نداء من قاضٍ مصري إلى زملائه الشرفاء
أحمد منصور
لم يتوقف نظام الانقلاب في مصر عن إقالة وإبعاد كل مواطن مصري شريف من موقعه الذي يمكن أن يؤرق منه النظام وبشكل يخلو من كل قواعد الشرف في الخصومة، فالإطاحة برئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، وهو أعلى جهاز رقابي على أجهزة الدولة الإدارية في مصر، وذلك بعد إعلانه أن حجم الفساد في مصر تخطى حاجز الـ600 مليار جنيه، وإعداده تقارير بالوقائع والأسماء والأرقام عن حجم الفساد، وتحديه منظومة الفساد القائمة، أصبحت فضيحة دولية للنظام، كما أن الإطاحة بعشرات القضاة المصريين الشرفاء الذين عرفوا باسم تيار «استقلال القضاء» عبر عدد من المذابح القضائية لهم، آخرها في الأسبوع الماضي حيث أقيل أكثر من ثلاثين قاضيا كانت بمثابة جرائم متتالية يرتكبها النظام في حق القضاة الشرفاء بعدما أصبح قضاته الفاسدون أضحوكة بأحكامهم العجيبة الغريبة بين الأمم، هذه الأحكام لم تكن ضد المعارضين السياسيين فحسب بل نالت كذلك زملاءهم القضاة فزوروا وفبركوا لهم وأصدروا بحقهم أحكاما مضحكة مخزية، غير أن كثيرا من قضاة مصر الشرفاء الذين نالتهم هذه المذابح كتبوا بعد إقالتهم كلمات ستبقى في سجل التاريخ بأحرف من نور، من بين هؤلاء القاضي محمد جبال الذي كتب مقالة مطولة على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، مما جاء فيها واصفا لإحالته وزملائه القضاة للمحاكمة «بدأت تلك المسرحية الهزلية بتحقيق أجراه قاضي التحقيق محمد شرين فهمي وهو الصديق المقرب للشاكي أحمد الزند والمنتدب بقرار باطل قانونًا.. فعلمت أنه لن يكون تحقيقًا سيتقصى فيه مجريه تحقيق أوجه العدل والعدالة فامتنعت عن الحضور أمامه ضاربا بتحقيقاته عرض الحائط.. وقد صدق حدسي حيث تبين فيما بعد أن قاضي التحقيق ارتكب التزوير بأوراق التحقيق المجرى بمعرفته فضلاً عن اختلاس بعض المستندات التي جاءت في صالح زملائي الأجلاء ممن حضروا التحقيق»، هكذا قضاة مزورون لزملائهم، فاسدون بطبعهم، غير أن العزيمة والإصرار التي جاءت في آخر المقالة تستحق الأشادة «أخيرا وليس آخرًا يا قضاة مصر.. يا من تتمسكون بالشرف.. الحق بين والباطل بين، اتبعوا الحق فهو أحق.. ليس في الصمت شرف.. السكوت على الظلم ليس من الشرف.. ولا أعني السكوت عن الظلم بدعوانا، إنما مقصدي الظلم الذي تفشى بكل جوانب البلاد.. الظلم الذي أدركه الأعمى قبل البصير.. انطقوا بالحق قبل أن يُنْطق بالحق عليكم.. يا قضاة مصر إن لم تنصروا الحق فمن ناصره غيركم بعد الله عز وجل.. يا قضاة مصر تدبروا أمركم وما آل إليه حالكم وتبدل الناس تجاهكم.. فكانوا بالأمس يهتفون «إن في مصر قضاة لا يخشون إلا الله» ليصبح هتافهم «إن في مصر قضاة لا يخشون حتى الله».
بقلم : أحمد منصور