هل المسلمون مطالبون بإقامة خلافة إسلامية اليوم .؟
22 / 3 / 2016
أبو ياسر السوري
===============
1 – مما لا خلاف فيه أن إقامة خلافة إسلامية هو مطلب شريف في كل زمان ومكان .. ولكن ذلك مرهون بالإمكان . وإلا فإن الله لم يكلفنا ما لا نستطيع " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
2 – وهنا يثور السؤال التالي : هل بالإمكان إقامة خلافة إسلامية .؟
الجواب : إن الخلافة الإسلامية لا يمكن إقامتها في زماننا الحاضر ، وإن الإعلان عنها اليوم ، يعني استعداء كل دول الكفر في العالم علينا ، واجتماعها على حربنا ، والحيلولة دون قيام الخلافة ..
وليس هذا تخمينا ، ولا ضربا من الظنون ، فقد اجتمع الغرب والشرق وكل دول الكفر في العالم للإطاحة بالخلافة ، حتى تمكنوا أخيرا من إسقاطها بعد الحرب العالمية الأولى عام 1921 ، ثم أعقب سقوط الخلافة بسط النفوذ الغربي على أقطارها ، وتقسيم ترابها إلى 55 دولة ، كل منها مستقلة عن أخواتها ، منها 21 دولة عربية ..
ومن البدهي أن من تآمروا على الخلافة لن يسمحوا بقيامها مرة أخرى ، وهم الآن يملكون من القوة ، ما يمكنهم من مصادرة قراراتنا السياسية ، ويسمح لهم بالتدخل في شؤوننا الداخلية ، ونحن عاجزون عن مجابهتهم ، لتفاوت القوى بيننا وبينهم ..
3 – متى وكيف نتمكن من استعادة الخلافة .؟
والجواب : إن الانتقال من الأسلوب الحالي في الحكم ، والعودة إلى خلافة على منهاج النبوة لا يمكن تحقيقه طفرة ، ولا بد فيه من الأخذ بأسلوب التدرج في عملية التغيير ، للوصول إلى الغاية التي نريد .
ولدينا إلى ذلك طريقتان اثنتان للتغيير ، لا ثالث لهما :
الأولى : أن يكون التغيير من القمة إلى القاعدة .. بأن يعمل أهل الحل والعقد في الأمة دائبين على جمع كلمة زعماء المسلمين من عرب وعجم ، والتمهيد إلى ذلك بنشر ثقافة الأمة الإسلامية الواحدة ، ونشر روح التقارب بين القيادات الحاكمة في الأقطار الإسلامية ، وإبرام معاهدات دفاع مشترك ، أو إنشاء حلف على غرار حلف الناتو أو الحلف الأطلسي ، بحيث يربط دول الأمة الواحدة سياسيا وعسكريا واجتماعيا واقتصاديا ... ثم يتوج ذلك كله بإقامة اتحاد فيدرالي بين الدول الإسلامية والعربية ، بحيث يكون لكل دولة رئيسها أو حاكمها ، ويكون لهذا الاتحاد رئيس واحد ، يمثل دور الخليفة ، أو الإمام الأعظم ليسهر على سياسة الدين والدنيا ..
الثانية : أن يتم التغيير من القاعدة إلى القمة ، وذلك عن طريق التربية والتعليم ، وترسيخ مبادئ الإسلام في نفوس الأفراد ، فردا فردا ، بالدعوة والإرشاد ، ونشر ثقافة الحب والاحترام المتبادل بين الشعوب الإسلامية عربها وعجمها .. وتربية الناس على القيم التي جاء بها الإسلام كالصدق والأمانة والوفاء والإخاء والإيثار وحب الله ورسوله والاعتزاز بالتاريخ الإسلامي .. وهكذا .. هكذا حتى ينشأ جيل محب لدينه معتز بإسلامه .. ولا بد لأجل هذا من تعديل المناهج الدراسية بما يقربها من روح الإسلام شيئا فشيئا ..ولا بد كذلك من إعداد مراكز لصناعة المدنية والحضارة ، ولا بد من إقامة الجامعات التي تخرج الأطباء والقضاة والمهندسين والدعاة والوعاظ والفقهاء والأدباء أدبا إسلاميا شعرا ونثرا وفنا وتمثيلا ..
4 – أما خلافة داعش المزعومة :
فداعش ليست دولة ، وليست إسلامية ، وإنما هي تنظيم مشبوه ، يرفع راية الإسلام ، ويخالف تعاليمه . فهو يتبنى سياسة التطرف والعنف أكثر مما كان عليه الخوارج ، وقد أساء إلى الإسلام أكثر مما أساؤوا .. وصاحبهم البغدادي ليس خليفة تجب طاعته ، ولا حاكما متغلبا يطاع درءاً لمفسدة قتاله . وإنما هو رئيس تنظيم أو عصابة فاسدة مفسدة للدين والدنيا . خدع به العامة ، وغرتهم رايته السوداء ، المزدانة بـ " لا إله إلا الله محمد رسول الله " فمشوا في ركابه عن حسن نية ، ودعوا الناس إلى مبايعته ، واستحلوا دماء من خالفهم ، وأقاموا الحدود على الشبهة ، وفعلوا أفاعيل ما أنزل الله بها من سلطان ..
وهناك عشرات الأدلة على أن هذا التنظيم مخترق من القمة ، فقادته فيهم المجوسي واليهودي والنصيري .. وهم يعملون لصالح بشار الأسد وإيران ، وقد كانوا وبالا على أبناء السنة خاصة ، ففتكوا بهم في العراق ، وسلموا العراق للخامنئي وأذياله هناك .. وقضوا على الجيش السوري الحر ، وانتزعوا منه كل المناطق المحررة ، وبسطوا نفوذهم على مواطن الثروة ، كآبار البترول ، والمنافذ الحدودية .. ولولا تدخلهم في سوريا لأسقطنا النظام النصيري وهزمناه .. وأقمنا بعده الحكم الذي نريد ..
فمناداة داعش بالخلافة ، يشبه قول الخوارج لعلي رضي الله عنه " لا حكم إلا لله " فقال لهم " هذه كلمة حق أريد باطل " ثم قتلهم واستأصل شافتهم يوم النهروان ..
إن داعش مصيدة لشبابنا المؤمن ، الذين يراد التخلص منهم ، باستخدامهم في قتل إخوانهم من أبناء السنة ، والقتلى من الطرفين هم خسارة للمسلمين وحدهم .. والمستفيد من ذلك طواغيت الشام والعراق وإيران ..
5 – إن ثورتنا قامت لإسقاط بشار ونظامه الطائفي ، وقد شارك فيها المسلم والمسيحي والدرزي وبعض النصيريين والعربي والكردي والتركماني والآشوري .. وكان هدف الثورة إقامة حكم مدني دستوري يحقق العدل والمساواة والحرية والكرامة بين السوريين ، ويرضى به الجميع .. ولولا تدخل داعش ومطالبته الكاذبة والحمقاء بإقامة الخلافة التي لا يمكن إقامتها في وقتنا الحاضر.. لولا تدخل داعش لانتصرت الثورة ، وانتزع الشعب قراره من طاغوت الشام النصيري عميل أمريكا وروسيا وإسرائيل وإيران . ولكن تدخل تنظيم داعش المعادي للثورة كان سببا قويا في بقاء النظام خمس سنوات . وكان السبب في مضاعفة أعداد المهاجرين السوريين ، وتدخل داعش هو الذي أعطى المبرر لأعدائنا في خراب بلدنا خرابا لم يقع له نظير في التاريخ .. فحسبنا الله ونعم الوكيل .