الأخذ بـ " السرى " أو " الدور " هو من صميم الإسلام :
أبو ياسر السوري
13 / 7 / 2015
=============
" السِّرى " أو " الدَّور " أو " الطابور " هو إجراءٌ ضروري ، في كل المرافق العامة ، كمكاتب الطيران ، والدوائر الحكومية ، والمخابز ، والمطاعم ، والسوبرماركت ، والأسواق التجارية ، ودور العبادة ، والمدارس ، وشارات المرور في الشوارع ، والمشافي ، والصيدليات ، والسفارات ، والقنصليات ، وحافلات النقل الداخلي ، والمترو ، والقطار ، والباخرة ، والملاعب الرياضية .. وكل مرفق يحتاج إليه العامة .. بما في ذلك المراحيض العامة ... إن إعطاء الدَّور للأسبق ، هو السلوك المدني الراقي ، الذي تعمل به كل الشعوب المتحضرة ، إلا النظام الطائفي البائد في سوريا .. فقد كان شبيحته وأزلامه من أعدى أعداء الأنظمة والقوانين وآداب السلوك .. فالشبيح في هذا النظام عتل متكبر جواظ ، يتصرف بلا ضوابط وكأنه فوق القانون .. وكأنه ليس لأحد أن يقول له ( لِمَ ؟ ) . والويل كل الويل لمن تجرأ على مقامه السامي ، وأبدى له شبه امتعاض من تصرفه .. فسرعان ما يرغي ويزبد ، ويجعر ويعربد ، ويقول لمخالفه : " اعرف نفسك مع مين عم تتكلم يا ( خـ ...) ويلحق عبارته القذرة بشتيمة للرب سبحانه وتعالى " .. فلذلك ما كان هؤلاء يقفون على إشارة مرور . ولا يلتزمون بميمنة الطريق أثناء القيادة .. ولم يدخلوا في طابور قط ، وإنما يتخطون ويتحدون ولا يبالون بنظام ولا بحرام .
لقد خسرنا في ظل ذلك النظام الطائفي البائد كل شيء جميل نبيل .. خسرنا حرية الكلمة .. وحرية الرأي .. ومات شعورنا بالكرامة الإنسانية.. وافتقدنا روعة النظام ، ولذة الاحترام . وأصبحنا قطيعا يحكمه مخلوقات من الهمج الرعاع .. مع أن الله خلقنا كسائر الخلق أحرارا مكرمين .. وأرشدنا نبيه لأحسن الأخلاق ، وأرقى صور السلوك الاجتماعي .. ففي أدب المجالس ، أمر صلى الله عليه وسلم أن يجلس أحدنا حيث انتهى به المجلس ، وكان صلى الله عليه وسلم قدوة بهذا، فكان يجلس حيث انتهى به المجلس ، وكان حيثما جلس الصدر . ونهى صلى الله عليه وسلم أن يُقام الرجلُ ليجلس مكانه آخر ، وأمر بالتفسح .. ونهى عن تخطي الرقاب لمن جاء متأخرا إلى المسجد يوم الجمعة ، وهو يريد أن يصلي في الصف الأول ، فقال لمن فعل ذلك " اجلس مكانك فقد آذيت " ونهى صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الأثرة وندبهم إلى الإيثار . كما نهى عليه الصلاة والسلام أن يبيع الرجل على بيع أخيه ، أو يخطب على خطبته . وحتى علمنا كيف نمشي في الطرقات ، فنهى أن يمشي أحدنا في وسط الطريق أو عن شماله ، وإنما يأخذ بميمنة الطريق . كما ندب النبي إلى احترام الدور في الشراب ، فكان يعطي فضلة شرابة لمن هو عن يمينه ، وحدث مرة أن أبا بكر كان عن شماله ، فلما شرب النبي اراد أن يعطي الكأس للجالس عن يمينه ، فرآه فتى حدثا ، فقال له أتأذن أن أعطي الكأس لأبي بكر .؟ فقال الفتى : ما كنت لأوثر أحدا بثؤرك يا رسول الله . فأعطاه فشرب الصغير قبل أبي بكر وهو المقدم على أصحاب النبي جميعا .. بل كان من إرشاداته صلى الله عليه وسلم نهيه أصحابه أن يتزاحموا على الماء اثناء السقاية في أسفار الغزوات ، ولما تخطى بعضهم هذا الأدب المحمدي في غزوة المريسيع ، نشب خلاف ما بين المهاجرين والأنصار . فقال الأنصاري : يا للأنصار .!! وقال المهاجري : يا للمهاجرين .!! وتداعي الناس وكادوا يقتتلون .. لولا أن هدأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأخمد نار الفتنة ، ثم أمرهم بالرحيل ومتواصلة المسير ، حتى نال منهم الجهد ، فكانوا إذا نزلوا منزلة أخذهم النعاس ، وصرفهم النوم عن الكلام .
أثرت هذا الموضوع يا سادة ، لئلا ننسى الآداب المحمدية فيما بيننا ، فالابتعاد عن هذه الآداب هو أحد الأسباب التي عملت على تأخير النصر ، وطول أمد المعاناة .. أما تذكرون أنه لما تأخر النصر عن الصحابة في إحدى المعارك ، قالوا لعلنا قصرنا في بعض السنن ، ففطنوا إلى إهمالهم سنة السواك .. فانطلقوا يشوصون أسنانهم به ، فنظر العدو إليهم فظن أنهم يحدون أسنانهم لأكلهم ، فألقى الله الرعب في قلوبهم فانتصر المسلمون سريعا .
وما أحوجنا اليوم ألى التمسك بالآداب الإسلامية من جديد ، ولو فعلنا أجيبت دعاؤنا ، واتنصرنا على أعدائنا .. ولعمر الحق إن من أخذ بهذه الإرشادات النبوية ابتغاء الأجر فقد أحسن ، ومن تعمد مخالفتها فقد أساء .. ومن تمسك بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ، فقد أخذ باقوى اسباب السعادة في الحياة ، ومن زهد فيها فقد فتح على نفسه كل ابواب الهمِّ والشقاء " يا ايها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون * " ..
أبو ياسر السوري
13 / 7 / 2015
=============
" السِّرى " أو " الدَّور " أو " الطابور " هو إجراءٌ ضروري ، في كل المرافق العامة ، كمكاتب الطيران ، والدوائر الحكومية ، والمخابز ، والمطاعم ، والسوبرماركت ، والأسواق التجارية ، ودور العبادة ، والمدارس ، وشارات المرور في الشوارع ، والمشافي ، والصيدليات ، والسفارات ، والقنصليات ، وحافلات النقل الداخلي ، والمترو ، والقطار ، والباخرة ، والملاعب الرياضية .. وكل مرفق يحتاج إليه العامة .. بما في ذلك المراحيض العامة ... إن إعطاء الدَّور للأسبق ، هو السلوك المدني الراقي ، الذي تعمل به كل الشعوب المتحضرة ، إلا النظام الطائفي البائد في سوريا .. فقد كان شبيحته وأزلامه من أعدى أعداء الأنظمة والقوانين وآداب السلوك .. فالشبيح في هذا النظام عتل متكبر جواظ ، يتصرف بلا ضوابط وكأنه فوق القانون .. وكأنه ليس لأحد أن يقول له ( لِمَ ؟ ) . والويل كل الويل لمن تجرأ على مقامه السامي ، وأبدى له شبه امتعاض من تصرفه .. فسرعان ما يرغي ويزبد ، ويجعر ويعربد ، ويقول لمخالفه : " اعرف نفسك مع مين عم تتكلم يا ( خـ ...) ويلحق عبارته القذرة بشتيمة للرب سبحانه وتعالى " .. فلذلك ما كان هؤلاء يقفون على إشارة مرور . ولا يلتزمون بميمنة الطريق أثناء القيادة .. ولم يدخلوا في طابور قط ، وإنما يتخطون ويتحدون ولا يبالون بنظام ولا بحرام .
لقد خسرنا في ظل ذلك النظام الطائفي البائد كل شيء جميل نبيل .. خسرنا حرية الكلمة .. وحرية الرأي .. ومات شعورنا بالكرامة الإنسانية.. وافتقدنا روعة النظام ، ولذة الاحترام . وأصبحنا قطيعا يحكمه مخلوقات من الهمج الرعاع .. مع أن الله خلقنا كسائر الخلق أحرارا مكرمين .. وأرشدنا نبيه لأحسن الأخلاق ، وأرقى صور السلوك الاجتماعي .. ففي أدب المجالس ، أمر صلى الله عليه وسلم أن يجلس أحدنا حيث انتهى به المجلس ، وكان صلى الله عليه وسلم قدوة بهذا، فكان يجلس حيث انتهى به المجلس ، وكان حيثما جلس الصدر . ونهى صلى الله عليه وسلم أن يُقام الرجلُ ليجلس مكانه آخر ، وأمر بالتفسح .. ونهى عن تخطي الرقاب لمن جاء متأخرا إلى المسجد يوم الجمعة ، وهو يريد أن يصلي في الصف الأول ، فقال لمن فعل ذلك " اجلس مكانك فقد آذيت " ونهى صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الأثرة وندبهم إلى الإيثار . كما نهى عليه الصلاة والسلام أن يبيع الرجل على بيع أخيه ، أو يخطب على خطبته . وحتى علمنا كيف نمشي في الطرقات ، فنهى أن يمشي أحدنا في وسط الطريق أو عن شماله ، وإنما يأخذ بميمنة الطريق . كما ندب النبي إلى احترام الدور في الشراب ، فكان يعطي فضلة شرابة لمن هو عن يمينه ، وحدث مرة أن أبا بكر كان عن شماله ، فلما شرب النبي اراد أن يعطي الكأس للجالس عن يمينه ، فرآه فتى حدثا ، فقال له أتأذن أن أعطي الكأس لأبي بكر .؟ فقال الفتى : ما كنت لأوثر أحدا بثؤرك يا رسول الله . فأعطاه فشرب الصغير قبل أبي بكر وهو المقدم على أصحاب النبي جميعا .. بل كان من إرشاداته صلى الله عليه وسلم نهيه أصحابه أن يتزاحموا على الماء اثناء السقاية في أسفار الغزوات ، ولما تخطى بعضهم هذا الأدب المحمدي في غزوة المريسيع ، نشب خلاف ما بين المهاجرين والأنصار . فقال الأنصاري : يا للأنصار .!! وقال المهاجري : يا للمهاجرين .!! وتداعي الناس وكادوا يقتتلون .. لولا أن هدأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأخمد نار الفتنة ، ثم أمرهم بالرحيل ومتواصلة المسير ، حتى نال منهم الجهد ، فكانوا إذا نزلوا منزلة أخذهم النعاس ، وصرفهم النوم عن الكلام .
أثرت هذا الموضوع يا سادة ، لئلا ننسى الآداب المحمدية فيما بيننا ، فالابتعاد عن هذه الآداب هو أحد الأسباب التي عملت على تأخير النصر ، وطول أمد المعاناة .. أما تذكرون أنه لما تأخر النصر عن الصحابة في إحدى المعارك ، قالوا لعلنا قصرنا في بعض السنن ، ففطنوا إلى إهمالهم سنة السواك .. فانطلقوا يشوصون أسنانهم به ، فنظر العدو إليهم فظن أنهم يحدون أسنانهم لأكلهم ، فألقى الله الرعب في قلوبهم فانتصر المسلمون سريعا .
وما أحوجنا اليوم ألى التمسك بالآداب الإسلامية من جديد ، ولو فعلنا أجيبت دعاؤنا ، واتنصرنا على أعدائنا .. ولعمر الحق إن من أخذ بهذه الإرشادات النبوية ابتغاء الأجر فقد أحسن ، ومن تعمد مخالفتها فقد أساء .. ومن تمسك بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ، فقد أخذ باقوى اسباب السعادة في الحياة ، ومن زهد فيها فقد فتح على نفسه كل ابواب الهمِّ والشقاء " يا ايها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون * " ..