تحقيق لقصيدة الزمخشري في الصبر على طلب العلم :
25 / 3 / 2017
كتبه : أبو ياسر السوري
================
25 / 3 / 2017
كتبه : أبو ياسر السوري
================
وأقـــول :
هذه الأبيات هي للزمخشري رحمه الله .. المتوفى 538 هـ وهي مما كنا نسمعه من أساتذتنا منذ الصغر .. ولكنني فوجئت بأنها منشورة في مواقع عدة من النت ، منسوبة لغير صاحبها ، مما دفعني إلى البحث للتحقق من قائلها .. وطال المشوار معها حتى استغرق ساعات عثرت فيها على الآتي :
1 - وجدت أن هذه الأبيات الجميلة قد نسبت لغير قائلها .. فهنالك من نسبها خطأ للشافعي رحمه الله المتوفى 204 هـ ، وهنالك من غلط فنسبها لصاحب روح المعاني العلامة الآلوسي رحمه الله المتوفى 1270هـ . وللآلوسي أيضا مقامات عارض بها مقامات الزمخشري .. فلما تمثل بهذه الأبيات في بعض كتبه ، ظن بعضهم أنه صاحبها ..
2 - وقع في ألفاظ هذه الأبيات كثير من التحريف ، مما جعل بعض أبياتها مستغلقة عن الفهم .. فمثلا نشر البيت الثالث محرفا هكذا :
[ وصرير أقلامي على أوراقها : أحلى من " الدكَّاء " والعشاق ]
وصوابــــــــه :
[ وصرير أقلامي على أوراقها : أحلى من " الدوكاه " والعشاقِ ]
إذ لا معنى لكلمة " الدكاء " في هذا السياق . وصوابها أن يقال " الدوكاه " وهي ضرب من الموسيقى من مقام البيات ..
والتحريف الآخر
قولـــــــــه :
[ يا من يحاول بالأماني رتبتي : كم بين "مستغل " وآخر راقي ]
صوابـــــــه :
[ يا من يحاول بالأماني رتبتي : كم بين "مستعلٍ" وآخر راقي ]
فـ " مستغل " أي من وجد الشيء غاليا ، وليس لهذا المعنى هنا مكان في مقابلة " الراقي " التي هي من الرفعة والرقي .. والصواب أن تكون الكلمة بالعين المهملة " مُستعلٍ " أي مدعي العلو ، ليقابل بها ما بين ، مدعي الرقي ، والراقي حقا وليس ادعاء .
3 - هذا ، وقد عثرت أثناء بحثي عن قائل هذه الأبيات على كلام شاف واف لشيخنا الشيخ عبد الفتاح أبي غدة رحمه الله ، حيث أورد هذه الأبيات في كتابه : "صفحات من صبر العلماء " ثم علّق عليها في الحاشية ، وإليك ما قال بحروفه :
"هذه الأبيات وجدتُها معزوَّةً للزمخشري، في الترجمة المذكورة له في آخر تفسيره "الكشّاف" التي كتبها الشيخ إبراهيم بن عبد الغفار الدسوقي رئيس المصححين بدار الطباعة المِيرية (البولاقيّة) في مصر، المتوفى سنة 1300 - رحمه الله تعالى -، في طبعة "الكشّاف" البولاقية سنة 1281، ثم نُقِلتْ عنه في الطبعات التي تلتها، ولم أقف عليه في مصادر ترجمته التي رجعتُ إليها.
وذكر هذه الأبيات العلاّمة الآلوسي المفسر المتوفى سنة 1270 في كتابه: "غرائب الاغتراب" ص61، في سياق كلام له قائلاً: "...يحق لي أن أقول..." ثم أوردها، وجاء فيها عنده البيت الخامس، ولم يَرِد في سياقة الترجمة المذكورة. ولا شكَّ أنه تمثَّل بها، فقد ذكر العلامة الفقيه أحمد الطَّحْطَاوي الحنفي المتوفى سنة 1231، في حاشيته على "الدر المختار" 1/22، الأبياتَ الأربعة الأولى، وعزاها إلى التاج السبكي، وتابعه العلامة الفقيه ابن عابدين في حاشيته: "رد المحتار على الدر المختار" 1/23، ولعلَّ التاج السبكي تمثل بها، فهي بشعر الزمخشري وأسلوبه أشبه، والله تعالى أعلم". ا.هـ " كتاب صفحات من صبر العلماء" ط 9 / ص 139.