<TABLE class=MsoNormalTable style="WIDTH: 492pt; BORDER-COLLAPSE: collapse" cellSpacing=0 cellPadding=0 width=656 border=0> <TR style="mso-yfti-irow: 0; mso-yfti-firstrow: yes"> <td style="BORDER-RIGHT: #d4d0c8; PADDING-RIGHT: 0.75pt; BORDER-TOP: #d4d0c8; PADDING-LEFT: 0.75pt; PADDING-BOTTOM: 0.75pt; BORDER-LEFT: #d4d0c8; PADDING-TOP: 0.75pt; BORDER-BOTTOM: #d4d0c8; BACKGROUND-COLOR: transparent"> سوريا... آفاق الحركة الشعبية ومطالبها سوريا... آفاق الحركة الشعبية ومطالبها استطاعت حركة الاحتجاجات الشعبية في غضون أربعة الأسابيع الأُوَلى أن تفرض على القصر الجمهوري تشكيل حكومة جديدة، وانتزاع «وعود» برفع حالة الطوارئ ثم رفعت، والسماح بتعدد الأحزاب، وإصدار قانون للإعلام. وعلى الرغم من تواضع هذه الإنجازات؛ مقارنة بحجم التضحيات التي قدمها الشعب السوري لنيل حريته؛ إلا أن انعكاسات هذه الحركة كان لها أثر بالغ على النظام السوري، الذي يرتكز استقراره على إثارة الأزمات الإقليمية والدولية. ففي الفترة التي سبقت 15 مارس 2011م، كانت القوى الأمن السوري تمارس نشاطها المعتاد في عمليات تهريب الأسلحة وتوفير التسهيلات لمشروع التوسع الفارسي؛ حيث وصلت إلى ميناء اللاذقية في نهاية شهر فبراير سفينتان حربيتان إيرانيتان، وهما: سفينة الإمداد «خرق» التي يتألف فريقها من 250 بحاراً، والفرقاطة «الفاند» التي تحمل طوربيدات وصواريخ مضادة للسفن، وجاءت هذه الأنباء وسط الحديث عن نوايا إيرانية بتأسيس وجود عسكري دائم في أحد موانئ سوريا. وفي 15 مارس تم اعتراض سفينة متجهة من موانئ سوريا إلى لبنان وبحوزتها صواريخ (أرض - بحر) موجَّهة بالرادار، وفي اليوم التالي أجبرت مقاتلتان تابعتان للجيش التركي طائرة شحن إيرانية كانت متجهة إلى مدينة حلب على الهبوط، وتبيَّن أنها كانت تنقل قذائف مدفعية بعيارات مختلفة، وبنادق أوتوماتيكية لتصديرها إلى جهة ثالثة، واعترفت السلطات التركية بصعوبة وقف شحنات الأسلحة والمعدات الإيرانية إلى لبنان عبر سوريا؛ إلا أن حركة الاحتجاجات الداخلية قد تمكَّنت من إيقاف هذه الحركة النشطة بسبب توتر الأوضاع في المناطق الحدودية، وصعوبة الاستمرار في الوقت الحالي عقب تسليط الأضواء الإعلامية عليها. تأثير الاحتجاجات الشعبية على النظام: في محاولة لتشويه سمعة المحتجين، وتأكيد نظرية المؤامرة؛ عرض الإعلام السوري صوراً لأسلحة ادَّعى أنها صودرت في المسجد العمري بدرعا، وأخذت خيوط «المؤامرة» المزعومة تتكشف يوماً بعد آخر عبر تصوير مزيد من الأسلحة المصادَرة من مناطق حدودية مختلفة، واتهام الإعلام السوري مسؤولين لبنانيين، وإسلاميين محليين، ومخربين مجهولين بتهريب الأسلحة عبر الحدود من لبنان والعراق. ولإثبات حجته؛ فقد عرض التلفزيون المحلي مشهداً مألوفاً منذ نهاية السبعينيات، يتضمن اعترافات أفراد «عصابة تخريبية»، وشهادات ضحايا مفترضين، وتوجيه أصابع الاتهام لصحفيين غربيين بهدف صرف مشاعر السخط الشعبي نحو الخارج. وبعيداً عن تفاصيل هذا المشهد المكرر، تؤكد المصادر وجود أزمة فعلية يواجهها النظام؛ فحالة الارتباك الأمني قد أودت بحياة مئات القتلى في جميع المدن السورية، ومثلت التغطية الإعلامية الدولية تحدياً غير مسبوق لنظام قام على الرقابة والتعتيم، وغدت مشاهد الاعتقال التعسفي والتعذيب علنية بعد أن كانت تقتصر على الزنازين والسراديب. ولكن تأثير هذه الحركة لم يتوقف عند تعرية السياسة الأمنية للنظام؛ بل كشف عن مظاهر خطيرة يمكن إيجازها في ما يأتي: أولاً: الآثار الاقتصادية: ألقت حركة الاحتجاجات بثقلها على الأوضاع الاقتصادية المتردية في سوريا؛ حيث تتعرض حركة التبادل التجاري إلى شلل شبه كامل؛ فقد توقفت حركة التصدير، وندرت بضائع كثير في الأسواق المحلية نتيجة بطئ حركة الاستيراد، وظهرت الصورة المروعة في المناطق الحدودية؛ حيث تتكدس 2500 شاحنة على الحدود اللبنانية السورية، ونحو 3000 شاحنة على الحدود مع كلٍّ من الأردن والعراق، وهو ما تسبب بخسائر كبيرة لشركات الاستيراد والتصدير التي يديرها أشخاص مقربون من القصر الجمهوري[1]؛ إذ تدير أجهزة الأمن السوري أكبر شبكة تهريب في الشرق الأوسط، ولا يسمح النظام بممارسة هذا النشاط إلا لشخصيات مقربة من عائلة الرئيس. لكن السماح لهذه الحركة بالاستمرار اليوم يعود على النظام بأضرار بالغة؛ حيث يتزايد القلق الرسمي من إمكانية استخدام حركة المواصلات عبر سوريا بطريقة قد تضر بالأمن السوري؛ ونتيجة لذلك فقد اتخذ النظام إجراءات صارمة لمراقبة طرق المواصلات، تتمثل في نشر المدرعات في الطرق الرئيسية، وتكليف عناصر الاستخبارات بمراقبة المناطق الحدودية، ورصد تحركات القبائل التي تتمتع باتصالات وثيقة مع قوى إقليمية. ويبدو أن حركة تصدير الأسلحة الإيرانية عبر المعابر السورية قد تأثرت كذلك؛ فقد سُلِّطت الأضواء على نشاط عصابة «الشبيحة» وبعض قوى الأمن في عمليات التهريب، وهو ما أدى إلى عرقلة هذه الحركة النشطة، واضطرار النظام السوري لمدِّ يد العون إلى حلفائه بطهران؛ إذ تؤكد المصادر الغربية أن الاستخبارات الإيرانية قد قدَّمت في الأسابيع الماضية مساعدات تقنية لا تتوفر لدى السوريين في مجالات الرقابة، ورصد تحركات المعارضين من خلال: مراقبة الاتصالات الهاتفية، والرسائل النصية، ومراسلات شبكة الإنترنت؛ وهو ما دفع بالسلطات الأمريكية للتلميح بعلمها عن هذا النشاط الاستخباراتي القائم بين الدولتين[2]. الآثار الأمنية: لم تنجح إستراتيجية النظام السوري في احتواء حركة الاحتجاجات الشعبية حتى الآن؛ فقد أدى استخدام القوة المفرطة إلى توسيع نطاق الحركة لتشمل سائر المدن السورية، واستقطاب عناصر كانت تُعَدُّ في السابق حليفة للنظام، وبالإضافة إلى توتر الأوضاع في المحافظات الحدودية مع كلٍّ من لبنان وتركيا والعراق، ينتشر السخط بين أبناء قرى جبل الأنصارية؛ وخاصة في صفوف أسرة كنعان التي تخوض صراعاً مع عصابة «الشبيحة»[3]، وكان وزير الداخلية الأسبق غازي كنعان قد حاول الحد من نشاط هذه العصابة؛ لكنه اصطدم مع نمير بن بديع أسد (أحد أبناء عمومة الرئيس)، ومع عاطف نجيب (ابن خالة بشار أسد)، وفوجئ بموقف الرئيس السوري الذي لم يكون مؤيداً له، ثم أعلنت السلطات عن انتحاره عام 2005م، ومقتل شقيقه بعد ذلك في ظروف غامضة. ولا تقتصر مشاعر السخط بين صفوف العلويين على أسرة كنعان، بل تمتد لتشمل عوائل كثيرة كانت تُحسَب على النظام في عهد حافظ أسد، ولكنهم في السنوات العشر الماضية فقدوا جميع وسائل التواصل مع القصر الجمهوري، وأخذوا يتذمرون من إهمال مناطقهم، وتسريح أبنائهم من الجيش وقوى الأمن، واعتماد بشار على دائرة مغلقة من أقاربه. وفي الوقت ذاته؛ ارتكب أفراد عصابة «الشبيحة» خطأً كبيراً عندما استهدفوا مختلف شرائح الساحل السوري، ولم تفرِّق أعمالهم القمعية بين طائفة وأخرى، كما يتهمهم أبناء اللاذقية وجبلة وبانياس بإطلاق النار على بعض عناصر الجيش لإثارة الفوضى ودفع النظام إلى الاعتماد عليهم بصورة أكبر في حفظ الأمن والاعتراف بدورهم في المنطقة. ويبدو من الواضح أن النظام السوري قد أصيب بحالة ارتباك أفقدته توازنه وقدرَتَه على توظيف التناقضات المحلية لصالحه؛ فبالإضافة إلى مواجهة القبائل المعارضة في صفوف العلويين، وقتل أكثر من مائتين من أبناء العشائر الرئيسية بحوران، واستفزاز الأكراد الذين انضموا لحركة الاحتجاجات؛ تورطت قوى الأمن في مواجهة غير محسوبة مع أبناء جبل العرب جنوب سوريا؛ حيث أصيب في 17 أبريل خمسة من أبناء السويداء بجروح على يد عناصر «الشبيحة»، وذكر ناشطون حقوقيون أن هاني بن حسن الأطرش (حفيد سلطان باشا الأطرش) أصيب بجروح إثر تعرُّضه للضرب المبرح من قِبَل المعتدين؛ وذلك في اليوم الذي يصادف الاحتفالات الرسمية بذكرى الجلاء. ويتردد الحديث عن انضمام قبائل في الشمال الشرقي لحركة الاحتجاجات؛ حيث يتوجس النظام خوفاً من قيام بعض فروع قبيلة شَمَّر بالتعاون مع قوى يعتبرها مناهضة له. وفي الفترة نفسها بدأت تظهر ملامح حَراك طلابي أعاد إلى الجامعات السورية دورها السياسي في مرحلة ما قبل البعث، من خلال خروج المظاهرات في جامعتي دمشق وحلب. الآثار الإعلامية: وبالإضافة إلى تردِّي الأوضاع الاقتصادية، وانتشار حالة السخط الشعبي بين جميع أبناء المجتمع السوري؛ فإن عجز النظام عن السيطرة على الأوضاع الأمنية أصبح مؤشراً خطراً لا يمكن تجاهله، وتتجلى الصورة في قصور الإعلام السوري عن مستوى الحدث، من خلال إظهار النظام بمظهر الضحية، وادِّعاء تعرُّض أجهزة الدولة لنيران المحتجين. لكن هذه المسرحية لم تنطلِ على الفضائيات ووسائل الإعلام الخارجي؛ حيث تظهر الصورة البشعة لعمليات القتل الجماعي، وحملات الاعتقال العشوائي، ومشاهد التعذيب العلني، وانتشار نقاط التفتيش والمراقبة في سائر مدن القطر السوري، وتدهور حركة المواصلات، وصعوبة وصول الأغذية إلى بعض المناطق، وتصوير حالة الهلع التي تنتاب عناصر الأمن لدى رؤية جموع المحتجين، وهو ما يدفعهم إلى إطلاق الرصاص الحي وكأنهم في ساحة القتال مع «العدو الصهيوني». وتؤكد التقارير الإعلامية انتشار حالة التذمر في صفوف القوات المسلحة؛ حيث ثبت قيام بعض ضباط الفِرَق في درعا وحمص وبانياس بقتل عناصر من الجيش بسبب رفضهم إطلاق النار على المتظاهرين. ونتيجة لهذه الأخطاء الفادحة؛ فقد واجه النظام السوري حملةً إعلاميةً غير مسبوقة، انضمت إليها صحف كانت في السابق محسوبة عليه[4]، وفي الوقت نفسه بدأت تتعالى أصوات المسؤولين الغربيين للمطالبة بحماية المحتجين السوريين من قوى الأمن. ملامح المبادرة السياسية الرسمية: يشهد القصر الجمهوري في الأسابيع الماضية اجتماعات مكثفة لأعضاء القيادة القطرية، ومجلس الأمن الوطني، الذي شكل لجاناً قانونية وإعلامية وأمنية، لتقييم الأوضاع ودراسة سبل الخروج من الأزمة الراهنة. ويسود اعتقاد لدى أركان النظام أن سياسة القمع قد أثبتت فشلها، كما أن مؤسسات الإعلام المحلي لم تكن بمستوى الحدث، ويبدو أن القصر الجمهوري يتجه نحو تقديم تنازلات وهمية تمثل تجاوباً شكلياً مع مطالب المحتجين؛ إذ تلوح في الأفق ملامح مبادرة سياسية تهدف إلى تخفيف حالة الاحتقان، وتتمثل هذه المبادرة في ثلاث محاور رئيسة: 1 - رفع حالة الطوارئ. 2- السماح بتعدد الأحزاب. 3 - وضع قانون للصحافة والإعلام. ولمعرفة مدى جدية القصر الجمهوري في الاستجابة لمطالب الشعب، لا بد من الوقوف عند فلسفة النظام لمفهومي: (الإصلاح، والانفتاح): فقد عبر بشار أسد في مناسبات كثيرة عن رغبته في الانفتاح السياسي من خلال ترسيخ دور الجبهة الوطنية التقدمية، والسماح لأحزابها بإصدار الصحف[5]، وتأتي هذه السياسة من خلال قناعة الرئيس بأن الانفتاح يجب أن يكون: «منظَّماً وأن يبدأ من الداخل؛ لأنه إذا جاء من خارج النظام فإنه يحمل السمة الانقلابية». وترسيخاً لمبدأ الانفتاح من الداخل؛ وعد رئيس الجمهورية برفع حالة الطوارئ مع التذكير بضرورة الالتزام بقانون«الإرهاب» المزَمع إصداره، وركز في خطابه الثاني على حزمة من التدابير الأمنية، تتضمن تعزيز دور وزارة الداخلية، وتوجيهها للقضاء على «المؤامرة» ووأد «الفتنة». أما عملية التواصل مع المجتمع فتتمثل في نظر الرئيس في التحاور مع النقابات والمنظمات الشعبية، وهي مؤسسات نشأت في ظل الحكم الحالي، ويهيمن عليها عناصر البعث وعملاء الأمن، ومن ثَمَّ فإن النظام لا يزال مصرّاً على محاورة نفسه، ورفض الحوار مع أي جهة تخرج عن إطاره. وقد تجلى مفهوم الرئيس للانفتاح في حكومته الجديدة التي يترأسها بعثي مغمور، وتهيمن عليها الوجوه القديمة من عناصر الحزب، وتضم في عضويتها متهمين بجرائم ضد الشعب السوري. أما مفهومي: (المحاسبة، ومحاربة الفساد)، فيتلخصان عند رئيس الجمهورية بممارسة دوره في: «مراقبة الوزراء ومحاسبتهم»، وحثِّهم على الكشف عن ممتلكاتهم، وحضهم على الشفافية، ولا بد من التأكيد على أن اختزال مهمة «الرقابة» في محاسبة رئيس الجمهورية لوزرائه، هو في حقيقته ترسيخ للحكم الشمولي، ويهدف بشار منه إلى تجنيب أقاربه أي فرصة للمحاسبة، ويغيِّب الآليات الفعلية التي يتوجب استحداثها لممارسة أعمال التدقيق والمحاسبة[6]. ولا بد من التأكيد على أن بشار لا يستطيع إحداث تغيير جذري في بِنيَة نظام الحكم، الذي أُرسيَت قواعده خلال نحو خمسة عقود، ولا يُتوقَّع منه تحقيق أي انفراج يذكَر في ظل هيمنة أقاربه وأفراد عائلته على المقدَّرات الاقتصادية للبلاد، وتَغلغُلِ عناصر حزب البعث في جميع مؤسسات الدولة[7]، وهيمنة أجهزة الأمن على مفاصل المجتمع. ويتجاهل الرئيس في خطابه ما يمثله الحكم الشمولي من عبئ على الاقتصاد الوطني؛ فأعضاء حزب البعث يتجاوز عددهم 1.9 مليون عضو، ويقدَّر تعداد قوى الأمن وفِرَق حماية النظام بنحو نصف مليون عنصر، وهي فئات غير منتجة بالمفهوم الاقتصادي؛ بل تعتمد على قطاع إنتاجي محدود، وعلى الرغم من سوء أثرها على الاقتصاد المحلي؛ فإن هذه الأجهزة تمثل أركان الحكم الذي يستقر عليه توازن النظام. وبناءً على ذلك فإنه لا بد من التمييز بين الإجراءات الشكلية التي تتخذها السلطة للتخفيف من وطأة النظام الشمولي، وبين سعي أقطاب القصر الجمهوري إلى عدم إحداث تغيير جذري في بِنيَة النظام؛ حيث إن استحداث أي تغيير أساسي في بِنيَة حزب البعث أو تشكيلة الحكومة والمؤسسات الأمنية؛ سيؤثر على استقرار نظام الحكم وتوازنه، وبشار أسد هو جزء من هذه المعادلة؛ ولذلك فإن فكرة الاستجابة لمطالب الشعب لا تزال بعيدة كل البعد عن خطاب الرئيس ومفهومه للإصلاح. وعلى الرغم من جدليات الرئيس المكررة، وخطاباته التي لا تزال ترتكز على الوعود الفضفاضة؛ إلا أن وزير الخارجية البريطاني قد سارع إلى الترحيب بها، وكان ردُّ الفعل الفرنسي شبيهاً حيث أكدت وزارة الخارجية الفرنسية على ضرورة التقيد بالإصلاح وعدم تأييد فكرة: «الإطاحة بالحكومات في المنطقة»، وتأتي ردود الأفعال الغربية هذه في ظل قناعة دوائر القرار الإسرائيلية والأمريكية بأن أضرار سقوط النظام السوري ستكون كبيرة، ولا تزال الدول الغربية تفضل الوصول إلى صيغة تعاون مع النظام السوري في الشؤون الإقليمية، بدلاً من الاضطرار إلى التعامل مع سلطة بديلة لا يضمنونها. حتى لا تُسرَق الحركة الشعبية: تنذر الظروف المحلية والدولية في الأيام القادمة بولادة مشروع إصلاحي شكلي لا يمس جوهر الحريات والحقوق الأساسية للشعب السوري، بل يمثل محاولة يائسة من قِبَل النظام السوري للخروج بمبادرة سياسية تحتفظ بمكتسبات أقطابه، من خلال رفع شعارات واتخاذ إجراءات لا ترقى إلى مستوى الطموح. وفي مقابل التخبط السياسي الرسمي، ظهرت حركة الاحتجاجات السورية بمظهر يدعو إلى الاحترام والتقدير، من حيث سموُّها على المناورات السياسية، وتوازن شعاراتها المرفوعة، ومحافظتها على السلمية، بالإضافة إلى استيعابها لجميع مكونات المجتمع. وحيث إنه لا يمكن التعويل على النظام ولا على الضغوط الخارجية للخروج بمشروع إصلاح فعلي؛ فإنه يتعين على الحركة الشعبية أن تأخذ بزمام المبادرة، وأن تُثبِت قدرتَها على التفاعل مع هذه المستجدات. وحتى لا يضيع زخم الاحتجاجات الشعبية في أتون الشعارات الرسمية، ومظاهر الاحتفالات المرتقبة بالإصلاح الشكلي؛ فإنه يتيعن الخروج بحزمة مطالب واضحة وموحدة يُجمِع عليها أبناء القطر السوري. كما ينبغي المبادرة إلى إيجاد قيادة سياسية قادرة على تمثيل هذه المطالب أمام الرأي العام، وتوضيح عدم جدية النظام في تحقيقها. ولا بد من الرقي بمستوى الخطاب الإعلامي للحركة الشعبية، حتى لا تنخدع وسائل الإعلام بالمزايدات والشعارات التي يطلقها النظام. وعلى الرغم من أن حركة الاحتجاجات الشعبية لا تزال تعيش في مراحلها المبكرة؛ إلا أنه يمكن تتبُّع ارتفاع نبرة الأصوات الواعية التي تنادي بضرورة تحقيق جملة مطالب شعبية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتضمن: رفع قانون الطوارئ، وإقامة حوار وطني شامل، وإقالة الحكومة المعيَّنة التي لا تمثل الشعب ولا تستجيب لمتطلبات المرحلة، وإلغاء دور حزب البعث في السلطة والمجتمع، وتحرير القضاء وأجهزة الإعلام، ومحاسبة أركان القصر الجمهوري والمقربين منه في قضايا الفساد، وتقديم قادة الفِرَق العسكرية المتورطة في قتل المدنيين للمحاكمة، وتسريح أفرادها، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، والكشف عن مصير آلاف المفقودين، والحد من دَوْر المؤسسات الأمنية التي تخضع لإدارة القصر الجمهوري؛ إذ لا يمكن أن تقوم سياسة الانفتاح ومرحلة الحريات العامة على ثلاث عشرة مؤسسة أمنية يديرها القصر الجمهوري </TD></TR><TR style="mso-yfti-irow: 1"> <td style="BORDER-RIGHT: #d4d0c8; PADDING-RIGHT: 1.5pt; BORDER-TOP: #d4d0c8; PADDING-LEFT: 1.5pt; PADDING-BOTTOM: 1.5pt; BORDER-LEFT: #d4d0c8; PADDING-TOP: 1.5pt; BORDER-BOTTOM: #d4d0c8; BACKGROUND-COLOR: transparent" vAlign=top><TABLE class=MsoNormalTable style="WIDTH: 100%; mso-cellspacing: 1.5pt; mso-padding-alt: 1.5pt 1.5pt 1.5pt 1.5pt" cellPadding=0 width="100%" border=0> <TR style="mso-yfti-irow: 0; mso-yfti-firstrow: yes"> <td style="BORDER-RIGHT: #d4d0c8; PADDING-RIGHT: 1.5pt; BORDER-TOP: #d4d0c8; PADDING-LEFT: 1.5pt; BACKGROUND: #f6f6f6; PADDING-BOTTOM: 1.5pt; BORDER-LEFT: #d4d0c8; WIDTH: 1.25in; PADDING-TOP: 1.5pt; BORDER-BOTTOM: #d4d0c8" width=120></TD> <td style="BORDER-RIGHT: #d4d0c8; PADDING-RIGHT: 1.5pt; BORDER-TOP: #d4d0c8; PADDING-LEFT: 1.5pt; BACKGROUND: #f6f6f6; PADDING-BOTTOM: 1.5pt; BORDER-LEFT: #d4d0c8; WIDTH: 395.25pt; PADDING-TOP: 1.5pt; BORDER-BOTTOM: #d4d0c8" width=527></TD> <td style="BORDER-RIGHT: #d4d0c8; PADDING-RIGHT: 1.5pt; BORDER-TOP: #d4d0c8; PADDING-LEFT: 1.5pt; BACKGROUND: #f6f6f6; PADDING-BOTTOM: 1.5pt; BORDER-LEFT: #d4d0c8; WIDTH: 15pt; PADDING-TOP: 1.5pt; BORDER-BOTTOM: #d4d0c8" width=20> 1 </TD></TR><TR style="mso-yfti-irow: 1; mso-yfti-lastrow: yes"> <td style="BORDER-RIGHT: #d4d0c8; PADDING-RIGHT: 1.5pt; BORDER-TOP: #d4d0c8; PADDING-LEFT: 1.5pt; PADDING-BOTTOM: 1.5pt; BORDER-LEFT: #d4d0c8; PADDING-TOP: 1.5pt; BORDER-BOTTOM: #d4d0c8; BACKGROUND-COLOR: transparent" colSpan=3></TD></TR></TABLE></TD></TR> <TR style="mso-yfti-irow: 2; mso-yfti-lastrow: yes"> <td style="BORDER-RIGHT: #d4d0c8; PADDING-RIGHT: 1.5pt; BORDER-TOP: #d4d0c8; PADDING-LEFT: 1.5pt; BACKGROUND: #f6f6f6; PADDING-BOTTOM: 1.5pt; BORDER-LEFT: #d4d0c8; PADDING-TOP: 1.5pt; BORDER-BOTTOM: #d4d0c8"> |