله صالح، لكن الرجلَ القريب من النظام السياسي المصري وزعيمه، ينتقد تلك الحرب ويستشرف تورطاً سعوديا مضنيا بها. يذهب هيكل إلى تبرئة الحوثيين من دمار بلدهم، متجاهلاً تناول الدور الإيراني المفصلي الذي قاد إلى تلك الكارثة. يغفل الرجل الجانب اليمني المحلي للصراع الذي يجري أساساً بين يمنيين، متقصداً عدم طرح مخارج للأزمة غير تلك التي تدعو إلى الحوار، الذي يعرف الجميع نفاد كل محاولاته.
وفي تجاهل الصراع المحلي اليمني مقاربة لتجاهل الصراع الداخلي في سوريا. يدفع هيكل بلاده إلى الدخول في فراغ أخلاقي مقلق متعلّق بالموقف من الأزمة السورية. لم يعد سراً موقف القاهرة الخجول الداعم لنظام دمشق، ولا العلاقات الأمنية الناشطة بين دمشق والقاهرة، فيما الإعلام القريب من العاصمة السورية (“الديار” اللبنانية مثلاً) ينشر أخباراً عن دعم بالسلاح والمدرعات ترسله القاهرة لجيش الأسد. وبغضّ النظر عن صحة ودقة تلك الأنباء، إلا أن دمشق تريد تعظيم موقف القاهرة في موسم الأداء الروسي الراهن. فبعد “ثورة” أطاحت بنظام مبارك (الذي لا تقارن فظاعاته بنظام الأسد، الأب والابن) يطالب هيكل الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة دمشق.
لهيكل حيثياته الخاصة ودوافعه الشخصية، لكن الرجل ذكي يجيد الحساب، ولا ينطق عن الهوى، بل يعبّر عن مزاج لدى النخبة المصرية الحاكمة ينفخ بتلك الأشرعة. بيد أن في حجج “الأستاذ” ركاكةٌ لا تليق بقامة مثله. يفتي الرجل ويقول “ليس بالضرورة أنه عندما يذهب الرئيس لبلد أن يعنى هذا أنه يدعم موقفها، لكن ممكن أن يكون ذلك بهدف تقديم نصيحة”. وحين يكتشف انتفاخة هذا الزعم يتراجع بحجة حنونة، لطالما رددها كثيرون “لننسى بشار الأسد الآن، فنحن أمامنا سوريا”، ثم يفحمنا بمسلّمة وجب تدريسها في أكاديميات العلوم السياسية “خروج بشار الأسد لن يأتي بالاقتلاع، ولابد أن يأتي بالاقتناع”.
وفي عزّ الحرج الذي يعانيه السيّد حسن نصرالله للدفاع عن موقف حزبه الأخلاقي في سوريا، يتفضّل “الأستاذ” بمطالعة تبسيطية سهلة “قتال حزب الله في سوريا هو للدفاع عن نفسه لأنه مستهدف، فمن يريد أن يضرب إيران اليوم يحاول أن يقص أجنحتها في أي مكان لديها فيه نفوذ”. أما أين مصر من ذلك؟ يجيب أن مصر “تستفيد من كل بؤرة مقاومة معطِّلة لتسوية شاملة في لحظة ضعف العالم العربي وتهاويه بهذه الدرجة”.
قبل أيام خرج الإعلاميُّ المصري عمرو أديب في برنامجه متسائلا باستهجان: هل نحن مع بشار الأسد الذي قتل مئات الآلاف وشرّد الملايين؟ هو الآخر لا ينطق عن الهوى، وربما يمثّل المقلب الآخر لتلك الدوامة، ذلك أن المصريين لا يعرفون بدقة وشفافية موقف حكومتهم في شأن الكارثة في سوريا، كما العلاقة مع إيران، فإذا كانت القاهرة مع بشار الأسد وتسعى لحلف مع إيران ويضيرها التحالف مع دول الخليج، فلماذا لا تقول ذلك جهاراً وبوضوح لا يحتمل اجتهاداً أو تأويلا.
أدهشنا أدونيس سوريا ويدهشنا هيكل مصر. لا نفاجأ من سلوك السلطة في أي بلد، فلتلك حسابات ومعطيات ومصالح وأدوات تمارس من خلالها سلطتها، لكن أن يتجاهل الكاتب الكبير دكتاتورية واستبداد وبراميل ومجازر وتشريد ونكبة حقيقية تسببها نظام دمشق، فتلك سقطة أخلاقية كبرى لا يمكن تبريرها، كما أنها مكيافيلية بدائية لم يدعُ إليها يوماً صاحب “الأمير”.
صحافي وكاتب سياسي لبناني

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

إشارات ظهور حكومة "الكيلو متر الأخضر السورية"

السلطة الرابعة  - صفحة 2 220px-Ghassan_aboud
غسان عبّود

في الأيام الأولى للثورة قال أحد العارفين بمركز القرار عند العلويين السوريين: "انتبه إلى موقف موسكو، إن باع الروس بشار الأسد كما باعوا القذافي فيستخلى العلويون عن طموحاتهم السياسية في سوريا وعن عائلة أسد وإن حدث العكس سيحارب العلويون حتى آخر رجل فيهم ولو حرقوا سوريا كاملة"!
قرأ السوريون الصور التي أخرجها الكريملين عن استدعاء/ زيارة بشار الأسد الأخيرة لبوتين، أثارت لديهم تضاربا في التحليل، مع مشاعر الخيبة والاستغراب، ربما لأنهم اكتشفوا الحقيقة بلا رتوش على يد بوتين الذي عرفه العالم كشخصية مافيوية! إذ انتبهوا أن الجلسة كانت أقرب لجلسة رئيس مافيا عظمى مع مقاول مافيوي صغير! والتي بدورها تناقضت مع كم الشعارات الهائلة التي زرعها الأسد الأب والولد في أذهان السوريين عن دور سوريا "العظيم" عالميا بقيادتهم؟!
بوتين بهذا الخرق الدبلوماسي أرسل من خلال الصور رسالة لا لبس فيها بأن مصير الأسد والعلويين في سوريا تقرره موسكو وليس طهران/قم كما ظن البعض، صورة أزال منها كل الرتوش عندما أصر أن لا يظهر الأسد كحاكم دولة، إذ كان وحيدا لا يظهر حوله، على الأقل، مستشار سياسي أو عسكري يستشيره في القضايا المطروحة، وكذلك غياب علم نظامه عن الجلسة!
أما الحوار نفسه فقد أثار التكهنات والتحليلات معظمها خضعت لأمنيات السوريين كل حسب موقعه من الأحداث، لكن مما أعرفه من معلومات عن الفترة التي سبقته أعتقد أن بوتين طلب من الأسد أن يتهيأ لجلسات حوار مع المعارضة السورية غير المصنفة إرهابية أو راديكالية إسلامية، وخلال ستة أشهر يجب أن ينتهي الحوار بتشكيل حكومة وحدة وطنية كما يصر إعلام الأسد، أو حكومة انتقالية كما تطلب المعارضة، الاختلاف بالتسمية هنا غير مهم! لكن الأسد كرر ما يقوله دائما بأنه لا يمكن التفاهم مع المعارضة السورية قبل القضاء على الإرهاب، بوتين لم ولن يقبل بهذا الادعاء، فحاول الأسد أن يطلب أن تكون الحكومة مشكلة من معارضة "تحت سقف الوطن"، وليست من معارضة الخارج التي يتهمها بأنها طالبت بالتدخل العسكري الخارجي للإطاحة به، لكن بوتين يرفض ويصر على أن تكون الحكومة الانتقالية تحوي بعضا من معارضة الخارج وممن ترضى عنهم السعودية وتركيا والأردن، وهذا ما فسره اتصاله بحكام هذه البلاد فور انتهاء الزيارة. لأن هدف بوتين الأساسي من كل هذا الاستدعاء تسويق وبيع عملية سياسية لهذه الدول، تغطي الوجود العسكري الروسي المدفوع الأجر سلفا، لأن الخزينة الروسية لا تحتمل تكاليف العمل العسكري الروسي في سوريا، وبوتين ليس كأسلافه السوفييت يفكر في مصالح روسيا العظمى، وانما أولويته لمصالح المافيا التي تحكم تحت قيادته!
بالتأكيد مجرد ترتيب زيارة أسد لموسكو وعودته إلى دمشق أكبر ضمانة روسية مستقبلية قدمها بوتين لبشار الأسد وللعلويين أيضا!
يبقى أن الايراني هو الخاسر الوحيد في هذه المعادلة، وهذا مطلب دول الجوار السوري، بمن فيها دول الخليج، لاحظوا كيف تتم تصفية المستشاريين الإيرانيين منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا، وكيف يتم إضعاف وتقويض الدور والنفوذ السياسي الإيراني أيضا. وهناك خلافات كبرى يحاول الطرفان أن لا تطفو على السطح، فالتدخل العسكري الروسي المفاجئ، الذي أعتقد أنه جاء أمرا واقعا أكثر منه تنسيقا مع الإيراني ومع بشار الأسد، والذي يلاحظ أنه منذ اللحظات الأولى لوجوده بدأ يأكل من نفوذ أسد/ العلويين و الإيرانيين على السواء، ولن يكون له تأثير مهم على المناطق السنية الداخلية التي بيد الثوار وإن كان سيرهقهم! لكني لا أعتقد أن الايراني الصبور والعنيد واللاعب السياسي الشرير، والذي بدأ مؤخرا، بعد خمس سنوات من تدخله في سوريا، ينشر خسائره في سوريا، ربما لإفهام الآخر أنه لن يقبل بأن يخرج من الملعب خاوي الوفاض! لذلك أتوقع أنه سيقلب طاولة الشطرنج السورية الحالية بنقلة تشكل حدثا جللا عمّا قريب.
التدخل الروسي حدث بناء على رغبة حلفاء مهمين للمعارضة السورية، لذلك وتبريرا وتخفيفا من حدة هذا التدخل في الذهنية السورية الحالية، وكي لا يخجل "حلفاء" المعارضة السورية منه، لعبوا لعبة صواريخ التاو، والتي بدورها خدمت غرضا آخر حيث أخرجت قوات الأسد من تحصيناتها، ودمرت كثيرا من أسلحتها الثقيلة. لذلك أعتقد أنها ستختفي عمّا قريب، فالأطراف المسلحة، قوات الأسد وميليشيات إيران وقوى المعارضة، يجب أن ترهق وتكون جاهزة للقبول بالسيناريو. لكثرة وغرابة التناقضات على الأرض السورية لاقى التدخل الروسي ارتياحا كبيرا أيضا لدى الطائفة العلوية المؤيدة لأسد!
الدردري أبرز المرشحين لرئاستها
لكن ما الذي نتوقع أن نراه خلال الستة أشهر القادمة التي طلبها بوتين ووافق عليها التركي ويعمل لها الخليجي أيضا؟! ببساطة ستتشكل حكومة الكيلومتر الواحد، حكومة ما بات يعرف بالمنطقة الخضراء، فالأمريكي يتشبث بهذا النوع من الحكومات حاليا، وطبقها فعليا في كابول وفي بغداد ويحاول في ليبيا وصنعاء ودمشق، لاعتقاده أنها قلب الدولة يجب أن يبقى نابضا إلى يوم يراه مناسبا لضخ الدماء للأطراف و إعادة إنتاج الدولة مرة أخرى، الحقيقة لست متأكدا من جدوى هذه الحالة، على الأقل مرت نحو 15 سنة على عدم جدواها!
إذا ستتشكل حكومة المربع الأخضر في دمشق! المرشح الأبرز لرئاستها عبد الله الدردري، نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة أسد قبل الثورة، وهو شخصية ضليعة بالتعامل مع المجتمع الدولي فقد شغل مناصب عدة في عدد من هيئات الأمم المتحدة، والذي انتقل من دمشق للعيش في بيروت منذ عدة سنوات، تعلّم خلالها كيف يتناغم ويرضي حزب الله والنفوذ الإيراني، قام بعدة زيارات سرية لإيران خلال فترات متقاربة هذا العام وقبله. وستضم الحكومة أيضا، "الجنرال" مناف طلاس بمهمة إعادة بناء الجيش السوري، وكأن سوريا التي اشتهرت بفساد حكمها، وفساد جيشها ضم في قياداته جنرالات ديغولية(!؟) كما ستضم أيضا قدري جميل، وبعض وجوه تيار قمح، ربما رجل الأعمال خالد المحاميد ممثلا عن حوران أيضا، وستضم الحكومة عدة شخصيات من هيئة التنسيق معظمها أقليات، وكذلك شخصيتين أو ثلاثة من الائتلاف مقربين من الإخوان المسلمين لكن ليسوا إخوانا إرضاء لدول الخليج وكسبا لتركيا، ولن تضم الحكومة معاذ الخطيب الشخصية التي اشتهرت بأنها تعبّد الطريق للعابرين ولا تمشي فيه وتفتح الباب لغيرها ولا تدخل منه!
بشار الأسد لم ولن يُبت بدوره خلال هذه الشهور وسيتركونه لمرحلة لاحقة، ولهذا فشل لقاء فيينا الرباعي بتحديد مصيره، وحدد موعدا قريبا يوم الجمعة المقبل، ربما هناك عرض قدمه أحدهم وطلب الحاضرون مهلة لنقاشه مع قياداتهم(!؟) أما ادارة أجهزة الأمن وما كان يسمى الجيش السوري، التي تحولت الى ميليشيات علوية فجة بعدما انسحب منها السُنة بداية الثورة ولحقهم المسيحيون والدروز، ستبقى بقيادة الشخصيات العلوية الحالية!؟
يقال إن الشعراء تلهمهم الشياطين، فقد قال الشاعر محمود درويش "ليس للكردي إلا الريح"! الأكراد دخلوا فخا خطيرا، فمن جهة انسلخوا عن محيطهم السني ويقودون لوحدهم حربا عرقية ضد العرب والسريان حولهم، في حين أن حربا دينية كبرى تدور حولهم، وحربهم هذه بالضرورة خدمت الحلف المعادي للسنة العرب! كما أن هناك من أقنعهم بعظمة دورهم وأعطاهم وعود الدولة الانفصالية، وزجهم في أتون معارك مع السنة العرب في سوريا خصوصا ومع الأتراك ومع داعش والتي لا يتوقع أن تنتهي حربهم في المساحة الممتدة في الشرق السوري والغرب العراقي قبل مرور سنوات يكون من نتائجها إرهاقهم كليا ولزمن طويل!
حكومة "الكيلو متر الأخضر" لن تصمد للأسباب التالية: الأول، أن النظام يراوغ ويناور فهو لايستطيع العيش في السياسة. والثاني إيران تمسك جزء من الأرض وقادرة على "تفجير" أي تسوية. والثالث، استبعاد الكتائب المسلحة في الخط السني الممتد غرب الفرات من إدلب إلى حوران، والرابع: أن هذه الجهات وجهات خفية أخرى ستحاول تصفية شخصيات هذه الحكومة اللعبة، كل حسب مبرره، والخامس: وهو الأهم على الإطلاق، من غير المعقول أن يقبل السُنة مقابل تضحياتهم ـ نحو مليون شهيد، ونحو 13 مليون مهجر، ومدن وأرياف مدمرة ومستقبل مجهول لزمن طويل ـ أن يقبلوا هذا الثمن البخس المعروض!

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

السلطة الرابعة  - صفحة 2 2GYVgshk_bigger

أنت خائن أم جاسوس؟!

الدعاية المصرية الناصرية التي كانت تروج القصص والحكايات المزيفة عن العقيد فاضل المهداوي، رئيس المحكمة العسكرية العليا المعروفة بـ"محكمة الشعب" العراقية لتشويه سمعة حكم عبد الكريم قاسم، في أواخر خمسينيات القرن الماضي كانت تقول إن المهداوي اعتاد أن يسأل أي متهم يقف في قفص محكمته السؤال التالي: أنت خائن أم جاسوس؟ وبالتالي كان يتبع ذلك إصدار حكم الإعدام على المتهم. وكان المهداوي وقتها يتحدث باسم عبد الكريم قاسم، وقيل وقتذاك أنه قال للذين يتحدثون عن وجود أزمة في مادة البيض: إذا كان الدجاج لا يبيض فما ذنب الرئيس!!
طبعا ماجرى في العراق لم يختلف إلا في التفاصيل عما كان يجري في سوريا ومصر وبقية الدول العربية، واعترف العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري الأسبق بتصديقه على عشرات أحكام الاعدام التي كانت تصدرها المحاكم العسكرية يوميا قبل وبعد مجزرة حماة 1982.
في سبعينات القرن الماضي حضرت جلسة عامة للمحكمة العسكرية برئاسة فايز النوري، عقدت في قاعة المسرح العسكري بدمشق لمحاكمة المتهم باغتصاب وقتل طالبة في المدينة الجامعية بدمشق، وعندما أصدر فايز النوري حكما بالاعدام على المتهم انهار المسكين وصاح بأعلى صوته مخاطبا رئيس المحكمة: أنا لم أرتكب الجريمة، وأنت تعرف ذلك، وقلت لي اعترف وسأصدر حكما مخففا بحقك وإذا لم تعترف سأصدر حكما بإعدامك.
يوم تمثيل المسكين للجريمة في مكان وقوعها احتشد الطلبة على شرفات المدينة الجامعية مما أدى إلى انهيار إحدى الشرفات ومقتل عدد من الطالبات، مما استدعى عقد المحكمة بسرعة قياسية لامتصاص غضب الرأي العام ولم تستمر المحاكمة أكثر من ساعة واحدة مع حكم بإعدام المتهم الذي شاهدنا جميعا كيف كان يجري تلقينه الكلام خلال تمثيل الجريمة وأيضا خلال المحاكمة.
وكل ماجرى يومها كان للتغطية على الفاعل الحقيقي وهو ابن مسؤول كبير كما قيل همسا وقتذاك، فضاع دم الضحية ومعه دماء الطالبات ضحايا الشرفة المنهارة، وتهمة الإعدام كانت جاهزة، ولو لم يعترف المتهم بالجريمة التي لم يرتكبها لوجهوا له تهمة العمالة لاستخبارات عالمية، والمس بالأمن القومي لصالح جهات أجنبية.
العبارة الشهيرة المنسوبة لفاضل المهداوي: أنت خائن أم جاسوس؟ كانت تتكرر دائما بشكل أو بآخر، بمناسبة أو دون مناسبة على لسان المسؤولين، وأتذكر جيدا ذلك اللقاء الذي جمع الصحفيين مع عبد الرؤوف الكسم، رئيس مجلس الوزراء بحضور وزير الإعلام ياسين رجوح يومها قال عبد الرؤوف الكسم لزميل لنا لم يعجبه كلامه: أنت جاسوس! فكان رد الزميل: أنتم في السلطة تقولون أننا جواسيس، وفي الشارع نتهم أننا كلاب سلطة، وعليك أن تحسم الأمر الآن وتقول حقيقة أمرنا هل نحن كلاب سلطة أم جواسيس؟!.. عندها ضحك رئيس الوزراء وتوجه نحوي وقال كيف ترى الأمر؟ قلت له دعني أذكرك بما قلته عندما كنت في حقول النفط في "الرميلان" عندما كنت تخاطب عمال الحقل.. يومها وصفت علي جبران مدير عام الشركة بـ الجاسوس وكررت نفس الكلام في حقول "الجبسة"، ونسيت أن الناس ستقول إن الدولة تسلم أكبر شركة في البلد لـ جاسوس مما يعني أنها دولة جواسيس!! هنا احتد رئيس الوزراء وقال: أنت أيضا جاسوس.
وعلى سيرة وزير الإعلام ياسين رجوح، ولأن الشيء بالشيء يذكرفقد قال في أول تصريح له بعد استلامه منصبه وردا على سؤال لصحافية لبنانية حول العلاقات السورية اللبنانية: إن علاقات تاريخية تربطنا بلبنان، والسوريون يترددون بشكل دائم إلى لبنان ليشتروا تهريبا معظم احتياجاتهم من السلع والمواد!!
طبعا قبل اتهام علي جبران بالتجسس وهو الصبي المدلل لـعلي دوبا رئيس الاستخبارات العسكرية، والمسهل لصفقاته النفطية.. قبل ذلك قيل إن زوجته البولونية تعمل لصالح الموساد، وأنها تمكنت من توريطه وتجنيده للعمل معها.
تهمة التجسس كانت أبسط تهمة يمكن أن يوجهها النظام لأي سوري، وأتذكر جيدا أن صاحب مكتبة كنت أشتري منها الصحف اليومية قبل ذهابي إلى مقر صحيفتي المفترضة التي منع ترخيصها عام 2005، بل لم ترخص أصلا سألني هل تعرف لؤي حسين مستشار القصر الجمهوري، الذي تصادف وجوده أمس عندما كنت تشتري الصحف؟ قلت أعرفه جيدا فقال هو اتهمك بعد خروجك بالعمالة للمخابرات الأمريكية!! فقلت له بسيطة لأن هناك من اتهمني قبل ذلك بالعمالة للمخابرات الروسية الـ كيه جي بي.
تهمة العمالة للمخابرات الأمريكية تكررت أيضا في الأمن السياسي، عندما استدعيت -كما جرت العادة- بعد طلب الترخيص للصحيفة التي كنت أعد لإصدارها، وكانت تحمل اسم "الأيام"، يومها أبقيت لمدة طويلة في غرفة الانتظار وعندما قلت للحاجب إنني سأغادر فورا، ولن أنتظر استدعاني الموظف المختص وبدأ بالصياح ومحاولة إهانتي فرددت عليه بإهانة أكبر مما جعله يفقد صوابه لأن إهانتي له وفي مبنى الأمن السياسي، لا يمكن أن تصدر عن مراجع عادي، وفجأة دخل الغرفة شاب صغير السن وعرفني عن نفسه إنه ملازم في القسم - نجل العميد في الأمن السياسي نصر جعفر- وطلب برجاء أن أرافقه إلى غرفته، ثم استدعى الموظف الذي حاول إهانتي ليقدم الاعتذار عن سوء تصرفه فأجاب: أقسم بالله ياسيدي إنه جاسوس أمريكي ولولا ذلك لما تجرأ على شتمي.
تهمة العمالة لـ كيه جي بي وجهها لي اللواء فؤاد عبسي مدير المخابرات العامة، وكذلك للمهندس غسان فتاحي مدير المجلس الأعلى للشركات، وللمهندس صالح عسكر مدير الشركة العامة للطرق. والمستغرب يومها أن كل التقارير التي كانت تكتب بـ صالح عسكر كانت تقول إنه "يميني عفن". والمضحك المبكي أيضا أن مدير المخابرات قال أنه اكتشف ذلك من خلال التنصت على السفارة الروسية بدمشق!! وأعترف بعدها أن التهمة ملفقة ومن تدبير عبد الرؤوف الكسم رئيس الوزراء، وأنه أضاف اسم غسان فتاحي صديق الكسم لكي يتم تصديق الكذبة، لأنه محسوب على الشيوعيين. والمضحك المبكي هو أن الجنرالات الذين واجههم عبد الرؤف الكسم وحاول التصدي لهم -وهي حقيقة للتاريخ- كانوا يقولون إنه شيوعي مندس في حزب البعث، وإن زوجته السويسرية عميلة مخابرات أمريكية.
بعد إقالته من منصبه التقيت فؤاد عبسي مدير المخابرات العامة في مكتب وليد حمدون وهو من أصدقائه المقربين وكان وقتها نائبا لرئيس الوزراء وسألته: ماذا ستعمل بعد تركك لإدارة المخابرات؟ أجابني: لا أعرف.. فأجبته دون تردد: ما رأيك أن تعمل معنا في الـكيه جي بي!

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

لُعٍنً أبو رغال وبقيت الكعبة شامخة

في تاريخنا القديم أبو رغال واحد ولكن في تاريخنا الحديث كم من أبي رغال بين ظهرانينا ونكتفي من قصة أبي رغال أنه كان دليل الحبشة لهدم الكعبة ولكن أخيراً لعن أبو رغال وما زال يلعن ولعن معه أبرهة الأشرم حتى اليوم وبقيت الكعبة يطوف بها الناس رغما عن أبرهه وعن أبي رغال .
أبرهة وأبو رغال تصوروا أن الكعبة مجموعة من الأحجار يطوف بها الناس فقرروا هدمها ولم يعرفوا أن الكعبة بيت الله في الأرض .
أبرهة كان طاغبة استخف بالضعفاء وسخر من بني هاشم عندما قال له قائلهم أنا رب الجمال وللكعبة رب يحميها أغتر بجيشه وقوته وغره ضعف حماة البيت , أخذه الغرور فقصمه الله وجعله عبرة لمن يعتبر أما بو رغال الذي كان دليلاً الطاغية فكانت خاتمته أسوأ من خاتمة الطاغية .
لاتظنون أنني أتحدث عن قصة أحد الطغاة فقصص الطغاة متشابه ولكنني أقول لأصحاب العقول ما قيل سابقاً العاقل من اتعض بغيره والأحمق من أتعض بنفسه فهل أتعض أبرهة العصر بأبرهة التاريخ وهل أتعض أبو رغال العصر بأبي رغال التاريخ ألم يتعلموا أن للكعبة رباً يحميها , ألم يروا أن هذا الدين الذي أشرق على العالم كما تشرق الشمس على الأرض ورغم كل ما يكيدون له على مدى القرون ما زال يزداد إشراقاً وتألقاً
أندحر أبرهة القرامطة والفاطمين وعاد الحجر الأسود إلى مكانه يطوف به الناس ومازال الحاضر والماضي يلعن القرامطة والفاطمين وأتباعهم .
أندحر أبرهة التتار والمغول وبقيت حطين شامخة تلعنهم
أندحر أبرهة الصليبين وكل أبي رغال معهم وبقي صلاح الدين رمزاً للعزة والكرامة يرتعد الصليبيون الجدد لسماع ذكره
أندحر كسرى الفرس وطفئت ناره وبقي التاريخ يتحدث عن شموخ وكرامة النعمان ورجاله
أندحر بوش ولا زال يلعن على كل لسان وبقي أبو رغاله المالكي يلعن على كل لسان
سيندحر القيصر الحقير وسيلعنه التاريخ وسيندحر معه كل أبو رغال يجري في ركابه
أيها الأخوة أنا لا أريد التحدث عن أبرهة لإنني أعرف أن أبرهة كان طاغية وكان له مصالح يدافع عنها وأحلام يسعى لتحقيقها ولكن أتحدث عن أبي رغال الذي سعى خادماً ذليلاً وخائناً رخيصاً فلا أحلاماً حققها ولا مجداً سعى لتحقيقه فكان حياً حقيراً وميتاً ذليلاً ملعوناً تلعنه الأجيال .
أيها الأخوة كم أبا رغال في حاضرنا اليوم هل علينا أن نذكر بعضهم لنبدأ لعنهم فلعل الكثير من شعبنا الطيب يتصور أن أبا رغال مات وأنتهت قصته ,
ألم يكن المالكي وقبله أبن العلقمي مثال حي على أبي رغال وسيلعنهم التاريخ أبد الدهر , أليس كل شيعي يقف بصف الروس والأمريكان والمجوس مثال حي على ابي رغال , أليس كل هؤلاء عبارة عن عملاء باعوا أنفسهم ليكونوا أذل وأحقر من أبي رغال , أليس كل علوي اليوم يصفق للروس ويسعى في خراب بلد عاش على ترابها وأكل من خيراتها أليس هؤلاء أخزى وأحقر من أبي رغال ألم يقرؤوا في تاريخ الأمة أنهم أحقر من أن يغيروا حركة التاريخ , أنهم أحقر من أن يقفوا سداً في وجه أمة تحركها لاإله إلا الله ,
ألم يكن القذافي وحافظ الأسد من الهالكين مثال على أبي رغال الذين خدموا اليهود فلم يحققوا مجداً ولكن خلدوا ذكراً هو ذكر أبا رغال ولا زال الجميع يلعنهم وسيلعنهم التاريخ , أليس حفتر والسيسي وحسن نصر الله من أحفاد أبا رغال وبشار الأسد وملك الأردن والسبسي وابو تفليقا من أحفاد أبا رغال .
كم من أبي رغال في الحكام العرب اليوم لآ أريد ذكرهم حتى لا أوسخ قلمي وحتى لأ أحرف الموضوع عن الهدف المرجو له , ثم ماذا عن أحفاد أبا رغال في الأمارت اليهودية أو العمارات الغربية وأخجل أن أسميها الإمارات العربية فهي ليست عربية تحت أي مسمى اما الحكام فأنا أقطع أنه لا تسير في عروقهم أي دماء عربية فقد سبقوا أب رغال فربما كان أبا رغال مغلوب على أمره فهو لم يكن أمير وربما لم تكن لديه خيمة تأوية أما هؤلاء السفلة الذين يطلقون على أنفسهم أسماء الأمراء والحكام وتخفق لهم الأعلام فهم أحقر من أي أبا رغال على مر التاريخ ويذكرني بهم قول الشاعر :
مما يضحكني من أهل أندلس أسماء معتمد فيها ومعتضد
أسماء مملكة في غير موضعها كالهر يحكي أنتفاخا صولة الأسد
إن هؤلاء الأوغاد الذين انسلخوا من جلدهم وتنكروا حتى للأسماء التي ألصقت بهم فهم مجرد إمعات يمدحون كل ناعق على العروبة والآسلام فلاهم بنوا مجداً يحترمون عل أساسه ولاهم قبعوا في خيامهم يتقون اللعنات ولاهم حتى حفظوا ما أعطى الله لهذه الأمة من خيرات فبددوها على خياناتهم فكانوا بحق أحقر من أي ابا رغال وحتى عندما قلنا أننا نخجل أن نسميها الأمارات العربية فللأسف ليس لهذه الإمارات من اسمها نصيب فهي وإن كانت واقعة عل أرض عربية فليس يربطها بالعروبة رابط فسكانها إما هنود أو باكستانين وهؤلاء هم البسطاء أم الآخرون من أحفاد أبي رغال وهم الخونة من حكام العرب الذين ولغوا بدماء الشعوب العربية ونهبوا خيراتها حتى إذا لفظتهم شعوبهم وجدوا في هذه الإمارات مرتعاً خصباً وحامياً مخلصاً أميناً يعترف لهم بوسام الخسة والخيانة , أينما تلفت وجدت هؤلاء الجرذان يقرضون في نسيج الأمة , أنهم في سباق مع الزمن لخيانة الأمة والغدر بها , إنهم في سباق لإثبات عدائهم للاسلام وكل ما يتعلق بأمة الاسلام في سباق لإثبات عداوتهم للأمة العربية وكل ما يمت لهذه الأمة بصلة . مسكين أبا رغال لقد كان مثال الاخلاق لو قورن بهؤلاء الإمعات ولا شك أن فيما يننا اليوم كثير منهم ولكن أقول لهم جميعاً لقد مات أبو رغال ولعن ولايزال يلعن وبقيت الكعبة شامخة يهفو لرؤيتها الملايين وكذلك أنتم أيها الخبثاء ستلعنكم الشعوب والأرض التي تسيرون عليها وسيبقى الاسلام رغما عن أنوفكم عزيزاً مهما تآمرتم ومهما جمعتم من صليبي الشرق والغرب وأنما ينطبق عليكم قول الأحمق من اتعض بنفسه
وأخيراً اقول أخوتي في الوطن الجريح , أخوتي في الأمة الاسلامية أياكم أن تخافوا أبرهة أو كسرى أوقيصر فقد ذهبوا إلى مزابل التاريخ وأحفادهم في الطريق إلى نفس المزبلة ولايفت في عزيمتكم أبو رغال وأحفاد أبو رغال مهما علت أصواتهم ونبحت كلابهم فلا يستحقون إلتفاتة واحدة ولتكن وجوهنا وبنادقنا تجاه أبرهة وجنوده وما أبا رغال إلا تابع ذليل وإياكم أن يقول أحدنا أن للبيت رب يحميه وإن كنا لانشك ساعة بذلك بل علينا ألا ندخر جهداً لحماية هذا البيت ورفع راية الاسلام خفاقة فوق هذا البيت وكما تصور سيد أبو رغال أن الكعبة مجموعة من الأحجار يمكن هدفها تصور الأسياد الجدد أن الاسلام مجموعة من الكتب والمؤلفات يمكن حرقها ولم يعلموا أنها دين الله في الأرض فإياكم تلقوا لهؤلاء الأقزام بالاً ولنبتعد عما يروج له دعاة الحلول فحربنا كما أعلنها أعداؤنا مقدسة ولن تكون إلا مقدسة فلا تفقدوا البوصلة واجعلوا نصب أعينكم النصر أو الشهادة فتفوزوا بالدارين وما النصر إلا صبر ساعة وما النصر إلا من عند الله .
حسام الثورة
2/12/2015

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

عصر بلطجة الدول؟

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Al-Jazeera-shows-A_3349696b
الكاتب : أحمد منصور

فى حديثه أمام قيادات الجيش الروسي يوم الجمعة الماضي قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إن قواته ذهبت إلي سوريا من أجل منع الخطر الذي يهدد بلاده، وهو بهذا التصريح يؤكد على أن أي دولة من حقها أن تمارس البلطجة وتقوم بغزو أي دولة أخري سواء من خلال اتفاقية مع العصابة التى تحكمها أو دون حاجة لذلك بدعوي أنها تشكل خطرا عليها.
ولم يكن بوتن الذي قام بغزو سوريا بقواته تحت ستار طلب من عصابة الأسد التى تدمر البلاد وتمارس القتل بحق الشعب منذ خمس سنوات يدشن نظاما جديدا بل إنه كان يمارس اللعبة نفسها التى مارستها الولايات المتحدة حينما قامت بغزو العراق ودمرته ولا زالت ونصبت نظاما طائفيا يدمر الأخضر واليابس ويقوم بتطهير طائفي وعرقي غير مسبوق، ولذلك لم تبد الولايات المتحدة والدول الغربية أي اعتراض علي الخطوة الروسية بل إن الإجتماعات واللقاءات الحميمية بين وزيري خارجية البلدين التى جرت خلال الأسابيع الماضية تؤكد أن كل ما تفعله روسيا فى العراق هو بترتيب بين البلدين.
كما أن اللقاءات الحميمية التى جرت بين بوتن وزعماء الدول الغربية علي هامش قمة المناخ فى فرنسا وكذلك الزيارة التى قام بها الرئيس الفرنسي لروسيا ولقائه الحميمي مع بوتن تؤكد أن البلطجة التى تمارسها الدول الكبري أصبحت قاسما مشتركا بين الدول وتجري بالأتفاق والترتيب وكأن العالم يحكم من عصابات يتقاسم زعماؤها العالم فيما بينهم وأن ما يسمي بالنظام الدولي أو القانون الدولي هو أكذوبة كبري.
هل يعقل أن الطائرات البريطانية والفرنسية والأمريكية التي تملأ سماء سوريا بدعوى الحرب على تنظيم الدولة لا تنسق مع الطائرات الروسية وطائرات النظام السوري التي تقصف مواقع المقاومة وتدمر مدن وقري سوريا علي رؤوس المدنيين الآمنين فيها؟
وهل يعقل أن النظام السوري الذي يتبادل النفط بالتجارة مع تنظيم داعش كان يفعل ذلك طوال السنوات الماضية تحت سمع العالم وبصره دون أن يتهمه أحد بالإرهاب؟
عصر بلطجة الدول جعل الولايات المتحدة وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها تعلن أنها سوف تشكل جيشا من دول المنطقة تديره لصالح القضاء علي تنظيم داعش الذي كانت شريكة فى صناعته وفي نفس الوقت فى عصر بلطجة الدول يعلن فلاديمير بوتن أن 5000 عنصر من الجيش السوري الحر ينسقون مع سوريا فى الحرب علي داعش بينما تقوم قواته بقصف مواقع الجيش الحر وباقي فصائل المقاومة، البلطجة تستدعي صناعة الأكاذيب وتصديقها وترويجها وممارسة كل الجرائم ضد الأنسانية بدعوي الحرب علي الإرهاب المهم أن الكل يمارس البلطجة والجرائم والإرهاب والكل يعلن الحرب علي الإرهاب وشعوبنا وبلادنا تدفع الثمن.

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

غسان عبود: عندما رفضت عرض كيلو تشكيل ميليشيا مسيحية

السلطة الرابعة  - صفحة 2 220px-Ghassan_aboud

كتب غسان عبود في صحيفة "العربي الجديد" مقالاً بعنوان "رداً على ميشيلو كيلو".. يرد فيه على اتهامات كيلو الذي تناوله بمقال عنوانه "أكاذيب مشينة" في نفس الصحيفة الزميلة.
كتب غسان عبود:
"تناولني، أول من أمس الإثنين، ميشيل كيلو في مقالته "أكاذيب مشينة" في موقع "العربي الجديد"، واتهمني وتلفزيون أورينت بالطائفية والتشبيح الفضائي، في معرض رده على مقالة للكاتب محمد منصور، مدعياً أن منصور كتبها تحت ضغطٍ معيشيّ مني، لأنه موظف عندي! دونما انتباهٍ إلى أن الزميل منصور قدم استقالته منذ أكثر من سبعة أشهر، وأعلنها على صفحته في "فيسبوك"، ونشر مقالته تلك في موقعٍ لا يتبع مؤسسة أورينت للإعلام، وذهب للتفرغ لتأليف الكتب ونشر المقالات وغير ذلك. فما شأني، إذن، حتى يزج باسمي زجاً مع كائنٍ هلاميٍّ غير معروف، يتعاون معه اسمه نبهان؟
بشار قبله حمّلني مسؤولية نهايته، وها هو ميشيل يخاطبني بالخطاب نفسه! أكلما انتهت حياة طرفٍ سياسيٍ حمّلني المسؤولية، وكأني ملاك الموت؟! لذلك، أجد من الأفضل للقارئ معرفة خلفيات هجومه عليّ، ولطالما كتمت حقائق أعرفها، لأني تعلمت أن المجالس أمانات. لكن، بعد أن كتب ميشيل ما كتب، سأتحدث عن ظروف معرفتي به، فمن الواضح أنه اعتمد على صمتي، وأقدم كامل الاعتذار لكل من ترد أسماؤهم في هذه المقالة، وعذري أن الغبن ضيّع حقنا، والحق أولى أن يحق.
تعرفت على ميشيل، وأنا طالب في الجامعة، من مقالاته التي أذكت حماسنا تجاه فهم الدكتاتورية ونقيضها. ومع بداية الثورة، ظهر ميشيل، المعارض السياسي، معارضاً للثورة وخائفاً من مآلاتها، في تناقضٍ واضحٍ مع كل ما قرأته له في أواخر الثمانينيات. هاجمته وذكّرته بمقالاته تلك، وأن الثورات لا تستمد برامجها من الكتب المنشورة، ولا تمشي على طريق رسمها مؤلف أو فيلسوف، وإنما خصوصيتها من خصوصية كل شعبٍ، وكل حكمٍ استبدادي، ومن الظروف الدولية التي تحيط بها.
"
الثورات لا تستمد برامجها من الكتب المنشورة، ولا تمشي على طريق رسمها مؤلف أَو فيلسوف، وإنما خصوصيتها من خصوصية كل شعبٍ، وكل حكمٍ استبدادي، ومن الظروف الدولية التي تحيط بها
"
في بدايات العام 2012، كان كيلو يحضر مؤتمراً في بروكسل بفندق "ذ هوتيل"، حضره عدد من الأصدقاء، منهم الدكتور عارف دليلة، والصديق أيمن عبد النور، وبما أنني مقيم في بروكسل، لم أحضر الاجتماع. دعوتهم إلى عشاء في أحد مطاعم واترلو، وتعارفنا، وخفتت حالة الشك بيني وبين ميشيل، لكنها لم تنته. ثم التقيته مرة أخرى في مقهى باريسي، وكنت بصحبة الصديق علي الرز مدير تحرير صحيفة الرأي الكويتية، وكان نقاشي منصباً على إقناعه بعدم الوقوف في صف أعداء الثورة. دام اللقاء نحو ثلاث ساعات، استخدمت فيها كل ما ملكت من وسائل الإقناع، ويشهد على ذلك الزميل علي الذي بقي صامتاً، ويتابع الحوار برهافة شديدة، ولا يزال إلى اليوم يذكّرني به، ويتندر على ذلك اللقاء الصدفة. ويسميه كيف يقنع رجل أعمال معارض سياسي عتيق بتبني خط الثورة على نظام تعسف، وسجن هذا المعارض، في ثلاث ساعات!؟
ومنذ اليوم التالي للقاء، والصديق علي الرز شاهد على ذلك، تغيّر خطاب ميشيل تجاه الثورة، من عدو إلى مؤيد إلى قائد ائتلافٍ، لا يأتلف فيه أحد مع أحد!
وفي يونيو/حزيران من العام نفسه، وجّهت جامعة الدول العربية دعوة لي، لحضور مؤتمر وحدة المعارضة السورية، وكان المؤتمر الثاني والأخير للمعارضة الذي حضرته، بعد مؤتمر أنطاليا. وفي بهو الفندق، اعترضني ميشيل، وطلب الحديث منفرداً، فدعوته إلى غرفتي، وبعد تبادل الحديث، طلب مني دعم فصيل مسيحي عسكري، يتشكل حديثاً آنذاك، فذهلت تماماً! فقلت له أنا لا ولم أتدخل في الدعم العسكري، وإنما دعمي للثورة في الناحية الإعلامية والطبية والإغاثية. ثم ناقشته في خطورة زج المسيحيين بحمل السلاح، وتوريطهم بالعسكرة، سواء من طرف الثورة أو النظام، وإن في ذلك قضاء على وجودهم في المنطقة، لأن المسيحيين في سورية ليسوا كتلة واحدة عقائدياً، ولا إيماناً بالثورة، فمهما جمع لن يتشكل أكثر من عشرات، فماذا سيغير هؤلاء في المعادلة العسكرية، والأهم توزيعهم الجغرافي، فهم موزعون على كل التراب السوري، في كل مدينة وحي صغير، وبين عشرات القرى المسلمة قرية مسيحية، والمطلوب منهم، في أحسن الأحوال، مظاهرة سلمية، أو حضور قداس، كقداس الشهيد المخرج باسل شحادة. فاعتذر بإحراج شديد، وادّعى أنه تورط في هذا الطلب!
بعد ذلك، تواصلت مع ميشيل على "السكايب"، وطلبت من إدارة "أورينت نت" استكتاب ميشيل، مقابل مبلغ من المال عن كل عمل إعلامي له، وتعاون ميشيل مع "الأورينت" نحو سنة تقريبا. وفي بداية 2013، سافرت إلى باريس، وقابلته هو والدكتور برهان غليون، وعرضت عليهما مشروع مساهمة في تأسيس صندوق إغاثي إداري، يشارك فيه عموم السوريين في الثورة، بدلاً من استجداء الدول، ويشارك فيه مجلس رجال الأعمال السوريين، كل حسب استطاعته، والهدف منه خلق مجموعة كبيرة من التكنوقراط، تساهم في إدارة المناطق المحررة، بعيداً مبدئياً عن التدخل في عمل الائتلاف والمجلس الوطني، فالناس تحتاج لبيع محاصيلها ومنتجاتها وشراء ما تحتاجه، فالشعوب لا تهاجر، في غالبيتها، بسبب ظروف الحرب، وإنما بسبب القحط.
وافق الاثنان على الاجتماع وتدارس المشروع، وكنت أتابع، أيضاً، مع الشيخ سارية الرفاعي، وكذلك مع الأستاذ عصام العطار، ورجال الأعمال، كلّ على حدة. ووافق الجميع على الاجتماع، واجتمعنا في 9 مارس/ آذار 2013، بحضور ممثلين عن مجلس رجال الأعمال، عبد القادر سنكري وخالد المحاميد ومازن الصواف ومنذر أقبيق، وموافقة من الأستاذ العطار على معرفة فحوى الاجتماع، نقله له عدنان وحود، وحضر برهان غليون وميشيل كيلو والشيخ سارية الرفاعي وولده عمار، مع حفظ الألقاب للجميع، وناقشنا بكل ود المشروع وراق الجميع. وانتهت الاجتماعات التي دامت يومين متتاليين، واستُكملت على "السكايب" لمدة أسبوع كامل، بعد مغادرة البعض لارتباطاتهم.
إذن، ما الذي حدث، ولماذا انهار المشروع، وأصبحتُ من وجهة نظر ميشيل شبّيحاً فضائياً، وربما يشاركه الرأي بعض ممن حضر.. فجأة تغير نَفَسُ رجال الأعمال، ودخلت البلبلة في صفوف المجلس، في ظل عدم إدراكي السبب الحقيقي، وقررت متابعة المشروع بنفسي منفرداً، لأكمل ما بدأت به، وأضفت عليه المدارس ومركز تعليم اللغات ومشغلاً ودعم بعض تجمعات القوى المدنية، كمجلس القضاء الحر ومشافي ومراكز طبية، كلها شواهد قائمة على ما ذكرت.
بعد نحو شهر، أعتقد أواخر إبريل/نيسان، اتصل بي ميشيل، وطلب مساعدتي في تغطية إعلامية لفعالية مؤتمر الديمقراطيين الذي افتتحه في القاهرة، وفعلاً طلبت من الزميل محمد منصور، وكان آنذاك ضمن كوادر "أورينت" متابعة التغطية. فاتصل بي من القاهرة، ليخبرني أن اسمي موجود في قائمة المشاركين في المؤتمر، وأن كثيراً من المدعوين يظنون أنني خلف هذا المؤتمر. فطلبت من منصور إبلاغ ميشيل أن هذا عمل لاأخلاقي، وأني منزعج من هذا التصرف، وأن عموم السوريين يعرفون أني قررت، منذ لحظات الثورة الأولى، عدم دخول دهاليز العمل السياسي، على الأقل في هذه المرحلة. واتصلت بالأخ فايز سارة، أحد منظمي المؤتمر، وأكدت له أن مشاركة مراسلي "أورينت" في أي مؤتمر، هي محض عمل إعلامي، وإثبات مشاركتي هو حضوري الشخصي، واضطررت إلى إصدار بيان لطيف، ينفي علاقتي بالتكتل الديمقراطي، أو غيره.
بعد ذلك خَفَتَ تواصلُ ميشيل معي، فظننت أنه مشغول في مشروعه الجديد، وعندما ترشّح وكتلته للائتلاف ونجح، وحينما رأيت منذر أقبيق، وغيره في تكتل كيلو في "الائتلاف"، علمت السبب الحقيقي وراء هروب مجلس رجال الأعمال من المشروع، يبدو أن ميشيل أعطاهم ضماناً لمستقبلهم السياسي، بتكاليف بسيطة لفرد واحد، بدلاً من تكاليف كبرى، يستفيد منها عموم السوريين!
"
مع تحوّل ميشيل من كاتبٍ إلى سياسي في "الائتلاف"، أوقفت إدارة "أورينت" دفع أي مبلغ مالي عن نشاطه الإعلامي مع مؤسسة أورينت للإعلام، لأن الأورينت تطبق معايير المهنة الإعلامية، حسب ميثاق المهنة بعدم جواز دفع مبالغ مالية لمن له منصب سياسي، أو حزبي،
"
مع تحوّل ميشيل من كاتبٍ إلى سياسي في "الائتلاف"، أوقفت إدارة "أورينت" دفع أي مبلغ مالي عن نشاطه الإعلامي مع مؤسسة أورينت للإعلام، لأن "أورينت" تطبق معايير المهنة الإعلامية، حسب ميثاق المهنة بعدم جواز دفع مبالغ مالية لمن له منصب سياسي، أو حزبي، إنما فقط للمحللين والكتاب، فالأول دخل عالم الدعاية السياسية، والثاني هذه مهنته التي يعتاش منها، وعدم جواز عمل أي إعلامي يدخل في العمل السياسي، أو التحزبي. لكن، للأسف، كثير من وسائل الإعلام العربية لم تعد تلتزم بهذا الميثاق، وأنا و"أورينت" لم نخرقه يوماً، وأتحدّى أني دفعت لسياسي، أو حزبي سوري، أو غير سوري، فلسا واحداً، واضطرت "أورينت" لفصل عدد من الإعلاميين، بسبب انتسابهم للكتل السياسية!
بعدها، بدأ ميشيل يتجنب الظهور على تلفزيون "أورينت"، والتحرش بالمراسلين ومهاجمتي!؟ واليوم ينعتني جهاراً بالشبّيح الطائفي الفضائي، وكان قبلها يحني قامته الممشوقة، ليقبل رأسي!
سيد ميشيل! أنا أو "أورينت"، وضيوفها من ناشطين ومحللين، عندما ننتقدك، وسواك، سلباً أو إيجابا، ننتقد أداءكم السياسي، وليس لون عيونكم، أو بشرتكم، أو نسبكم، لأنكم في مركز قرار سياسي، ولستم مواطنين، لكم حياتكم الخاصة التي لا علاقة لها بالشأن العام. هل سمعت أنني أو "أورينت"، انتقدنا مواطناً، أو مواطنة، في حياتهما الخاصة؟ وهذا فيما لو حدث، فإنه يخضع لمحاكمةٍ بالتشهير، يكسبها أي مدع ضد أي وسيلة إعلامية من الجلسة الأولى. أما السياسي، أو الشخص العامل في الشأن العام، فلوسائل الإعلام الحق الكامل في متابعة أنشطته، وكفلت كل القوانين الدولية حق الإعلام بالاطلاع على المعلومة ونقاشها، أليس كذلك يا مُدرّس الإعلام في جامعات البعث؟
كنت سأصدق تهمك، وأناقشها بجديّة، بأن "أورينت" طائفية، وأنا وهي شبّيحة فضائيون، لو لم تظهر عليها عشرات المرات، وتكتب بها وتقبض منها آلاف الدولارات، فهل كانت طيلة عام 2012 و2013 فترة عملك لها، غير طائفية وغير تشبيحية، وتحوّلت طائفية، بعدما أوقفت مدفوعاتها لك؟!".

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

الحقائق الغير معلنة لما يجري في سوريا

السلطة الرابعة  - صفحة 2 353991

فواز تللو 

انتشر مؤخراً كثيرٌ من اللغط عن المواقف بعد العدوان الروسي الأخير وما رافقه من تصريحات أمريكية عن دراسة تقديم دعم للمعارضة ووقف برنامج تدريبها ومناطق الحظر الجوي وتحالفات جديدة وهمية وغيرها، لذلك كان لابد من عرض الحقائق لما دار في الكواليس والربط بينها، حقائق سبقت ورافقت العدوان الروسي وخلفية تلك التصريحات لفهم ما يجري وإلى أين تتجه الأمور بالتركيز على الحقائق والفعال لا التصريحات المضللة لذلك كان لابد من عرض هذه الحقائق:
لم يعد بإمكان إيران تمويل شراء طائرات وأسلحة حديثة للنظام الطائفي الأسدي لمقاومة تدخل جوي عربي تركي محتمل يسعى له التحالف السعودي التركي لقيام منطقة آمنة وقتال داعش كمقدمة لصدام جوي مع النظام لا قدرة له على مقاومته، وجاء تدفق اللاجئين على أوروبا ليشكل ضغطاً باتجاه فرض هذه المناطق الآمنة ساعده تخوف تركي من استكمال للشريط الحدودي الكردي في الشمال السوري.
لم توافق إسرائيل على تسليم النظام الأسدي أسلحة حديثة جداً من طائرات وصواريخ ومضادات طائرات، بينما كان بوتين جاهزاً وراغبا بالتدخل من أجل الاعتراف بموقع روسيا كقوة عالمية ليحقق مكاسب في أوروبا وليحصل على حصة من غاز سوريا، فكان الاتفاق على أن تأتي روسيا بطائراتها وطياريها ومضاداتها وصواريخها وأسلحتها الحديثة ليعملوا “بالأجرة” مع تقاضي ثمن قنابلهم وصواريخهم، فذلك أمر يمكن لإيران تمويله، كما طمأن بوتين لنيتينياهو في زيارته الأخيرة بأن الروس هم من سيشغل هذه الأسلحة الحديثة ولن تصل ليد “الولد” ولا معلمه الإيراني والأهم أنها ستستعمل حصراً ضد السوريين.
طمأن أوباما بوتين استمرار عرقلة الناتو أي طلب تركي لفرض مناطق حظر جوي في سوريا حتى بحجة قتال داعش بذريعة التمسك بالحل السياسي!!! كما أبلغ أوباما بوتين تخوفه من انهيار النظام الأسدي عسكرياً مما لن يسمح بتمرير الحل السياسي الذي يفترض النظام ورئيسه شركاء في الوصول له كما اتفق بوتين وأوباما وأتباعه الأوروبيين العاجزين إلى حل سياسي لابد أن يرسم حدود التقسيم تحت مسميات اللامركزية والفيدرالية بما يحمي النظام ومؤيديه من العدالة باعتبارهم أقليات يجب حمايتها، ترافق ذلك مع تداعي قدرة التدخل الإيراني عبر الميليشيات التي تدعمها والسلاح والإشراف العسكري الذي تقدمه‘ تداعي قدرته على إنقاذ النظام الذي بدأ هو وحليفه الإيراني بالتداعي عسكريا وهو أمر أثار هلع “أوباما”.
كل ذلك فهمه بوتين ضوءً أخضر له من أوباما للتدخل تحت حجة مسمار جحا في سوريا المتمثل بـ “محاربة داعش والإرهاب”، وليقوم الروس أيضاً بضرب جبهة النصرة وبعض التشكيلات الثورية الإسلامية بعد تصنيفهم كإرهابيين، ضربهم بالوكالة عن الأمريكيين بسبب الحرج إن ضربها الأمريكيون كونها تقاتل النظام وداعش ولم تعلن لحظة نيتها الاعتداء على الغرب، ويمثل هذا الأمر عملياً محور التنسيق الذي سيبدأه الأمريكيون والروس تحت مسمى “تنسيق العمليات في سوريا تجنبً للصدام عن طريق الخطأ”.
تجاوز الروس التفويض الأمريكي ليضربوا كل معارضي النظام وهو ما أحرج أوباما فقامت القيامة عليه داخل الإدارة الأمريكية فاضطر إلى إعلان دراسة إمكانية إرسال مساعدة للثوار خاصة بعد أن بدأت كل من تركيا والسعودية وقطر وبعد بدء العدوان الروسي بالتمرد على فيتو أوباما الذي يمنع تسليح الثوار، أيضاً ووسط الانشغال بالتدخل الروسي وبصمت الرضى الأمريكي بدأ الإيرانيون في إطلاق آخر ما في جعبتهم بإرسال آلافٍ من قواتهم لتقاتل مباشرة في سوريا بعد أن كان الأمر يتم عبر مستخدميهم اللبنانيين والعراقيين والأفغان، في محاولة لتحقيق توازن مفقود لصالح الثورة السورية وسط صمت أمريكي أثار حفيظة الأتراك والسعوديين وارتباكهم لوقعهم تصاعد العدد إلى عشرات الآلاف من الإيرانيين.
يحاول أوباما من خلال التصريحات غير المحددة عن تقديم مساعدة للثوار، يحاول التحكم بتسليح الثوار الذي ترغب السعودية وتركيا بتقديمه للثوار، بهدف عرقلته ليُفقده إمكانية قلب الموازين على الأقل، تماماً كما حصل منذ أول غرفة عمليات تم تشكيلها ربيع عام 2012 مروراً بهيئة الأركان 2013 وصولاً إلى غرف عمليات الموك 2014-2015 في تركيا والأردن والتي تشرف على التسليح المحدود جداً والانتقائي جداً للثوار ويتحكم بها بشكل كامل ويعرقل العمل فيها المندوب الأمريكي من بين أحد عشر مندوباً عربياً وإقليمياً ودولياً.
لا زال أوباما يصارع كل إدارته تقريباً بمن فيهم وزيري الخارجية والدفاع لرفضه مساعدة تركيا في إقامة مناطق حظر جوي في الشمال السوري لقتال داعش كي لا تقدم تركيا أي دعم جوي للثوار هناك، وهو ما سيسمح بسقوط المنطقة المتبقية مع الثوار بيد داعش وهو ما بدأ فعلاً بهجوم داعش على بعض مناطق الثوار في الشمال الذين كانوا يتعرضون لقصف روسي أسدي أدى لانسحابهم وتقاسم النظام وداعش لهذه المناطق، وكل ذلك ليبرر أوباما بعدها تقديم الدعم فقط للميليشيات الكردية الانفصالية لتستولي على الجزء المتبقي الذي يأمل أوباما سقوطه بيد داعش، علماً أن الميليشيات الكردية تابعة عملياً للنظامين السوري والإيراني وتتلقى التسليح منهما بينما تتلقى المساندة الجوية من التحالف الأمريكي، مما سيعني استكمال الشريط الشمالي للكانتون الانفصالي الكردي مع طرد السكان العرب من مناطقهم لافتعال واقع ديموغرافي جديد كاذب يقول أن كل الشمال السوري هو منطقة وجود كردي تاريخي خالص، علماً أن معظم الكرد في تلك المناطق هاجروا إلى سوريا خلال النصف الأول من القرن الماضي نتيجة الاضطهاد الذي تعرضوا له في دول مجاورة وتوزعوا على مناطق متفرقة شمال سوريا وشكلوا أغلبية فقط في مناطق تواجدهم غير المتصلة جغرافياً.
هنا أيضاً بدأ الترويج لتحالفات وهمية بين قوى عسكرية كردية مع قوى عربية وسريانية هامشية تابعة عملياً للنظام السوري كما بدأ الترويج لهم بأنهم “معارضة”!!! لتبرير تزويد الأمريكيين للميليشيات الكردية بشكل مباشر بالسلاح والذي بدأ مؤخراً عملياً بإلقاء عشرات الأطنان منه لهذه الميليشيات الكردية في منطقة الحسكة بحجة قتال داعش بينما بات واضحاً أن الهدف الرئيسي هو مساعدتها على الاستيلاء على ما تبقى من الشمال السوري وفصل الداخل السني العربي عن تركيا، مع العلم أنها ميليشيات كردية تابعة للنظام السوري يقودها نظرياً صالح مسلم بينما يقودها عملياً حزب العمال الكردي “التركي” المصنف عالمياً كحزب إرهابي ويشكل مقاتلوه الكرد الأتراك القوة العسكرية والسياسية التي تقود وتحكم وتقاتل في سوريا ليبقى الكرد السوريين مجرد واجهة إعلامية وسياسية ودريئة سهلة في الخطوط المتقدمة في ميادين القتال، تماماً كما يدفع النظام الأسدي الطائفي المجندين السنة في الجيش إلى المقدمة تحت التهديد بالقتل إن فكروا بالانشقاق أو التراجع.
بدأ التنسيق العسكري المباشر ما بين هذه الميليشيات الكردية الموالية للنظام وكل من الروس والأمريكيين مما كشف التواطؤ الواضح بين هذه الأطراف الثلاثة مع وجود النظام الأسدي في خلفية المشهد حيث يتواجد أمنياً وعسكرياً وسياسياً وإدارياً على كامل الكانتون الكردي الانفصالي الذي أطلق على نفسه وقواته “سوريا الديموقراطية”!!!، وهو أمر أثار حفيظة الأتراك الذين وجهوا تحذيراً شديداً واضحاً عبر استدعائهم للسفيرين الأمريكي والروسي في أنقرة وتحذيرهم من أي محاولة للاستيلاء على ما تبقى من الشمال السوري خاصة أن تلك الميليشيات قد أظهرت تواطؤاً واضحا مع النظام السوري لفك الحصار عنه في حلب وتستعد لخوض القتال إلى جانبه في المعركة المتوقعة بعد التدخل الروسي والإيراني المباشر.
كان لقاء وزير الدفاع السعودي الأخير مع بوتين في زيارة “التحذير الأخير” التي تسبق المواجهة، فالسعودية المترددة نتيجة الفيتو الأمريكي والتي تستشعر الغدر من أوباما منذ الاتفاق النووي مع إيران، فوجئت بالعدوان الروسي فكان قرارها السريع بتسليح مجموعات محددة من الثوار بكميات من مضادات الدروع بينما تعمل هذه المجموعات جنباً إلى جنب مع أخرى يصنفها أوباما بالإرهابية كجيش الفتح الذي يقوم عملياً بالجهد القتالي المباشر للمشاة على هذه الجبهات التي تغطيها المجموعات المدعومة “سعوديا – تركيا” بمضادات الدروع الحديثة، وهو ما بدأ فعلاً (أي التزويد بمضادات الدروع) بشكل خجول لكن فعال نسبياً سمح بصد الهجمات “الأسدية الإيرانية الروسية”، مع إنذار السعودية للروس بتزويد المعارضة بمضادات الطيران وكميات كبيرة من السلاح، وهي أمور أثارت هلع بوتين الذي استنجد بأوباما محذراً من وقوع هذا السلاح في أيدي “متطرفين” داعياً إياه لحلف يضم النظام الأسدي وحلفاؤه ولو على مراحل لمحاربة “الإرهاب” ملمحاً لحل سياسي لا يقره السعوديون الذين أكدوا على قرارهم الواضح بضرورة “رحيل رئيس النظام حتى بالعمل العسكري الذي لا شك عندهم في نتيجته”ً.
أعطى التفجير الإرهابي الأخير في أنقرة الأتراك فرصة جديدة لقتال داعش في سوريا وفرض المنطقة الآمنة والتي ستؤدي لمواجهة عسكرية مع حزب العمال الكردي الإرهابي لكن في سوريا هذه المرة، وذلك بعد أن استغلوا التفجير الإرهابي الذي سبقه في ديار بكر ورد فعل حزب العمال الكردي عليه بقراره معاودة العمليات الإرهابية في تركيا، استغله الأتراك لضرب حزب العمال في تركيا والعراق.
على هامش كل ما يجري من مواجهة عسكرية سقطت فيها الأقنعة وأظهرت التحالفات والأهداف الحقيقية لكل الأطراف غير السورية، بدأ دي ميستورا بالتحرك لعقد جنيف 3 بمباركة روسية أمريكية ومشاركة إيرانية مباشرة من موقع قوة تفترضه بعد التدخل الروسي، ومشاركة تركية سعودية من موقع ضعف يتمناه “أوباما – بوتين”، حل سياسي يهدف عملياً إلى تثبيت تقسيم سوريا وفق ما ستصل له الأمور عسكرياً على الأرض كما يسعى الروس بتدخلهم، وفق صيغ الفيدرالية واللامركزية بما يضمن تقسيم الموارد والأراضي السورية المفيدة بين النظام الطائفي والكرد وبعض الأقليات برعاية روسية وسيطرة إيرانية مباشرة مع إضعاف السنة وإتباع مناطقهم الداخلية اقتصادياً وسياسياً لدول الجوار في استعادة للتقسيم الذي حاولته فرنسا عام 1923 مع تعديلات جذرية على حساب العرب السنة.
أيضاً على هامش الهامش، باتت المعارضة السورية السياسية بتشكيلاتها وشخوصها المختلفة خارج الساحة بعد أن فاحت رائحتها فساداً وارتزاقاً وفشلاً سياسيا وبدأت اليوم بالتراكض لمقعد في أي طبخة دولية مهما كانت فاسدة، أما المعارضة العسكرية ففي مكان آخر وخارج تأثير حتى القوى الداعمة كتركيا والسعودية المترددتين، وتخوض المعركة كما النظام السوري وحلفائه وفق الخيار الصفري أي كل شيء أو لا شيء بعد أن فهمت مؤامرة تهجير السنة وإنهاء وجودهم وتأثيرهم في سوريا وتثبيت النفوذ الإيراني في المنطقة.
كان ذلك جانباً من الحقائق التي يمكن الوصول لها من خلال الاطلاع على بعض كواليس الاجتماعات والمواقف وما يجري على الأرض والتحليل والربط والقراءة السياسية، لتكتمل الصورة ونفهم العلاقة والتكامل ما بين الأسدي والإيراني وأوباما وأدواتهم الكردية واللبنانية والعراقية والأم الرؤوم لكل هؤلاء إسرائيل، بمراقبة الأفعال لا التصريحات، فالصراع في سوريا دخل مرحلة “عالمية” ستعني المزيد من الدماء والخراب والوقت للسوريين والمنطقة والعالم الغربي، صراع سيقود لنهاية مريعة للنظام ومؤيديه في سوريا لمن يقرأ التاريخ والسياسة والواقع والثورة السورية وتطورها وتأقلمها ثم انتصارها على كل عدو جديد، فسوريا لن تُقسم والنظام ومعسكره سُيهزمون، أما المعاناة فهي آلام الولادة الجديدة لسوريا الحرة الموحدة بإذن الله.

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

عندما "حرد" محمود الزعبي.. عن "دولة المؤسسات" في سوريا

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Headshot

أخبرني ضابط أمن مجلس الوزراء أن محمود الزعبي "حردان" ويرفض العودة إلى مكتبه، وأن العماد حكمت الشهابي رئيس الأركان يرى أن نقنعه بالعودة، وبالتالي يتوجب عليّ أن أذهب فوراً إلى منزله وأن لا أعود إلا إذا سبقني إلى مكتبه.
قلت له أنت تعرف أن علاقتي الرسمية به لا تسمح لي بالذهاب إلى بيته إلا إذا طلبني هو إلى هناك، كما كان يحدث بين وقت وآخرعندما يكون هناك أمر يتطلب ذلك. فكان رده: اذهب دون تردد لكي لا يندم على فعلته لأن "الحرد" ممنوع عند حافظ الأسد ونتائجه كارثية.
وصلت إلى منزله وأدخلني الحرس إلى غرفة الاستقبال الجانبية، وبعد دقائق دخل محمود الزعبي مرتديا "الجلابية"، مرحِّبا، ولكن باستغراب من مجيئي إلى بيته، لأنه لم يطلبني.
بعد أن قُدمت لي القهوة، سألني بارتباك عن الطقس، ثم عن أحوالي الشخصية والعائلية، منتظرا معرفة سبب الزيارة المفاجئة.. فقلت له بشكل مباشر: البريد تراكم في مكتبك وينتظر توقيعك والوزراء يسألون عن مصير كتب إيفاد سفر للخارج لحضور اجتماعات ومؤتمرات و.. هنا قاطعني، وقال: ألا ترى أنك قد تجاوزت حدودك!! قلت: أبدا بل عليك الآن أن ترتدي ملابسك وتسرع إلى مكتبك.
هنا أدركت ومن ملامح وجهه أن الرسالة قد وصلته، وبدا وكأنه تلقى "دوش بارد"، فقال لي بلهجة رقيقة وحزينة: حسنا عد إلى مكتبك وسأذهب حالا.
القصة وما فيها أن مفلح الزعبي، دخل كعادته في مشاجرة مع عدد من رواد أحد المطاعم، وكانت الشكاوى حول سلوكه لا تنقطع، لأنه يتطاول على الصغير قبل الكبير، وكان قبل أيام من ذلك قد أصر على تدخين السيجار في إحدى رحلات "السورية للطيران"، رغم اعتراض الركاب ومضيفي الطائرة فتقرر تأديبه.
عندما كانت تقع مثل هذه الحوادث قبل أن يصبح بشار الأسد وليا للعهد، كان باسل الأسد يستدعي مفلح الزعبي ويوبخه ويهدده، بل ويفرض عليه عقوبات مختلفة، منها سحب بعض السيارات الموضوعة تحت تصرفه، وكان يقول له أيضا إن شقيقك همام مؤدب ونحبه ونحترمه، فلماذا تسيء لأهلك، ولنا جميعا بسلوكك الأرعن؟
في ذلك اليوم تولى بشار الأسد بيده تأديب مفلح الزعبي، فأرسل دورية جاءت بمفلح إلى "الطاحونة" وهو مركز للتحقيق والتعذيب يتبع الحرس الجمهوري، ويقع خلف مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين وسط دمشق، واستخدم لذلك قضيبا من الحديد ترك آثاره الدامية على جسده وهو الأمر الذي لم يتحمله محمود الزعبي فقرر أن يحرد في بيته وأن لا يعود إلى مكتبه.
بعد يومين من عودة الزعبي إلى مكتبه استدعاني وقال: لن أنسى لك أبدا ما قدمته لي عندما ذهبت إلى بيتي لإقناعي بالعودة إلى المكتب، وأمس جاء بشار إلى منزلنا وتناول الإفطار الرمضاني معنا بعد أن قبًل مفلح ورطب خاطره بكلمات طيبة..
مسلسل الاغتيالات لم يتوقف.. وبعد فترة قصيرة من مقتل والده توفي همام الزعبي، وقيل إن سبب الوفاة يعود إلى تناوله "جرعة كبيرة" من المخدرات، ولكن أحد ‏المقربين من عائلته أكد أنه قتل بسبب تفوهه بـ"جرعة كبيرة" من الكلام حول ظروف مقتل والده، واتهامه الصريح لبشار بقتله.‏
بعد فترة قصيرة أيضا من مقتل محمود الزعبي جاء من يخبر بشار أن زوجته اضطرت لبيع مقتنيات منزلها لتؤمن مصروف العائلة، فكان جوابه أنها تستطيع تأمين مصروف عائلتها من الأموال التي نهبها مفلح الزعبي، ونسي أنه - بشار- يستطيع تأمين مصروف آل الأسد وأحفادهم وأقاربهم لعشرات السنين فقط من مليارات الدولارات، التي ورثها وعائلته من الأموال التي نهبها باسل الأسد ومنها الـ 13 مليار دولار، التي تم استرجاعها من بنوك النمسا بعد مقتله وهي المليارات، التي اتهم محمود الزعبي بفضحها، وكانت سببا رئيسا في مقتله، طبعا عدا المليارات، التي نهبتها عائلة الأسد خلال نحو نصف قرن من الزمن.
بشار الذي تولى بيده تأديب مفلح الزعبي، لم يفعلها مع أبناء عمومته وبقية الشبيحة من عائلته، الذين كانوا يروعون الناس ويعتدون على أملاكهم وأعراضهم ولم يفعلها أيضا مع ابن خالته عاطف نجيب، الذي قلع أظافر أطفال درعا بعد أن كتبوا على جدران مدرستهم "أجاك الدور يا دكتور"، بل قال لوفد وجهاء حوران، الذين استدعاهم الى القصر الجمهوري: هناك قضاء عادل وتستطيعون من خلاله تحصيل حقوقكم، وهذا كل ما أستطيع فعله لكم، لأننا في "دولة مؤسسات" ولكنه نسي دولة المؤسسات هذه عندما تولى بنفسه ضرب مفلح الزعبي و"دولة المؤسسات" هذه هي التي تقول روسيا وغيرها من دول الشرق والغرب إنه يجب الحفاظ عليها لكي لا تنهار الدولة السورية.
بشار لم يفعلها أيضا مع ابن عمه سليمان الأسد قاتل العقيد حسان الشيخ، بل أطلق سراحه وترك الأمر لـ"دولة المؤسسات"، التي تم اختزالها بزيارة قاسم سليماني إلى دار العقيد حسان الشيخ، ومعه رشوة بعشرة ملايين ليرة سورية للكف عن المطالبة بمحاسبة سليمان الأسد.
ولكن وللانصاف فعلها بشار عندما كلف اللواء عبد الفتاح قدسية بتأديب أصف شوكت على طريقة شيوخ "الكتاتيب" الذين كانوا يعتمدون "الفلقة" لتأديب الأطفال المشاغبين وفعلها أيضا عندما كلف العميد أديب شحادة بتأديب اللواء رستم غزالي الذي خرج عن "النص" قبل أن يجهز عليه بحقنة في مشفى الشامي، وربما فعلها في عشرات من الحالات الأخرى التي لم نسمع بها.
ولكن لماذا تولى بشار الأسد بنفسه تأديب مفلح الزعبي بقضيب من الحديد، بدلا من توكيل هذه المهمة لمرتزقته في مركز التعذيب التابع للقصر الجمهوري؟
الإجابة تأتي عندما يتذكر كل من يعرف كيف كان باسل الأسد يتولى بنفسه تأديب بشار بالعصا بعد كل خطأ يرتكبه وكانت الأخطاء تتكرر يوميا!

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

العشاء الأخير وبلاي ستيشن بشار الأسد

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Headshot

لا أتحدث هنا عن العشاء الأخير الذي احتفل به السيد المسيح مع تلاميذه وفقاً لـ"العهد الجديد" والذي أعلن فيه أن أحدهم على وشك خيانته فوقع الاضطراب في نفوس التلاميذ، بل عن جلسة المحاكمة التي أجراها بشار الأسد لوالده خلال مرضه وقبل وفاته.
صبيحة اليوم التالي اتصل حافظ الأسد بـالعماد حكمت الشهابي ليروي له بأسى كيف أن بشار لم يراع علاقات الأبوة وما تقتضيه من احترام ولا الحالة الصحية التي كان يمر بها ليبدأ وعلى مدى ساعات طوال بتقريعه ولومه على إهماله له وتفضيل إخوته عليه وأنه لولا التعويض العاطفي الذي كان يحصل عليه من أمه أنيسة لكانت أموره قد ساءت كثيراً.
عندما روى العماد حكمت لصديق مقرب منه ما جرى في تلك الليلة لم يذكر تفاصيل المحاكمة التي استمرت حتى مطلع الفجر أو ربما لم يشأ الصديق المشترك ان يطلعني على التفاصيل ولكنني أدركت خطورة الأمر بعد ذلك عندما رفض العماد حكمت تولي رئاسة الوزارة بعد إقالة محمود الزعبي ومن ثم اتخاذه قرار المغادرة أو لنقل الفرار الى امريكا خشية ان يتعرض لمثل ما تعرض له حافظ الاسد في "عشائه" الاخير مع بشار. وأحدهم الذي كان على وشك خيانة السيد المسيح -يهوذا الاسخريوطي- لم يكن سوى بشار الاسد في امسيته الطويلة تلك مع ابيه.
يومها قرر العماد حكمت الشهابي الفرار من سوريا وتوجه الى بيروت ونام ليلتها في منزل رفيق الحريري ثم قاد به السيارة في اليوم التالي الى مطار بيروت ليستقل طائرته متوجها الى امريكا ووقتذاك قامت قيامة بشار ولم تقعد ليس على العماد حكمت فحسب بل على رفيق الحريري الذي "خانه" على حد تعبيره بمساعدة العماد حكمت على الفرار ولم يتوقف غضب بشار إلا عندما تمكن من الانتقام وقتل رفيق الحريري.
رفيق الحريري الذي قتله بشار هو من عمل وزيراً لخارجية حافظ الاسد طوال اشهر عديدة من خلال علاقاته العربية والاقليمية والدولية لفك العزلة بل الحصار الدولي الذي كان مفروضا على النظام بل هو من من أدخل بشار الى قصر الاليزيه مكرماً من قبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك قبل أن يصبح رئيساً، وهو أمر استثنائي لا يستطيع انجازه سوى شخص بمكانة رفيق الحريري.
ومحاكمة بشار لأبيه تكررت مع رفيق الحريري أيضاً خلال استقبال بل استدعاء بشار له وتهديده بالقتل إن لم ينفذ تعليماته. وروى رفيق الحريري ذلك كله لـوليد جنبلاط وفؤاد السنيورة ومروان حمادة وللرئيس شيراك أيضاً وتفصيل ما جرى في تلك المحاكمة في عهدة المحكمة الدولية التي تشكلت لمحاكمة قتلة الحريري ورفاقه.
في مدرسة "اللاييك" في دمشق كان بشار الاسد لا يفتأ من التكرار أمام بعض زملاء صفه انه يستطيع القفز من سطح بيته في قصر المهاجرين الى الأرض دون ان تنكسر قدمه وأن أي وزير يحاول ذلك ستتسبب محاولته في كسر رجله، ولكن ابن عمه فواز الأسد كانت له وجهة نظر أخرى لأنه كان يقول عندما تنعقد المقارنة بين بشار وعمه رفعت الأسد وأيهما الأولى بالرئاسة: عمي رفعت يستطيع عندما يقود الطائرة أن "يشقلبها" في الجو بينما سيتسبب بشار في كسر رجله إذا حاول ركوب البسكليت (الدراجة العادية)!
ولأن بشار يستطيع القيام بهذا الفعل البطولي فإنه يستحق رئاسة الجمهورية وقبل استلامه الرئاسة كان يكرر وبتصريحات صحفية انه يطمح لرئاسة الجمهورية لذلك كله كان يكره شقيقه باسل ويحقد عليه لأنه الوريث الذي يجري تحضيره، وكان يحقد على بشرى لأنها كانت الاقرب الى إذن والده بحكم إشرافها المباشر على وضعه الصحي ما يمنحها مساحة كبيرة في قلب حافظ الاسد وحيزا كبيرا من وقته ايضاً.
قبل ان يدفن جثمان باسل الاسد ومقابل سرادق العزاء في القرداحة الذي كان يستقبل به حافظ الاسد الوفود العربية والدولية التي جاءت لتقديم واجب العزاء فوجئ المعزون وقبل دفن باسل بمظاهرة احتفالية لمئات من افراد قوات الحرس الجمهوري وكانوا يحملون بشار على اكتافهم وينادون به ولياً للعهد خلفاً لباسل وكان بشار يضحك فرحاً ويوزع الابتسامات يميناً وشمالاً ويشير بقبضة يديه معلناً انتصاره. يومها مرت شقيقته بشرى الاسد وعلامات الذهول والاستغراب والاحتقار ترتسم على وجهها من المسرحية التي تجري أمامها وهمست في أذن أحد الاصدقاء ثم انصرفت مهرولة لتبتعد عن هذا المشهد المخزي. يومها رفض الصديق ان يقول لي بما باحته له في تلك اللحظة، ولكنني قدرت انها تريد ان تقول إن الكوارث ستأتي بوجود مثل هذا "الاخرق" عندما يستلم سدة الحكم.
في القمة العربية في شرم الشيخ 2003 وبعد إلقاء بشار لكلمته التي استعرض فيها وصال وجال كمعلم مدرسة ابتدائية يلقي الدروس والمواعظ حول سبل إصلاح الوضع العربي استشاط معمر القذافي غضباً وقال قولوا لهذا الصبي أن يتوقف عن إعطاء المواعظ وأن لا يتفلسف علينا لأننا في عمر أبيه.
وكرر ذلك ولي العهد السعودي الامير عبد الله - قبل ان يصبح ملكا- بطريقة اخرى عندما اشار الى الطريقة غير المؤدبة التي يتحدث بها بشار وكيف يلوح بيديه يميناً وشمالاً وصعوداً ونزولاً كصبي في الحضانة.
ذات يوم ارتبكت مراسم القصر الجمهوري ولم تعرف كيف تتصرف عندما تلقى بشار اتصالاً في ساعة متأخرة من الليل من زعيم عربي وأدركت المراسم أهمية مثل هذا الاتصال الذي يأتي في مثل هذا الوقت المتأخر، ويومها أبلغت المراسم من يلزم في قصر بشار بوجود هذا الاتصال، فقيل لها انه مستغرق في اللعب في "البلاي ستيشن" ولا يمكن لأحد أن يقتحم خلوته هذه وعندما ألحت المراسم في الطلب كان الجواب: عندما يلعب "البلاي ستيشن لا يمكن لأحد مقاطعته وعليكم ان تبلغوا المتصل بذلك.. أي أنه يلعب "البلاي ستيشن" وليس أي عذر آخر.
بعد أسابيع من اندلاع الثورة السورية ارسل الملك السعودي عبدالله مبعوثا الى بشار الاسد وقال له إن العاهل السعودي سيمده بالمال اللازم للقيام بالإصلاحات المطلوبة لمعالجة ما يجري من أحداث وقدم له شيكاً، ويومها قرأ بشار الرقم وقال إنه لا يكفي لتنفيذ المطلوب، فوعده المبعوث خيراً. وقال له إن الدعم لن يتوقف والمهم الآن هو معالجة الأمور بحكمة قبل أن تتحول المظاهرات الى ثورة عارمة. والذي حدث بعد رحيل المبعوث هو أن بشار أعطى إيعازاً بإطلاق المزيد من النار على المتظاهرين بل باستخدام الدبابات لقمع الانتفاضة، ما أدى الى تغير الموقف السعودي وإعلان انحيازه لثورة الشعب السوري.
قبل أن ينتهي لقاء المبعوث السعودي التفت الى بشار وقال له همساً: سيادة الرئيس هناك أمر مهم طلب مني إبلاغك إياه وأنا في حرج الآن مما سأقوله.. الأمريكيون يقولون إنك تسهر يومياً الى الصباح وأنت تستعرض أفلام ال...!! هنا استدار بشار وقال ضاحكاً: هل يعرف الأمريكيون ذلك.. وكررها مرات ثلاث!

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

سر تعلق حافظ الاسد بالتاريخ والمؤرخين!

السلطة الرابعة  - صفحة 2 2GYVgshk_bigger

في بيت عيسى درويش اكتشفت سر تعلق حافظ الاسد بالتاريخ وتركيزه على هجرة القبائل العربية من اليمن والحجاز الى بلاد الشام، وهذا التعلق جعل حافظ الاسد وعلى مدى سنوات طوال لا يتوقف عن استدعاء المؤرخين وتخصيص جلسات مطولة للبحث في هذا الشأن.
في مطلع الثمانينات كنت مشاركا في دورة إعلام نفطي في الكويت اقامتها منظمة "الأوابك" العربية، دعاني عيسى درويش الى العشاء في بيته وكان يومها سفيرا هناك، وروى لي وقائع سهرته "التاريخية" مع حافظ الأسد خلال زيارته للكويت.
بعد أن جلدني لأكثر من ساعتين باجباري على الانصات للاستماع الى مقطوعاته الشعرية الجديدة، كما كان يفعل مع غيري من زواره ويصر على تسخيف "الرفاق" البعثيين الذين يتطاولون على "مملكة" الشعر، بل وصلت مغامرته الشعرية الى حد شراء شهادة دكتوراه أعتقد أنها كفيلة باقناع حافظ الاسد أنها البديل عن السترة العمالية "الخاكية" التي كان يرتديها الرفاق لتأكيد يساريتهم الراديكالية على الطريقة الكوبية، لأنه كان يريد فك الارتباط مع القيادة "اليسارية" التي زج بها حافظ الاسد في السجن بعد انقلابه على الرفاق البعثيين عام 1970.. اقول بعد حفلة الموشحات هذه بدأ عيسى يروي لي تفاصيل ذلك اللقاء "التاريخي" مع حافظ الاسد، والذي استمر لساعات طوال.
قبل تعيينه سفيرا في الكويت تبوأ عيسى درويش منصب وزير النفط والثروة المعدنية وفوجئ "الرفاق" جميعا يومها بهذا الاختيار لأنه لم يكن يعرف عن النفط ومنه سوى مادتي الكاز والمازوت، ومن الثروة المعدنية سوى أن هناك مادة اسمها الفوسفات، ولكنه لا يعرف استخداماتها وقبل ذلك كان مديرا للشركة الخماسية التي تصنع المنسوجات، اما بقية مسيرته "النضالية" اليسارية فكانت في اتحاد العمال.
قال عيسى: جاء من يقول لي إن حافظ الاسد اختارك هذا المساء لتكون جليسه، وادركت بحكم المعرفة التي تربطني به منذ اكثر من ثلاثين عاما ومنذ ان كنا "نناضل" معا في اللاذقية أنه لم يجد افضل مني للسهر معه في الكويت.‏
فاجأني حافظ الأسد - يضيف- عيسى عندما قال لي اريدك ان تحدثني عن هجرة القبائل العربية من اليمن والجزيرة العربية الى بلاد الشام، فخالجني شعور في تلك اللحظة أنها فرصتي التي لا يمكن ان تتكرر ويجب ان استغلها - اي ان تجلس مع حافظ الاسد لساعات طوال ليستمع اليك فهذا يعني ان خاتم سليمان اصبح في اصبعك - وقلت في سري إن الجائزة ستكون في المحصلة منصبا قياديا رفيعا في قيادة الحزب والدولة وكنت اعلم سر اهتمام حافظ الاسد بهجرة القبائل العربية الى بلاد الشام منذ ان قال له صدام حسين في القمة العربية في فاس عام 1982 إن آل الاسد ليسوا عربا ولا أصل لهم وإن على حافظ الاسد ان يبحث عن "أصله وفصله ونسبه" قبل أن يقول له صدام إنه سيلقنه درسا لن ينساه بسبب انحيازه لايران ودعمه لها على حساب دماء العراقيين.
طبعا كان صدام حسين يتكئ وقتها على روايات تقول إن عشيرة الاسد من بقايا الرومان في المنطقة، رغم وجود روايات اخرى تتحدث عن اصولها الفارسية، ولذلك كان حافظ الاسد يستعين بالمؤرخين ليفبرك رواية مقنعة حول أصوله العربية.
وبعد ان عرضت وعلى امتداد اكثر من ساعتين خلاصة معرفتي بهذه الهجرات دون اي مقاطعة او اعتراض او توجيه اي ملاحظة تشكك بروايتي صعقني حافظ الاسد عندما قال لي ضاحكا: هل تعرف يا عيسى انك تتحدث كما يتحدث اخي جميل!! ولكن كل ما اخشاه هو ان تكون تفعل ما فعله اخي جميل.
عندما تقرر ترحيله الى القاهرة بعد قيام الوحدة مع مصر - يقول- حافظ طلب أخي جميل أن يسكن في داري في دمشق وهذا ما كان وعندما عدت لأستقر في دمشق اكتشفت انه باع كل مفروشات البيت، رغم انني كنت قد امنت له عملا براتب شهري في إحدى شركات النسيج يوفر له متطلباته المعيشية.
طبعا لم يتحدث حافظ الأسد في تلك الجلسة عن الفظائع التي ارتكبها جميل الاسد، ولكن ثروته كانت تقدر بمئات ملايين الدولارات بالاضافة الى مئات العقارات المسجلة باسمه حصلها من خلال تشبيحه وفرضه اتاوات على التجار وشراء العقارات تحت التهديد باسعار رمزية بل انه اسس جمعية "المرتضى" لنشر التشيع بين سكان المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا وأصبح لقبه " الإمام جميل" لتكون الرديف الآخر لرابطة الدراسات العليا التي اسسها شقيقه رفعت الاسد، وبعد حل جمعية "المرتضى" نتيجة ممارساتها وتجاوزاته وخشية وقوع فتنة طائفية تحول جميل الاسد من " الإمام جميل" الى "الاستاذ جميل".
بعد ادائه لمناسك العمرة في مكة وعودته الى اللاذقية احتشد أمام منزله المئات من انصاره امام بيته لتقديم التهنئة وعندما امسك احد مريديه بكفه وبدأ يطبع بنهم عشرات القبلات تدخل احد المرافقين، وقال له: "العمى بعيونك دبحت الإمام بقبلاتك .. حل عنه" عندها تدخل " الإمام" جميل، وقال للمرافق ضاحكا: دعه يا بني .. دعه يرتوي"!
عندما وصلت ممارسات جميل وعصابته في اللاذقية الى حد لا يطاق وبدأت الشكاوى تصل الى القصر الجمهوري تدخل باسل الاسد واقتحم مع قوة من الحرس الجمهوري مقر جميل الاسد، وبدأوا بضرب من هو موجود في المكتب عندها تدخل جميل، وقال لباسل: "حسنا فعلت بتأديبهم .. الله لا يقويهم والله يخرب بيوتهم .. أساءوا لنا وشوهوا سمعتنا العطرة في اللاذقية".
بعد انتهاء مهمته في الكويت تم تعيين عيسى درويش سفيرا في القاهرة، وكانت فرصة تاريخية له لكي يجمع الاعلاميين والفنانين المصريين في شيراتون الجزيرة في القاهرة ليفرض عليهم الإصغاء الى نتاجه الشعري، الذي لا يختلف كثيرا او قليلا عن نتاج جميل الاسد، وكانوا يوافقون لكي لا يخسروا دعوات لهم للتوجه الى دمشق والاستمتاع بكرم ضيافة الحكومة السورية ودولاراتها قبل أن يعلنوا تأييدهم للمسيرة المظفرة التي يقودها حافظ الاسد، ومن ثم بشار من بعده.

السلطة الرابعة  - صفحة 2 Empty رد: السلطة الرابعة

أميركا تختار «رحيل الشعب السوري» بدل «رحيل الأسد»


الحياة- عبدالوهاب بدرخان

كشفت الولايات المتحدة عن وجهها وخياراتها وانحيازاتها في سورية: لا للشعب السوري نعم لبشار الأسد، لا للسعودية وتركيا نعم لروسيا وإيران.
لعبة الأمم وموازين القوى تنتصر للظلم في سورية. الأولوية لمحاربة الإرهاب، كما يقولون. لكن، مع «حل سياسي» كالذي تطبخه «تفاهمات كيري – لافروف»
لا تسألوا غداً لماذا هناك تطرّف، ومن أين يأتي، لأن تلك «التفاهمات» تؤسس لتوّها إرهاب «ما بعد داعش».
شطبت أميركا يوم 23 كانون الثاني (يناير) 2016 كل ما قاله مسؤولوها، بدءاً من باراك أوباما، عن النظام الذي فقد شرعيته، والأسد الذي يجب أن يتنحّى،
وأن يرحل، ولا مستقبل له… بل شطبت «بيان جنيف». لم يعد له وجود، كما أراد الروس، وكما أراد الإيرانيون. أسقطت الغموض والأوهام التي اكتنفت
«بيانات فيينا»، وسلّمت للتفسير الروسي للقرار 2254 الذي تلاشت مرجعيته لأي مفاوضات، فـ «الحل السياسي» المزعوم، وفقاً لإملاءات جون كيري
على المعارضة، يعود الى مشيئة النظام وزمرته و «معارضته» المزيفة و «النقاط الأربع» الإيرانية وأنياب «الدب الروسي». تلك كانت حصيلة
«عملية فيينا» التي ترافقت باللازمة القائلة أن أميركا لا تزال مختلفة مع روسيا على «رحيل الأسد»، غير أن لقاء كيري مع المعارضة في الرياض
أظهر أن أميركا وروسيا اتفقتا أخيراً، لكن على «رحيل الشعب السوري».
إذاً، فلا حل بل مجرد دعوة للاستسلام وعرض للإذعان يكلفان المزيد والكثير من الدم والدمار. وما جاء به كيري الى المعارضة هو تهديد بـ «حسم عسكري»
لن تتدخّل الولايات المتحدة للجمه ولن تساعد على مواجهته، أي أنها موافقة عليه ومساهمة فيه. لم تكن هناك أي سياسة في كلامه، بل إبلاغ فاقع الوقاحة
بأن أميركا حسمت خياراتها بالانقلاب على الشعب السوري، وليست لديها أي ضمانات له. فلا «انتقال سياسي» ولا «هيئة حكم انتقالي» ولا «حكومة بصلاحيات كاملة»،
لا لوم للنظام ولا محاسبة معه إن أفشل المفاوضات، إذا جرت، ولا دعم للمعارضة بعد اليوم سواء ذهبت الى المفاوضات أم لم تذهب…
وذلك كلّه لا يشكّل «شروطاً مسبقة»، في نظر الوزير الأميركي، إذ إنه اتفق مع نظيره الروسي على «مفاوضات بلا شروط مسبقة».
لا يمكن أن تكون هناك مقدمات أكثر غرابة بل وحشية لمفاوضات يراد منها إنهاء صراع دامٍ كالذي يدور في سورية.
لمن لا يزالون يسألون «عما بعد الاتفاق النووي»، ويترقبون مؤشراته متسائلين هل ستتغير إيران، جاءهم الجواب مدويّاً: أميركا هي التي تغيّرت.
الى حدّ إظهار وجه أكثر قبحاً من ذلك الذي اكتسبته في حقبتها الفيتنامية. فعلت ما كان متوقّعاً منها، فكل الشكوك التي ساورت الحلفاء والأصدقاء حيال
مواقفها تحقّقت الآن: لم تكن يوماً من «أصدقاء الشعب السوري»، بل كانت تخادع وتراوغ. اتخذت هذا الشعار ستاراً للتفاوض مع الروس.
ولم تكن لديها استراتيجية فانخرطت في استراتيجية موسكو. فعلت ذلك بعد فضيحة السلاح الكيماوي، وكررته في مختلف المراحل، وواظبت عليه على رغم
القطيعة بسبب أوكرانيا. بل خرقت تلك القطيعة فجأة لاستدعاء الدور الروسي الى أن أصبح تدخلاً مباشراً، كأنه ينوب عنها الى سورية.
في الشهور الماضية، قبل لقاءات فيينا، سكتت واشنطن وتركت الروس (والإيرانيين) يديرون الأزمة وحدهم. وإذا تدخّلت فلمساعدتهم، لا لمعارضتهم،
أو حتى لتحسين عروضهم. وقد ركّز الروس (والإيرانيون) على مصادرة مهمة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وتوجيهها، وسط تجاهل أميركي تام
لكون المبعوث حسم قناعاته الشخصية لمصلحة وجهات نظر النظام وروسيا وإيران، ولم يعد يرتاح الى ما يسمعه في الرياض أو في أنقرة والدوحة.
وعندما أدلى أوباما بآرائه الساخرة عن المعارضة، كان يعلم أن دي ميستورا في صدد تغيير خريطة المعارضة المقبولة روسياً (وإيرانياً) في المفاوضات،
معوّلاً على مشاورات طويلة أجراها خلال الربيع الماضي في جنيف، مع هيئات وشخصيات سورية أفضت به الى اعتبار أن ما تُسمّى «معارضة» هي جزء
يكاد يكون «هامشياً» في الصراع لولا الفصائل المقاتلة التي كانت آنذاك ماضية في انتزاع مناطق من سيطرة النظام، وأن أي مفاوضات يجب أن تشمل
طيفاً أوسع مما يقدمه «الائتلاف» أو «هيئة التنسيق» ليضم «معارضات» موسكو والقاهرة وأستانا (كازاخستان).
لذلك جاء الروس مصمّمين، منذ بداية تدخلهم، على ضرب الفصائل المقاتلة وإقصائها من المعادلة. كان مفترضاً أن يأخذوا في الاعتبار ما عناه حضور مندوبين
عن هذه الفصائل مؤتمر الرياض، إذ جاء معبّراً عن استعدادهم للانخراط في حل سياسي، وعن إرادة الدول الداعمة للمعارضة إنهاء الصراع سلمياً.
لكن اغتيال زهران علوش، قائد «جيش الإسلام»، والاغتيالات الأخرى التي أعقبت ذلك المؤتمر، واستمرّت مع صدور القرار 2254 وبعده،
أوضحت أن الروس يريدون استفزاز المعارضة العسكرية ودفعها الى الانسحاب من أي عملية تفاوضية، وبالتالي ترك المعارضة السياسية وحيدةً ومستضعفةً
وعرضةً للضغوط والعبث بوفدها وموقفها، سواء من خلال دي ميستورا أو بالشروط الروسية التي أكد كيري الموافقة الأميركية عليها.
منذ البداية، قرّرت روسيا وإيران والنظام أن لا مجال لأي منطق في الأزمة السورية، والألاعيب التي تُخاض حالياً تكاد تضع المفاوضات في مهب الريح،
كأن التدويل في فيينا ثم في مجلس الأمن لم يقدّم ولم يؤخّر بل أبقى الأزمة في كنف استبدادية الأسد. والواقع، أن المعارضة اعتبرت المناورات الروسية – لاختراق
وفد المعارضة أو استنباط وفد «معارض» ثانٍ، لتصبح المفاوضات ثلاثية شكلياً أو بالأحرى ثنائية بين المعارضة ووفدَي النظام و «معارضته» –
هي وصفة مكشوفة للتلاعب المبكر بمسألة «الانتقال السياسي»، وبالتالي لإفشال المفاوضات والمصادرة المسبقة لنتائجها، طالما أن الضغط الدولي،
خصوصاً الأميركي، يندر أن يلعب لمصلحة المعارضة، ويهجس دائماً بإرضاء الروس، سواء بذريعة الأولوية لمحاربة «داعش»، أو بدوافع أخرى
تتكشّف بين حين وآخر عن نيات واشنطن.
اتضح الآن، أن تحليل المعارضة هذا لمواقف روسيا كان ساذجاً الى حدٍّ ما، وفيه مراهنة ضمنية على «صلابة» ما في الموقف الأميركي.
لكن كان هناك مَن يردّد باستمرار «فتّش عن التفاهمات الأميركية – الروسية»، محذّراً دائماً من وجود حلقة مفقودة لا بد أن تظهر في لحظة حاسمة.
تلك اللحظة كانت اقتراب استحقاق التفاوض. فطوال الأسابيع الماضية لم يكن ممكناً أن تتصرّف موسكو الى هذا الحدّ ضد القرار الدولي 2254،
وأن ترتكب مباشرة مجازر يومية في حق المدنيين في مناطق المعارضة، وتؤمّن تغطية كاملة للحصارات التجويعية والقصف بالبراميل،
من دون أي اعتراض أميركي، لأن عدم الاعتراض هنا عنى تفاهماً وموافقة. لم يكن صحيحاً على الإطلاق أن هناك اختلافاً حقيقياً بين نظرتَي الأميركيين
والروس الى الفصائل المقاتلة وتمييز «المعتدلة» منها عن «الإرهابية». كان تقويمهم متقارباً، ومتطابقاً أحياناً، إذ عمدوا معاً الى استخدام التجويع
وسيلة للضغط لانتزاع تنازلات مسبقة من المعارضة قبل ولوجها في التفاوض.
هذا ما تولاه الوزير كيري، باسم «التفاهمات»، عندما أنذر المعارضة بأن خيارها الوحيد هو الذهاب الى مقامرة خاسرة مسبقاً في جنيف،
قد تصبح خاسرة أكثر، بل كارثية إذا قادها الانفعال الى تعطيل المفاوضات. ثم قيل للمعارضة أن بين الخيارين السيئين، يبقى دخول المفاوضات أقلّهما سوءاً،
لأنها ستجد فرصة لطرح رؤاها ومطالبها، ولأن حضورها وحده سيجرّ النظام نفسه الى عملية التفاوض التي يكرهها وطالما تهرّب منها، وعندئذ فقط
ربما تستطيع واشنطن أن تساعدها، أما اذا قاطعت فستؤدّي خدمة للنظام وتضع حدّاً لأي دور أميركي قد يخفف من إجحاف الشروط الحالية.
سبق أن قيل ذلك للفلسطينيين كي يُقبلوا على التفاوض، وقد فعلوا على رغم أنهم كانوا متيقّنين بأن الأميركيين سيخذلونهم، وهو ما حصل.
لكن الشعوب التي يحاصرها الظلم من كل جانب لا تستطيع أن تفوّت أي فرصة مهما بدت سرابية وكاذبة.


ارسال رد

هــــــام

ندعوك للتسجيل في المنتدى لتتمكن من ترك رد أو تسجيل الدخول اذا كنت من اسرة المنتدى

صلاحيات هذا الموضوع
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى