الناس قبل ظهور الفيسبوك وبعده  :
5 / 9 / 2016
بقلم : أبو ياسر السوري
===============
قبل ظهور الفيسبوك كان الناس غير الناس بعده ..
فكان لا يتكلم في الموضوع إلا من يتقن الكلام فيه .
ولو تجرأ وتجاوز المرء حده فتكلم من غير دراية ، انصرفت عنه الأسماع ، وسقط اعتباره بين سامعيه . بل ربما انبرى للرد عليه من يعرفه بخطئه ، وينصحه أن لا يعود إلى الكلام فيما لا يحسن الكلام فيه  ..
وكان الناس قبل الفيسبوك يستحيي بعضهم من بعض ، ويعطى كل منهم غيره حقه من الاحترام والتقدير .. ولو حدث مثلا فتجرأ الصغير على الكبير ، فأقل ما يوصف به أن هذا الصغير قليل الحياء عديم التربية ..
لقد تغير الناس بعد ظهور الفيسبوك .. وكما يقول المثل الشعبي : " ضاعت الطاسة"
وانفتح باب الكلام على مصراعيه .. وصار يحق لكل من شاء أن يتكلم فيما شاء ..
وصار مباحا لكل من شاء أن يسيء الأدب ، مع من شاء ..
وصار الخائن يتهم الأمين . والبهيم يعيب على الفهيم .. والجاهل يتطاول على العالم .
سبحان الله وكأن الفيسبوك صار نافذة العبور لكل الشرور ..
يا ناس .. نحن مسلمون قبل الفيسبوك وبعده ..
ونعلم أن الله يسمع ويرى .. فلماذا لا نرضي الله بلين الكلام .. وتبادل السلام ..
إذا نشر أحد الإخوة بشارة لرفع المعنويات عن نصر في موقع .. أو تحرير قرية .. أو إلحاق هزيمة بالعدو ..فسرعان ما ينبري لهذا الناشر متفاصح فيتهمه بقص الأكاذيب ولصقها .. ويشكك بالخبر ، ويقول المعركة ما زالت دائرة ، والطيران يرمي بحممه ، ولا ندري ما تنجلي عنه الأمور .. وهذا أسلوب عابه الله على أصحابه ، وسماهم المرجفين في المدينة ، الذين كانوا يثيرون الأراجيف ، وينشرون الوساوس والدسائس ، ويحاولون تخويف المسلمين مما ينتظرهم من شرور .. فقال تعالى فيهم " لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * " بل لا يكتفي صاحبنا بالتكذيب والتشكيك والتلويح بضعف المجاهدين ، والاستخفاف بهم وبوعودهم بالنصر .. بل يتجاوز كل الحدود فيصف من لا يعجبه كلامه بأنه حمار وجحش وابن ستين .....
وسبحان الله مرة أخرى .. لماذا ساءت أخلاق الناس بعد الفيسبوك .؟
لماذا صارت المخاشنة في الكلام بينهم ظاهرة تكاد تكون عامة .!!!
ألم نقرأ قوله تعالى في قرآنه الكريم : « وقولوا للناس حسنا » « وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسنُ » « وجادلهم بالتي هي أحسنُ » .؟؟
ألم نقرأ قوله صلى الله عليه وسلم « يا معاذ أوصيك بلين الكلام وبذل السلام وخفض الجناح » وقوله لعمرو بن عبسة « الإسلام لين الكلام وإطعام الطعام» وقوله عليه الصلاة والسلام « إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن ألان الكلام ، وأطعم الطعام ، وتابع الصيام ، وصلي بالليل والناس نيام » .؟؟؟
أخي السوري : كن هينا لينا مع أخيك .. ومع أي أحد تخاطبه من الناس ..
وأعمم هنا الخطاب ، لأن ما نتحدث فيه الآن هو مما يهم العامة ، مسلمين وغير مسلمين ، لأنه دعوة إلى التخلي عن خلق ذميم ، والتمسك بخلق كريم . فما كان العنف في شيء إلا شانه .. وما كان اللين في شيء إلا زانه ..
وتقبلوا تحياتي .. واحترامي .. وتقديري .