انتبهوا يا إخوتي ! وإلا فغزاة الغرب من أبنائنا


فراس السقال


ثم قال ملك الجبال : يا محمد ، إن الله قد سمع قول قومك لك ، وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك ، فما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين "، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا».
ساسة الغرب الآن ينفّذون مخططاتهم الخبيثة وبآمال مستقبلية ، وذلك بإغراء من فروا من أوطانهم بحثاً عن ملاذ آمن ، فيستقدمون اللاجئين المسلمين عموماً والعرب السوريين خصوصاً ، يرمون لهم حبال النجاة وإطارات الهواء لصيدهم ، فيساعدونهم ويَهبونهم ما يريدون من ضروريات العيش من (سكن ورواتب وتسهيلات صحية ..) في حين يسقونهم شراب النسيان الدافئ ، وعقار الاسترخاء الـمُسكّن ، يهيئونهم لتطهير شامل (بدني وعقلي وحسي وقلبي وفكري) ليصلوا بذلك إلى المرحلة الأخيرة الحاسمة "التطهير الإيماني" وهو المطلوب.
أما شعوبهم المنتفضة (الشعوب المضيفة) ، فهم في حالة غليان وغضب من حكوماتهم لهذا السيل الجارف ممن (حسب تفكيرهم) سيشاركونهم حياتهم وأرزاقهم ، فيُدخِلون عليهم ما لا يريدونه ، ويضيّقون عليهم بلادهم ، فيجيب الساسة شعوبهم (بابتسامة صفراوية حاقدة) : اصبروا وصابروا ، وخذوا نفساً طويلاً ، وضعوا أيديكم وأرجلكم في ماء بارد ، ولا تقلقوا فنحن نفكر ونخطط لكم ، ولكنّ الثمرة ليست الآن .. فنظرتنا بعيدة إلى سنوات قادمة ، فعسى أن يَخرج من أصلابِ هؤلاء اللاجئين من لا يعبد الله ويشرك به أشياء وأشياء ، فيترك دينه ، ويتنكر لإسلامه ، وينسى أصله ، فيبدل أخلاقه كما تبدل الحية ثوبها ، وصبركم لن يضيع سدى. (مع فارق التشبيه عما بدأنا به).
بينما نحن نتلقى كل صباح قصصاً محزنة مخزية تترى من بلاد الغرب ، عن إخوة لنا تركوا بلادهم مُكرَهين ، ونحن نعلم ظروفهم التي أجبرتهم على ذلك ، بعدما تنكر لهم الإخوة الأشقاء في الدم والدين من العرب والمسلمين ، فوجدوا ضالتهم في بلاد الكفر ، فهرعوا إليها مرغمين متشوفين للحياة فقط ، وكل ذلك نغض الطرف عنه ، أما ما لا يستطيع عقل إدراكه ، ولا فكر تصوره ، هو ما آلَ إليه حال بعض تلك الأسر المهاجرة ، من الميوعة والسُكْر بل من الانحلال والذوبان، حتى أصبحوا بين تلك الثقافات الـمُنحلّة خليطاً (كوكتيل) واحداً لا تنفك عناصره إلا بإحراقه.
نعم هذه النظرة من تلك زاوية ، لكنها وللأسف نظرة واقعية لا سوداوية تشوبها ، وفي نفس تلك الزاوية أخلو بنفسي ، فأحِنّ لأهلي وعائلتي ، وأرقب إخوتي وأترابي ، وقد بَعُدتْ خطاهم وترامت ، وحالت بحور الأفكار الدخيلة المتلاطمة بيننا ، لا بحور المياه الدافئة المائجة فحسب ، أبكي أحياناً على غربتي ساعة وعلى غربة أفكار إخوتي ساعات ، أقول في قرارة نفسي هل سيولد ابن أخي أو حفيد أختي (المهاجرَين) ويُدرج في شهادة الميلاد بـ طوني أو ميشيل أو جورج أو مارسيدس ؟ وهل سيغسل بماء الكنيسة ليُعمّد ؟ ويشار له بالصليب فيقدس ؟ ويُصب له قدح النبيذ ليُبارك ؟ ويحنك بماء الكره لأجداده المسلمين بإناء من ذهب ؟ وبعد سنين سيعود إلينا ذاك المولود المبارك ، سليل عائلتنا الكريم غازياً محتلاً مغتصباً ، يهدم المأذنة ويستبيح المحرّم ، مرتدياً الكِبة (قبعة اليهود) فيرفع الصليب قائلاً : ها قد عدنا يا صلاح الدين ، بلا أخلاق ولا أصل ولا دين !
وتُدوّي الهتافات الغربية المنتصرة عالياً ، بتمجيد آباء وأمهات هؤلاء الغزاة (اللاجئين سابقاً) ، ويُخلِد التاريخُ ذكراهم وذكر آباءهم ، فيصنعون تماثيلاً لهم ، وشعاراً عريضاً تحته : "هؤلاء الذين باعوا أخلاقهم وشرفهم ودينهم بدنيا غيرهم".
وأنتقل إلى الزاوية المقابلة فأرنو أشخاصاً من لحمي ودمي ، قد أرست بهم سفنُ الشدّةِ بشواطئ الغرب ، فما ركنوا لترحيبهم ، وما استكانوا لخداعهم ، وما تعثرت خطاهم بلزوجة أفكارهم ، ومزلق ثقافاتهم ، وهم الآن كمن يعيش في مزرعة ألغام ، يحذرون في مشيهم ، ويتبصرون موضع أقدامهم ، ويألمون لأي هفوة سهواً ، ويحزنون مما تسوقوه لهم أقدارهم لرؤيته ، وبعد ذلك يستغفرون ربهم عما ابتلت به العروق ، ويتحينون الفرص للهروب عائدين لأرض النجاة حضن الأمهات جذر الأجداد ، فلم تغريهم سفاهة حياة تلك الأقوام ولا عيشهم الممزوج بالحقد والكراهية والبغض الدفين.
فيا إخوتي الأحبة أوقدوا بذور أصولكم النبيلة الطيبة ، فلا تركنوا لدنيا غيركم الفانية المزيفة ، ولا تأملوا بمعسول كلماتهم السامة خفية المصحوبة بالرقة والعطف ، فالخير كل الخير في تعاليمنا الإيمانية ، وأخلاقنا الرحمانية ، وتقاليدنا الإسلامية .
إخوتي : انتظركم في تلك الزاوية أرقب ريحكم ، فالوطن يطهو حساءكم المفضل فلا تتركوه يبرد .

http://o-t.tv/lys
أرحب بملاحظاتكم على المقال