التاريخ يعيد نفسه ، والعرب يخوضون معركة ذي قار مرة ثانية
9 / 1 / 2016
بقلم : أبو ياسر السوري
==============
كانت معركة " ذي قار الأولى " بعد معركة بدر بشهرين على ما ذكر المؤرخون . وكان سببها أن كسرى أراد أن يتزوج ابنة النعمان ملك المناذرة في الحيرة ، وكان ملوك المناذرة من أتباع أكاسرة الفرس . كما كان ملوك الغساسنة من أتباع قياصرة الروم ..
وكانت العرب تعتبر مثل هذا الزواج عارا ، لأن العجم في نظرهم ليسوا أكفاء للعرب . ولهذا رفض النعمان أن يزوجه ابنته خوفا من العار . فلما بلغ كسرى اعتذار النعمان عن إمضاء هذا الزواج ، أرسل إليه يأمره بالحضور . فعلم النعمان أنه مقتول ، فآثر الموت على تحمل العار ، فأودع أهله وبناته وجواريه وكنوزه وسلاحه عند هانئ بن مسعود الشيباني ، وتوجه إلى كسرى ، وما إن وصل إليه حتى أمر بقتله شر قتلة . ثم أرسل يطلب ودائعه التي أودعها عند شيخ قبائل بني شيبان هانئ بن مسعود . فرفض هانئ تسليمه إياها .. فجهز كسرى جيشا عرمرما ، ووجهه لاستئصال العرب جميعا . فالتقى العرب والفرس في " ذي قار " وانتصر العرب على الفرس نصرا عظيما ، ندم بسببه كل من تخلف عن مؤازرة بني شيبان في تلك الموقعة . ولهذا قال أعشى بكر :
لمَّا أمالُوا إلى النُّشَّابِ أيديَهمْ : مِلْـنـا بـِـبيضٍ فظَلَّ الهامُ يُقْتَطفُ
وخيلُ بكرٍ فما تَنْفَكُّ تطحنُهُمْ : حتى تـولَّـوْا وكـادَ اليومُ يَنْتَـصِفُ
لو أن كل معدٍّ كان شاركنا : في يوم ذي قار ما أخطاهمُ الشرفُ
ذكر المحدثون أنه لما سمع النبي بنصر العرب على الفرس في يوم ذي قار ، قال صلى الله عليه وسلم " اليوم أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نصروا " .. وهذا من بركات النبوة على هذه الأمة . التي أعزها الله تعالى بالإسلام ..
 
وأما معركة " ذي قار الثانية " فهي التي تدور رحاها اليوم في الأروقة السياسية ، بسبب قيام إيران بمهاجمة سفارة المملكة العربية السعودية وقنصليتها في إيران ، وإحراق ملفاتها ووثائقها الرسمية ، وسرقة محتوياتهما من أجهزة إلكترونية وأموال تخص السفارة ... كان ذلك على خلفية قيام السعودية بإعدام معمم شيعي من رعاياها ثبتت عليه عدة جرائم تدينه بالإعدام قضائيا .. فلما نفذت السعودية فيه حكم الإعدام ، أثار ذلك غضب شيعة الفرس في إيران ، ودفعهم للقيام بهذا الهجوم المدان عربيا ودوليا ...
وقد تصدت له المملكة العربية السعودية بكل قوة ، واحتجت عليه رسميا ، وطردت السفير الإيراني ، وقطعت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية مع إيران .. وقد حذا حذوها في قطع العلاقات مع إيران ، كل من البحرين والسودان والصومال .. كما قامت عدة دول عربية وإسلامية باستدعاء سفراء إيران لديها ، لتبليغهم احتجاجاتها على هذا العمل الوحشي المشين منها : قطر والكويت والأردن ومصر وتركيا وغيرها .. ثم أعلنت الإمارات عن استضافتها اجتماعا لوزراء الخارجية العرب لبحث التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية يوم الأحد 10 / 1 / 2016 ونحن بانتظار أن يقول العرب كلمتهم ، لئلا يخطئهم الشرف ، ويصيبهم العار ، كما لحق بمن تخلف عن المشاركة في التصدي لجيش الفرس في معركة ذي قار قبل 1420 عاما ..
قبل أيام نشرتُ مقالا بعنوان ( آن الأوان لكسر قرون إيران ) .. فكتب إليَّ أحدُ الإخوة مبدياً تشاؤمه ، متخوفاً من التخاذل العربي ، الذي تعودنا عليه في كل المواقف السابقة ... ولكن الله قادر أن يحيي العظام وهي رميم .. وقادر أن يلهمنا رشدنا تجاه إيران ، تلك الدولة التي لا تتحلى بأي قدر من الرشد والعقلانية بكل أسف . وما أظنها تفهم إلا بلغة القوة ، وليِّ الذراع .. وقد أصبحت الآن الفرصة سانحة لنا ، لإيقاف إيران عند حدها ، وإجبارها على الانسحاب من سوريا واليمن ولبنان والعراق ، وكف أذاها عن كافة الدول العربية .. فإن لم تستجب إيران لمطالبنا فالحل الرادع آنئذ أن يعلن العرب جميعا مقاطعتها دبلوماسيا واقتصاديا واجتماعيا ، ومفاصلتها دينيا ، بطردها من منظمة العالم الإسلامي ، واعتبارها عدوة من الدرجة القصوى كإسرائيل . وبهذا نلجمها ، ونلجم كل من يقف وراءها ويؤيدها في تدخلاتها اللا مشروعة ..
***