لماذا أمر الإسلام بحجاب المرأة ولماذا يحاربه الغربيون :
( الوقفة الأولى )
12 / 7 / 2016
بقلم : أبو ياسر السوري
=============
1 - النساء شقائق الرجال ، وهُنَّ في التعداد العام للبشرية التي اسكنها الله تعالى الأرض ، أكثر من نصف المجتمع ، وقد شاء الله تعالى أن تكون المرأة زوجة وأما وبنتا وأختا وعمة وخالة وجدة . وهي المحضن الذي يتربى الأبناء في كنفه ، وينهلون من حنانه . وهي شريكة الرجل في تحمل أعباء الحياة ، تهيئ له طعامه وشرابه ، ويجد لديها السكن والأنس والراحة والسعادة . وهي المدرسة التي تنشئ أبناءها على القيم الإنسانية السامية ، وتربيهم على الحب والإيثار والصدق والأمانة والشجاعة والتضحية والكرم والبر والتعاون على الخير وعدم التعاون على الإثم والعدوان .. والأم هي التي تغرس في نفوس أبنائها غراس الفضيلة ، فيتعلمون منها معاني الطهر والعفاف والشرف والعرض.. وتنأى بهم عن الرذيلة، وأقذارها الخلقية ، فتحذرهم من الخيانة والكذب والتهتك والفجور والعهر والزنا.. وهكذا تساهم المرأة في إقامة حياة نظيفة كريمة نافعة سعيدة على هذا الكوكب الذي قدر الله تعالى أن نعيش فيه فترة محدودة ، ثم نرجع بعدها ، إلى حياة أبدية خالدة ، لا انتهاء لها، في جنة أعدت للأخيار، أو نار أعدت للأشرار .
2 - وهذا يعني أن المرأة لها دور خطير في هذه الحياة ، وأنه على صلاحها يتوقف صلاح المجتمع وعلى فسادها فساده ، لذلك أمر الدين برعايتها ، وحمايتها ، والمحافظة عليها ، وكلف الرجل بالإنفاق عليها وتحمل مؤونتها ، فأعفاها من الكدح في طلب الرزق وتأمين تكاليف العيش ، وأعفاها من الجهاد في سبيل الله لإقامة حكم الله في الأرض . وأمرها بالقرار في البيت ، وجعل بيتها مدار نشاطها التربوي والاجتماعي والخلقي ، وصانها من الابتذال والاستغلال ، فلا مدير دائرة يستغلها ، ولا رب عمل يستذلها ، وحسبها أن ترضي زوجها ، وشريك حياتها في أداء مهامها ضمن بيتها ، الذي هو مملكتها ، ودائرة عملها الذي خلقت له بقدر الله .
3 – وقد علم الشيطان أن إفساد حال المرأة هو إفساد لحال البشرية كلها ، وأن عريَّ المرأة ، هو الثغرة الأخطر ، التي ينفذ منها الشيطان إلى غواية البشر جميعا . قال تعالى ( يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ )الأعراف27 وقال تعالى ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا) الأعراف20
فدل ذلك عَلَى أَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ عليهما السلام ، كَانَا فِي سِتْرٍ مِنَ اللَّهِ يَسْتُرُ بِهِ سَوْءَاتِهِمَا ، وَأَنَّهُمَا لَمَّا أَكَلا مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَاهُمَا ربُّهُمَا عنها انْكَشَفَ ذَلِكَ السِّترُ بِسَبَبِ تِلكَ الزَّلَّةِ . فَبَدَتْ لهما سَوءَاتهُمَا أَي : عَورَاتُهُمَا فحاولا سترهما ( وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ) طه121 .. وكما تلاحظون َسُميتَ العورَةُ في الآية " سوأَةً " لأن انكِشَافها في الأصل هو مما يسوءُ الإنسان صَاحِبَ الفطرة السليمة .
ولهذا امتن القرآن على بني آدم بنعمة اللباس الذي يزين صاحبه ، ويستر سوأته عن عيون الآخرين . قال تعالى ( يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً)الأعراف 26 فاللباس ستر وزينة ، والعري سوأة يحسن سترها ، وليس عنوان تقدم ولا حضارة ، وإنما هو قذارة وفاحشة ، بل هو ارتكاس إلى مستنقع حيواني لا يليق بكرامة البشر . ففي أفريقيا كان قسم كبير من البشر يعيشون عراة ، لا يعرفون اللباس لأنهم متخلفون ، مثلهم في ذلك مثل الحيوانات التي يعايشونها في تلك الغابات والأدغال .. فإذا رأيت مجتمعا يمجد العري فاعلم أنه منحرف الذوق ، مختل الفطرة ، فيه لوثة من بهيمية ، وفيه شبه من القرود التي ترفع مؤخراتها الحمراء مفاخرة بها ..
4 - وقد استطاع الشيطان أن يدخل إلى الذائقة العربية قبل الإسلام ، وجردهم من الحياء الذي هو من أخص خصوصيات الإنسان ، فأقنعهم بأن يطوفوا بالبيت عراة رجالا ونساء ، زاعمين أنه لا ينبغي أن يطوفوا ببيت الله في ثياب عصوا الله فيها .. معتقدين أن ذلك مما أمر الله به عباده ، فرد القرآن عليهم مزاعمهم ، فقال تعالى : ( وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ .؟ ) الأعراف 28 
5 – إن ما يسمونه عصر النهضة ، هو عصر النكوس إلى أسفل ، فقد خرج على الناس قاسم أمين يمجد السفور ، ويذم الحجاب الإسلامي ، ووجد من آزره على ذلك في زمانه ، فوقف معه بعض الفسقة من المنتمين إلى الثقافات الغربية، من أمثال رفاعة الطهطاوي وطه حسين وهدى شعراوي وأخيرا أمينة السعيد ، ونوال السعداوي التي تخطت كل الحدود والقيود ، وصارت تدعو إلى التهتك والعري ،وتطالب بتشريع زواج المثلين ، وتهاجم الحجاب الإسلامي ، وتراه تخلفا ورجعية ورذيلة . ولم تعدم الساحة من يؤيدها ، ويعزف على نفس هذا الوتر ..
واستطاع هؤلاء المستغربون أن يجعلوا من مصر وكأنها قطعة من أوربا ، في عاداتهم وتقاليدهم ولباسهم واختلاطهم ، وما لبث أن سرى الداء إلى بقية أقطار العالم العربي الإسلامي ، حتى صارت المحجبة توصم بأنها مكفنة بكفن أسود ، أو أنها إحدى سجينات البيوت ، أو إحدى معتقلات الرجل الشرقي ، وأحيانا يصفونها بـ " حريم السلطان" .. يقولون هذا وهم يقهقهون ساخرين ...
إنهم يريدون أن تكون المسلمة سلعة رخيصة تعرض جسدها على كل ساقط .. وأن تكون نهبة لكل لاقط . ويريدون أن يستمتع المارة بالنظر إلى جسدها في الشارع ، وفي مكان العمل المختلط مع الرجال، وفي المسابح والنوادي والحدائق العامة، وعلى شواطئ البحار..
يريدون من المرأة المسلمة أن تستبدل البكيني بالبرقع ، وأن ترتاد نوادي العراة ، ومخادع الفسقة والزناة .. هكذا يريد دعاة نزع الحجاب للمرأة العربية المسلمة أن تكون .. إنهم لصوص أعراض ، ودعاة على أبواب الفجور . لسنا منهم ، وليسوا منا .. لا هم عربا ولا مسلمين ..
" للكلام بقية "