لستُ إخوانيا .. وأشهد أن فكر الإخوان يمثل الإسلام الوسطي :
23 / 8 / 2015
بقلم : ابو ياسر السوري
==============
استطاع هذا الفكر أن يحدث نقلة فكرية واسعة ، بين جيل عاش أسير فكر الدروشة ، والمسكنة ، والانقياد على غير هدى لبعض من تصدر للدعوة والإرشاد ، لا أعني الدعوة إلى الإسلام ، ولا الإرشاد لهديه الحنيف .. وإنما الدعوة إلى تقديس الأشخاص ، والانقياد الأعمى لهم ، وتبني فلسفة الزهد الأعرج ، والورع البارد ، والفكر المغلق ، والتبعية للأشخاص ، لا للمبادئ ، حتى استقر في الأذهان أن السلوك على أيدي أولئك الدراويش المغفلين ، هو الطريق إلى جنة عرضها السماوات والأرض ..
فجاءت دعوة " الإخوان المسلمين " فنشرت الفكر النير ، وعلمت الناس أن القرآن ليس للأموات وإنما هو للأحياء . وأن القرآن لا يقرأ تبركا مع تعمد ترك العمل به تماما . فرب تال للقرآن والقرآن يلعنه ، يقول " ألا لعنة الله على الكاذبين " وهو كاذب .. " ألا لعنة الله على الظالمين " وهو ظالم ..
جاءت دعوة الإخوان في وقت استطاع فيه الغزو الفكري أن يجتال كثيرا من المثقفين ، ويقنعهم بأن الإسلام لا يصلح لقيادة البشرية ، وأنه لا سبيل إلى التفكير خارج نطاق الكتب الصفراء ذات الطبعة الحجرية .. فتولى جهابذة الفكر الإسلامي من " الإخوان المسلمين " الرد على شبهات المستشرقين والمستغربين . وأثبتوا أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان . وأنه لا عيب فيه ، وإنما العيب في منسوبيه ، الذين أساؤوا إليه بسوء سلوكهم ..
وهكذا كانت دعوة الإخوان جسر عبور من فكرٍ مُعرضٍ عن الحياة وأسباب تقدمها ورقيها ، لا يعبأ بسياسة الأمة ، ولا يعنيه من أمسك بزمام الأمور فيها .. إلى فكر متجدد معاصر ، ينادي بأن الإسلام دين ودولة . دنيا وأخرى . وأن المسلم راهب في الليل ، فارس في النهار .. وأن الإسلام لا يعادي الحضارة ، ولا يخاصم التقدم ، ولا يكره الغنى ، ولا يتبنى الفقر ولا يقرالجهل ولا الدروشة .. ويمكن أن يكون المسلم الحق حاكما وضابطا وقائدا ومعلما وقاضيا وطبيبا ومهندسا وتاجرا ومزارعا وصناعيا ومخترعا وطيارا وربان سفينة وقائدا لبارجة حربية ...
وكان من أبرز رواد هذه الدعوة الخيرة في مصر ، مؤسسها الشهيد حسن البنا ، والشهيد الألمعي سيد قطب ، وأخوه المفكر الإسلامي محمد قطب .. وكان من رجالاتها الأفذاذ أيضا الشيخ محمد الغزالي . والشيخ يوسف القرضاوي . وآخرون ..
وكان مؤسسها في سوريا الشيخ الدكتور، صاحب الصيت الذائع ، الداعية المؤثر اللامع ، والفقيه المحقق البارع ، والعابد الزاهد ، والخطيب المفوه ، والشاعر الكاتب ، والسياسي المحنك ، والقائد المجاهد في فلسطين . فخرُ حمص . بل مفخرة سوريا ، وأحد رجالات العالم الإسلامي المعدودين .. مصطفى السباعي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى .. هكذا هو عندي . ولا أقول هذا تزلفا لأحد ، فالرجل الآن في ديار الآخرة . ولا أعرف أحدا من ذويه ، فاتقرب بهذا الثناء إليه . ولا شك أن هنالك آخرين من حملة هذا المشعل المضيء ، ولكني أمسك عن ذكر أسمائهم ، مخافة ظن السوء بي ، واتهامي بالتزلف إلى ابنائهم ..
دعوة الإخوان دعوة رائعة ، ولكن ظلمها بعض أتباعها الفاشلين ، فحولوها إلى حزب سياسي ، من انتسب إليها فهو ( أخ ) = كلمة (رفيق) عند البعثي والشيوعي .. ومن لم يكن من منسوبيها فهو في نظرهم أقرب إلى العدو اللدود .. ولولا هذه النظرة الضيقة لدى المتأخرين من أتباع دعوة " الإخوان المسلمين " لاكتسحت دعوتهم الكرة الأرضية كلها ، لأن في كل مسلم بذور خير وصلاح . واستعداداً لأن يكون لبنة صالحة في المجتمع " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " ولو استُغلَّ هذا البعدُ الخيّرُ في الإنسان ، لجنينا من ذلك ثمرا يانعا ، تغير به وجه الحياة الإسلامية ، وأمسكنا بزمام القيادة من جديد ..
ليست هذه هي السلبية الوحيدة للجماعة .. ففيها سلبيات أخرى لا أوافق على نشرها ، لأنها مما يمكن أن تضيع في بحار محاسن أصحابها ، وحسبهم ما تحملوه من تكاليف دعوتهم ، أذى لازمهم على مدى 70 عاما ، ذاقوا فيها مرارات السجن والاعتقال والتعذيب والتصفية الجسدية والتهجير والاغتيال .. لهذا لا أرى نشر عيوب الإخوان . وإنما أرى نصحهم بتغيير نظرتهم إلى إخوانهم المسلمين ، وأوصيهم بأن لا يتعالوا عليهم . وأن لا يسيئوا الظن فيهم .. وأن يفقهوا جاهلهم ، ويوقروا عالمهم ، ويلينوا جانبهم لكل المسلمين .. والواجب على من فقه في دين الله أن يفقه الجاهل . وإلا كان آثما .. وحديث الأشعريين معروف . فقد طالبهم النبي أن يفقهوا جيرانهم . وطالب جيرانهم أن يتفقهوا منهم ، وإلا عاجل الفريقين بالعقوبة ...
( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم * ) .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الأربعاء أغسطس 26, 2015 1:02 am عدل 1 مرات
23 / 8 / 2015
بقلم : ابو ياسر السوري
==============
استطاع هذا الفكر أن يحدث نقلة فكرية واسعة ، بين جيل عاش أسير فكر الدروشة ، والمسكنة ، والانقياد على غير هدى لبعض من تصدر للدعوة والإرشاد ، لا أعني الدعوة إلى الإسلام ، ولا الإرشاد لهديه الحنيف .. وإنما الدعوة إلى تقديس الأشخاص ، والانقياد الأعمى لهم ، وتبني فلسفة الزهد الأعرج ، والورع البارد ، والفكر المغلق ، والتبعية للأشخاص ، لا للمبادئ ، حتى استقر في الأذهان أن السلوك على أيدي أولئك الدراويش المغفلين ، هو الطريق إلى جنة عرضها السماوات والأرض ..
فجاءت دعوة " الإخوان المسلمين " فنشرت الفكر النير ، وعلمت الناس أن القرآن ليس للأموات وإنما هو للأحياء . وأن القرآن لا يقرأ تبركا مع تعمد ترك العمل به تماما . فرب تال للقرآن والقرآن يلعنه ، يقول " ألا لعنة الله على الكاذبين " وهو كاذب .. " ألا لعنة الله على الظالمين " وهو ظالم ..
جاءت دعوة الإخوان في وقت استطاع فيه الغزو الفكري أن يجتال كثيرا من المثقفين ، ويقنعهم بأن الإسلام لا يصلح لقيادة البشرية ، وأنه لا سبيل إلى التفكير خارج نطاق الكتب الصفراء ذات الطبعة الحجرية .. فتولى جهابذة الفكر الإسلامي من " الإخوان المسلمين " الرد على شبهات المستشرقين والمستغربين . وأثبتوا أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان . وأنه لا عيب فيه ، وإنما العيب في منسوبيه ، الذين أساؤوا إليه بسوء سلوكهم ..
وهكذا كانت دعوة الإخوان جسر عبور من فكرٍ مُعرضٍ عن الحياة وأسباب تقدمها ورقيها ، لا يعبأ بسياسة الأمة ، ولا يعنيه من أمسك بزمام الأمور فيها .. إلى فكر متجدد معاصر ، ينادي بأن الإسلام دين ودولة . دنيا وأخرى . وأن المسلم راهب في الليل ، فارس في النهار .. وأن الإسلام لا يعادي الحضارة ، ولا يخاصم التقدم ، ولا يكره الغنى ، ولا يتبنى الفقر ولا يقرالجهل ولا الدروشة .. ويمكن أن يكون المسلم الحق حاكما وضابطا وقائدا ومعلما وقاضيا وطبيبا ومهندسا وتاجرا ومزارعا وصناعيا ومخترعا وطيارا وربان سفينة وقائدا لبارجة حربية ...
وكان من أبرز رواد هذه الدعوة الخيرة في مصر ، مؤسسها الشهيد حسن البنا ، والشهيد الألمعي سيد قطب ، وأخوه المفكر الإسلامي محمد قطب .. وكان من رجالاتها الأفذاذ أيضا الشيخ محمد الغزالي . والشيخ يوسف القرضاوي . وآخرون ..
وكان مؤسسها في سوريا الشيخ الدكتور، صاحب الصيت الذائع ، الداعية المؤثر اللامع ، والفقيه المحقق البارع ، والعابد الزاهد ، والخطيب المفوه ، والشاعر الكاتب ، والسياسي المحنك ، والقائد المجاهد في فلسطين . فخرُ حمص . بل مفخرة سوريا ، وأحد رجالات العالم الإسلامي المعدودين .. مصطفى السباعي رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى .. هكذا هو عندي . ولا أقول هذا تزلفا لأحد ، فالرجل الآن في ديار الآخرة . ولا أعرف أحدا من ذويه ، فاتقرب بهذا الثناء إليه . ولا شك أن هنالك آخرين من حملة هذا المشعل المضيء ، ولكني أمسك عن ذكر أسمائهم ، مخافة ظن السوء بي ، واتهامي بالتزلف إلى ابنائهم ..
دعوة الإخوان دعوة رائعة ، ولكن ظلمها بعض أتباعها الفاشلين ، فحولوها إلى حزب سياسي ، من انتسب إليها فهو ( أخ ) = كلمة (رفيق) عند البعثي والشيوعي .. ومن لم يكن من منسوبيها فهو في نظرهم أقرب إلى العدو اللدود .. ولولا هذه النظرة الضيقة لدى المتأخرين من أتباع دعوة " الإخوان المسلمين " لاكتسحت دعوتهم الكرة الأرضية كلها ، لأن في كل مسلم بذور خير وصلاح . واستعداداً لأن يكون لبنة صالحة في المجتمع " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " ولو استُغلَّ هذا البعدُ الخيّرُ في الإنسان ، لجنينا من ذلك ثمرا يانعا ، تغير به وجه الحياة الإسلامية ، وأمسكنا بزمام القيادة من جديد ..
ليست هذه هي السلبية الوحيدة للجماعة .. ففيها سلبيات أخرى لا أوافق على نشرها ، لأنها مما يمكن أن تضيع في بحار محاسن أصحابها ، وحسبهم ما تحملوه من تكاليف دعوتهم ، أذى لازمهم على مدى 70 عاما ، ذاقوا فيها مرارات السجن والاعتقال والتعذيب والتصفية الجسدية والتهجير والاغتيال .. لهذا لا أرى نشر عيوب الإخوان . وإنما أرى نصحهم بتغيير نظرتهم إلى إخوانهم المسلمين ، وأوصيهم بأن لا يتعالوا عليهم . وأن لا يسيئوا الظن فيهم .. وأن يفقهوا جاهلهم ، ويوقروا عالمهم ، ويلينوا جانبهم لكل المسلمين .. والواجب على من فقه في دين الله أن يفقه الجاهل . وإلا كان آثما .. وحديث الأشعريين معروف . فقد طالبهم النبي أن يفقهوا جيرانهم . وطالب جيرانهم أن يتفقهوا منهم ، وإلا عاجل الفريقين بالعقوبة ...
( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم * ) .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الأربعاء أغسطس 26, 2015 1:02 am عدل 1 مرات