حركة الجهاد الإسلامي .. تاريخٌ أسودٌ مِن الخذلان
مقال منقول - عبد المنعم الرملاوي
14 / 5 / 2016
=============
لمْ تلبث الدَّعاوى التي ملأت الآفاق حول تبعيَّة حركة الجهاد الإسلامي، وارتباطها الوثيق بولاية الفقيه في إيران؛ حتَّى أكدتها الأيام، وتعاقُب الأحداث!
وإنَّك لتسحيي – حقيقةً- مِن نسبةِ هذه الحركة إلى بلدٍ مجاهد كـ ( فلسطين.! )
غير أنَّ: «مَنْ بَطَّأَ بهِ عَملُهُ لَمْ يُسرِعْ بهِ نَسبُه» ..
وإليكم الحقيقة:
لقد كان التَّشيُّع في صفوفِ حركة الجهاد في بادئ الأمر تشيُّعًا سياسيًّا، وذلك في أواخر السبعينيات، وكان أبناؤها يتداولون في السجون وحلقاتهم السرية بعض الكُتب المشبوهة، التي تُمجِّد الثورة الخمينية في إيران، وتصوِّر ولاية الفقيه مُنقذةً للعالم الإسلامي –كذا-، مثل: كتاب «إيران مِن الداخل»،
قال القيادي في الجهاد الإسلامي يوسف عارف الحاج محمد -رحمه الله-، في كتابه «من مخزون الذاكرة» ممهدًا لحقيقةٍ سيُقررها:
( من أبرز المشاكل التي واجهناها في الجهاد الإسلامي في تلك الفترة هي انتشار التعصب المذهبي المتطرف ... وكذلك تأثير كتابات لمتطرفين في العالم السني!! ومندسين على الإسلام!! ككتاب نشرته جمعية القرآن والسنة في القـدس، وفيه افتراءات لا حدود لها على الشيعة عمومًا! وعلى الإمام! الراحل آية الله! الخميني على وجه الخصوص) (1) .
ثمَّ قال بصراحة بدونَ مواربة:
) .. ويُقابلها في الحركةِ نفسها اقترابٌ من التشيع، وقد اعتنق عدد قليل من الشباب رسميًّا المذهب الشيعي!!) (2) .
ثمَّ واصل تناقضه مع كلامه الأوَّل، فقال: (.. لو جاءنا شيعي ينضمّ إلى صفوفنا لرحبنا به كل الترحيب ولما دعوناه إلى تغيير مذهبه!!)(3).
فبدأ بذمّ الكتابات في العالم السُّني، ثمّ ناقض نفسه بقبول الشيعة في صفوفِ حركته، وفجّر الحقيقة الخفية، وهي انتساب بعض أعضاء الجهاد الإسلامي للشيعة!
ثمَّ ظهرت –بعدُ- شخصياتٌ بأعيانها تُصرّح بالتشيع العقدي، والولاء التام لإيران، هكذا دونَ خجلٍ أو استحياء، في الوقت الذي تقترف فيه إيران وقواتُها، وأذرعها، وأذنابها: (الحرس الثوري، لواء أبي الفضل العباس، الحشد الشعبي، حزب اللات، الحوثيين) في المنطقة أبشع وأفظع الجرائم، وكأنَّ هولاكو بُعثَ مِن جديد!
فظهر:
عبد الله الشامي،
وداهش أبو ندى،
وعبد الرحيم حمد،
وعبد الناصر المصري،
وعمر حرب، وإياد الحسني،
وهشام سالم .. الذي أسس مؤخرًا حركة شيعية صِرفة، تسير على خُطى حزب اللات، والحوثيين حذو القذة بالقذة، أطلقت على نفسها: (حركة الصابرين).
وجميعُهم ممّن تربى في أحضان حركة الجهاد، وإن أظهر بعضهم الانفصال عنها! بل سافر بعضهم إلى حاضنتهم إيران!.
وفي ظلِّ الثورة السورية - التي كشفت للعالم زُيوفَ كثيرٍ مِن أصحاب الأجندات الخارجية، والموتورين الذين باعوا بالدرهم الدينَ-؛ لم تنبس حركة الجهاد الإسلامي ببنتِ شَفَةٍ في إدانة جرائم النظام النصيري الأسدي بحق أهلنا في سوريَّة الشام –الذين لهم علينا حق النصرة والتأييد- وليت الخزي والخذلان وقف عند هذا الحد؛ بل تجاوز لدفاعهم –وبكل قِحَة- عن النظام البعثي النصيري الأسدي المجرم، الذي لم يُبقِ مِن جرائم العتاة الطغاة عبر التاريخ إلا أتى بها في حقِّ شعبٍ تحمَّل ظلمه وفجوره سنوات بل عقوداً!
وأتمثل قولَ الله تعالى: {وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»، ومِن صورِ ذهاب حياء حركة الجهاد الإسلامي أنها تدعو للطاغية بشار بالنَّصر! في مجالسها الخاصة؛ حتى ذهب الحياء جُملة، فصاروا يدعون ويُدافعون عنه وعن زُمرته الآثمة في شبكات التواصل الاجتماعي، وعبر المواقع الالكترونية، بل والله في بعض مساجدهم!
ولا أدري على مَن يُنصر؟
أعلى الأطفال الذين سفك ويسفك دماءهم ليلَ نهار في حلب والبيَّاضة، والغوطة، وداريا؟
أم على النساء اللواتي هُتكت أعراضهن في سجون حماة، وريف دمشق، ودرعا؟
أم على الشيوخ الذين قتلهم بحد الجوع في مضايا، واليرموك؟
وأخيرًا، وليسَ بآخر على حَلَب وأهلها التي صيرها -ببراميله المتفجرة- أثرًا بعدَ عين؟!
والعجبُ لا ينقضي من الأمين العام لهذه الحركة الموالية (د. رمضان شلَّح) الذي زار إيران قبل أيام -في مطلع شهر مايو- وقال في زيارته المشؤومة –بكل صفاقة ووقاحة-: "إيران تشكل عامل السلام! والاستقرار! في المنطقة!" قالها تزامنًا مع مجازر حلب(4) -التي بكى لها الحجر قبل البشر- التي يقودها الإيرانيون وأزلام بشار، والتقى بأكابر مُجرميها؛ ليكون ظهيرًا للمجرمين، ومُساندًا للعُتاة المتجبرين في حربهم على المُسلمين في سورية، والعراق، والأحواز!
مُتناسيًا قوله تعالى: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ}.
ونحن هنا بدورنا نتساءل: كيف توصَّل شلَّح إلى هذه الحقيقة الخطيرة؟
هل مِن مَشاهد قتل الأطفال، واغتصاب النساء، وذبح الشيوخ، وتدمير المقدسات، وإعلاء الشرك في الشام والعراق؛ أم من المشانق والإعدامات وقتل العلماء والشباب في الأحواز...الخ؟!
وهل يعي شلح ما يخرج من رأسه حينما يؤكد: "وقوف الحركة إلى جانب إيران وحزب الله والمقاومة مقابل أمريكا وإسرائيل ".
وهل أمريكا ويهود إلا حلفاء إيران؟! أو ليست إيران الخيار المفضل لأمريكا ويهود؟! أَوَلا يعلم الرجل أنّ المستور انفضح وانكشف؛ وأن الشيطان الأكبر اختفى من شوارع طهران، وحلّ مكانها الطريق إلى مكة لهدم الكعبة؟!
وإن كنت ترى أيّها القائد الهمام أن: "الدفاع عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية -حسب وصفك- بمثابة الدفاع عن الإسلام".
فها هي (الجمهورية الإسلامية!) تخوض حروبها المقدسة في سورية والعراق واليمن والأحواز؛ تقاتل مِن تُسميهم (الكفار) فلا يفوتك أن تنال شهادةً تحتَ لوائهم؛ أو نيلاً من أعدائهم (الكفار!).
ولا أدري والله بعد كل هذا:
هل غاب عن هذا الحزب وقادته -الذين لا يرفعون لفلسطين وعقيدتها رأسًا- قولَ النَّبي -عليه الصلاة والسلام-: «مَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَتُسْتَحَلُّ حُرْمَتُهُ، إِلا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ خَذَلَ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ» ؟!
وهل عجزَ هذا الحِزب أن يُصدِرَ بيانًا يُدينُ فيه جرائم البعث الأسدي في حقِّ أهل حلبِ الأحرار؟
أم أنَّ التعزية والنعي فقط لجزَّار الحولة، وقاتل الأطفال سمير قنطار؟!!
إنَّ تاريخ هذا الحزب المُخزي، وخُذلانَهُ المستمر لقضايا المسلمين المستضعفين صارَ أكبر مِن أن يُشهر، وأعظم مِن أن يحصيه مقال! وصار أثر ذلك يظهر في تراجع القضية الفلسطينية في كُل الصُّعد؛ فمَن يخذُل يُخذَل!
وإنا نقول لهذا الحزب: قِفوا لله وقفة، وتبرَّؤوا ممَّن خدعكم بسرابِ أموالهم، فإنَّ التاريخَ لا يرحمُ أحدًا، وإنَّ عقابَ الله لا يُحابي أحدًا تنكَّب عن سبيل المؤمنين، {وسَيَعلَمُ الذِينَ ظَلمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلبُونَ}، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْد حِين} .
ونقول لكلّ مَن انتمى لهذا الحزب:
1 - عليك أن تتوبَ إلى الله تعالى من هذه الحزبية، وتتبرأ منهم، لقوله الله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}، وقوله: {إذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ}.
وقوله عليه الصلاة والسلام: «..َأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لا زَبْرَ لَهُ, الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْتَغُونَ أَهْلاً وَلا مَالاً, وَالْخَائِنُ الَّذِي لا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلا خَانَهُ, وَرَجُلٌ لا يُصْبِحُ وَلا يُمْسِي إِلا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ..»؛ فتكون من أصحاب النار، وإن كنت ضعيفاً محتاجاً إلى المال.
2 - حذِّر غيرك ممن انخدعوا بسراب هذا الحزب الآثم، بأنها تدافع عن الأرض والعقيدة! والحقيقة ليست كذلك، فقد بان الأمر وانفضح، والواقع والوقائع خير شاهد.
3 - بُغض زعماء الفتنة من أتباع الحزب من أجل الله، وفي الله، فأوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله.
وختامًا حسبنا الله ونعم الوكيل.
________
(1) انظر: ص424
(2) ص425
(3) ص426
(4) ولا يقولنّ سفيه –ذاهب عَقْل- ما رأينا الشيعة يقتلون ويدمرون بأعيننا!
فأقول: دونك –يا عدو نفسك- ما يُردده الشيعة في لطيمتهم المشهورة خلف رادودهم: (شَبَّت النار في حلب، واحنا سوِّينا العجب .. فجر مهدينا اقترب) تعنيًا بالمجازر التي ارتكبوها في حلب الجريحة.