عائلة السيسي: القصة الكاملة لامبراطورية فساد نشأت في مصر خلال عامين
أمضى فريق متخصص عدة أسابيع في أعمال التقصي وجمع المعلومات عن عائلة عبد الفتاح السيسي التي لا تزال غامضة بالنسبة للمصريين، ليتبين بأن السيسي تمكن من بناء “امبراطورية فساد” كاملة في مصر خلال عامين على استيلائه على الحكم في مصر بانقلاب عسكري دموي سالت بسببه دماء المصريين.
وبينما كان عبد الفتاح السيسي وحده يتصدر المشهد السياسي والاعلامي في مصر منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013، فان عائلته كانت في الظل والخفاء تعمل على الاستفادة من هذا الانقلاب ومن السلطة التي تم الاستيلاء عليها، ومن حالة الخوف التي سادت في أوساط المصريين.
وامضى عبد الفتاح ذاته العامين الماضيين في الاستيلاء على الدولة المصرية عبر تنفيع أبنائه الأربعة ووضعهم في أرفع المناصب الحساسة ليضمن أن لا يتعرض لأية خيانة من أحد، ويضمن أن تستقر السلطة في يده وحده، بينما يغيب البرلمان عن الجمهورية، وتغيب كافة أدوات الرقابة عن البلاد، وينشغل القضاء بتلقي الرشاوى من أجل تنفيذ ما يريده السيسي.
وعلم موقع “أسرار عربية” أن الأبناء الذكور الثلاثة للسيسي يحضرون مع والدهم كافة الاجتماعات السيادية التي يقوم بها، حيث يحضر ابنه محمود كافة الاجتماعات التي يعقدها السيسي مع المخابرات والجيش، أما مصطفى الذي يعمل في الرقابة الادارية فيحضر كافة الاجتماعات التي يعقدها السيسي مع القضاء والشرطة.
أما انتصار السيسي، زوجة عبد الفتاح، فهي قصة منفردة بنفسها، حيث قرر موقع “أسرار عربية” أن يفرد لها تقريراً خاصاً في وقت لاحق، بينما يكتفي “أسرار عربية” في هذا التقرير بكشف جزء من “امبراطورية الفساد” التي بناها السيسي خلال عامين فقط في مصر، اي خلال زمن قياسي، متفوقاً بذلك على أقرانه من رؤساء مصر السابقين.
أبناؤه الأربعة
لزعيم الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي أربع أبناء، أكبرهم محمود، يليه مصطفى، ثم حسن، وأصغرهم آية، وهي متزوجة من شاب انتفع مع عائلته هو الآخر من الانقلاب في مصر، وتحولت العائلة بأكملها الى جزء من “امبراطورية الفساد” المشار اليها.
– محمود: عينه والده في منصب رفيع بالمخابرات العامة، ويقال أنه أصبح حالياً الآمر الناهي في الجهاز، كما أن عمله الحقيقي هو مراقبة كبار الضباط بمن فيهم رئيس جهاز المخابرات العامة خالد فوزي، ويسود الاعتقاد أن الابن محمود هو الذي أطاح برئيس المخابرات السابق اللواء محمد فريد التهامي، ووضع على رأس الجهاز صديقه خالد فوزي، وصديقه الآخر نائباً له، وهو محمد طارق عبد الغني سلام.
– مصطفى: هو الابن الثاني لعبد الفتاح السيسي، ويعمل في وظيفة مجهولة بهيئة الرقابة الادارية، وهي الهيئة المختصة بملاحقة الفساد والفاسدين في مصر، ويرأسها حالياً محمد عرفان جمال الدين، لكن مصطفى يعتبر الرجل الاول في الهيئة، ولا يمكن أن يمر أي ملف إلا من خلاله، ويأتي تعيينه في هذه الهيئة لضمان تمرير ملفات الفساد والمصالح المتعلقة بالسيسي وعائلته، بما في ذلك عمليات غسيل الأموال التي تتم لصالح ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، ولصالح مستشاره الأمني محمد دحلان.
– حسن: ضابط كبير في الجيش المصري، ويشرف على العديد من المصالح المتعلقة بالجيش، لكن موقع “أسرار عربية” لم يتمكن من جمع الكثير من المعلومات عنه، بسبب أن مهماته غير معروفة، وواضح بأن والده يوكل له المهام المتعلقة بالجيش من الداخل. الابن حسن هو أصغر الذكور من أبناء السيسي، وهو متزوج من داليا محمود حجازي، ووالدها محمود حجازي الذي كان من صغار ضباط الجيش أصبح بمجرد تنفيذ الانقلاب العسكري رئيساً للأركان في مصر، وأحد أبرز الجنرالات المتنفذين والمتحكمين بالدولة المصرية. وكان حسن قد تزوج من داليا في العام 2010. ويتبين من ذلك كيف أن حسن وحجازي يمثلان حجر الزاوية في سيطرة السيسي على القوات المسلحة.
– آية: هي الابنة الصغرى والوحيدة لعبد الفتاح السيسي، وهي صاحبة الحظوة، وابنة الدلال، متزوجة من ابن أحد الجنرالات الكبار في مصر، ويسود الاعتقاد أنها متورطة مع زوجها في جريمة قتل الملازم أول رامي الجلجلي في العام 2014، وأن جريمة القتل تمت باطلاق الرصاص عليه من مسدس زوجها، ومن ثم تم إبلاغ ذويه أنه قتل في رفح، رغم أن عائلته تعرف بأنه قتل في القاهرة ولم يكن يخدم في رفح أصلاً.
أملاك السيسي
لا يعلم إلا الله كم تملك عائلة السيسي من أموال، إلا أن جريدة “الوطن” الموالية للانقلاب العسكري نشرت تقريراً قالت فيه إن عبد الفتاح وحده يلعب بثلاثين مليون جنيه مصري، واضطر رئيس تحريرها مجدي الجلاد للاعتذار في اليوم التالي عن هذا الكشف ليقول بأن الرجل يمتلك عشرة ملايين وليس ثلاثين.
وجاء ايراد الثلاثين مليون في إطار أن السيسي “ليس غنياً”، كما افترضت الصحيفة، لكن الجريدة الداعمة للانقلاب وللسيسي نسيت القول إن الجنرال عبد الفتاح نشأ في عائلة فقيرة، وفي أحد أفقر أحياء العاصمة القاهرة، حتى قربه الرئيس السابق محمد مرسي ووضعه وزيراً للدفاع، لأنه – أي السيسي- استطاع بنفاقه في ذلك الحين أن يخدع مرسي، ويقنعه بأنه رجل متدين يخاف الله!!
وبهذه المعلومات يتبين بأن السيسي جمع الثلاثين مليون جنيه خلال عامين فقط، أي منذ الانقلاب العسكري، وفي أفضل الاحوال جمعهم خلال ثلاث أعوام فقط، اي منذ تولى منصب وزير الدفاع في أعقاب وصول مرسي الى الحكم عام 2012.. فهل يستطيع المواطن في مصر أن يجمع ثلاثين مليون جنيه خلال ثلاث سنوات؟ وهل معدل دخل الفرد المصري أو الجنرال المصري عشرة ملايين جنيه سنوياً؟! هذا على افتراض أن السيسي يلعب فعلاً بثلاثين مليون جنيه، وليس أكثر من ذلك بكثير.
فساد العائلة
ولا يتوقف فساد عائلة السيسي، أو امبراطورية الفساد التي أسسوها عند الأب والأبناء والأملاك، بل حتى الأقارب الذين كانوا يعيشون تحت الارض في حي الحسين وسط القاهرة “ضحكت لهم الدنيا”، فمن يحمل اسم السيسي يصول ويجول في مصر دون حسيب ولا رقيب، كما هو حال شقيق السيسي الأصغر الذي يتاجر بالملابس العسكرية، ويتعامل مع “الجيش” على أنه “سبوبة” يبيع لهم الملابس ويتقاضى ملايين الجنيهات من موازناتهم.
الشقيق الأصغر لعبد الفتاح هو (عبد الله سعيد حسين خليل السيسي)، وهو متزوج من سيدة تدعى (هالة مصطفى عزام)، وكان عبد الله قد سرق مبلغ 150 ألف جنيه من المستشار محمد طاهر مصطفى، والقي القبض عليه بناء على شكوى من المستشار ثم أخلي سبيله في نفس اليوم من قسم شرطة النزهة بعد أن اكتشف رجال الشرطة أن الموقوف هو الشقيق الأصغر لعبد الفتاح السيسي. تمت لملمة القضية وضاعت ال150 ألف جنيه على المستشار، بل اختفى المستشار ذاته الذي كان رئيساً لاحدى المحاكم في الشرقية.
ولاحقاً تورط عبد الله السيسي مع رجل يدعى أحمد حمدان في محاولة الاستيلاء بوضع اليد على قطعة أرض في جنوب سيناء، وهي القضية التي أحيلت الى هيئة الرقابة الادارية من أجل إنقاذ أموال الدولة، لكنها سرعان ما انتهت، حيث يعمل هناك، كما أشرنا آنفاً، مصطفى عبد الفتاح السيسي، الذي قام بدوره بإخفاء الملف ولملمة القضية، وكأن شيئاً لم يكن، ولا أحد إلا الله يعلم اليوم مصير الأرض التي استولى أو حاول الاستيلاء عليها عبد الله السيسي.
أما الشقيق الآخر للسيسي، فهو أحمد السيسي، وأحمد كان موظفاً صغيراً في شركة تبيع السجاد بدولة قطر، كان يتقاضى راتباً متواضعاً في الدوحة، لكن باب السماء فتح له بالانقلاب العسكري، حيث أصبح واحداً من أهم قضاة مصر ومستشاريها، وتحول من بائع سجاد الى قاض يصدر الأحكام بين الناس، رغم أنه لا يعلم من القانون إلا اسمه!!
واضافة الى هؤلاء فلدى عبد الفتاح شقيقتان هن: سحر وإيمان، وكلاهما متزوجتان من رجلين شقيقين، وهما ابنا لرجل أعمال سعودي كبير أصبح الان يرتع ويلعب في مصر، ويسود الاعتقاد بأنه أبرم عدداً كبيراً من الصفقات الفاسدة، واستولى على مساحات واسعة من الأراضي، لكن موقع “أسرار عربية” يتحفظ على نشر اسمه، بسبب أن الموقع لم يتمكن من التأكد من أي صفقة مشبوهة تورط بها ذلك الرجل السعودي الذي يتخذ من مدينة جدة الساحلية مقراً له ولشركاته.