تقرير حقوقي
"القوات الروسية أيَّدت غالباً قوات الأسد في هجوم خان شيخون الكيميائي"
شبكة شام
--
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تقريراً بعنوان "القوات الروسية أيَّدت غالباً قوات النظام السوري في هجوم خان شيخون الكيميائي" وثَّقت فيه تفاصيل الهجوم الكيميائي الذي شنَّته طائرات الأسد على مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي في 4/ نيسان/ 2017 والهجمات الروسية التي تلت الهجوم.

وذكر التقرير أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان أصدرت 25 تقريراً عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا استعرضت فيها جميع الهجمات الموثقة، والتي بلغت 33 هجمة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2118 الصادر في 27 أيلول 2013، و169 هجمة قبل القرار رقم 2118، منهم 100 هجمة بعد القرار رقم 2209 الصادر في 6/ آذار/ 2015، و44 هجمة بعد القرار رقم 2235 الصادر في 7/ آب/ 2015.

وبحسب التقرير فإنَّ معظم هجمات نظام الأسد بالأسلحة الكيميائية قد تمَّت عبر استخدام غاز يُرجح أنه الكلور، وذلك عبر إلقاء مروحيات براميل مُحملة بغاز الكلور، كما استخُدِمت في بعض الأحيان قذائف أرضية وقنابل يدوية مُحمَّلة بغازات سامة، مشيراً إلى أنَّ هجومين على الأقل بعد هجوم الغوطتين استخدم نظام الأسد فيهما غازاً يبدو أنه مُغاير لغاز الكلور، يعتقد أنه نوع من غازات الأعصاب هما هجوم ريف حماة الشرقي في 12/ كانون الأول/ 2016 وهجوم خان شيخون في 4/ نيسان/ 2017.

ووفق التقرير فقد تسببت الهجمات الكيميائية جميعها في مقتل ما لا يقل عن 1420 شخصاً، يتوزعون إلى: 1356 مدنياً بينهم 186 طفلاً، و244 سيدة (أنثى بالغة)، و 57 من مقاتلي المعارضة المسلحة، و 7 أسرى من قوات الأسد كانوا في أحد سجون المعارضة، وإصابة ما لا يقل عن 6634 شخصاً.


وأضاف فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان: "حتى بعد أن قامت الإدارة الأمريكية الحالية بقصف مطار الشعيرات، فقد كرَّر النظام السوري استخدام الأسلحة الكيميائية في حي القابون في العاصمة دمشق، وذلك بعد عدة ساعات من الضربة، علَّمتنا التجربة مع النظام السوري أنه سوف يقوم باختبار الحدود المسموح له تجاوزها، وسوف يستمر في استخدام الأسلحة الكيميائية لاحقاً في حال توقف المجتمع الدولي عن ردعه".

وجاء في التقرير أنه قرابة الساعة 06:49 من يوم الثلاثاء 4/ نيسان/ 2017 نفَّذت طائرات ثابتة الجناح من طراز SU-22 تابعة لنظام الأسد هجوماً على الحي الشمالي من مدينة خان شيخون بأربعة صواريخ أحدها كان محملاً بغاز سام، والذي تسبَّب في استشهاد 91 مدنياً خنقاً، بينهم 32 طفلاً، و23 سيدة (أنثى بالغة)، وإصابة ما لا يقل عن 520 آخرين، كما أشار التقرير إلى تسجيل عدة غارات جوية وقعت بعد الهجوم الكيميائي بوقت قصير استهدفت عدة طرقات مؤدية إلى مدينة خان شيخون، وقد أعاق ذلك بشكل كبير عمليات الإسعاف ونقل الحالات الحرجة إلى مشافٍ ومراكز طبية على الحدود التركية.

ووثق التقرير وقوع عدة هجمات يُعتقد أنها روسية استهدفت مركزاً طبياً، ومقراً لمنظمة الدفاع المدني السوري، كانا يُقدمان خدمات الإسعاف لمصابي الهجوم الكيميائي وهذا بحسب التقرير يُشير ليس فقط إلى معرفة القوات الروسية بالهجمات الكيميائية التي شنَّها نظام الأسد، بل إلى تورطها بشكلٍ مخزٍ.

واعتمد التقرير بشكل أساسي على مقابلات مع ناجين أصيبوا في هجوم الأسلحة الكيميائية، وأطباء عالجوهم، ومسعفين، وشهود عيان، وعناصر من الدفاع المدني، واحتوى التقرير شهادات لمراقبين يعملون على التقاط إشارات الرادار الخاصة بالطائرات وتتبع المكالمات بين الطيار والقاعدة الجوية التي أقلع منها وتضمَّن التقرير 12 شهادة إضافة إلى تحليل الصور والمقاطع المصورة التي أظهرت مصابين يُعانون من أعراض اختناق وصعوبة في التنفس وتَكَزُّز في العضلات وخروج زبدٍ من الفم وتضيُّقٍ شديد في الحدقات، كما استعرض صوراً أخرى أظهرت الفوهة التي تركها اصطدام الصاروخ بالأرض وغلافاً خارجياً له وغطاء فتحة الحشو الخاصة به.

وأشار التقرير إلى وجود نيَّة جُرميّة مُبيَّتة لدى قوات الأسد لتنفيذ الهجوم الكيميائي وإيقاع أكبر ضرر ممكن من خلال اختيار توقيت القصف فجراً والغارات التي استهدفت عدة مراكز طبية قبل الهجوم وبعده إضافة إلى الغارات التي استهدفت الطرق المؤدية للمدينة؛ ما جعل هذا التكتيك يُشبه إلى حد بعيد ما قام به نظام الأسد في هجوم الغوطتين في 21/ آب/ 2013.


وذكر التقرير إنَّ فرضية استهداف قوات الأسد مخزناً لتصنيع الألغام الكيميائية حسب الرواية الروسية لا تدعمها أيَّة أدلة على الأرض فالحي الشمالي المستهدف حيٌّ سكني، ولا تُشير التحقيقات التي خلص إليها التقرير إلى وجود أيَّة مخازن أسلحة كيميائية في المنطقة.

وجاء في التقرير أنَّ المبدأ الذي يتمُّ به تحضير الأسلحة الكيميائية الثنائية يعتمد على خلط المكونات قبيل استخدام السلاح فغاز السارين على سبيل المثال ينتج عن معالجة نواتج تفاعل كحول أيزوبروبيل مع ميثيل فوسفونيل ديفلوريد فلو أنَّ المخزن الذي زعمت الرواية الروسية السورية أن غارات النظام استهدفته كان يحوي الخليط الثنائي للسارين فعلاً فإنَّ توجيه قنبلة على هذه المواد لن يؤدي إلى انتشار غاز السارين ولن يُسبب هذا الكم من الضحايا والمصابين، كما أنَّ التفجير سيؤدي إلى إنتاج مركب كحولي هو أيزوبروبيل الذي سيسبِّب اشتعال نار بشكل كبير وهو ما لم يُسجِّله التقرير من خلال الصور.

وأكَّد التقرير أن قوات الأسد انتهكت القانون الدولي الإنساني العرفي الذي يحظر استخدام الأسلحة الكيميائية مهما كانت الظروف، وخرق بما لا يقبل الشكَّ "اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية" التي صادقت عليها حكومة الأسد في أيلول/ 2013، التي تقتضي بعدم استخدام الغازات السامة وتدميرها، وخرق جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبشكل خاص القرارات رقم 2118 عام 2013، و2209 عام 2015، و2235 عام 2015، كما أنَّ استخدام الأسلحة الكيميائية يُشكل جريمة حرب وفقاً لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

كما أشار إلى أنَّ اتفاقية الأسلحة الكيميائية التي صادقت عليها الحكومة الروسية، تمنع بشكل قاطع أي نوع من المساعدة أو التشجيع على المساهمة في أي نشاط محظور على أي دولة طرف، ولقد أظهرت عدة أدلة تورط القوات الروسية بتقديم مساندة تمهيدية، ولاحقة، لقوات الأسد.

وأوصى التقرير الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بضرورة دعم الآلية الدولية المحايدة المنشأة بقرار الجمعية العامة رقم 71/248 الصادر في 21/ كانون الأول/ 2016 وفتح محاكم الدول المحلية التي لديها مبدأ الولاية القضائية العالمية، وملاحقة واحدة من أخطر جرائم الحرب في هذا العصر، وهي استخدام الأسلحة الكيميائية، وحثَّ التقرير لجنة التحقيق الدولية على المباشرة بالتحقيق في حادثة خان شيخون وحوادث القصف التي سبقتها وتحديد المتورطين فيها.

وأكَّد التقرير على ضرورة قيام الأعضاء الأربعة الدائمين في مجلس الأمن بالضغط على الحكومة الروسية لوقف دعمها لنظام الأسد الذي يستخدم الأسلحة الكيميائية، وكشف تورطها في هذا الصدد.

وطالب التقرير الحكومة الروسية بالتوقف عن استخدام الفيتو بهدف حماية نظام الأسد المتورط بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وباستخدام الأسلحة الكيميائية وفتح تحقيق عن دعم القوات الروسية في سوريا لنظام الأسد في هجمات خان شيخون والتوقف عن منع إحالة الملف في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، منوهاً إلى وجوب قيام مجلس حقوق الإنسان بتسليط الضوء بشكل أكبر على خرق النظام السوري لقرارات مجلس الأمن.

وشدَّد على ضرورة تزويد دول أصدقاء الشعب السوري المناطق المعرَّضة للقصف بالغازات السامة (في ظل عجز مجلس الأمن عن إيقاف الهجمات) بأقنعة واقية، وتُقدِّر الشبكة السورية لحقوق الإنسان احتياجات تلك المناطق بما لا يقل عن 20 ألف قناعٍ واقٍ، إضافة إلى مُعدَّات لإزالة آثار التلوث الكيميائي.
-------------