الأسوأ هو الذي لم يُذكر!
منذ العام 2011 اتخذت الحقوقية السورية (سيما نصار) مهمة العمل الحقوقي وبالتحديد توثيق ما يقترفه النظام السوري في ملف المعتقلين والمختفين قسريًا داخل سجونه.
لم يكن تقرير منظمة العفو الدولية (أمنيستي( الصادر قبل يومين حول سجن صيدنايا العسكري في سوريا بعنوان "المسلخ البشري" هو أول توثيق تشارك فيه نصار العاملة في منظمة (Urnammu)، لكن وجودها ضمن فريق أمينستي تحت اسم (اورنمو) كان من التجارب الأكثر وجعًا على نفسها، "بلدي نيوز" تحاول في السطور القادمة الوقوف على تجربة "نصار" في توثيق هذا التقرير وفي تجربة التوثيق الحقوقي بشكل عام، إذ تحمل هذه الحقوقية السورية الكثير من الآلام والأسرار في جعبتها.
تحمل (سيما نصار) أدوات التوثيق خاصتها، وتتجه بخطى واثقة نحو أم سورية لديها ابن في معتقلات النظام السوري، تمتلك الفتاة الحاصلة على درجة البكالوريوس في علم (الإنسانيات) معلومات سابقة مؤكدة بأن هذا المعتقل قد قضى نحبه تحت وطأة التعذيب لكن عليها إخفاء ذلك عن الأم التي تعتقد أن ابنها ما زال حيًا.
تقول نصار: "لا شيء أصعب من هذا الحديث، كنت أعتصر ألمًا وهذه الأم أمامي تصبر نفسها على أمل اللقاء بابنها، وتلهج بالدعاء لخروجه، وأنا أكتم عنها خبر إعدامه"، تصمت قليلًا ثم تتابع: "لم يكن دورنا إخبارها، لكن مجرد الحديث مع شخص مقتنع أن المعتقل حي وأنت تعلم أنه ميت مؤلم جدًا" .
تغادر "نصار" المكان، وتترك هذه الأم في أملها الكبير، لكنها تدرك أن هذه الأم سوف تعلم عندما تصلها نتائج هذا التقرير أن الفتاة التي جلست أمامها أخفت عنها خبر موت ابنها، تقول نصار: "يأتي الأصعب بالنسبة لي، عندما أعلم أن تلك الأمهات سوف تستنتج أن ابنها كان ضمن أعداد أحصاها التقرير كموتى"، وتضيف: "يضايقني أن يقرأ الأهالي عن جزء مما نال أبناءهم من ويلات عذاب سواء من أفرج عنهم، أم أولئك الذين لم يفرج عنهم لأنهم قضوا نحبهم".
يصل الأمر بـ(نصار) لأمنية أن لا يصل للسوريين عذابات ما يحدث في سجون النظام من أجل تخفيف عزائهم، إلا أنها تؤمن أن مهمتهما تلك ستحقق أهدافاً جمة، تقول: "لا يوجد أسرة إلا لها معتقلان أو ثلاثة، غاية هذا التوثيق إحداث ضغط لتحويل الملف للمحكمة الدولية"