كلمة على هامش موقف الأحرار في مؤتمر الرياض
مجاهد ديرانية
في مستهل حياتي في عالم التجارة كنتُ قليلَ الخبرة محدودَ التجربة. عرضَ عليّ أحدُ التجار المُخَضرمين ذات يوم عرضاً لشراكة كبيرة، وبدا لي أن العرض مُجحِف فرفضته. كان الرجل في عمر والدي يومئذ (رحم الله الاثنين) وقد خبرَ الدنيا وعرك الناس، فتبسّم وقال: الأمر إليك، ولكن خذها مني نصيحة: في عالم التجارة لا تقل "لا"، ولكن اطرح البديل. ساومْ وناقش واسعَ إلى حلول وسطية، وغالباً ستصل إلى اتفاق وستجد أن الربح تحقق لكل الأطراف.
كان كلامه مقنعاً. سحبت ردّي (لا) وناقشت وساومت، وبالنتيجة عقدنا اتفاقاً دام سنوات طويلة وكان فيه خير كبير.
هذه حادثة مضت عليها ثلاثون سنة، ولم أنسَ الدرسَ الذي تعلّمتُه فيها قَطّ: ليست "لا" هي الرد الأفضل. اطرح البديل، دافع عن رأيك ورؤيتك، خذ ما تستطيع في الحال وخطط لاستكمال الربح في المآل. راهِنْ على التخطيط الجيد وتسلّحْ بالحكمة والصبر وسوف تنال ما تريد، فإن لم تنَلْهُ كاملاً فلا بد أن تحقق قدراً مُعتبَراً منه لا محالة، وكثيراً ما يكون القليل خيراً من العدم.
ما أعظمَ الشّبَهَ بين عالم التجارة وعالم السياسة، وما أشدّ حاجةَ ثوارنا إلى سياسي مُخَضرم يدلّهم على الطريق!