مشروع إقليمي متكامل ومتحرر من أمريكا بين السعودية وتركيا وقطر
25 يونيو 2016
ترك برس
[size=17][size=17]شدّد الكاتب والمحلل السياسي "جمال خاشقجي"، مدير قناة "العرب" السعودية، على ضرورة تطوّر التنسيق الحالي بين تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر إلى مشروع إقليمي متكامل لا يعتمد على أمريكا أو غيرها، من أجل إعادة ترتيب المنطقة والحيلولة دون استمرار الفوضى والانهيار فيها.
جاء ذلك في مقال له نشرته صحيفة "الحياة"، أوضح فيه أنه ثمة في المنطقة معسكران متباينان متورطان في صراعات المشرق العربي، وكلاهما يفتقد رؤية مشتركة بين مكوناتهما، فالروس والإيرانيون مثلاً، متفقان في سورية ضد الثورة، ولكن لكل منهما رؤيته للمستقبل وأسبابه للتورط في الصراع.
وأشار خاشقجي إلى أن الروس يريدون إعادة بناء نظام قمعي يشبه النموذج الذي صنعوه في الشيشان، ويكون تحت حمايتهم، ويوفر لهم مساحة نفوذ في شرق المتوسط، في مقابل ترك سورية للإيرانيين يتمددون فيها بمشروع طائفي خرافي لا يوافق مزاجهم العلماني الحاد، مبينًا أن هاتين الرؤيتين لا تستحقان الحياة في عالم متحضر، ولا بد أن تصطدما.
وقال خاشقجي إنه "نجد في الجهة المقابلة السعوديين والأتراك والقطريين والأميركيين والفرنسيين متفقين فقط على مبدأ إسقاط النظام (الذي فقد شرعيته)، وقد قالوا ذلك منذ خمسة أعوام، ولكنهم مختلفون في ما عدا ذلك، على الثوار الذين يستحقون الدعم والذين لا يستحقونه، وعلى الأولويات، وهل هي (داعش) أم النظام؟ وعلى السلاح الذي يمكن دعم المعارضة به، بل حتى على مذكرة المفاوضات، ما أدى إلى كثير من الشكوك في النيات، وخصوصاً مع الجانب الأميركي، يغطونه بعبارات تزعم الاتفاق وتنفي الخلاف".
ولفت إلى أن انسجام كبير حصل خلال العامين الماضيين بين الدول الثلاث الأولى (السعودية وتركيا وقطر)، وحققت فيه تقدماً طيباً على الأرض، أجهضه الروس بتدخلهم الصيف الماضي، ولكنه لا يزال يفتقد الرؤية الواحدة، معتبرًا أن هذه التباينات تدعو إلى التشاؤم بأن عمر أزمة المشرق العربي سيطول، ذلك أنها ستمنع أي طرف من تحقيق انتصار حاسم.
وأضاف المحلل السعودي: "لنأخذ معركة الشمال السوري نموذجاً. التوافق السعودي - التركي - القطري مكّن الثوار من تحقيق انتصارات واسعة هناك، حتى اقتربوا من الساحل العام الماضي، وتراجع مع انتصاراتهم حتى الدواعش والأكراد، ولكن التدخل الروسي أحبط ذلك وخلط أوراق اللعبة دولياً ومحلياً".
وأكد أن الأسبوع الماضي شهد دورة أخرى لمصلحة الثوار بدعم من الحلفاء الثلاثة، إذ استعادوا المبادرة وأثخنوا في "حزب الله" و"الحرس الثوري الإيراني، ولكن لا شيء يضمن ألاّ تكون هذه دورة من دورات الحرب، فليس مستبعداً أن تتدخل إيران في شكل مباشر أكبر، وترسل آلافاً من قواتها إلى سورية، منتشية بالتقدم الذي حققته في العراق، ومستفيدة من تحسن علاقاتها مع الأميركيين، الذين باتوا شركاء لها في معركة الفلوجة.
وبيّن خاشقجي أن "السعوديين لن يستسلموا لو حصل هذا، وسيعيدون الكرة، فثمة قاعدة استراتيجية لن تحيد عنها الرياض مهما كلف الأمر، وهي منع إيران من الانتصار في سورية والهيمنة عليها. الخلاصة أنها دورة عنف يدفع ثمنها الشعب السوري والمنطقة بما تطفح به من إرهاب، كحادثة مهاجمة مخفر أردني متاخم للحدود السورية، الأسبوع الماضي، سقط فيها ستة من رجال الأمن هناك".
ورأى الكاتب أن دورة العنف هذه ستتكرر في الموصل، التي لن تقبل أنقرة ولا أكراد العراق أن تستقر لحكومة بغداد ومن خلفها طهران، وكذلك في منبج والرقة، التي تراها خاصرة رخوة تهدد أمنها القومي، وسترفض تمدد حزب كردي معاد فيها، تعلم أنها لا تستطيع تغيير موقف واشنطن الغريب الداعم لبغداد (ومن خلفها طهران) والأكراد، بعدما ضيعت أكثر من فرصة للتدخل مبكراً في سورية قبل أن يستفحل الوضع ويصبح تدخلها مستحيلاً من دون موافقة أميركية، ولكنها تعلم أيضاً أن الانتصارات العسكرية وفتوحات المدن لن تأتي بالاستقرار من دون توافق دولي وإقليمي، لذلك تستطيع وحلفاؤها تعطيل أي انتصارات لخصومها في الموصل والرقة ومنبج، مستفيدة من وجود رفض للفاتحين الجدد.
واعتبر خاشقجي أنه "ما لم تطور الرياض وأنقرة والدوحة التنسيق بينها إلى مشروع إقليمي متكامل لا يعتمد على واشنطن أو غيرها، تعيد به ترتيب المنطقة من حولها، فحال الفوضى والانهيار ستستمر معنا حتى 2030، ولن نملك حينها غير الدعاء بالسلامة من شرر كالقصر يرمى علينا بين آونة وأخرى من هلالنا، الذي كان يفترض أن يكون خصيباً".[/size][/size]