أجرت جريدة الحياة اللندنية في 9 تموز “يوليو من هذا العام ، مقابلة خاصة مع عبد الرحمان شلقم مندوب ليبيا في الأمم المتحدة ومساعد وزير الخارجية الليبي السابق والمنشق حاليا وقد طالت هذه المقابلة بحث عن القضية السورية
جرائم ألقذافي والغطاء السوري :
ليس غريبا بان يأمر ألقذافي بمحاولة اغتيال الأمير عبد الله بن عبد العزيز، بسبب سعيه الدءوب لتفتت المملكة السعودية من خلال دعم حركة الحوثيين، والحراك الجنوبي في اليمن، ودعم المعارضة السعودية في لندن ، هو الحاقد على السعودية بالرغم من تسامح الملك عبد الله ،لقد تدخل في السودان ودعم تمر دارفور، ووفر لقادة التمرد السوداني ملجئا أمنا في ليبيا، ليس غريبا من ألقذافي أن يقتل وزير دفاعه منصور الكيخيا الذي سلمته المخابرات المصرية ،أو يشتري المخابرات التونسية،وان يدفع راتب شهري للرئيس زين العابدين ، لقد اشترى عمر سليمان في مصر والعديد من نواب المعارضة ،أو شراء طائرة خاصة حسني مبارك رئيس مصر المخلوع، اشترى كتاب عرب وسياسيين من كل الوطن العربي وكذلك صحافيين وفنانين وحتى وسائل إعلامية،حتى خبيرة الإعشاب اللبنانية مريم نون،والفنان دريد لحام الذي زاره في بيته في سورية ،وأستاذة في الجامعات العربية المختلفة.
فالقذافي كان يخاف من الأميركيين وأن أجهزته زودت في السنوات الأخيرة الاستخبارات الأميركية بمعلومات عن تنظيم “القاعدة”والإسلاميين.فحسب وصف عبد الرحمان شلقم بان العقيد أُصيب في السنوات الأخيرة بهاجس احتمال أن يواجه مصيراً مشابهاً لمصير صدام حسين. بالرغم من أن العقيد يكره الرئيس الراحل صدام منذ البداية ،وهذا ما يفسره خطاب العقيد في القمة العربية في سورية حيث يطالب القادة المجتمعون في الجلسة والتحقيق بعملية إعدام صدام ويقول لهم بصوت جهور ، بان الدور قادم عليكم انتم الرؤساء ، هذا “الروليك” الدعائي الذي يتم عرضه باستمرار على تلفزيون العربية . لكن الخوف اجبر ألقذافي عن التنازل الفوري عن البرنامج النووي بعد احتلال العراق وتسليمه للوكالة الدولية المعنية بالطاقة الذرية وفتح ليبيا أما المجتمع الدولي ،والسماح السريع للشركات الأوروبية ولأمريكية بالاستثمار في حقول النفط والتنقيب عنه ،مما جعل الغرب يغض النظر عن كل تصرفات العقيد ويصبح توني بلير سمسار للنظام الليبي
فأن خيبة ألقذافي من العرب دفعته إلى القول: “أنا رجل غير مسبوق، وسأعلن نفسي ملكاً لملوك أفريقيا”، فان سيف الإسلام، نجل العقيد، بكى حين عرف أن والده سيصبح ملكاً للملوك. فالمرتزق الأفارقة التي تخوض المعارك الدامية ضد الثوار لم يكون وليدة الصدفة كما تدعي المعارضة الليبية ،فالعقيد منذ زمن طويل يعتمد على المرتزقة الصربية والأوكرانية والباكستانية والجزائرية والبيلاروسية والكرواتية والسورية،فهم عماد كتائبه الأمنية التي شكلت لتحمي نظامه لذلك تم تجهيزها بأحدث الأسلحة والعتاد وتم تدريبها بأفضل التدريب،ودعمت ماليا بشكل كبير ،لقد تولى قيادتها أبناء ألقذافي لكي تحمي العائلة من أي انقلاب قد يحدث في ليبيا على حساب الجيش الوطني النظامي لذلك كانت تتواجد هذه الكتائب بالعاصمة ومركز ابار النفط ،لان النفط هو ثورة ليبيا ومعمر مالك ليبيا فالنفط حقه الطبيعي،وهذا حال النظام السوري فالمال السوري هو ملك خاص للعائلة الحاكمة ،والجيش التقليدي بعيد عن مركز الحدث ،فالكتائب الأمنية وفرق الموت والشبيحة هم المدافعين عن وجود النظام السوري الاستبدادي ،وهذه القوى مجهزة أيضا بأحدث الأسلحة والعتاد وأفضل التدريبات العسكرية،ويقود هزة الأجهزة اخو الرئيس وصهره وأولاد خالته، لان العائلة الحاكمة في سورية تقود البلد عسكريا وامنيا وسياسيا .
الجرائم السورية لا تزال مسطورة :
فإذا كانت جرائم ألقذافي تم تفسيرها وعرضها من قبل منشقين عن النظام الليبي فان جرائم النظام السوري لا تقل أهمية،عن جرائم العقيد ،فالنظام السورية له تاريخ حافل في الداخل السوري من خلال التصفية والاختلال والحبس الدائم وتركيب التهم وفبركتها ،من مجازر حماة إلى مجازر لبنان في طرابلس وبيروت الشرقية وزحلة ،ومجازر ضد الجيش اللبناني في العام 1991 ،مرورا مجازر تل الزعتر وحرب المخيمات الفلسطينية ومحاصرتها،ودكها بالأسلحة الثقيلة، الى اجتياح لبنان في العام 1976والعام 1987 ،وصولا إلى الاغتيالات التي مارستها سورية من العام 1977 بحق قيادة سياسية وإعلامية وعسكرية ونقابية ،ابتدأ من اغتيال كمال جنبلاط حتى اغتيال الحريري ورفاقه القادة في ثورة الأرز في العام 2005-2008 مرورا بالرؤساء أللبنانين بشير الجميل ورينه معوض والمفتي حسن خالد . لهذا السبب أيد الشعب اللبناني أنشاء محكمة دولية تهتم بالجرائم التي تمت في بلد صغير مثل لبنان،والتي سوف تكون الرادع الفعلي ضد استمرار عمليات الاغتيال إلذي يمارسها النظام السوري ضد القادة اللبنانيين الذين يختلفون مع النظام الأمني السوري ،وسوف تكون المحكمة الدولية سيف ماضي يسلط على رقبة النظام في كبح استمرار القتل في لبنان والدول العربية،وان أي اتهام رسمي دولي لجند النظام سوف يسقط القناع عن النظام السوري داخليا وخارجيا وهذا بدوره سوف يحمي لبنان والدول العربية من طول يد النظام السوري المستبد .
مجازر السجون في ليبيا وسورية :
طبعا لسورية تاريخ حافل بالاعتقال والزج في السجون لان التهم كانت ولا تزال جاهزة فالمعتقلات السورية كبيرة وتعج بالمعتقلين السورين واللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين ،منذ اليوم الأول للانقلاب الذي نفذه الراحل حافظ الأسد،لقد فتحت المعتقلات على مصراعيها لإدخال كل المعارضين لسياسته القمعية ،فادخل الأسد رفاقه ،الذين نفذوا معه الانقلاب العسكري الأول، وتم ادعاهم السجن تحت تهمة مركبة لا يستطيع العام فهمها، لكونهم بعثين يمينين وكان البعث يوجد فيه يميني ويساري،فصلاح شديد كان من أوائل البعثين اليمنيين الذين تم سجنهم،وحتى يومنا هذا السجون لم تقفل بل تحولت هذه السجون إلى سجون الأعداد والذي يحمل بها السجين رقما ومن ثم يتم نسيان الأسماء الشخصية، فالنظام السوري ينكر وجود أعداد هائلة من المساجين التي تحبس في سجون الأرقام، ويشرف عليها النظام العسكرية السوري ،مما سمح لهذا النظام بتنفيذ عمليات إعدامات واسعة في السجون،والذي كان سجن مدينة تدمر الصحراوي، في ثمانيات القرن الماضي وتم دفنهم في صحراء تدمر،وبعدها الإعدامات في سجن صدنايا والتي كانت أخرها حيث اندلع تمرد ضخم في هذا المعتقل في العام الماضي ،ممن دفع باخ الرئيس السوري ماهر الأسد بالإشراف الشخصي على قمع هذا التمرد ،وارتكاب مجزرة شنيعة ،والذي ذهب ضحيتها أعدادا هائلة من المعتقلين والذي لم يتم الكشف عن أسماءهم، والسلطة لم تعترف ولم تقر بهذه الجريمة البغيضة ، بالرغم من الصور التي سربت إلى العديد من المواقع الالكترونية وصور شخصية لماهر الأسد ،وهو يلتقط صورا للجثث المعدومة أمام باحت السجن، فالنظام السوري لا يزال يرتكب المجازر تلوى المجازر حتى هذه اللحظة في المدن السورية منذ اندلاع الانتفاضة السورية ويحاول إخماد نارها بطريقته الخاصة من خلال القمع العسكري والأمني ، واحتلال المدن والقرى السورية ، وقصفها بالأسلحة الثقيلة ،إضافة إلى الاعتقالات الكثيفة التي تقوم بها القوى الأمنية وفرق الموت الموجه ضد الشعب السوري ،مما يهدد بكوارث كبيرة تقضي بقتل الكثيرين من المعتقلين تحت التعذيب القصري دون الإعلان عنها .
وهنا لا يختلف الوضع الليبي عن سورية فالعقيد جز بالكثيرين من المعارضين والرافضين للنظام الليبي في سجون الدولة وزنزانتها،و ارتكب أبشع المجاز بحق المعتقلين في السجون وكانت أشهرها جريمة القتل الجماعي في “سجن أبو سليم “وهن لبد من المقارنة الفعلية بين سجن أبو سليم الليبي وسجن تدمر وصدنايا في السوري. فالعقيد الذي هدد شعبه بأنه لم يستعمل القوة بعد ضدهم بعد خطابه الشهير والذي أعطى فيه الأمثلة الكثيرة والعديدة على جرائم الدول العالمية الكبرى ضد شعوبها،و التي استعملت القوة فيها لقمع شعوبها المحتجة وسحق التمرد والتظاهر ، كروسيا والصين وأمريكا،وإسرائيل. فالقذاف من خلال هذا التهديد المباشرة للشعب الليبي ، أجاز لنفسه قصف المدن الليبية بصواريخ الغراد الروسية والطائرات العمودية ،واصفا شباب الحراك الشعبي بالإرهابيين والمهلوسين الحشاشين،وأجاز لقواته الأمنية والإرهابية بقتل الشعب مما اجبر الثوار المحتجين في الساحات لرفع السلاح بوجه النظام بالرغم من عدم تكافئ القدرة العسكرية بينهما ،لقد نجح العقيد أن يبعد الثورة عن مسلكها السلمي المطالب بالتغير والحرية ويعمل إلى عسكرتها ،وهذا ما يفعله الأسد ضد شعبه الذي وصفهم بالعصابات المسلحة والجراثيم التي تغزي سورية مجيزا لقواته الأمنية وفرق الموت بارتكاب الجرائم اليومية ضد الشعب السوري الأعزل المطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية،النظام السوري يمارس القاتل بدم بارد مستخدم كل الآلة الحديدة الحديثة التي يحاول بها قمع الشعب والإطباق على المدن وإخماد صوت الجمهور الثائر والمنتفض عليه ،لقد قتل الأطفال واتهمها بالسلفية وأطلق النار على النساء وقتل الشيوخ وهرب الشعب السورية إلى مخيمات الدول المجاورة لسورية في لبنان وتركية.
النظامان السوري والليبي صديقان في القتل :
النظامان السوري والليبي هما عملة واحدة لوجه واحدة لكنها مختلف في الإرهاب والإجرام، ومكانهما الطبيعي في المحكمة الدولية في “لاهاي” لكونهم ارتكب جرائم بشعة ضد الإنسانية، كما كان حال النظام الصربي وقيادته التي قدمت إلى المحاكم الدولية،فالسكوت الدولي هو الجريمة الفعلية على فعل هذه الأنظمة الدكتاتورية،هو تشجيع فعلي لأنظمة أخرى ممارسة الأسلوب نفسه دون الخوف والاهتمام لأحد،كفى للأنظمة الدولية غض النظر نتيجة مصالح شخصية صغيرة ضيقة لبعض المستفيدين من وجود هذه الأنظمة،انتهى عهد الدكتاتوريات العالمية،لأننا دخلنا في الألفية الثالثة والتي تعتبر عهد المحاسبات الدولية ومحاكمتها،لأننا اليوم أمام احتجاج جماعي يصعب ضبطه والتحكم به نتيجة الوعي الاجتماعي والإعلامي والشخصي،فالشعب اخذ قراره النهائي الذي لا عودة في إسقاط النظام ورموزه وحتى معارضته الكلاسيكية التي أصبحت جزاءا من هذه الأنظمة القمعية والاستبدادية.
لكن أهل حمص في جمعة “أحفاد خالد ابن الوليد” في تاريخ 22 تموز”يوليو “2011 اعنوا اعترافهم بالمجلس الانتقالي الليبي نكاية بالنظام السوري الذي يدعم العقيد ويغطي جرائمه البشعة التي يرتكبها ضد شعب ليبيا. لكننا مهما استعرضنا جرائم الأنظمة العربية الكثيرة بحق شعوبها ، لكن إجرامها الكبير لن يشكل ذرة صغيرة من جرائم النظام الليبي والسوري لأنهما تفوقا على الجميع في الكذب والدعاية والقمع والتعذيب والقتل والبطش والتنكيل ضد شعوبهما والعالم كله،لذلك يجب الحد الفعلي من جبروت نظام ملك ملوك إفريقيا، وأسد اسود الشام، بسرعة وانتزاع الشرعية الدولية عنهما حتى يتمكن الشعب من تغيرهما والانقضاض على استبداديتهما وشموليتهما وفاشيتهما.
-