لن يغير الله تعالى ما بنا إلا بعد تغيير ما بأنفسنا
3 / 7 / 2016
بقلم : أبو ياسر السوري
==============
يا أحباب ماذا نستفيد في هذه المرحلة الراهنة من تبادل الشتائم فيما بيننا والاتهامات .؟؟
فأنت حين تشتم زيدا من الناس ، أو قرية ، أو بلدة ، أو مدينة .. فإن كلامك لن يثمر خيرا لك ولا لغيرك .. وإنما سيرسخ جو الفرقة والخصومة فيما بيننا .. وبهذا نكون قد خدمنا بشار ، وطائفة بشار ، ونحن لا ندري ..
والحقيقة قال بعض الحكماء [ لكي تقدم لعدوك أكبر الخدمات ، فيكفي أن تكون غبيا ] ,,,
دخلت على بعض صفحاتنا على الفيسبوك ، فهالني أمر الفرقة ، والاختلاف الجذري في الآراء بنسبة 180 درجة .. وكل حزب بما لديهم فرحون . بل كل شخص يرى أن كل من حوله خونة .. مستغلين .. نفعيين .. مثبطين .. كذابين .. حمقى ليس لديهم فهم .. ولا عقل .. ولا دين .. ولا وطنية .. 
ودخلت على منتديات درزية وعلوية ومسيحية ، وقرأت حوارات بينهم ، فوجدت أنه كلما حميت وتيرة الحوار بينهم .. قام أحدهم فهدأ من ثوران النقاش ، وأعاد مياه المودة إلى مجاريها ..
فلماذا لا نتعلم من غيرنا .. ولماذا يباهي كثير منا بشتم غيره وانتقاصه ووضع كل عيوب الشرع فيه .؟؟؟؟؟
يجب أن لا ننسى .. أن الله أمرنا بأن نكون أشداء على الكفار رحماء بيننا ..
والعرب تقول : " إذا عز أخوك فهُنْ " يعني إذا غضب وشمخ عليك فتهاون وتذلل له ..
ويُحكى - واسمحوا لي أختم كلمتي بحكاية ، فإن قصَّ القصص هو أحد الأساليب التي نزل بها القرآن الكريم - 
يروى أنه كان في المدينة المنورة مزرعة لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه ، مجاورة لمزرعةٍ لمعاوية بن أبي سفيان .. وكان عبيدُ معاوية وصبيانه الذين يعملون في مزرعته ، يدخلون أحيانا إلى مزرعة ابن الزبير بدون إذنه ... مما غاظه منهم ، فكتب خطابا وأرسله لمعاوية قال فيه :
[ من عبد الله بن الزبير بن العوام ، وابن أسماء ذات النطاقين ..
إلى معاوية بن آكلة الكبود هند بنت الكافر عتبة بن شيبة ..أما بعد : فإن عبيدك يسيئون جواري ، ويقتحمون عليَّ مزرعتي بدون استئذان .. فإما أن تكفهم عن ذلك ، وإما لترين مني ما يسوؤهم ويسوؤك ..] ..
ثم وصل الكتاب إلى معاوية .. فقرأه .. واستشار ابنه يزيد فيما يجيب به ابن الزبير .؟؟؟
فقال يزيد : يا أمير المؤمنين إئذن لي أخرج إليه بجيش آخره عندك في دمشق ، وأوله عنده في المدينة ، لآتيك برأسه .؟؟
فقال معاوية : أوَ غيرَ هذا يا بُنَيَّ .!! ثم أمر بقلم وورق ، فكتب إلى ابن الزبير يقول :
[ من معاوية بن أبي سفيان بن حرب .. إلى عبد الله بن الزبير بن أسماء ذات النطاقين .. السلام عليك ورحمة الله وبركاته .. وبعد : فوالله لو أن الدنيا كلها كانت بيني وبينك ، لتنازلت لك عن نصيبي فيها ، طلبا لرضائك ، وخروجا من سخطك .. فإذا جاءك كتابي هذا فاعلم أن مزرعتي وعبيدي كلهم ملك لك وقد تنازلت لك عنهم . فلا تغضب يا ابن العم ] ..

فلما تسلم ابن الزبير كتاب معاوية . بكى .. وندم على ما كان بدر منه .. فركب وسار إلى معاوية قاطعا المسافات الطويلة ، من المدينة المنورة إلى دمشق ، فاعتذر له .. وحاول ابن الزبير أن يرد المزرعة إلى معاوية .. فرفض معاوية التراجع عن قراره .. 
هكذا .. كانت أخلاقهم رضي الله عنهم وأرضاهم فيما بينهم .. فأين نحن منهم .؟؟؟