حلب: "داعش"يسعى للتمدد.. بالغازات السامة
-----------
قصف تنظيم "الدولة الإسلامية"، الجمعة، مدينة مارع الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة بريف حلب الشمالي، بأكثر من 50 قذيفة مدفعية وهاون، أغلبها محمّل بغازات سامة، تسببت بوقوع حالات اختناق وسعال حاد واحمرار في العينين وحروق وانتفاخات جلدية متفاوتة الدرجة.
وما يميز الغازات المنبعثة من القذائف التي غطت مدينة مارع، الرائحة الكريهة التي ظلت في المكان طيلة ساعات، بالإضافة إلى انتشار رماد أخضر اللون مائل للسواد. لم يظهر في مارع آثار لاحتراق أي شيء، في الأماكن المستهدفة.
بدأت المضاعفات الأخطر تظهر على المصابين خلال الساعات الأربع والعشرين اللاحقة التي تلت الهجوم بالغازات السامة، ليتم نقلهم على الفور إلى المشافي التركية، بينما لم يحالف الحظ أحد المصابين الذي قُتل بعد ساعات من استنشاقه للغاز السام.
رئيس "المجلس العسكري" في حلب ومدير "مركز التوثيق الكيماوي" العميد زاهر الساكت، أكد استهداف "الدولة الإسلامية" لمارع بالغازات السامة. وقال العميد الساكت لـ"المدن"، إنه وبعد جمع الأدلة ومعاينة الإصابات، تم التأكد من أن الغاز المستخدم، هو "الخردل" عالي السمية، وهو من أخطر الغازات السامة المستخدمة في الأسلحة الكيماوية. ويعتقد العميد الساكت أن التنظيم قد حصل على الخردل من مخلفات الجيش العراقي السابق.
وأكد العميد الساكت أن غاز "الخردل" خطر للغاية لأنه ينحل بسهولة في الماء ويتحلل، كما أنه قد يتسرب من التربة إلى المياه الجوفية، كذلك هو ضار جداً للجلد والرئتين، وبشكل خاص في الأيام الحارة الرطبة. وأضاف الساكت بأنه قد تحدث تأثيرات سامة متأخرة بعد مرور شهور وأحياناً سنوات على التعرُّض، وهي في غالب الأحيان اضطرابات وسرطانات تنفسية. ويحدث التلوث بغاز "الخردل" عبر جميع الطرق الممكنة، بما فيها شرب الماء أو تناول الطعام الملوث، أو ملامسة السطوح التي تعرضت للقصف بالغاز.
تأتي هذه التطورات الميدانية على خلفية تقدم التنظيم بشكل متسارع في ريف حلب الشمالي، وسيطرته على عدد من المواقع المهمة خلال الأسبوعين الماضيين. وسيطر التنظيم على أم حوش والوحشية وتلالين، ليقترب أكثر من حصار مدينة مارع، بعدما طوقها من ثلاث جهات؛ شمالاً من بلدة تلالين وجنوباً من بلدة أم حوش، وشرقاً حيث تعتبر جبهته رأس الحربة التي يدفع من خلالها مقاتليه في كل الاتجاهات. الفصائل المعارضة أبقت جهة الغرب كي تستطيع الانسحاب من مارع لو قررت ذلك.
لم يكن استهداف تنظيم "الدولة الإسلامية" لمارع مجرد صدفة، وإنما جاء على خلفية ملاحقة المعارضة للخلايا العاملة لصالح التنظيم في المدينة وفي الريف الشمالي بشكل عام. حتى أولئك المتعاطفين مع التنظيم، تم اعتقالهم مؤخراً، وبحوزتهم أسلحة وألغام، ومبالغ مالية طائلة كان التنظيم يغدقها عليهم، نظراً للخدمات الكبيرة التي قدموها له على مدى الشهرين الماضيين. خدمات تزامنت مع معارك التنظيم العنيفة ضد المعارضة على جميع المحاور؛ من الحدود التركية شمالاً وحتى كلية المشاة جنوباً، حيث تمكنت الخلايا المنظمة من إدخال خمس سيارات مفخخة وتفجيرها في أماكن حساسة تابعة للمعارضة في حلب وريفها في وقت قياسي. بالإضافة إلى إرسال أكثر من 10 انتحاريين فجروا أنفسهم في مقار المعارضة القريبة من خطوط التماس، 8 منهم في مارع لوحدها.
التنظيم على أيدي عملائه المنتشرين بكثافة في حلب وريفها، تمكن من قتل 100 من مقاتلي المعارضة على الأقل، بينهم قادة بارزين، وكان يعوّل على مساعدتهم بشكل كبير في دخول المدن الكبرى بريف حلب الشمالي. وعندما ألقت المعارضة القبض على 90 بالمئة منهم، بدأ التنظيم بالانتقام، من خلال رفع وتيرة القصف بالأسلحة الثقيلة، وربما كان الأخطر على الإطلاق هو إدخاله السلاح الكيماوي في معادلة توازن القوى.
قائد القطاع الشمالي التابع لـ"الجبهة الشامية" النقيب أحمد الغزالي، قال لـ"المدن"، إن تنظيم "الدولة" يسعى للتمدد في حلب، ولن يوفر أي جهد أو سلاح في سبيل تحقيق هذه الغاية، وما القصف بالغازات السامة مؤخراً إلا مقدمة للكثير من المفاجآت التي ستظهر خلال المعارك، وخاصة بعد تعزيز الجبهات ضد التنظيم من مختلف الفصائل العسكرية.
وأبدى النقيب الغزالي، مخاوفه الكبيرة من أن يستغل النظام هذه الفرصة، بحيث يقوم بدوره بقصف مواقع المعارضة بالأسلحة الكيماوية والغازات السامة، باعتبار أن منافساً جديداً له قد ظهر على الساحة السورية يستخدم الأسلوب نفسه. ومن السهل إلصاق التهمة بالتنظيم والتنصل من المسؤولية، فكلاهما ينعم بلامبالاة دولية وإقليمية، تترك الشعب السوري أمام مصيره مع الموت بطرق متنوعة.
-----
المصدر \ جريدة المدن
-----------
قصف تنظيم "الدولة الإسلامية"، الجمعة، مدينة مارع الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة بريف حلب الشمالي، بأكثر من 50 قذيفة مدفعية وهاون، أغلبها محمّل بغازات سامة، تسببت بوقوع حالات اختناق وسعال حاد واحمرار في العينين وحروق وانتفاخات جلدية متفاوتة الدرجة.
وما يميز الغازات المنبعثة من القذائف التي غطت مدينة مارع، الرائحة الكريهة التي ظلت في المكان طيلة ساعات، بالإضافة إلى انتشار رماد أخضر اللون مائل للسواد. لم يظهر في مارع آثار لاحتراق أي شيء، في الأماكن المستهدفة.
بدأت المضاعفات الأخطر تظهر على المصابين خلال الساعات الأربع والعشرين اللاحقة التي تلت الهجوم بالغازات السامة، ليتم نقلهم على الفور إلى المشافي التركية، بينما لم يحالف الحظ أحد المصابين الذي قُتل بعد ساعات من استنشاقه للغاز السام.
رئيس "المجلس العسكري" في حلب ومدير "مركز التوثيق الكيماوي" العميد زاهر الساكت، أكد استهداف "الدولة الإسلامية" لمارع بالغازات السامة. وقال العميد الساكت لـ"المدن"، إنه وبعد جمع الأدلة ومعاينة الإصابات، تم التأكد من أن الغاز المستخدم، هو "الخردل" عالي السمية، وهو من أخطر الغازات السامة المستخدمة في الأسلحة الكيماوية. ويعتقد العميد الساكت أن التنظيم قد حصل على الخردل من مخلفات الجيش العراقي السابق.
وأكد العميد الساكت أن غاز "الخردل" خطر للغاية لأنه ينحل بسهولة في الماء ويتحلل، كما أنه قد يتسرب من التربة إلى المياه الجوفية، كذلك هو ضار جداً للجلد والرئتين، وبشكل خاص في الأيام الحارة الرطبة. وأضاف الساكت بأنه قد تحدث تأثيرات سامة متأخرة بعد مرور شهور وأحياناً سنوات على التعرُّض، وهي في غالب الأحيان اضطرابات وسرطانات تنفسية. ويحدث التلوث بغاز "الخردل" عبر جميع الطرق الممكنة، بما فيها شرب الماء أو تناول الطعام الملوث، أو ملامسة السطوح التي تعرضت للقصف بالغاز.
تأتي هذه التطورات الميدانية على خلفية تقدم التنظيم بشكل متسارع في ريف حلب الشمالي، وسيطرته على عدد من المواقع المهمة خلال الأسبوعين الماضيين. وسيطر التنظيم على أم حوش والوحشية وتلالين، ليقترب أكثر من حصار مدينة مارع، بعدما طوقها من ثلاث جهات؛ شمالاً من بلدة تلالين وجنوباً من بلدة أم حوش، وشرقاً حيث تعتبر جبهته رأس الحربة التي يدفع من خلالها مقاتليه في كل الاتجاهات. الفصائل المعارضة أبقت جهة الغرب كي تستطيع الانسحاب من مارع لو قررت ذلك.
لم يكن استهداف تنظيم "الدولة الإسلامية" لمارع مجرد صدفة، وإنما جاء على خلفية ملاحقة المعارضة للخلايا العاملة لصالح التنظيم في المدينة وفي الريف الشمالي بشكل عام. حتى أولئك المتعاطفين مع التنظيم، تم اعتقالهم مؤخراً، وبحوزتهم أسلحة وألغام، ومبالغ مالية طائلة كان التنظيم يغدقها عليهم، نظراً للخدمات الكبيرة التي قدموها له على مدى الشهرين الماضيين. خدمات تزامنت مع معارك التنظيم العنيفة ضد المعارضة على جميع المحاور؛ من الحدود التركية شمالاً وحتى كلية المشاة جنوباً، حيث تمكنت الخلايا المنظمة من إدخال خمس سيارات مفخخة وتفجيرها في أماكن حساسة تابعة للمعارضة في حلب وريفها في وقت قياسي. بالإضافة إلى إرسال أكثر من 10 انتحاريين فجروا أنفسهم في مقار المعارضة القريبة من خطوط التماس، 8 منهم في مارع لوحدها.
التنظيم على أيدي عملائه المنتشرين بكثافة في حلب وريفها، تمكن من قتل 100 من مقاتلي المعارضة على الأقل، بينهم قادة بارزين، وكان يعوّل على مساعدتهم بشكل كبير في دخول المدن الكبرى بريف حلب الشمالي. وعندما ألقت المعارضة القبض على 90 بالمئة منهم، بدأ التنظيم بالانتقام، من خلال رفع وتيرة القصف بالأسلحة الثقيلة، وربما كان الأخطر على الإطلاق هو إدخاله السلاح الكيماوي في معادلة توازن القوى.
قائد القطاع الشمالي التابع لـ"الجبهة الشامية" النقيب أحمد الغزالي، قال لـ"المدن"، إن تنظيم "الدولة" يسعى للتمدد في حلب، ولن يوفر أي جهد أو سلاح في سبيل تحقيق هذه الغاية، وما القصف بالغازات السامة مؤخراً إلا مقدمة للكثير من المفاجآت التي ستظهر خلال المعارك، وخاصة بعد تعزيز الجبهات ضد التنظيم من مختلف الفصائل العسكرية.
وأبدى النقيب الغزالي، مخاوفه الكبيرة من أن يستغل النظام هذه الفرصة، بحيث يقوم بدوره بقصف مواقع المعارضة بالأسلحة الكيماوية والغازات السامة، باعتبار أن منافساً جديداً له قد ظهر على الساحة السورية يستخدم الأسلوب نفسه. ومن السهل إلصاق التهمة بالتنظيم والتنصل من المسؤولية، فكلاهما ينعم بلامبالاة دولية وإقليمية، تترك الشعب السوري أمام مصيره مع الموت بطرق متنوعة.
-----
المصدر \ جريدة المدن