تعتبر إيران من الدول الإقليمية المؤثرة فى المنطقة العربية،
والتى تتأثر بدورها بما يجرى فى هذه المنطقة من أحداث. قد اتفق الإيرانيون
عامة على تأييد الثورات الشعبية فى مصر وليبيا وتونس والبحرين، ولكن التيار
الإصلاحى اختلف فى قراءته لأسباب ونتائج هذه الثورات، عن القراءة التى
تبناها النظام والتيار المحافظ.
الموقف الرسمى وموقف التيار المحافظ من الثورات العربية
يمكن
قراءة المعالم التالية فى المواقف الرسمية الإيرانية ومواقف رموز التيار
المحافظ، تجاه الثورات الشعبية فى تونس ومصر واليمن وليبيا:
أولا:
التأكيد على أن الثورات العربية هى «بوادر يقظة إسلامية، مستوحاة من الثورة
الإسلامية الإيرانية». والنظر إلى هذه الثورات كجزء من التغييرات التى
«تواصلت ببركة صمود ومجاهدة الشعب الإيرانى خلال الأعوام الـ 32 الأخيرة»،
حسب قول القائد الأعلى للثورة الإسلامية، على خامنئى.
وقد تم
التركيز على إعطاء الثورات العربية الشعبية صفة «الصحوة الإسلامية»،
المستمدة من الثورة الإيرانية، فى كثير من الأحاديث الرسمية، وتصريحات رموز
التيار المحافظ.
ثانيا: التبشير بالأسلوب الإيرانى «للثورة»، من
خلال الدعوة إلى نظام «شعبى على أساس الدين»، على الطريقة الإيرانية،
ومناشدة «رجال الدين» فى مصر «للقيام بدور نموذجى، من خلال استخدام المساجد
لترديد الشعارات التى يرددها الشعب فى الشارع» حسب قول القائد الأعلى
للثورة (على خامنئى).
أما الرئيس محمود أحمدى نجاد فقد أكد أن
«المستضعفين فى العالم سينتفضون لترسيخ التوحيد والعدالة». وأشار إلى أن
«الأرض تستعد لإقامة حكومة الصالحين، وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية
تمثل صوت الدعوة الإلهية للبشر لإرساء التوحيد والعدالة». ثالثا: إضفاء
طابع أيديولوجى على الثورات، واعتبارها ثورة على تبعية الحكام للغرب؛ وذلك
من خلال التركيز على مواقف الأنظمة ــ فى الدول التى اجتاحتها الثورات ــ
تجاه الغرب وإسرائيل، وتخليها عن دعم القضية الفلسطينية. ويبدو ذلك واضحا
فى وصف القائد الأعلى (خامنئى)، الرئيس المخلوع حسنى مبارك، بأنه كان
«خادما مطيعا للأمريكيين وإسرائيل خلال ثلاثين عاما». وفى تصريح يعيد
للأذهان فكرة «تصدير الثورة» التى كانت جزءًا من أيديولوجيا الثورة
الإسلامية الإيرانية فى بداية عهدها، «بشَّر» القائد الأعلى (خامنئى)
بحتمية انتقال هذه الثورات، و«الصحوة» إلى أوروبا. بسبب سياساتها وعزا ذلك
إلى سياسات أوروبا و«استسلام حكامها، بشكل مطلق، لسياسات أمريكا والصهاينة
الثقافية والاقتصادية».
الثورات العربية وأسئلة الداخل الإيرانى
فى
الوقت الذى اتفقت فيه جميع الأطراف الإيرانية على تأييد الثورات الشعبية
العربية فى تونس ومصر واليمن وليبيا، اختلفت الآراء بين إيران الرسمية
وتيار المحافظين من جهة، والتيار الإصلاحى من جهة الأخرى، حول توصيف
منطلقات هذه الثورات وأسبابها، ونتائجها المحتملة، وتداعياتها على الوضع
الإيرانى.
وقد اتخذ النظام الإجراءات التالية فى سبيل منع انتقال عدوى الثورات العربية إلى الداخل الإيرانى:
توجيه
حملة إعلامية للشعب الإيرانى تركز على ريادة الشعب الإيرانى، وعلى صمود
الجمهورية الإسلامية فى مواجهة «الاستكبار الغربى»، والإشارة الدائمة إلى
مخططات «الأعداء» التى تسعى إلى القضاء على النموذج الإيرانى.
التركيز على ميزات النظام الإيرانى الديمقراطية، وتأكيد أن الجمهورية
الإسلامية استمرت فى إقامة الانتخابات حتى فى فترة الحرب العراقية، عندما
كان «العدو يقصف المدن»، على حد تعبير خطيب جمعة طهران المؤقت، آية الله
سيد أحمد خاتمى.
محاولة التحكم بوصول الأخبار المتعلقة بالثورات
العربية عموما والمصرية خصوصا إلى المواطنين فى إيران. وكمثال على ذلك، ما
قامت به السلطات من تشويش على قناة بى بى سى الناطقة بالفارسية، حسب
اتهامات إدارة خدمة بى بى سى العالمى.
الموقف الإيرانى من الاحتجاجات فى البحرين
فيما يلى استعراض لأهم معالم الموقف الإيرانى تجاه الأحداث فى البحرين:
إدانة
النظام البحرينى بلهجة شديدة غير مسبوقة، واتهامه بالإجرام، وسفك الدماء،
وتأكيد أن النظام سيُقضى عليه بسبب هذه الدماء. وشُنت حملة إعلامية كبيرة
ضد النظام فى وسائل الإعلام الرسمية كافة، من وكالات أنباء وصحف، وقنوات
فضائية ناطقة باللغات الفارسية والعربية والإنجليزية. التأكيد على «خصوصية
الظلم الذى يتعرض له شعب البحرين»، وخصوصا أن «ثورته تعرضت لإهمال إعلامى
من قبل وسائل الإعلام الاستكبارية»، حسب الرؤية الإيرانية. وهو ما دفع
إيران إلى استخدام كل إمكانياتها للضغط على وسائل الإعلام هذه لتغطية
الأحداث، بشكل غير انتقائى الهجوم الشديد على موقف علماء السعودية ــ الذين
أيدوا موقف حكومة البحرين ــ حيث رأت إيران فيه دعوة لإراقة دماء المسلمين
من قبل «العلماء المزيفين».
الرفض الكامل للتدخل السعودى عبر دخول
قوات درع الجزيرة إلى البحرين، وشن حملة إعلامية شديدة ضد القرار الخليجى
بهذا الخصوص، وما أعقبه من قمع للاحتجاجات فى دوار اللؤلؤة، ومستشفى
السليمانية، وغيرها من مواقع التظاهرات.
تنفيذ حملة دبلوماسية لحض الدول الإسلامية على «حماية الشعب البحرينى» ورفض التدخل الخليجى فى الأزمة.
لقد
قرأت الحكومة البحرينية ومؤيدوها فى الداخل والخارج، الموقف الإيرانى من
الأوضاع فى البحرين، على أنه يستند إلى أسس طائفية. وقد نفت إيران ذلك على
لسان أكثر من متحدث رسمى، وأكدت أن موقفها الثابت هو «دعم الشعوب فى مواجهة
المستكبرين، والوقوف إلى جانب جميع الشعوب المستضعفة فى العالم»، على حد
قول القائد الأعلى، على خامنئى.
الموقف الإيرانى من الانتفاضة السورية
اتخذت
إيران الرسمية، وتيارها المحافظ، موقفا مؤيدا للنظام السورى فى مواجهته
الانتفاضة الشعبية فى سورية، منذ انطلاقها فى 18 مارس الماضى. وظهر ذلك
التأييد، من خلال التبنى الكامل للرواية الرسمية السورية للأحداث؛ وشن حملة
إعلامية مماثلة للنموذج الإعلامى السورى؛ ووصف الانتفاضة الشعبية
بالمؤامرة الأجنبية التى تستهدف صمود ومقاومة سورية، من قبل الصهاينة
والغرب؛ والنظر إلى الأحداث على أنها «فتنة شبيهة بما حدث فى إيران فى
العام 2009».
ويمكن، من خلال تتبع الوسائل الإعلامية الرسمية
الإيرانية، ملاحظة مدى الدعم الإيرانى للنظام السورى، والتزام الإعلام
الإيرانى بنقل الرواية الرسمية السورية للأحداث، وتغييب آراء المعارضة. كما
أعلنت دعمها للإصلاحات التى أعلنها الرئيس بشار الأسد لتخفيف الأزمة.
ونظرا
للتقدير الشعبى العربى لمواقف السياسة السورية تجاه الغرب وإسرائيل، فقد
ركزت البيانات الإيرانية الرسمية، على أن الشعوب العربية تدرك أن ما يجرى
فى سوريا ما هو إلا «مؤامرة أمريكية لدعم الكيان الصهيونى».
من خلال
قراءة المواقف الإيرانية الرسمية، ومواقف رموز التيارين المحافظ والإصلاحى
فى إيران تجاه الثورات العربية، يمكن استخلاص النتائج التالية:
اتفقت
جميع الأطراف فى إيران على دعم الثورات الشعبية العربية فى مصر وتونس
وليبيا والبحرين، ولكنها اختلفت فى قراءتها لمنطلقات هذه الثورات.
رأت
إيران الرسمية وتيارها المحافظ، فى الثورات العربية استلهاما للثورة
الإسلامية الإيرانية، فيما رأى التيار الإصلاحى أن ثورته «الخضراء» فى
العام 2009 كانت البداية فى موسم الثورات الشعبية فى المنطقة.
ركزت
المواقف الرسمية ومواقف المحافظين على «إسلامية» الثورات العربية، فيما
نظر إليها الإصلاحيون كثورات شعبية ضد الظلم والاستبداد والفساد.
استثمر الإصلاحيون الثورات الشعبية العربية لمهاجمة الموقف الرسمى الذى
يؤيد هذه الثورات، ويقمع فى نفس الوقت، الفاعليات المؤيدة لها من قبل أنصار
الإصلاحيين.
خسرت إيران فى معركة العلاقات العامة مع الشعوب
العربية، بسبب طريقة تعاطيها مع الاحتجاجات فى البحرين، والتى قُرئت لدى
قطاع كبير من الشارع العربى، على أنها ذات أبعاد طائفية.
تسبب
الموقف الإيرانى الرسمى الداعم للنظام السورى ضد الانتفاضة الشعبية فى
سوريا، بانتقاد لاذع من قبل الإصلاحيين الإيرانيين، كما ساهم هذا الموقف فى
إظهار السياسة الإيرانية أمام الشارع العربى، وكأنها تقدم المصالح
السياسية على قيم العدالة والحرية. وبشكل عام، تعاملت إيران الرسمية
وتيارها المحافظ، مع الثورات العربية من زاوية سياستها الخارجية،
وتحالفاتها الإقليمية، وسعيها لتكرس الجمهورية الإسلامية كدولة إقليمية
كبرى فى الشرق الأوسط، وحاملة للواء الدفاع عن الشيعة فى العالم. أما
التيار الإصلاحى فتعامل مع هذه الثورات من زاوية رؤيته للإصلاح داخل نظام
الجمهورية الإسلامية، وسعيه لتغيير الواقع فى إيران.
والتى تتأثر بدورها بما يجرى فى هذه المنطقة من أحداث. قد اتفق الإيرانيون
عامة على تأييد الثورات الشعبية فى مصر وليبيا وتونس والبحرين، ولكن التيار
الإصلاحى اختلف فى قراءته لأسباب ونتائج هذه الثورات، عن القراءة التى
تبناها النظام والتيار المحافظ.
الموقف الرسمى وموقف التيار المحافظ من الثورات العربية
يمكن
قراءة المعالم التالية فى المواقف الرسمية الإيرانية ومواقف رموز التيار
المحافظ، تجاه الثورات الشعبية فى تونس ومصر واليمن وليبيا:
أولا:
التأكيد على أن الثورات العربية هى «بوادر يقظة إسلامية، مستوحاة من الثورة
الإسلامية الإيرانية». والنظر إلى هذه الثورات كجزء من التغييرات التى
«تواصلت ببركة صمود ومجاهدة الشعب الإيرانى خلال الأعوام الـ 32 الأخيرة»،
حسب قول القائد الأعلى للثورة الإسلامية، على خامنئى.
وقد تم
التركيز على إعطاء الثورات العربية الشعبية صفة «الصحوة الإسلامية»،
المستمدة من الثورة الإيرانية، فى كثير من الأحاديث الرسمية، وتصريحات رموز
التيار المحافظ.
ثانيا: التبشير بالأسلوب الإيرانى «للثورة»، من
خلال الدعوة إلى نظام «شعبى على أساس الدين»، على الطريقة الإيرانية،
ومناشدة «رجال الدين» فى مصر «للقيام بدور نموذجى، من خلال استخدام المساجد
لترديد الشعارات التى يرددها الشعب فى الشارع» حسب قول القائد الأعلى
للثورة (على خامنئى).
أما الرئيس محمود أحمدى نجاد فقد أكد أن
«المستضعفين فى العالم سينتفضون لترسيخ التوحيد والعدالة». وأشار إلى أن
«الأرض تستعد لإقامة حكومة الصالحين، وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية
تمثل صوت الدعوة الإلهية للبشر لإرساء التوحيد والعدالة». ثالثا: إضفاء
طابع أيديولوجى على الثورات، واعتبارها ثورة على تبعية الحكام للغرب؛ وذلك
من خلال التركيز على مواقف الأنظمة ــ فى الدول التى اجتاحتها الثورات ــ
تجاه الغرب وإسرائيل، وتخليها عن دعم القضية الفلسطينية. ويبدو ذلك واضحا
فى وصف القائد الأعلى (خامنئى)، الرئيس المخلوع حسنى مبارك، بأنه كان
«خادما مطيعا للأمريكيين وإسرائيل خلال ثلاثين عاما». وفى تصريح يعيد
للأذهان فكرة «تصدير الثورة» التى كانت جزءًا من أيديولوجيا الثورة
الإسلامية الإيرانية فى بداية عهدها، «بشَّر» القائد الأعلى (خامنئى)
بحتمية انتقال هذه الثورات، و«الصحوة» إلى أوروبا. بسبب سياساتها وعزا ذلك
إلى سياسات أوروبا و«استسلام حكامها، بشكل مطلق، لسياسات أمريكا والصهاينة
الثقافية والاقتصادية».
الثورات العربية وأسئلة الداخل الإيرانى
فى
الوقت الذى اتفقت فيه جميع الأطراف الإيرانية على تأييد الثورات الشعبية
العربية فى تونس ومصر واليمن وليبيا، اختلفت الآراء بين إيران الرسمية
وتيار المحافظين من جهة، والتيار الإصلاحى من جهة الأخرى، حول توصيف
منطلقات هذه الثورات وأسبابها، ونتائجها المحتملة، وتداعياتها على الوضع
الإيرانى.
وقد اتخذ النظام الإجراءات التالية فى سبيل منع انتقال عدوى الثورات العربية إلى الداخل الإيرانى:
توجيه
حملة إعلامية للشعب الإيرانى تركز على ريادة الشعب الإيرانى، وعلى صمود
الجمهورية الإسلامية فى مواجهة «الاستكبار الغربى»، والإشارة الدائمة إلى
مخططات «الأعداء» التى تسعى إلى القضاء على النموذج الإيرانى.
التركيز على ميزات النظام الإيرانى الديمقراطية، وتأكيد أن الجمهورية
الإسلامية استمرت فى إقامة الانتخابات حتى فى فترة الحرب العراقية، عندما
كان «العدو يقصف المدن»، على حد تعبير خطيب جمعة طهران المؤقت، آية الله
سيد أحمد خاتمى.
محاولة التحكم بوصول الأخبار المتعلقة بالثورات
العربية عموما والمصرية خصوصا إلى المواطنين فى إيران. وكمثال على ذلك، ما
قامت به السلطات من تشويش على قناة بى بى سى الناطقة بالفارسية، حسب
اتهامات إدارة خدمة بى بى سى العالمى.
الموقف الإيرانى من الاحتجاجات فى البحرين
فيما يلى استعراض لأهم معالم الموقف الإيرانى تجاه الأحداث فى البحرين:
إدانة
النظام البحرينى بلهجة شديدة غير مسبوقة، واتهامه بالإجرام، وسفك الدماء،
وتأكيد أن النظام سيُقضى عليه بسبب هذه الدماء. وشُنت حملة إعلامية كبيرة
ضد النظام فى وسائل الإعلام الرسمية كافة، من وكالات أنباء وصحف، وقنوات
فضائية ناطقة باللغات الفارسية والعربية والإنجليزية. التأكيد على «خصوصية
الظلم الذى يتعرض له شعب البحرين»، وخصوصا أن «ثورته تعرضت لإهمال إعلامى
من قبل وسائل الإعلام الاستكبارية»، حسب الرؤية الإيرانية. وهو ما دفع
إيران إلى استخدام كل إمكانياتها للضغط على وسائل الإعلام هذه لتغطية
الأحداث، بشكل غير انتقائى الهجوم الشديد على موقف علماء السعودية ــ الذين
أيدوا موقف حكومة البحرين ــ حيث رأت إيران فيه دعوة لإراقة دماء المسلمين
من قبل «العلماء المزيفين».
الرفض الكامل للتدخل السعودى عبر دخول
قوات درع الجزيرة إلى البحرين، وشن حملة إعلامية شديدة ضد القرار الخليجى
بهذا الخصوص، وما أعقبه من قمع للاحتجاجات فى دوار اللؤلؤة، ومستشفى
السليمانية، وغيرها من مواقع التظاهرات.
تنفيذ حملة دبلوماسية لحض الدول الإسلامية على «حماية الشعب البحرينى» ورفض التدخل الخليجى فى الأزمة.
لقد
قرأت الحكومة البحرينية ومؤيدوها فى الداخل والخارج، الموقف الإيرانى من
الأوضاع فى البحرين، على أنه يستند إلى أسس طائفية. وقد نفت إيران ذلك على
لسان أكثر من متحدث رسمى، وأكدت أن موقفها الثابت هو «دعم الشعوب فى مواجهة
المستكبرين، والوقوف إلى جانب جميع الشعوب المستضعفة فى العالم»، على حد
قول القائد الأعلى، على خامنئى.
الموقف الإيرانى من الانتفاضة السورية
اتخذت
إيران الرسمية، وتيارها المحافظ، موقفا مؤيدا للنظام السورى فى مواجهته
الانتفاضة الشعبية فى سورية، منذ انطلاقها فى 18 مارس الماضى. وظهر ذلك
التأييد، من خلال التبنى الكامل للرواية الرسمية السورية للأحداث؛ وشن حملة
إعلامية مماثلة للنموذج الإعلامى السورى؛ ووصف الانتفاضة الشعبية
بالمؤامرة الأجنبية التى تستهدف صمود ومقاومة سورية، من قبل الصهاينة
والغرب؛ والنظر إلى الأحداث على أنها «فتنة شبيهة بما حدث فى إيران فى
العام 2009».
ويمكن، من خلال تتبع الوسائل الإعلامية الرسمية
الإيرانية، ملاحظة مدى الدعم الإيرانى للنظام السورى، والتزام الإعلام
الإيرانى بنقل الرواية الرسمية السورية للأحداث، وتغييب آراء المعارضة. كما
أعلنت دعمها للإصلاحات التى أعلنها الرئيس بشار الأسد لتخفيف الأزمة.
ونظرا
للتقدير الشعبى العربى لمواقف السياسة السورية تجاه الغرب وإسرائيل، فقد
ركزت البيانات الإيرانية الرسمية، على أن الشعوب العربية تدرك أن ما يجرى
فى سوريا ما هو إلا «مؤامرة أمريكية لدعم الكيان الصهيونى».
من خلال
قراءة المواقف الإيرانية الرسمية، ومواقف رموز التيارين المحافظ والإصلاحى
فى إيران تجاه الثورات العربية، يمكن استخلاص النتائج التالية:
اتفقت
جميع الأطراف فى إيران على دعم الثورات الشعبية العربية فى مصر وتونس
وليبيا والبحرين، ولكنها اختلفت فى قراءتها لمنطلقات هذه الثورات.
رأت
إيران الرسمية وتيارها المحافظ، فى الثورات العربية استلهاما للثورة
الإسلامية الإيرانية، فيما رأى التيار الإصلاحى أن ثورته «الخضراء» فى
العام 2009 كانت البداية فى موسم الثورات الشعبية فى المنطقة.
ركزت
المواقف الرسمية ومواقف المحافظين على «إسلامية» الثورات العربية، فيما
نظر إليها الإصلاحيون كثورات شعبية ضد الظلم والاستبداد والفساد.
استثمر الإصلاحيون الثورات الشعبية العربية لمهاجمة الموقف الرسمى الذى
يؤيد هذه الثورات، ويقمع فى نفس الوقت، الفاعليات المؤيدة لها من قبل أنصار
الإصلاحيين.
خسرت إيران فى معركة العلاقات العامة مع الشعوب
العربية، بسبب طريقة تعاطيها مع الاحتجاجات فى البحرين، والتى قُرئت لدى
قطاع كبير من الشارع العربى، على أنها ذات أبعاد طائفية.
تسبب
الموقف الإيرانى الرسمى الداعم للنظام السورى ضد الانتفاضة الشعبية فى
سوريا، بانتقاد لاذع من قبل الإصلاحيين الإيرانيين، كما ساهم هذا الموقف فى
إظهار السياسة الإيرانية أمام الشارع العربى، وكأنها تقدم المصالح
السياسية على قيم العدالة والحرية. وبشكل عام، تعاملت إيران الرسمية
وتيارها المحافظ، مع الثورات العربية من زاوية سياستها الخارجية،
وتحالفاتها الإقليمية، وسعيها لتكرس الجمهورية الإسلامية كدولة إقليمية
كبرى فى الشرق الأوسط، وحاملة للواء الدفاع عن الشيعة فى العالم. أما
التيار الإصلاحى فتعامل مع هذه الثورات من زاوية رؤيته للإصلاح داخل نظام
الجمهورية الإسلامية، وسعيه لتغيير الواقع فى إيران.