يا ثورتنا .. أنشكو منك .؟ أم ممن أساء إلينا وإليك .؟
بقلم : ابو ياسر السوري
22 / 9 / 2015
==========
( 1 )
وكيف نشكو منك وأنت حركةٌ كونيةٌ جاء بها قدرٌ إلهيٌّ لفتحِ طاقة الفَرَجِ وإحداثِ التغييرِ المطلوب .؟ لم يصنعك شيخ ولا زنديق ، ولم يطلق صرختك الأولى رجلٌ ولا امرأة ، ولم يعبئ كتائبك زنوبيا ولا جنكيز ، وإنما قام بك أطفالٌ صغار ، أوحى إليهم قدَر حكيم بأن يخربشوا بكلمات على جدار . لتكون ثورة عارمة ، تبلغ ما بلغ الليل والنهار .!!
فهل أرادت الأقدار أن تقول : كما أهلك الله نمروذ ببعوضة ، وفرعون على يد طفل كان رباه في قصره . وكما أزال ملك بلقيس بمشورة هدهد ... شاء الله ان يكون إهلاك طاغوت هذا العصر بفعل صبية صغار .؟
كم فرحنا بك يا ثورتنا الغالية ، ورأينا فيك بشير الحرية والكرامة فخرجنا نهتف بملء حناجرنا ونقول :
" سوريا لينا ما هي لبيت الأسدْ .. عاشتْ سوريا ويسقط بشار الأسدْ "
كنا نحلم أن نسقط هذا النظام الفاسد المستبد . وترجع سوريا إلى سابق عهدها دولة ديمقراطية دستورية تحكمها مؤسسات من سائر مكونات الشعب السوري ، يستظلون جميعا تحت مظلة وطنية جامعة ، لا فضل فيها لأحد على أحد إلا بمقدار جهده وعطائه ..
لم نشهر في وجه من حكمنا فظلمنا سلاحا ، ولم نحرق له مؤسسة حكومية ، ولم نرتكب أية جريمة تستحق القتل والاعتقال والتعذيب . ولم يكن منا سوى هتاف للحرية .. فما كان جواب النظام إلا الرصاص الموجه إلى الصدور ، والمداهمات التي طالت الكبير منا والصغير . حتى اقتيدت حرائرنا إلى المعتقلات وتعرضن للتعذيب والاغتصاب .. فما أجملك أيتها الثورة المجيدة لولا قبح ما فعل النظام .!!
( 2 )
ما ضر هذا النظام لو أنه استجاب لمطالب شعبه .؟ ألم يحكم 40 سنة .؟ ألم يسرق مقدرات الدولة والشعب .؟ ألم يملأ السجون بالمعتقلين .؟ ألم يضطر الملايين من السوريين إلى الهجرة في أرض الله .؟ لقد ثقلت وطأة الأمن على كثير من الشرفاء والمفكرين فلاذوا بالفرار إلى حيث يحيون بحرية وكرامة . ولم يبق في دوائر الدولة ومؤسساتها إلا اللصوص والمرتشون ، وصار شعار الدوائر في كافة أرجاء الوطن :" ارشِ حاجتكَ تمشي " نعم لقد تفشت الرشوة بشكل لا سابق لها من قبل ، فحقت اللعنة على الجميع " لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما " . فبالرشوة لم تدفع الضرائب . وبالرشوة لم تؤد خدمة العلم ، وبالرشوة سرقت الوظائف ، فسلبت ممن يستحق ، وأسندت إلى من لا يستحق . وبالرشوة عم الفساد كل مكان وقطاع وزاوية في الوطن .
( 3 )
ما ضر هذا النظام لو أنه حكَّم العدل والإنصاف ، وأصغى لصوت الضمير .؟ لماذا يستاثر بالسلطة طائفة معينة ، بل عائلة بعينها من طائفة أقلية ، فتجعل من رأسها ربا يُعبد من دون الله ، ومن أفرادها أبناء لهذا الرب ، وتتحكم في بقية خلق الله إلى الأبد .؟ أليس هذا ظلما . وهل يستمر حكمٌ مع الظلم .؟ يقولون : " العدل أساس الملك " فكيف يريد هذا النظام أن يسوس الناس بالقهر والاستبداد .؟ كيف يريد أن تصفو له الحياة وقد هَدَمَ أسس الملك ، وقوَّض كلَّ اركانه .؟
لقد عمد رأس النظام فالغى انتخابات الرئاسة ، وجعلها استفتاء ، مما مكَّن له أن لا يخرج من القصر إلا إلى القبر . لقد استمر 30 عاما حاكما فردا في سوريا . بيده تعيين رئيس الوزراء والوزراء . وهو الذي يعين رئيس مجلس الشعب وأعضاء المجلس ، وقادة الجيش ، ورؤساء فروع الأمن ، ورؤساء المؤسسات الحكومية من أصغرها أثرا إلى أكبرها خطرا . وبيده كل ثروات البلد ، من البترول إلى الغاز إلى التجارة الخارجية وحتى الداخلية منها ، فكل خيوطها في يديه . والويل لمن يسرق ولا يجعل للص الأكبر نصيبا ..
( 4 )
ما ضر حافظ الأسد الذي حكم البلد ثلاثة عقود ، لو أنه رحل من الدنيا دون التمهيد لفكرة التوريث ، التي أدت إلى خراب البلد .؟ فقد رفض الأسد الأب إلا أن يورث الكرسي لولده بشار ، وكأني به قد أوصاه أن لا يسلم الكرسي الموروث إلا لولده من بعده .. فاستقر في عقل الوريث أن البلد مزرعة أسدية ، وأن من يعيش فيها ليسوا سوى عبيد وَرِثَهُمْ مع مزرعةِ أبيه . لذلك فجر واستفشر .. فأطلق يده في إذلال السوريين وقهرهم وتسلَّى باغتيالهم .. وكما قام أبوه من قبل : بقتل رئيس وزرائه السني محمود الزعبي الذي كان أطوع له من بنانه ، وقتل رفاقه الطائفيين المتآمرين معه : صلاح جديد ، ومحمد عمران ، وعبد الكريم الجندي ، وسليم حاطوم .. فكذلك فعل ولده بشار فقام باغتيال العاملين معه : غازي كنعان وجامع جامع وآصف شوكت ورستم غزالة .. وما يزال الحبل على الجرار .
( 5 )
وكما استطاع حافظ الأسد قمع الثورة في الثمانينيات من القرن الماضي ، بمجزرة حماة ، التي قتل فيها 100 ألف ، وأسكت بها السوريين 40 سنة . فكذلك ظن بشار أن بإمكانه القيام بمجزرة مماثلة وإسكات الشعب 40 سنة أخرى .. ولم يحسب الفوارق بين الحاضر والماضي .. فها قد مضى على الثورة 5 سنوات ، ارتكب فيها بشار مئات المجازر الكبرى، التي تجاوز عدد ضحاياها المليون ، ولكنها لم ترهب السوريين ولم تتمكن من إسكاتهم . وما زالوا يبذلون الدماء والشهداء ، لانتزاع حريتهم وكرامتهم .
بقلم : ابو ياسر السوري
22 / 9 / 2015
==========
( 1 )
وكيف نشكو منك وأنت حركةٌ كونيةٌ جاء بها قدرٌ إلهيٌّ لفتحِ طاقة الفَرَجِ وإحداثِ التغييرِ المطلوب .؟ لم يصنعك شيخ ولا زنديق ، ولم يطلق صرختك الأولى رجلٌ ولا امرأة ، ولم يعبئ كتائبك زنوبيا ولا جنكيز ، وإنما قام بك أطفالٌ صغار ، أوحى إليهم قدَر حكيم بأن يخربشوا بكلمات على جدار . لتكون ثورة عارمة ، تبلغ ما بلغ الليل والنهار .!!
فهل أرادت الأقدار أن تقول : كما أهلك الله نمروذ ببعوضة ، وفرعون على يد طفل كان رباه في قصره . وكما أزال ملك بلقيس بمشورة هدهد ... شاء الله ان يكون إهلاك طاغوت هذا العصر بفعل صبية صغار .؟
كم فرحنا بك يا ثورتنا الغالية ، ورأينا فيك بشير الحرية والكرامة فخرجنا نهتف بملء حناجرنا ونقول :
" سوريا لينا ما هي لبيت الأسدْ .. عاشتْ سوريا ويسقط بشار الأسدْ "
كنا نحلم أن نسقط هذا النظام الفاسد المستبد . وترجع سوريا إلى سابق عهدها دولة ديمقراطية دستورية تحكمها مؤسسات من سائر مكونات الشعب السوري ، يستظلون جميعا تحت مظلة وطنية جامعة ، لا فضل فيها لأحد على أحد إلا بمقدار جهده وعطائه ..
لم نشهر في وجه من حكمنا فظلمنا سلاحا ، ولم نحرق له مؤسسة حكومية ، ولم نرتكب أية جريمة تستحق القتل والاعتقال والتعذيب . ولم يكن منا سوى هتاف للحرية .. فما كان جواب النظام إلا الرصاص الموجه إلى الصدور ، والمداهمات التي طالت الكبير منا والصغير . حتى اقتيدت حرائرنا إلى المعتقلات وتعرضن للتعذيب والاغتصاب .. فما أجملك أيتها الثورة المجيدة لولا قبح ما فعل النظام .!!
( 2 )
ما ضر هذا النظام لو أنه استجاب لمطالب شعبه .؟ ألم يحكم 40 سنة .؟ ألم يسرق مقدرات الدولة والشعب .؟ ألم يملأ السجون بالمعتقلين .؟ ألم يضطر الملايين من السوريين إلى الهجرة في أرض الله .؟ لقد ثقلت وطأة الأمن على كثير من الشرفاء والمفكرين فلاذوا بالفرار إلى حيث يحيون بحرية وكرامة . ولم يبق في دوائر الدولة ومؤسساتها إلا اللصوص والمرتشون ، وصار شعار الدوائر في كافة أرجاء الوطن :" ارشِ حاجتكَ تمشي " نعم لقد تفشت الرشوة بشكل لا سابق لها من قبل ، فحقت اللعنة على الجميع " لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما " . فبالرشوة لم تدفع الضرائب . وبالرشوة لم تؤد خدمة العلم ، وبالرشوة سرقت الوظائف ، فسلبت ممن يستحق ، وأسندت إلى من لا يستحق . وبالرشوة عم الفساد كل مكان وقطاع وزاوية في الوطن .
( 3 )
ما ضر هذا النظام لو أنه حكَّم العدل والإنصاف ، وأصغى لصوت الضمير .؟ لماذا يستاثر بالسلطة طائفة معينة ، بل عائلة بعينها من طائفة أقلية ، فتجعل من رأسها ربا يُعبد من دون الله ، ومن أفرادها أبناء لهذا الرب ، وتتحكم في بقية خلق الله إلى الأبد .؟ أليس هذا ظلما . وهل يستمر حكمٌ مع الظلم .؟ يقولون : " العدل أساس الملك " فكيف يريد هذا النظام أن يسوس الناس بالقهر والاستبداد .؟ كيف يريد أن تصفو له الحياة وقد هَدَمَ أسس الملك ، وقوَّض كلَّ اركانه .؟
لقد عمد رأس النظام فالغى انتخابات الرئاسة ، وجعلها استفتاء ، مما مكَّن له أن لا يخرج من القصر إلا إلى القبر . لقد استمر 30 عاما حاكما فردا في سوريا . بيده تعيين رئيس الوزراء والوزراء . وهو الذي يعين رئيس مجلس الشعب وأعضاء المجلس ، وقادة الجيش ، ورؤساء فروع الأمن ، ورؤساء المؤسسات الحكومية من أصغرها أثرا إلى أكبرها خطرا . وبيده كل ثروات البلد ، من البترول إلى الغاز إلى التجارة الخارجية وحتى الداخلية منها ، فكل خيوطها في يديه . والويل لمن يسرق ولا يجعل للص الأكبر نصيبا ..
( 4 )
ما ضر حافظ الأسد الذي حكم البلد ثلاثة عقود ، لو أنه رحل من الدنيا دون التمهيد لفكرة التوريث ، التي أدت إلى خراب البلد .؟ فقد رفض الأسد الأب إلا أن يورث الكرسي لولده بشار ، وكأني به قد أوصاه أن لا يسلم الكرسي الموروث إلا لولده من بعده .. فاستقر في عقل الوريث أن البلد مزرعة أسدية ، وأن من يعيش فيها ليسوا سوى عبيد وَرِثَهُمْ مع مزرعةِ أبيه . لذلك فجر واستفشر .. فأطلق يده في إذلال السوريين وقهرهم وتسلَّى باغتيالهم .. وكما قام أبوه من قبل : بقتل رئيس وزرائه السني محمود الزعبي الذي كان أطوع له من بنانه ، وقتل رفاقه الطائفيين المتآمرين معه : صلاح جديد ، ومحمد عمران ، وعبد الكريم الجندي ، وسليم حاطوم .. فكذلك فعل ولده بشار فقام باغتيال العاملين معه : غازي كنعان وجامع جامع وآصف شوكت ورستم غزالة .. وما يزال الحبل على الجرار .
( 5 )
وكما استطاع حافظ الأسد قمع الثورة في الثمانينيات من القرن الماضي ، بمجزرة حماة ، التي قتل فيها 100 ألف ، وأسكت بها السوريين 40 سنة . فكذلك ظن بشار أن بإمكانه القيام بمجزرة مماثلة وإسكات الشعب 40 سنة أخرى .. ولم يحسب الفوارق بين الحاضر والماضي .. فها قد مضى على الثورة 5 سنوات ، ارتكب فيها بشار مئات المجازر الكبرى، التي تجاوز عدد ضحاياها المليون ، ولكنها لم ترهب السوريين ولم تتمكن من إسكاتهم . وما زالوا يبذلون الدماء والشهداء ، لانتزاع حريتهم وكرامتهم .