من معارك الساحل
أيمن السعيد
كنت أول امس برفقة قائد عسكري بريف اللاذقية في جولة على مناطق الاشتباك في جبل الاكراد
رأيت مشهد استوقفني و الى الان لم يخرج من ذاكرتي ...
عندما وصلنا نقاط الرباط في احدى القرى و بعد ان انهينا جولتنا و نحن بطريق العودة ....
سمعنا صوت مناد على اللاسلكي انذرنا أن طائرتان حربيتان روسيتان دخلتا الاجواء في جبل الاكراد ...
و بعد أن مشينا حوالي ال 3 كم توقفنا عند المدفعية في الخطوط الثانية و نظرنا الى الطيران أين سيصب حممه ...
ما هي الا دقائق و نسمع صوت رج المنطقة كلها ...
نظرنا الى نقطة الرباط التي كنا فيها فإذا بالمنطقة قد مسحت بالكامل ...
و بينما نحن نفكر بمن قد بقي حي من المرابطين و كيف السبيل للوصول اليهم و اسعافهم لانه و من المؤكد انهم قتلوا جميعا ....
و اذ بصوت ثان يهز المنطقة " غارة ثانية على النقطة ذاتها ...
والله ما عدت ارى الجبل كله ذاك الذي كانت فيه نقطة الرباط ... دخان كثيف و شظايا مشتعلة تطير بالهواء ..
ثم عادت لتلقي بأربعة صواريخ دفعة واحدة على تلك التلة لتعود الطائرة الاخرى فترمي بشيء يشبه القذيفة على النقطة ....
و قبل ان يصل ذاك الشيء الى الارض بحوالي الكيلو متر واحد و اذ به ينفجر في الجو و يتحول الى مئات القذائف الضغيرة لكل منها صوت كالرعد عندما ارتطمت بالارض ....
غادرت الطائرات ... فقال القائد العسكري " ابو عمر " لمجاهد بجانبه تكلم مع " فلان " و اطلب سيارات و نقالات و اسعافات اولية . . على الفور ...
سارع العنصر الى هاتفه النقال و يعلوا وجهه الشاحب علامات توتر و قلق ...
نظرت الى " ابو عمر " لم اعرف ماذا أسأله و ماذا اقول له ...
كنت سأسأله ما إن كان سيطلب عناصر غيرهم ليرابطوا على التلة ذاتها ام سينسحبون منها !!!
سارع ابو عمر الى اللاسلكي و بدأ ينادي للمرابطين على التلة عل أحد ما يكون قد بقي حيا ...
فجأة سمعنا صوت اطلاق نار و كأنه رشاش سريع ...
نظرنا الى السماء و الله كأنه مئة شهاب يسيرون بسرعة سقطوا في القرية التي تحت التلة و في الطريق اللذي من المفترض أن اجلاء المرابطين سيكون منه و قسم منهم سقط على التلة ...
سرعان ما تبين لنا أنها راجمات روسية من قمة النبي يونس و راجمات روسية أتت من اتجاه البحر ....
في هذه الاثناء كان ابو عمر يحاول الاتصال مرارا و تكرارا بالمرابطين على التلة ولا من مجيب ...
فجأة بدأت رشاشات ثقيلة لقوات النظام باطلاق النار الكثيف على اول التلة من الجانب المكشوف لقوات النظام منها .... و الدبابات رمت حوالي ال 30 قذيفة ...
‫#هنا‬ و بعد ذاك هدأ القصف بشكل مفاجئ لدرجة انه لا تسمع في كل المنطقة صوت رصاصة ....واحدة
نظرنا الى الطريق المؤدي للتلة و اذ بعناصر لقوات النظام بدؤا الدخول الى التلة عبر الطريق الترابي ... هنا هرع ابو عمر الى الجهاز اللاسلكي يطلب المؤازرة و يطلب من الطاقم الطبي الإسراع ...
نظرت انا الى قوات النظام و هي تدخل التلة حوالي ال 50 عنصرا ...
و صل أولهم تقريبا عند اول نقطة رباط ....
نظرت الى ابو عمر فرأيته قد جلس ووضع يديه على رأسه ينظر من بينهما الى مكان تحديقي ....
بينما أنظر اليه سمعت صوت من التلة قوي مدوي بدى لي اول الامر غير مفهوم نظرت الى ابو عمر قد باعد يديه عن رأسه ووقف و بدأ بالتحديق ...
اعدت النظر الى التلة ... واذا بالصوت ذاته " الله اكبر "
كان مفهوما هذه المرة ..
و من النقطة الاولى رأيت مجاهد و معه رشاش و فتح النار عليهم ...
اقسم بالله بدأت ارجف ... تلعثمت لا اعرف ماذا اقول ...
و بدأت عناصر النظام بالسقوط واحد تلو الاخر لم يفكروا حتى من اين يأتي مصدر النار على الفور بدؤوا بالهرب و الله و كانه صيد أرانب يسقطون و هم ينسحبون واحد تلو الاخر بين جريح و قتيل ....
بدأ ابو عمر يتكلم معهم عبر اللاسلكي فأيضا لم يجيبوا ...
لمحت سيارة قادمة من القرية و اذا بواحد منهم قد اتى اوقف السيارة عندنا و قال اعطوني ذخيرة ... بدأ من معه في السيارة يحمل صناديق الذخيرة و اتى باتجاهنا
و ضع يده على كتف ابو عمر و قال له ... حرقناهم ...
ابو عمر : اناديكم منذ نصف ساعة لم تجيبوا ما بالكم ...
قال : بعد سقوط اول صاروخ للطيران لم اسمع شيء سوى صوت قطار في اذني .... غير أن جهاز اللاسلكي لم اره بسبب الغبار الناتج عن الغارة ...
نظر ابو عمر الي و ضحك ...
قال على ما تضحكون ... ؟؟
ابو عمر : قد ظننت أنكم قد قتلتم جميعا بعد اول غارة ....
ركب بالسيارة و هو يبتسم و مد يده من النافذه و قال .... سنموت يوما ما .... ربما عندما تسقط تلك التلة .... !!!