السوريون وحركة اللجوء إلى أوريا ( 2 ) :
2 / 9 / 2015

بقلم : أبو ياسر السوري
============
ختمت مقالي السابق بالقول [أكاد الآن أن أقول للأخ الذي طالبني بحذف المنشور ، فعصيته : معذرة يا صاحبي ، لقد أخطأتُ أنا وأصبتَ أنت .. ولكن ... ] وأضيف الآن :
:::::
ولكن ... هل من الصواب أن يُقيّمَ الأمرُ الخطيرُ بالنظرة العجلى ، ويكتفى فيه بمراعاة الجانب الإيجابي ، دون النظر إلى سلبياته .؟ ألا يمكن أن يكون فيه سيئة واحدة ، ترجح بكل محاسنه التي برزت للوهلة الأولى .؟
ومع هذا فلن أكون متطرفا ، فأعمد إلى تكبير الصغير وتصغير الكبير ، ولن أدافع عن العرب الذين لم يكن لهم موقف مشرف حيالنا في هذه المحنة الأليمة ، التي هي - وباعتراف منظمة الأمم المتحدة - أكبر كارثة دولية بعد الحرب العالمية الثانية ، وحتى يومنا هذا ... وألخص ردي على من آثر اللجوء إلى أوربا بثلاث نقاط ، أتحدث فيها عن اللجوء من زواياه الدينية ، والاجتماعية ، والسياسية :
1 – من الزاوية الدينية :
من المسلم به أن البيئة الدينية في موطن اللجوء مختلفة جذريا عن بيئتنا ، فالقوم نصارى ويهود ونحن مسلمون . ومهما حاولنا التقرب منهم فلن نكسب رضاهم " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " .. فليضع اللاجئ نصب عينيه أنه اختار أن يعيش بين قوم يكنون له العداوة الدينية ، ولا يتوددون إليه إلا مجاملة ونفاقا . وكم هو ثقيل على النفس أن يعيش المرء بين أعداء له في الدين . لا يفرحون لفرحه ، ولا يأسون لأساه . هذا شعور محبط قاتل ، لا يحس به إلا من جربه .. حتى قيل أن سليمان عليه السلام لما توعد الهدهد بقوله " لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ " سئل ما أنت صانع به .؟ قال لأحبسنه مع غير أليفه ، فيكون في أشد العذاب النفسي ..
2 – من الزاوية الاجتماعية :
ولنتجاوز الناحية الدينية ، لأن بعضهم قد لا يوليها كبير اهتمام ، وقد يستشهد بالآية في غير موضعها : " لكم دينكم ولي دين " وقد لا يكون لديه مانع من أن يجاري اليهودي ، والنصراني ، والبوذي ، ويخالط السكِّير والخمِّير ويؤاكلهم ويعاشرهم ويجري في هواهم .. ولكنه رغم ذلك لن يرضى أن يتدخل أحد بينه وبين زوجته ، أو بينه وبين أبنائه وبناته . ولن يرضى أن يمنعه أحد من تربية ابنائه على الدين والفضيلة .. فماذا هو صانع في قوانين تلك الدول ( السويد النروج الدانمارك فلندا ) التي تقوم فيها المؤسسات الاجتماعية باحتضان اللاجئين والإنفاق عليهم ، وبناء على ذلك يكون لهذه المؤسسات ، بحكم القوانين السائدة هناك ، حق الإشراف على عائلات اللجوء ، بحيث يخصص لكل عائلة مشرف أو مشرفة يكون ، لهم حق التدخل بشؤون اللاجئين . وإليكم بعض الأمثلة :
- إذا نشب نقاش بين الزوجين مثلا ، فزعمت الزوجة أن زوجها يضربها ، كان لها الحق في طرده من البيت ، وينقل هو إلى بيت آخر يسمونه " بين المطرودين " ولا يحق له الاتصال بها .. وإلا فالسجن مصيره أو الترحيل ..
- وإذا ضرب أحد الوالدين ابنه أو ابنته لأمر يستوجب الضرب مثلا ، فالقانون هناك يقضي بنزع الولد أو البنت منه ، ويؤخذ إلى مكان لا يراه بعد ذلك أبدا . وسرعان ما يتم تغيير اسم الولد أوالبنت ، ويكون هذا آخر العهد به ..
- هب أن ابنتك المسلمة جاءتك يوما ومعها جورج ، فأدخلته إلى غرفة نومها .. فلا يحق لك أن تمنعهما من الخلوة وما يكون فيها . وإذا حاولتَ المنع فسوف يتم توقيفك وسجنك من سنتين إلى خمس سنوات .. وحيثية الحكم " اعتداء على الحرية الشخصية " ..
- قد تطلق امرأة من زوجها بناء على طلبها ، وتتزوج من آخر . ولها أن تستبقي طليقها في بيتها مكايدة له ، لتغيظه بمضاجعة رجل آخر أمامه . ولا يعطى هو بيتا ليسكن فيه بعيدا عنها، إلا إذا هي طردته من بيتها .. فينقل إلى بيت المطرودين ..
- تخاصم زوجان في السويد ، فسمع جيرانهم صوت خصامهم ، فبلغوا عنهم ، فجاءت المؤسسة الاجتماعية المكفلة بالإنفاق عليهم .. وبعد تدخلهم في النزاع تفاقم الأمر بين الزوجين ، فقررت المؤسسة أخذ أبنائهم منهم ، فأخذوهم ووزعوهم في أماكن متباعدة من دول متجاورة ، بحيث لا يدري أحد منهم بباقي أفراد اسرته مدى حياته .. ثم يتم تغيير أسماء البنين والبنات إلى أسماء مسيحية ..
- في المانيا وسائر الدول المسيحية ، يدرسون نصا من " نشيد الإنشاد " في كتابهم المقدس ، لم يدع مفردة من مفردات العهر ، ولا فنا من فنون الجنس إلا ذكرها .. وهو - فيما يزعمون - نص مقدس ، وما أظن أحدا يجرؤ أن يقرأه على ملأ من الناس ، لما فيه مما يخدش الحياء ، وهكذا تدرس الدعارة في حصة مدرسية على أنها دين .. .!!
- وفي بريطانيا حدثني من لا أتهم ، بأنه فوجئ يوما بأن ابناً له ، في المرحلة المتوسطة ، قد حدثه عن اللواط ، حديث المستحسن ..
هذا ما يمكن أن يقع لأي مهاجر إلى أوربا .. فهل هنالك عاقل يختار العيش في هذه البيئة .؟
عذرا .. أخي فلان .. فلن أحذف مشاركتي للدكتور محمد رحال .. وسوف أستمر في التحذير من اللجوء إلى أية دولة أوربية. وسوف ألعن كل دولة عربية اضطرت السوريين إلى مثل هذا المصير..
3 – من الزاوية السياسية :
أوربا التي وجهنا وجوهنا إليها ، هي التي ما زالت معترفة بشرعية الأسد .. ولو شاؤوا إسقاطه لأسقطوه بين عشية وضحاها .. ففرنسا لم تستأذن الناتو في ضرب القذافي ، فانطلق الميراج فقصف الرتل المتجه إلى بنغازي دون استئذان ، فما كان من مجلس الأمن إلا أن أجاز ما فعلته فرنسا ، وبارك خطوتها .. والزعيمة الألمانية " ميركل " لم تطرد سفير الأسد .. ولم توافق على منحنا أسلحة نوعية .. وهي من أكبر المشجعين على حرب الإرهاب " المسلمين " .. فكيف تحولت إلى ملاك من ملائكة الرحمة فجأة ؟ فقبلت لجوء السوريين بدون قيد ولا شرط .؟ ألا ترون أن وراء الأكمة ما وراءها .. لماذا يتكرمون علينا بقبول اللجوء .؟ ولماذا لا يسقطون الإرهابي الذي كان سببا لفرار السوريين من الموت .؟ إنهم يطلقون يده في استخدام براميل الموت ، والكيمياوي ، والغارات الجوية المتواصلة .. لقتل من يقتل ، وتهجير من يهجر . ولكي تتحول الأغلبية السنية إلى أقلية خلال سنتين كما هو مقرر خلف الكواليس ، ثم نكون لا حول لنا ولا طول . فيعاد تأهيل الأسد من جديد .. ثم قد يسمح بالعودة لمن شاء . ليصار إلى حسابهم وتصفيتهم في أقبية المعتقلات .. ويُصنع بنا كما يُصنع بالمسلمين في ماينمار . فأيهما خير .؟ أهذا المصير الأسود الذي ينتظر الهاربين ؟ أم الموت في ميادين الشرف والبطولة .؟ هل كنا نكذب حين قلنا ذات يوم من عمر الثورة : " الموت ولا المذلة .؟ "
ومرة أخرى أردد وأقول : عذرا .. أخي فلان .. فلن أحذف مشاركتي للدكتور محمد رحال ..!!