الجواسيس الذين يعملون لصالح النظام وداعش يقتلون شرعا :
19 / 8 / 2015
بقلم : ابو ياسر السوري
============
أليس غريبا أن نجد من أبناء السنة من لا يزالون يتتبعون أخبار المجاهدين لإسقاط النظام الطائفي ، ويقدمون البلاغات عن مواقع مراكزهم ، وأماكن تجمعهم ، أو يخبرون عن تواجد قادتهم ، ليصار إلى اغتيالهم ، وقد تسبب هؤلاء الجواسيس بقتل عشرات القادة من المجاهدين ، ومئات بل آلاف المجاهدين لإسقاط النظام المجرم ، كما كانوا سببا في إراقة دماء الأبرياء من المدنيين والأطفال والنساء ، كما كانوا من وراء كثير من الاعتقالات والمداهمات وهتك الأعراض وتشريد السوريين خارج مدنهم أو خارج سوريا .. وإنهم ليقومون بكل هذه المفاسد من أجل عرض من الدنيا قليل .!!
لهذا مال كثير من الأئمة إلى قتلهم ، لأن فيه درءا لمفاسد وجلبا لمصالح . أما القائلون بالتعزير دون القتل فقد استدلوا بعفو النبي صلى الله عليه وسلم عن حاطب بن أبي بلتعة . حين حاول مراسلة قريش قبيل فتح مكة ، فكتب كتابا وأرسله إليهم مع ظعينة ، يخبرهم فيه بأن رسول الله قادم إليهم بجيش عرمرم ، ليبيد خضراءهم . فنزل جبريل - عليه السلام - فأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم - بذلك ، فأرسل النبي عليا والزبير والمقداد ، ليردوا الظعينة ويستردوا كتاب حاطب .. ففعلوا ذلك ..
فسأله النبي : ما حملك على هذا يا حاطب ؟ قالَ : يَا رسُولَ اللَّهِ ، لا تَعجَل عليَّ ، فإنّي كُنْتُ امرَأً مُلصَقًا فِي قُرَيشٍ ولَم أَكُن مِن أَنْفَسِهَا وكانَ مَن كانَ معَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُم قَراباتٌ يَحمُونَ أَهلِيهِم بِمَكَّةَ ، وَلَم يَكُن لي فِيهِم قَرَابَةٌ فَأَحبَبتُ أَن أَتَّخِذ فِيهِم يَدًا إِذ فَاتَنِي ذَلِكَ يَحْمُونَ بِها قَرَابَتِي ، وَمَا فَعَلتُهُ كُفْرًا وَلا ارتِدَادًا وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعدَ الإِسلامِ .
فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم : " إِنَّهُ قد صَدَقَكُم " . قالَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه : يا رسولَ اللَّهِ ، دَعنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنافِقِ . قَالَ صلى الله عليه وسلم : " إِنه قد شهدَ بدرًا وَمَا يُدرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ , فَقَالَ : اعملوا مَا شئتم فقد غفرتُ لكم " .
فالذين ذهبوا إلى القول بتعزير الجاسوس وعدم قتله ، قد احتجوا لرأيهم بأن النبي لم يقتل حاطب بن أبي بلتعة ، واكتفى بتقريره وتوبيخه دون قتله ..
وأجاب القائلون بقتل الجاسوس ، بإن النبي لم يأذن لعمر بقتل حاطب ، لا لأنه لا يستحق القتل ، وإنما لأنه من أهل بدر الذين غفر الله لهم ذنوبهم . مما يشير إلى أن لأهل بدر خصوصية ليست لغيرهم ، وأنهم قد وفقوا لطاعة كبرى ، لا تضر معها صغار المعاصي . وضرب ابن القيم لذلك مثلا فقال : إن الماء إذا بلغ قلتين لا يحمل الخبث ، وأما ما دونهما فإنه ينجس بالقليل من الخبث ..
وأضاف أصحاب هذا الرأي ، بأن الأصل في الدماء أن يتحاشاها المسلم وأن لا يشارك فيها ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، ولكن هذا الجاسوس لم يتحاشى تلك الدماء البريئة ، وكان من وراء قتل الأبرياء واغتصاب النساء والإفساد في الأرض ، ولهذا وجب أن يقتل درءاً لمفاسده عن المسلمين .. مع ما ينتظره من عذاب الله في الآخرة ، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله : ( مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِىَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) . فما بالك بمن يعين على قتل ألوف المؤمنين .؟؟

وربما قال قائل : نسلم يأن يقتل الجاسوس الذي يعمل لصالح النظام النصيري الطائفي الكافر ، ولا نسلم بقتل الجاسوس الذي يعمل لصالح دولة الإسلام في العراق والشام " داعش " ؟
والجواب على ذلك : أن داعش تنظيم مشبوه ، كثرت حوله الأقاويل ، ودارت حوله شبه العمالة والتواطؤ مع أعداء الأمة ، وثبت أن لقادته قنوات صداقة مع إيران وأمريكا وإسرائيل ، بل ومع نظام بشارالأسد تحديدا ، وأن عددا من ضباط المخابرات السورية تعمل في هذا التنظيم العتيد .. ومما يقوي هذه الشبه أن دولة داعش حاربت أبناء السنة في العراق تحت مسمى " الصحوات المرتدين " ، وسلمت العراق أخيرا لإيران . ثم لما قامت الثورة السورية ، دخلت داعش سوريا ، فبدأت بقتل أبناء السنة فيها ، باسم " الصحوات المرتدين " أيضا . وكان أعدى أعدائها الجيش السوري الحر ، فاغتالت خيرة قادته . واستولت على كل التراب السوري الذي حرره الجيش الحر . كما استولت على مستودعات الذخيرة التي غنمها من النظام ، واستولت أيضا على آبار البترول ، وعلى المعابر الحدودية كلها .. والثوار حيال داعش مختلفون في أمرها ، بين مجيز قتالها وممتنع عنه ..
ومع ذلك لنفرض أن ذلك كله كذب وأنه محض افتراء على داعش .. ولكن هنالك حقائق لا يمكن تكذيبها ، ولا سبيل إلى إخفائها .. وعلى رأسها الحكمُ على السوريين بالردة ، واستحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم بناء على هذا الحكم القائم على الهوى والمخالف لإجماع المسلمين .. فهم يحكمون بالردة على شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت .. ويزعمون أن السوريين مرتدون لسكوتهم عمن يحكمهم بغير ما أنزل الله .. وشرعيو داعش مخالفون في هذا الحكم كل علماء الأمة سلفها وخلفها على حد سواء .. وكذلك كان الخوارج من قبل ، لما خالفهم علي رضي الله عنه في الرأي ، حكموا بردته ، فاستحلوا دمه فاغتالوه ، وزعموا أنه كافر في النار .. والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من هؤلاء الخوارج ، ودعا المسلمين إلى قتالهم ، وقال " طوبى لمن قتلهم أو قتلوه " .
وبناء عليه ، فالجاسوس الذي يخدم خوارج العصر داعش ، يجب أن يقتل أيضا لأنه يخدم تنظيما مارقا من الدين ، وهو وبال على الإسلام والمسلمين ، ولا يقل سوءا عن النظام النصيري، والباسيج الإيراني . فالدواعش يذبحون السوريين ويكبرون .. والنصيرية يذبحونهم ويقولون يا علي ، ومجوس إيران يذبحونهم ويقولون يا حسين .. وكلهم في الشر سواء .. قتلة سفلة مجرمون ..
ولا يغرنكم ما يذاع من أن أمريكا تقود تحالفا ضد داعش ، فهذا كذب وافتراء . فطيران التحالف يسقط المؤون والذخائر لداعش ، ويتعلل بأن سقوطها عندهم كان خطأ .. وقادة داعش العملاء يقنعون المغفلين الذين معهم من الإسلاميين بأن ذلك رزق ساقه الله إليهم .
لا تأسفوا على من قتل من هؤلاء الجواسيس .. ولا ترحموا من بقي منهم .. لاحقوهم حيث كانوا ، فإن في الضرب على أيديهم سلامتكم وسلامة أعراضكم وأموالكم . وتذكروا أن حقوق الجماعة مقدمة شرعا على حقوق الأفراد .. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .