يمضي التقرير مستعرضا نماذج من حالات الابتزاز الجنسي لزوجات وأخوات قتلى من "الدفاع الوطني"
• 5 أشهر من الاستغلال الجنسي عاشتها زوجة أحد "الشهداء"، على يد مسؤول كبير في "الدفاع الوطني".
• ضغط التكتم المكظوم لم يستطع إلا الانفجار في صورة تقارير، لاسيما بعدما تكاثرت حوادث نهش لحوم نساء "شهداء" قتلوا وهم يحاربون في صفوف "الدفاع الوطني".
•20 حالة ابتزاز وتحرش أقر بها تقرير رسمي، طالبا فتح تحقيق سري في القضية، بحجة حساسيتها.
• "م" اشترطت وجود ضمانات لزوجات وأخوات "شهداء" تعرضن للاستغلال، حتى يتكلمن عما عانين.
في أواخر 2012، أقدم بشار على "مأسسة" عصابات الشبيحة تحت مسمى "الدفاع الوطني"، فقد كانت الثورة في سوريا، أعمق من أن يواجهها جيش مهما أوتي من جبروت وقوة نارية، ومن هنا كانت حاجة رأس النظام إلى عناصر أكثر تمرسا في الإجرام، وليس أي إجرام، فالقتل هنا له طرقه الجنونية، والسرقة لها فنونها الجهنمية، وانتهاك الأعراض له أساليبه الشيطانية.
أدى "الدفاع الوطني" كل ما كان مطلوبا منه ومشجعا عليه.. و"زيادة"، فشارك في ذبح السوريين الثائرين بالسكاكين ورضخ رؤوسهم بالأحجار وتقطيع إربهم وحرق أوصالهم، ونهب ممتلكاتهم ونسف منازلهم، والاعتداء على حرماتهم، ولكن غريزة الإجرام المتأصل لم ترتوِ، فاتجهت إلى "الزيادة"، وبدأ سحر "الدفاع الوطني" ينقلب على مؤيديه والمصفقين له بل والمنضوين تحت لوائه، وهكذا انتشرت جرائم قتل الشبيحة لأبناء طائفتهم، وسرقتهم وابتزازهم، كما سبق وعرضت "زمان الوصل" في وثائق حصرية عن قوات "الدفاع الوطني" في منطقة السلمية، التي يتزعمها "مصيب سلامة".
انقلب تصفيق النظام لشبيحته وهم يقتلون وينهبون ويغتصبون إلى صمت وتغاض لا أكثر، عندما انتقلت هذه الجرائم إلى صفوف الموالين، ولكن ضغط التكتم المكظوم لم يستطع إلا الانفجار في صورة تقارير رفعت إلى رأس الهرم (بشار)، لاسيما بعدما تكاثرت حوادث نهش لحوم نساء "شهداء" قتلوا وهم يحاربون في صفوف "الدفاع الوطني"، فكان جزاء أراملهم وأخواتهم على يد "رعاة الشهداء" ابتزازات جنسية مختلفة، وثقتها كتب رسمية حصلت عليها "زمان الوصل" بصورة حصرية.
ولابد لـ"زمان الوصل" أن تنوه قبل عرض محتوى هذه الوثائق، أن دافعها الرئيس هو توثيق انتهاكات "الدفاع الوطني" وتظهير جانب مغيب يخص الاعتداءات على الموالين وأعراضهم، ولذا فقد حرصت الصحيفة على حجب كل أسماء الضحايا، والاكتفاء بالأحرف الأولى فقط، علما أن الوثائق تذكر أسماء الضحايا والمتورطين بكل وضوح، وهي وثائق حديثة التاريخ، وستكون متاحة بكاملها أمام المنظمات الحقوقية التي تعنى بالملف السوري، حين الطلب.
الحاجة أمُّ الابتزاز
في وثيقة دمغت بعبارة "سري للغاية" وأرخت في 14/9/2014، مرفوعة إلى "قائد الدفاع الوطني في سوريا"، يؤكد مدير "مركز الدفاع الوطني في حماة" وقوع "إساءات في حق عوائل الشهداء وخصوصا نساء الشهداء"، محملا المسؤولية إلى 3 شخصيات، اثنتان منها بارزتان.
وتذكر الوثيقة أسماء هذه الشخصيات ومواقعها، وهم: قحطان الحلاق (رئيس مكتب الشهداء)، أمجد كفا (حارس المبنى)، أنس عسلية (مدير المبنى ومسؤول كبير في الدفاع الوطني).
ويمضي التقرير مستعرضا نماذج من حالات الابتزاز الجنسي لزوجات وأخوات قتلى من "الدفاع الوطني"، وأولهن زوجة "ن.هـ.أ" التي لم تحصل على استحقاقات زوجها إلا بعد 4 أشهر من ورود اسمه في "قوائم الشهداء"، حيث يقول التقرير بالحرف الواحد: "لدى العودة إلى الزوجة تبين أن المدعو قحطان قام بابتزازها على مدى خمسة أشهر متتالية واستغلال حاجتها المادية لإطعام أطفالها واستغلها جنسيا!".
ويتابع التقرير: "تبين أيضاً أن زوجة الشهيد (هـ.د) تعرضت لابتزاز من قبل المدعو أمجد كفا ومضايقات من طلب رقم الهاتف إلى اتصالات إلى المنزل عدة مرات، وعرض عليها تسهيل أمور الرواتب وتسريعها في حال تعاونت معه".
ويؤكد "قائد مركز الدفاع الوطني في حماة" أن التحقيقات مع عدد من نساء "الشهداء" أظهرت أن هناك حوالي 20 حالة مشابهة، تتضمن استغلالا جنسيا وتحرشا واستغلال منصب، تورط فيها "كفا" الذي تصفه بأنه "أصبح حالياً على علاقة بعدد من نساء الشهداء ويتواصل معهن بشكل مستمر وأغلبهن يتعاملن معه خوفا من إيقاف الراتب المخصص لهن كعائلة شهيد".
حتى الخبز
ويشير التقرير إلى صعوبة الغوص في مزيد من التفاصيل، بسبب حساسسية الملف، وخوف الضحايا من النساء على سمعتهن، ولجوئهن للصمت حيال هذا الأمر.
وينتقل التقرير للحديث عن تصرفات المسؤولين البارزين "أنس عسلية" و"قحطان الحلاق"، مؤكدا أنهما "قاما بابتزاز عدد من نساء وأخوات الشهداء بحجة مساعدتهن على تحصيل حقوق أزواجهن، وتم استغلال بعضهن جنسيا، والبعض الآخر قاما –أي أنس وقحطان- بتأخير معاملات الرواتب لهن عند رفضهن لما يطلبان".
ويسرد التقرير اسمين صريحين لضحيتين وقعتا في شباك "علسية" و"الحلاق"، وهما: "أخت الشهيد أ.ع.م"، و"زوجة الشهيد ي.أ.س".
ثم يضرب التقرير أمثلة لفساد مالي تورط فيه بالذات كل من "الحلاق" و"كفا" عبر اختلاس المساعدات التي تقدم إلى أسر قتلى الدفاع الوطني، بما فيها الخبز والمواد الغذائية، فضلا عن قيام "الحلاق" بإيهام بعض الأسر التي تأخر ورود أسمائهم في جداول تعويضات "الشهداء"، بأنه قادر على مساعدتهم، لقاء تخليهم عن كامل التعويض أو جزء منه (بين 200 ألف و300 ألف ليرة)، مدعيا أن هذا المبلغ سيذهب إلى جيب أحد المسؤولين في دمشق.
ويختم "قائد الدفاع الوطني في حماة" تقريره المرفوع إلى "قائد الدفاع الوطني في سوريا"، راجيا منه أن يأخذ علما بهذه الانتهاكات ويتخذ "الإجراءات المناسبة"، ومنها إعطاء الإذن بـ"فتح تحقيق سري وشامل".
وينوه التقرير في هامشه بوجود ملفات مرفقة تحوي أسماء العائلات التي تم ابتزازها، مؤكدا أن العمل جار على تقرير يخص انتهاكات أخرى يقوم بها عناصر من "الدفاع الوطني".
مصيدة المواساة
وفي تحقيق منفصل مؤرخ في 16/9/2014، يسرد مركز "الدفاع الوطني" في السلمية، وقائع لقاء مع "السيدة م" زوجة القتيل "أ.ك.ع" تحدثت فيه باستفاضة عن ملابسات الابتزاز الذي تعرضت له في "مكتب الشهداء".
ويورد التقرير على لسان "م" ما نصه: "بعد حوالي شهر من استشهاد زوجي، توجهت إلى مكتب الشهداء، وقابلت مدير المكتب المدعو قحطان الحلاق، وطلبت منه أن يتأكد لي من اسم زوجي في جدول الشهداء، ولكنه بدا غير مهتم ولم يجب عن أسئلتي، وتظاهر أنه مشغول بالبحث عن اسم زوجي في كمبيوتره، وبالرد على الهاتف، وبعد نصف ساعة من الانتظار قال لي بأسلوب غير مبال: لا يوجد اسم لزوجك لدينا، وأنه كان من اللجان الشعبية وليس عنصر دفاع وطني، وهو ما نفيته لأنني كنت متأكدة أنه عنصر دفاع وطني وأنه يمتلك بطاقة رأيتها عدة مرات من الدفاع الوطني".
وتتابع "م": "طلب –أي قحطان- مني المغادرة بأسلوب قذر والعودة لمراجعته بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع... خرجت من المكتب والحزن ظاهر علي، فأوقفني المدعو أمجد كفا، وقال لي إنه يعرف زوجي جيدا وإنه خدم معه، وهو دفاع وطني وعرض علي المساعدة، وطلب رقمي، فأعطيته له بطيب نية، وفي اليوم التالي اتصل المدعو أمجد كفا بي وبدأ يتحدث إلي ويواسيني، وكرر الاتصال عدة مرات بي خلال الأسبوع اللاحق، وكنت أرد بشكل طبيعي إلى أن طلب مني أن أقابله في مكان ما فرفضت، فقال لي إنه يريد مساعدتي وإنه يستطيع ذلك، وإن لديه الكثير من المعارف ويقدر على دفع الموضوع من المركز الرئيسي في دمشق".
تأخرت التعويضات فانكشف رأس جبل العار
ومضت "م" تسرد قصتها: "بعد ثلاثة أسابيع راجعت مكتب الشهداء، فاستقبلني أمجد وطلب مني الدخول لانتظار مدير المكتب المدعو قحطان الحلاق، و بالفعل جلست في مكتب الشهداء ما يقارب الساعة ولم يحضر مدير المكتب، وكان المكتب فارغا وكل دقيقة يدخل أمجد يتحدث إلي بأسلوب غير مريح ويطلب مقابلتي في أماكن خارج المبنى، لكنني كنت أرفض وأغضب عليه، وبعد أكثر من ساعة من الانتظار قال لي إن مدير المكتب في دمشق ولن يعود قبل يومين".
وتروي "م" كيف كان لتأخر تعويضات زوجها دور في الكشف عن رأس جبل العار، الذي أسسه حافظ الأسد بعدما جعل مخابراته فوق القانون، وأكمله بشار عبر إطلاق وحوشه ليعملوا نهشا في كرامة السوريين والسوريات، دون كثير تمييز بين موال ومعارض، فتقول: "مضت أكثر من ثلاثة أشهر ولم يكن يأتيني أي خبر غير تأجيل، ولم يردنا شيء، ولا اسم لزوجك لدينا وغير ذلك، فقررت أن أتواصل مع بعض نساء الشهداء من اللاتي أعرفهن، والمفاجأة عندما بدأت أعرف عن استغلال المدعو أمجد لبعضهن جنسيا بحجة مساعدتهن، والبعض الآخر تحدثن عن سوء معاملة المدعو قحطان لهن وابتزازهن في عدة أمور بحجة تسريع الرواتب والتعويض، وبعضهن صعدن إلى مكتب رئيس المبنى المدعو عسلية وتعرضن لمعاملة غريبة وأسئلة مسيئة لا دخل لها بطلبهن".
التقرير المسمى "المحضر1" والذي يشي بوجود محاضر أخرى في هذا الشأن، يختتم بعبارة لها دلالات خطيرة، مؤكدا أن "م" طلبت "ضمانات للسيدات وأخوات بعض الشهداء من قبل رئيس المركز (مركز الدفاع الوطني)، كي يتحدثن عما حصل معهن؛ لأن هناك من تم استغلالها جنسيا؛ كي تحصل على قوتها وقوت أولادها".
https://zamanalwsl.net/news/54950.html