منذ بدايات الثورة السورية وحتى تاريخ خروج أهالي مدينة حمص من أحياء حمص الثائرة المحاصرة الى الشمال السوري، كان يوجد في الأحياء الموالية للنظام السوري سوق اسمه "سوق السنّة" وهو بازار يتم فيه عرض المسروقات التي تم سرقتها من منازل أهالي حمص وبيعها في أحياء النزهة والزهراء وعكرمة، وكان من أهم تلك الأسواق هو سوق "شارع العشاق سابقاً" بعد دوار النزهة بقليل، كان ذلك الشارع مشهور للتنزه والمشي والتبضع من المحلات المتنوعة التي كانت هناك، ولكن بين ليلة وضحاها تحول الى سوق للمسروقات.
كان الزبون يجهل ماهي القيمة الحقيقية لكل قطعة ان كانت كهربائية أو الكترونية أو حتى مفروشات....الخ، يقوم بدفع مبلغ زهيد مقابل كمبيوتر محمول قد يحتوي على آلاف القصص والصور والمعلومات المهمة لصاحبه الذي تمت سرقته من منزله، فقد يكون طالباً أو مهندساً أو ناشطاً..
لايهم من هو صاحب تلك القطعة، فالمشتري يعلم شيئاً واحداً أن صاحب تلك القطعة ارهابي تكفيري يجب ذبحه ونهبه واخراجه من منزله عنوةً، وكانت مهمة السرقة هي أحد مهام اللجان الشعبية الموالية للنظام التي تشكّلت من أبناء تلك الأحياء الموالية.
كان المواطن الحمصي الذي يتعرض منزله للسرقة لايحتاج لأن يذهب الى قسم الشرطة للتبليغ عن السرقة، ويكفي أن يذهب الى "سوق السنّة" للبحث عن مسروقاته وإعادة شراء تلك المواد بأسعار زهيدة، تخيل أن تشتري خزانتك أو غرفة النوم خاصتك من سوق المسروقات!
كان النظام يمنح اللجان الشعبية حرية السرقة لمنازل أهالي حمص كمكافأة لهم على أعمالهم الإجرامية في مساندة قوات النظام في قتل المدنيين وتهجير أهالي المدينة، ولاحقاً بعد تقييد حريتهم في السرقة بسبب حصار حمص الطويل فتحولت المكافأة الى "سحارة برتقال" لروح كل شبيح فدا الأسد أو "عنزة" أو "ساعة حائط".
وأنا شخصياً سُرق أساس منزلي بأكمله، حتى أشرطة الكهرباء تم سحبها من الحائط، فهل سأجدها يوماً ما في منزل صديقي الذي اشتراها بثمن بخس من سوق السنّة؟.
#ذاكرة_الثورة_السورية