كان رد فعل النظام السوري إزاء أحداث الأسبوعين الماضيين مثار التساؤل والتكهنات؛ إذ ساد الموقف الرسمي صمت لم يخترقه سوى مستشارة الرئيس بثينة شعبان التي عبرت عن سخطها من تغطية الإعلام الخارجي، واستبقت نتائج التحقيق لتتهم عناصر خارجية من: “الفلسطينيين والجزائريين واللبنانيين” بالوقوف خلف تلك الاحتجاجات، ثم عادت لتنفي وجود مظاهرات شعبية وتتهم مجموعات صغيرة من “المخربين والمهربين” باستهداف رجال الأمن وتحريض الشعب ضدهم، وفي لحظة تجلٍ غير مسبوقة تبين لشعبان أن “الأصوليين الإسلاميين” هم الذين تسببوا في تلك الأحداث. وفي أول ظهور له بعد وقوع الاضطرابات في مجلس الشعب؛ رسخ الرئيس السوري حالة الفراغ، وزاد من وتيرة التساؤل والتكهنات، فخرج بخطاب خال من أي مضمون، مؤكداً وجود مؤامرة خارجية، وملوحاً بتشديد القبضة الأمنية لوأد “الفتنة”، وذلك في ضوضاء المسيرات المفتعلة والهتافات الهيستيرية التي استحضرت المشهد السوري في مطلع الثمانينيات.لقد سلطت الاحتجاجات الشعبية في المدن السورية بعفويتها الضوء على حالة موازية من الصراع بين أركان السلطة التي قامت قبل نحو خمسة عقود على ثلاثة أسس رئيسة هي:
أ- واجهة حزبية-مدنية تتمثل في حزب البعث الذي نصب نفسه قائداً للدولة والمجتمع، وهيمن على الحكومة السورية وغالبية أعضاء مجلس الشعب.
ب- خلفية أمنية-عسكرية تنتشر في جميع مفاصل الدولة والمجتمع، وتشكل العمود الفقري للنظام
.ج- رئاسة الجمهورية التي تتولى مهمة التنسيق بين مختلف المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية.وقد كشفت الأحداث الأخيرة عن وجود تصدعات في الأركان الثلاثة للنظام السوري خلال عهد بشار، والتي تؤذن بوقوع متغيرات كبيرة في بنية السلطة، ويمكن تفصيلها على النحو الآتي:
الواجهة الحزبية للنظام:
فعلى الصعيد الحزبي لا يزال منصب الأمين العام للحزب شاغراً منذ وفاة حافظ أسد عام 2000، في حين يشغل عبد الله الأحمر منصب الأمين العام المساعد منذ عام 1971، وفي الفترة: (2000-2011) تعرض حزب البعث العربي الاشتراكي لاختلال كبير في قاعدته التنظيمية والإيديولوجية؛ وظهر ذلك جلياً في المؤتمرين القطريين اللذين انعقدا في تلك الفترة، إذ شهد المؤتمر الأول (حزيران 2000)، تعيين بشار أسد أميناً قطرياً للحزب، وتزامن ذلك مع تعديل الفقرة الخاصة بسن الرئيس في الدستور والتي خفضت من 40 إلى 34 عاماً، وترقية بشار إلى رتبة فريق في الجيش السوري، وتعيينه قائداً للجيش والقوات المسلحة السورية، ومن ثم انتخابه رئيساً ليصبح أول حاكم عربي يخلف والده في رئاسة الجمهورية، وقد مثلت هذه الإجراءات ضربة موجعة للحزب الذي بات من الواضح اقتصار دوره على تشكيل الواجهة المدنية للنظام العسكري.أما المؤتمر القطري الثاني (حزيران 2005)، فقد شهد بلبلة غير مسبوقة عندما ظهر عضو اللجنة المركزية وقائد الجيش الشعبي اللواء محمد إبراهيم العلي في التلفزيون الرسمي منتقداً قيادة الحزب وأداءه، ومطالباً بحل القيادة القومية، لأنها: “لم تعد فاعلة، وقد انتهى دورها”، ومؤكداً على ضرورة تجديد مفهوم الديمقراطية في الحزب بما يتفق مع الشفافية وشعار الحرية الذي يرفعه، مما دفع بشار إلى إصدار مرسوم يقضي بإعفاء اللواء العلي من جميع مناصبه. وبعد تشكيل لجنة للتحقيق معه تقرر: منع العلي من أي تصريح صحافي، ووقف برنامج “مدارات” الذي استضافه في التلفزيون السوري، وإعفاء مراقبي البرنامج من مهامهم، وخرج المؤتمر بقرارات شكلية لم يأخذ أي منها حيز التنفيذ.وعندما وقعت الأحداث الأخيرة في شهر آذار الماضي، اقتصر دور أعضاء مجلس الشعب على الهتاف والتصفيق، ولم تتشكل أي لجنة برلمانية، أو تتقدم أي كتلة بمبادرة جادة للخروج من الأزمة التي وقعت بين الشعب والنظام، وفي الوقت ذاته وقفت الحكومة مشلولة بالكامل منذ اندلاع الاحتجاجات وحتى إقالتها، في حين تحدثت المصادر الرسمية عن انعقاد اجتماعات طارئة للقيادة القطرية أسفرت بعد مخاض عسير عن تشكيل ثلاث لجان لدراسة تفعيل قرارات المؤتمر القطري عام 2005!
الواجهة الأمنية-العسكرية:
وعلى الصعيد نفسه عانت المؤسسات الأمنية والعسكرية في عهد بشار من تصدعات لم ينجح القصر الجمهوري في رأبها؛ ففي شهر فبراير 2002 أحيل عدد من قادة الأجهزة الأمنية إلى التقاعد ضمن سياسة تهدف إلى تشديد قبضة الرئاسة على القطاع الأمني.[1]وفي شهر يونيو 2004 أجريت حركة تصفيات واسعة النطاق داخل القوات المسلحة طالت حوالي 40 بالمائة من ضباط القيادة في دمشق، وكان الهدف من عملية التطهير هو تحجيم القادة العسكريين الذين تزايد نفوذهم، وتعيين ضباط موالين على رأسهم العماد حسن توركماني الذي عين وزيراً للدفاع، والعماد علي حبيب الذي عين رئيساً للأركان.إلا أن هذه الترتيبات لم تضع حداً للصراع الداخلي، ولم تُمكّن القصر الجمهوري من إحكام قبضته على المؤسسات الأمنية والعسكرية؛ فشهدت الفترة: (2005-2009)، خلافات كبيرة بين ضباط الاستخبارات السورية وسط اتهامات متبادلة، وعمليات تصفية جسدية شملت كلاً من: وزير الداخلية ورئيس الأمن السياسي السابق اللواء غازي كنعان (2005)، وشقيقه علي كنعان (2006)، والعميد محمد سليمان (2008)، وذلك في ظل خروق أمنية أدت إلى مقتل عماد مغنية (2008)، وقصف الطيران الإسرائيلي موقعاً عسكرياً بدير الزور وسط صمت سوري مطبق. في هذه الأثناء كان صهر الرئيس اللواء آصف شوكت مشغولاً في إقصاء خصومه، وتعيين الموالين له في الجيش وقوى الأمن، وعندما ظن أن الأمور قد استتبت له وجد نفسه في خط المواجهة مع شقيق الرئيس ماهر أسد الذي كان قد دشن حياته العملية برصاصة استقرت في معدة شوكت عام 1999، دون أن يؤثر ذلك على طموح ماهر في السلطة؛ إذ رقي عام 2000 إلى رتبة رائد في الحرس الجمهوري وعين في القيادة المركزية لحزب البعث. ولما ضاق القصر الجمهوري ذرعاً من ذلك الصراع قام بعملية تطهير ثالثة عام 2009،[2] فأعاد هيكلة المؤسسات الأمنية، واستبدل مكتب “الأمن القومي” بمجلس “الأمن الوطني”،[3] مما أدى إلى تذمر شوكت ورفضه الالتحاق بمكتبه الجديد بصفته نائباً لرئيس الأركان.وفي أتون الحركة الاحتجاجية الشعبية في الفترة 15-30 آذار 2011، وقعت الأجهزة الأمنية، وفرق حماية النظام في خطأ تكرار تجربة الثمانينيات، فعمدت إلى تطويق المدن، وممارسة الاعتقال الجماعي، وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين دون أن تدرك أن دماء القتلى كانت بمثابة الوقود الذي يزيد الثورة اشتعالاً
.القصر الجمهوري:
أما على مستوى القصر، فإن رئيس الجمهورية يعاني من مشكلة مزمنة تتمثل في عجزه عن فهم تعقيدات البنية السياسية للنظام، وانعدام المهارة لديه في المحافظة على التوازنات؛ فقد أدت التصفيات المتكررة داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية إلى تضييق دائرة المجموعة الحاكمة داخل القصر الجمهوري، وزيادة عدد المعارضين له، مما دفع ببشار إلى الاعتماد على مجموعة مغلقة من أفراد أسرته، وتقديم الدعم لهم بهدف توطيد نفوذهم السياسي والاقتصادي الأمني الذي كان يعتقد أنه سيثبت حكمه. وعلى رأس هذه المجموعة المغلقة يقف شقيق الرئيس ماهر أسد وعائلة أنيسة مخلوف (والدة بشار) التي تتضمن: محمد مخلوف في قطاع النفط، وحافظ مخلوف في قطاع الأمن، ورامي وإيهاب في قطاعات: الاتصالات، والإنشاءات، والطيران، والسياحة، والمصرف العقاري، والتجارة الحرة المعفاة من الضرائب في المطارات.وقد كشفت الأحداث الأخيرة ضعف أداء القصر الجمهوري كجهة مركزية تسيطر على مؤسسات الحكم المدني والعسكري، فسرعان ما أقال الرئيس حكومته، في حين استمرت الفرقة الرابعة والاستخبارات العسكرية في إطلاق النار ضد المدنيين على الرغم من صدور أوامر رئاسية بوقف إطلاق النار، وعلى ضوء تردي الأداء الرسمي تحدث ديبلوماسي فرنسي عن عمق الشكوك حول قدرة بشار على التحكم في مقاليد الحكم، ورجح فقدان بشار السيطرة على نزعة أخيه ماهر وابني خاله رامي وحافظ مخلوف الذين كانوا ينزعون إلى استخدام القوة والبطش، والزج بالعصابات الأمنية بلباس مدنية لترويع المتظاهرين وإذكاء فتنة طائفية تبرر التدخل العسكري. وعندما بشر نائب الرئيس بمفاجئات تسعد الشعب السوري، لم يخرج بشار في خطابه بمجلس الشعب عن نمط الخطاب الرسمي التقليدي الذي يعود إلى مطلع الستينيات من القرن المنصرم. وتمخضت مشاريع الإصلاح الكبير في سوريا بإقالة الحكومة وتشكيل ثلاث لجان تختص الأولى منها بإعداد قانون لمكافحة الإرهاب!
هل ينجح النظام في المحافظة على تماسكه؟
في أعقاب خطاب بشار أسد بمجلس الشعب رأت صحيفة “ديلي تلغراف” أن الرئيس السوري قد ضيع فرصة سانحة لتحقيق إصلاح حقيقي يضمن له البقاء في الحكم، إذ إنه فضل تقمص شخصية الحاكم الاستبدادي الذي يستمتع بالهتافات والشعارات، ويلوح بالقبضة الأمنية للقضاء على المؤامرات الخارجية والمخططات الغربية وهي صورة لا تتناسب مع عمره وعصره.وأشارت صحيفة “إلباييس” الإسبانية إلى أن بشاراً قد: “أغلق باب الإصلاح، ويبدو أنه لا يفكر في تغيير النظام الدكتاتوري الذي ورثه عن والده، ولا يفكر كذلك في الإصغاء إلى الاحتجاجات الشعبية التي اتهمها بالعمالة لإسرائيل”، في حين رأت صحيفة “فرانكفورتر” الألمانية أنه: “على الرغم من أن الرئيس السوري في أواسط الأربعين من العمر، إلا أنه يمثّل عالم الأمس، وهو أوعى من أن يصدق مقولته أن بلاده ضحية “مؤامرة أجنبية”. ورأت صحيفة “واشنطن بوست” أن قياس جدية الرئيس السوري في ما يعد به من إصلاحات يكون من خلال تحركه لمواجهة النفوذ الاقتصادي والسياسي لعائلته في السلطة، وقالت الصحيفة إن السؤال الآن هو: “هل سيبقى آل أسد موحدين وراء بشار أم أنهم سيغرقون في صراع دموي داخلي؟”ولمعرفة مدى إمكانية محاسبة المتورطين في أعمال القتل، يمكن تطبيق أحداث درعا على سبيل المثال لا الحصر، فقد أمر الرئيس السوري بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث التي وقعت بها، دون تقديم معلومات حول صلاحيات تلك اللجنة، وقدرتها على الخروج بنتائج مستقلة يمكن أن تؤدي إلى محاسبة المتهمين، وعلى رأسهم:
1- العميد الركن ماهر أسد: قائد الحرس الخاص بالقصر الجمهوري وقائد الفرقة الرابعة، حيث وقع الاعتداء على أهل درعا في ظل تطويق ألوية الفرقة الرابعة للمنطقة، وثبت تورط أفرادها في إطلاق النار على المتظاهرين.
2- اللواء عبد الفتاح قدسية: أحد أبرز المقربين من بشار أسد وآل مخلوف، رئيس شعبة المخابرات العسكرية منذ عام 2009، وتفيد شهادات العيان أن مقار فروع الأمن العسكري كانت مصدر إطلاق النار على المتظاهرين.
3- العميد عاطف نجيب: ابن خالة بشار أسد، مدير فرع الأمن السياسي في درعا، وكان إقدام عاطف على اعتقال بعض النساء والأطفال من أبناء درعا وتعذيبهم، هو السبب الرئيس في اتساع حركة الاحتجاجات، ويتهمه أهل المدينة وضواحيها بإطلاق الرصاص الحي على أبنائهم مما أدى إلى مقتل نحو مائة وخمسين وإصابة المئات من أبناء مدينة درعا وعموم محافظة حوران.فهل يجرؤ بشار على محاكمة شقيقه وابن خالته ورفيق دربه، وغيرهم من ضباط الحرس الجمهوري والفرقة المدرعة الرابعة، وعناصر شعبة المخابرات العسكرية وإدارة الأمن السياسي وغيرها من الفرق التي يعتمد عليها توازن النظام؟وهل يمتلك رئيس الجمهورية القدرة على إقصاء نفوذ آل مخلوف في القطاعين: الاقتصادي والأمني، ضمن حملته المزمعة ضد الفساد؟وإذا صدق النظام في وعده بإلغاء قانون الطوارئ، وإنهاء احتكار حزب البعث للحكم، فهل ستبقى له أي شرعية سياسية أو مدنية تضمن له الهيمنة على الحكومة ومجلس الشعب. الإجابة على هذه التساؤلات تتلخص في أن الرئيس لا يستطيع أن يشن حرباً شاملة على نظامه، ولا يمثل في ذاته الشخصية المناسبة للقيام بإصلاح شامل يؤدي إلى انفتاح مؤسسات الحكم على المجتمع، فقدراته محدودة، وبقاؤه في الحكم رهن بالمحافظة على توازنات البنية العائلية-العشائرية التي ورثها عن والده.والحقيقة هي أن الشعب السوري لا يعبأ بكل هذه التحليلات، ولا يكترث بالمحافظة على منظومة الائتلافات العائلية في القصر الجمهوري، فمطالبه بسيطة، ومشروعة، وعادلة، وتتلخص في: إنهاء حالة الطوارئ، والإفراج عن أكثر من أربعة آلاف معتقل سياسي، وإنهاء احتكار حزب البعث للسلطة، وإطلاق الحريات العامة، وضمان حق التعبير السلمي، والحد من نفوذ الأجهزة الأمنية، ومنعها من التعدي على الأملاك العامة والخاصة، والتعرض للمعارضين بالتعذيب والسجن دون تهمة أو مذكرة اعتقال، والكشف عن مصير ثلاثة آلاف مفقود، وعودة ملايين المنفيين من أقاربهم وأبنائهم، ومحاربة الفساد، وضمان التوزيع العادل للثروة، وتوفير فرص العمل.
ثمة أمور لم يدركها النظام السوري منذ بداية الأحداث، ولا شك بأن الاستمرار في تجاهلها سيهدد استمرار النظام، ومن أهم هذه الأمور:
1- ضرورة استيعاب متغيرات المرحلة، التي تتسم بتوفر وسائل توصيل المعلومات، فلم يعد بالإمكان عزل مدينة كاملة، وقتل عدد كبير من أهلها في ظل تعتيم إعلامي مطبق.
2- يواجه النظام السوري في المرحلة الراهنة سخطاً شعبياً، لا تتزعمه جماعة سياسية، ولا ينتمي المحتجون إلى إيديولوجية معينة أو حركة منظمة يمكن تجريمها بقانون، ولا يخضع المتظاهرون لقيادة يمكن سحقها، بل إن هذا الحراك الشعبي تحركه النخوة العربية، وتدفعه روح الحرية، ولا يمكن السيطرة على هذه المشاعر من خلال تخوينها أو قمعها.
3- لا يتمتع النظام السوري بأي تعاطف عربي، خاصة بعد أن وقع بشار في خطأ القذافي عندما ناصب جيرانه العداء، وتورط في مهاجمة الحكام العرب، وشكل تهديداً لأغلب أعضاء جامعة الدول العربية من خلال دعمه من خلال دعمه لمشروع التوسع الفارسي.
4- ورث الرئيس السوري من والده نظام حكم شمولي، يقوم على أساس توازنات عائلية-عشائرية، وبالتالي فإن بشار لا يستطيع أن يكون حاكماً شعبياً، وأي محاولة لتوسيع دائرة السلطة أو تحديثها ستؤدي إلى انهيار الحكم، كما أن عملية محاسبة أفراد عائلته ومحسوبيه ستؤدي إلى تعميق عزلته، وفقدانه السيطرة على المقدرات الاقتصادية والأمنية للدولة مما يعني بالضرورة انهيار النظام. إن النظام السوري يواجه مرحلة جديدة من السخط الشعبي الذي لا يمكنه الاستجابة له من جهة، ولن ينجح في إخماده بالقمع والتخوين من جهة أخرى. وتتلخص المشكلة في أن بشاراً لا يملك لحكم سوريا سوى إرث والده، في حين أن إرث والده لا يضمن له استمراراً في الحكم. وسيلجأ النظام السوري إلى: إطلاق الوعود، وتشكيل اللجان، واتخاذ التدابير الشكلية لمنع وقوع التغيير الحتمي، ولن يقبل الشعب بأنصاف الحلول.وفي ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية وتزايد وتيرتها؛ بدا وضاحاً أن رئيس الجمهورية قد قرر تبني سياسة القمع وانحاز إلى العناصر الأكثر تشدداً من أفراد أسرته، في الوقت الذي لم يثبت قدرته على كبح جماح إخوته وأبناء أخواله، مما يفتح احتمالات عدة بإمكانية تكرار تجربة الانشقاقات الواسعة التي وقعت بين أنصار حافظ وأنصار رفعت عام 1984، وقد يؤدي ذلك إلى تدخل عناصر محايدة لإخراج البلاد من أزمتها. لعله من المثير للسخرية أن تبدأ قصة سقوط صنمي النظام السوري (حافظ وبشار) من قرية صغيرة في محافظة درعا تدعى: “الصنمين”.
أ- واجهة حزبية-مدنية تتمثل في حزب البعث الذي نصب نفسه قائداً للدولة والمجتمع، وهيمن على الحكومة السورية وغالبية أعضاء مجلس الشعب.
ب- خلفية أمنية-عسكرية تنتشر في جميع مفاصل الدولة والمجتمع، وتشكل العمود الفقري للنظام
.ج- رئاسة الجمهورية التي تتولى مهمة التنسيق بين مختلف المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية.وقد كشفت الأحداث الأخيرة عن وجود تصدعات في الأركان الثلاثة للنظام السوري خلال عهد بشار، والتي تؤذن بوقوع متغيرات كبيرة في بنية السلطة، ويمكن تفصيلها على النحو الآتي:
الواجهة الحزبية للنظام:
فعلى الصعيد الحزبي لا يزال منصب الأمين العام للحزب شاغراً منذ وفاة حافظ أسد عام 2000، في حين يشغل عبد الله الأحمر منصب الأمين العام المساعد منذ عام 1971، وفي الفترة: (2000-2011) تعرض حزب البعث العربي الاشتراكي لاختلال كبير في قاعدته التنظيمية والإيديولوجية؛ وظهر ذلك جلياً في المؤتمرين القطريين اللذين انعقدا في تلك الفترة، إذ شهد المؤتمر الأول (حزيران 2000)، تعيين بشار أسد أميناً قطرياً للحزب، وتزامن ذلك مع تعديل الفقرة الخاصة بسن الرئيس في الدستور والتي خفضت من 40 إلى 34 عاماً، وترقية بشار إلى رتبة فريق في الجيش السوري، وتعيينه قائداً للجيش والقوات المسلحة السورية، ومن ثم انتخابه رئيساً ليصبح أول حاكم عربي يخلف والده في رئاسة الجمهورية، وقد مثلت هذه الإجراءات ضربة موجعة للحزب الذي بات من الواضح اقتصار دوره على تشكيل الواجهة المدنية للنظام العسكري.أما المؤتمر القطري الثاني (حزيران 2005)، فقد شهد بلبلة غير مسبوقة عندما ظهر عضو اللجنة المركزية وقائد الجيش الشعبي اللواء محمد إبراهيم العلي في التلفزيون الرسمي منتقداً قيادة الحزب وأداءه، ومطالباً بحل القيادة القومية، لأنها: “لم تعد فاعلة، وقد انتهى دورها”، ومؤكداً على ضرورة تجديد مفهوم الديمقراطية في الحزب بما يتفق مع الشفافية وشعار الحرية الذي يرفعه، مما دفع بشار إلى إصدار مرسوم يقضي بإعفاء اللواء العلي من جميع مناصبه. وبعد تشكيل لجنة للتحقيق معه تقرر: منع العلي من أي تصريح صحافي، ووقف برنامج “مدارات” الذي استضافه في التلفزيون السوري، وإعفاء مراقبي البرنامج من مهامهم، وخرج المؤتمر بقرارات شكلية لم يأخذ أي منها حيز التنفيذ.وعندما وقعت الأحداث الأخيرة في شهر آذار الماضي، اقتصر دور أعضاء مجلس الشعب على الهتاف والتصفيق، ولم تتشكل أي لجنة برلمانية، أو تتقدم أي كتلة بمبادرة جادة للخروج من الأزمة التي وقعت بين الشعب والنظام، وفي الوقت ذاته وقفت الحكومة مشلولة بالكامل منذ اندلاع الاحتجاجات وحتى إقالتها، في حين تحدثت المصادر الرسمية عن انعقاد اجتماعات طارئة للقيادة القطرية أسفرت بعد مخاض عسير عن تشكيل ثلاث لجان لدراسة تفعيل قرارات المؤتمر القطري عام 2005!
الواجهة الأمنية-العسكرية:
وعلى الصعيد نفسه عانت المؤسسات الأمنية والعسكرية في عهد بشار من تصدعات لم ينجح القصر الجمهوري في رأبها؛ ففي شهر فبراير 2002 أحيل عدد من قادة الأجهزة الأمنية إلى التقاعد ضمن سياسة تهدف إلى تشديد قبضة الرئاسة على القطاع الأمني.[1]وفي شهر يونيو 2004 أجريت حركة تصفيات واسعة النطاق داخل القوات المسلحة طالت حوالي 40 بالمائة من ضباط القيادة في دمشق، وكان الهدف من عملية التطهير هو تحجيم القادة العسكريين الذين تزايد نفوذهم، وتعيين ضباط موالين على رأسهم العماد حسن توركماني الذي عين وزيراً للدفاع، والعماد علي حبيب الذي عين رئيساً للأركان.إلا أن هذه الترتيبات لم تضع حداً للصراع الداخلي، ولم تُمكّن القصر الجمهوري من إحكام قبضته على المؤسسات الأمنية والعسكرية؛ فشهدت الفترة: (2005-2009)، خلافات كبيرة بين ضباط الاستخبارات السورية وسط اتهامات متبادلة، وعمليات تصفية جسدية شملت كلاً من: وزير الداخلية ورئيس الأمن السياسي السابق اللواء غازي كنعان (2005)، وشقيقه علي كنعان (2006)، والعميد محمد سليمان (2008)، وذلك في ظل خروق أمنية أدت إلى مقتل عماد مغنية (2008)، وقصف الطيران الإسرائيلي موقعاً عسكرياً بدير الزور وسط صمت سوري مطبق. في هذه الأثناء كان صهر الرئيس اللواء آصف شوكت مشغولاً في إقصاء خصومه، وتعيين الموالين له في الجيش وقوى الأمن، وعندما ظن أن الأمور قد استتبت له وجد نفسه في خط المواجهة مع شقيق الرئيس ماهر أسد الذي كان قد دشن حياته العملية برصاصة استقرت في معدة شوكت عام 1999، دون أن يؤثر ذلك على طموح ماهر في السلطة؛ إذ رقي عام 2000 إلى رتبة رائد في الحرس الجمهوري وعين في القيادة المركزية لحزب البعث. ولما ضاق القصر الجمهوري ذرعاً من ذلك الصراع قام بعملية تطهير ثالثة عام 2009،[2] فأعاد هيكلة المؤسسات الأمنية، واستبدل مكتب “الأمن القومي” بمجلس “الأمن الوطني”،[3] مما أدى إلى تذمر شوكت ورفضه الالتحاق بمكتبه الجديد بصفته نائباً لرئيس الأركان.وفي أتون الحركة الاحتجاجية الشعبية في الفترة 15-30 آذار 2011، وقعت الأجهزة الأمنية، وفرق حماية النظام في خطأ تكرار تجربة الثمانينيات، فعمدت إلى تطويق المدن، وممارسة الاعتقال الجماعي، وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين دون أن تدرك أن دماء القتلى كانت بمثابة الوقود الذي يزيد الثورة اشتعالاً
.القصر الجمهوري:
أما على مستوى القصر، فإن رئيس الجمهورية يعاني من مشكلة مزمنة تتمثل في عجزه عن فهم تعقيدات البنية السياسية للنظام، وانعدام المهارة لديه في المحافظة على التوازنات؛ فقد أدت التصفيات المتكررة داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية إلى تضييق دائرة المجموعة الحاكمة داخل القصر الجمهوري، وزيادة عدد المعارضين له، مما دفع ببشار إلى الاعتماد على مجموعة مغلقة من أفراد أسرته، وتقديم الدعم لهم بهدف توطيد نفوذهم السياسي والاقتصادي الأمني الذي كان يعتقد أنه سيثبت حكمه. وعلى رأس هذه المجموعة المغلقة يقف شقيق الرئيس ماهر أسد وعائلة أنيسة مخلوف (والدة بشار) التي تتضمن: محمد مخلوف في قطاع النفط، وحافظ مخلوف في قطاع الأمن، ورامي وإيهاب في قطاعات: الاتصالات، والإنشاءات، والطيران، والسياحة، والمصرف العقاري، والتجارة الحرة المعفاة من الضرائب في المطارات.وقد كشفت الأحداث الأخيرة ضعف أداء القصر الجمهوري كجهة مركزية تسيطر على مؤسسات الحكم المدني والعسكري، فسرعان ما أقال الرئيس حكومته، في حين استمرت الفرقة الرابعة والاستخبارات العسكرية في إطلاق النار ضد المدنيين على الرغم من صدور أوامر رئاسية بوقف إطلاق النار، وعلى ضوء تردي الأداء الرسمي تحدث ديبلوماسي فرنسي عن عمق الشكوك حول قدرة بشار على التحكم في مقاليد الحكم، ورجح فقدان بشار السيطرة على نزعة أخيه ماهر وابني خاله رامي وحافظ مخلوف الذين كانوا ينزعون إلى استخدام القوة والبطش، والزج بالعصابات الأمنية بلباس مدنية لترويع المتظاهرين وإذكاء فتنة طائفية تبرر التدخل العسكري. وعندما بشر نائب الرئيس بمفاجئات تسعد الشعب السوري، لم يخرج بشار في خطابه بمجلس الشعب عن نمط الخطاب الرسمي التقليدي الذي يعود إلى مطلع الستينيات من القرن المنصرم. وتمخضت مشاريع الإصلاح الكبير في سوريا بإقالة الحكومة وتشكيل ثلاث لجان تختص الأولى منها بإعداد قانون لمكافحة الإرهاب!
هل ينجح النظام في المحافظة على تماسكه؟
في أعقاب خطاب بشار أسد بمجلس الشعب رأت صحيفة “ديلي تلغراف” أن الرئيس السوري قد ضيع فرصة سانحة لتحقيق إصلاح حقيقي يضمن له البقاء في الحكم، إذ إنه فضل تقمص شخصية الحاكم الاستبدادي الذي يستمتع بالهتافات والشعارات، ويلوح بالقبضة الأمنية للقضاء على المؤامرات الخارجية والمخططات الغربية وهي صورة لا تتناسب مع عمره وعصره.وأشارت صحيفة “إلباييس” الإسبانية إلى أن بشاراً قد: “أغلق باب الإصلاح، ويبدو أنه لا يفكر في تغيير النظام الدكتاتوري الذي ورثه عن والده، ولا يفكر كذلك في الإصغاء إلى الاحتجاجات الشعبية التي اتهمها بالعمالة لإسرائيل”، في حين رأت صحيفة “فرانكفورتر” الألمانية أنه: “على الرغم من أن الرئيس السوري في أواسط الأربعين من العمر، إلا أنه يمثّل عالم الأمس، وهو أوعى من أن يصدق مقولته أن بلاده ضحية “مؤامرة أجنبية”. ورأت صحيفة “واشنطن بوست” أن قياس جدية الرئيس السوري في ما يعد به من إصلاحات يكون من خلال تحركه لمواجهة النفوذ الاقتصادي والسياسي لعائلته في السلطة، وقالت الصحيفة إن السؤال الآن هو: “هل سيبقى آل أسد موحدين وراء بشار أم أنهم سيغرقون في صراع دموي داخلي؟”ولمعرفة مدى إمكانية محاسبة المتورطين في أعمال القتل، يمكن تطبيق أحداث درعا على سبيل المثال لا الحصر، فقد أمر الرئيس السوري بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث التي وقعت بها، دون تقديم معلومات حول صلاحيات تلك اللجنة، وقدرتها على الخروج بنتائج مستقلة يمكن أن تؤدي إلى محاسبة المتهمين، وعلى رأسهم:
1- العميد الركن ماهر أسد: قائد الحرس الخاص بالقصر الجمهوري وقائد الفرقة الرابعة، حيث وقع الاعتداء على أهل درعا في ظل تطويق ألوية الفرقة الرابعة للمنطقة، وثبت تورط أفرادها في إطلاق النار على المتظاهرين.
2- اللواء عبد الفتاح قدسية: أحد أبرز المقربين من بشار أسد وآل مخلوف، رئيس شعبة المخابرات العسكرية منذ عام 2009، وتفيد شهادات العيان أن مقار فروع الأمن العسكري كانت مصدر إطلاق النار على المتظاهرين.
3- العميد عاطف نجيب: ابن خالة بشار أسد، مدير فرع الأمن السياسي في درعا، وكان إقدام عاطف على اعتقال بعض النساء والأطفال من أبناء درعا وتعذيبهم، هو السبب الرئيس في اتساع حركة الاحتجاجات، ويتهمه أهل المدينة وضواحيها بإطلاق الرصاص الحي على أبنائهم مما أدى إلى مقتل نحو مائة وخمسين وإصابة المئات من أبناء مدينة درعا وعموم محافظة حوران.فهل يجرؤ بشار على محاكمة شقيقه وابن خالته ورفيق دربه، وغيرهم من ضباط الحرس الجمهوري والفرقة المدرعة الرابعة، وعناصر شعبة المخابرات العسكرية وإدارة الأمن السياسي وغيرها من الفرق التي يعتمد عليها توازن النظام؟وهل يمتلك رئيس الجمهورية القدرة على إقصاء نفوذ آل مخلوف في القطاعين: الاقتصادي والأمني، ضمن حملته المزمعة ضد الفساد؟وإذا صدق النظام في وعده بإلغاء قانون الطوارئ، وإنهاء احتكار حزب البعث للحكم، فهل ستبقى له أي شرعية سياسية أو مدنية تضمن له الهيمنة على الحكومة ومجلس الشعب. الإجابة على هذه التساؤلات تتلخص في أن الرئيس لا يستطيع أن يشن حرباً شاملة على نظامه، ولا يمثل في ذاته الشخصية المناسبة للقيام بإصلاح شامل يؤدي إلى انفتاح مؤسسات الحكم على المجتمع، فقدراته محدودة، وبقاؤه في الحكم رهن بالمحافظة على توازنات البنية العائلية-العشائرية التي ورثها عن والده.والحقيقة هي أن الشعب السوري لا يعبأ بكل هذه التحليلات، ولا يكترث بالمحافظة على منظومة الائتلافات العائلية في القصر الجمهوري، فمطالبه بسيطة، ومشروعة، وعادلة، وتتلخص في: إنهاء حالة الطوارئ، والإفراج عن أكثر من أربعة آلاف معتقل سياسي، وإنهاء احتكار حزب البعث للسلطة، وإطلاق الحريات العامة، وضمان حق التعبير السلمي، والحد من نفوذ الأجهزة الأمنية، ومنعها من التعدي على الأملاك العامة والخاصة، والتعرض للمعارضين بالتعذيب والسجن دون تهمة أو مذكرة اعتقال، والكشف عن مصير ثلاثة آلاف مفقود، وعودة ملايين المنفيين من أقاربهم وأبنائهم، ومحاربة الفساد، وضمان التوزيع العادل للثروة، وتوفير فرص العمل.
ثمة أمور لم يدركها النظام السوري منذ بداية الأحداث، ولا شك بأن الاستمرار في تجاهلها سيهدد استمرار النظام، ومن أهم هذه الأمور:
1- ضرورة استيعاب متغيرات المرحلة، التي تتسم بتوفر وسائل توصيل المعلومات، فلم يعد بالإمكان عزل مدينة كاملة، وقتل عدد كبير من أهلها في ظل تعتيم إعلامي مطبق.
2- يواجه النظام السوري في المرحلة الراهنة سخطاً شعبياً، لا تتزعمه جماعة سياسية، ولا ينتمي المحتجون إلى إيديولوجية معينة أو حركة منظمة يمكن تجريمها بقانون، ولا يخضع المتظاهرون لقيادة يمكن سحقها، بل إن هذا الحراك الشعبي تحركه النخوة العربية، وتدفعه روح الحرية، ولا يمكن السيطرة على هذه المشاعر من خلال تخوينها أو قمعها.
3- لا يتمتع النظام السوري بأي تعاطف عربي، خاصة بعد أن وقع بشار في خطأ القذافي عندما ناصب جيرانه العداء، وتورط في مهاجمة الحكام العرب، وشكل تهديداً لأغلب أعضاء جامعة الدول العربية من خلال دعمه من خلال دعمه لمشروع التوسع الفارسي.
4- ورث الرئيس السوري من والده نظام حكم شمولي، يقوم على أساس توازنات عائلية-عشائرية، وبالتالي فإن بشار لا يستطيع أن يكون حاكماً شعبياً، وأي محاولة لتوسيع دائرة السلطة أو تحديثها ستؤدي إلى انهيار الحكم، كما أن عملية محاسبة أفراد عائلته ومحسوبيه ستؤدي إلى تعميق عزلته، وفقدانه السيطرة على المقدرات الاقتصادية والأمنية للدولة مما يعني بالضرورة انهيار النظام. إن النظام السوري يواجه مرحلة جديدة من السخط الشعبي الذي لا يمكنه الاستجابة له من جهة، ولن ينجح في إخماده بالقمع والتخوين من جهة أخرى. وتتلخص المشكلة في أن بشاراً لا يملك لحكم سوريا سوى إرث والده، في حين أن إرث والده لا يضمن له استمراراً في الحكم. وسيلجأ النظام السوري إلى: إطلاق الوعود، وتشكيل اللجان، واتخاذ التدابير الشكلية لمنع وقوع التغيير الحتمي، ولن يقبل الشعب بأنصاف الحلول.وفي ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية وتزايد وتيرتها؛ بدا وضاحاً أن رئيس الجمهورية قد قرر تبني سياسة القمع وانحاز إلى العناصر الأكثر تشدداً من أفراد أسرته، في الوقت الذي لم يثبت قدرته على كبح جماح إخوته وأبناء أخواله، مما يفتح احتمالات عدة بإمكانية تكرار تجربة الانشقاقات الواسعة التي وقعت بين أنصار حافظ وأنصار رفعت عام 1984، وقد يؤدي ذلك إلى تدخل عناصر محايدة لإخراج البلاد من أزمتها. لعله من المثير للسخرية أن تبدأ قصة سقوط صنمي النظام السوري (حافظ وبشار) من قرية صغيرة في محافظة درعا تدعى: “الصنمين”.