الثورة السورية ... وترتيب الأولويات ..
أبو ياسر السوري
=========
اتفقنا : بعد عسكرة الثورة ، واستشراس النظام ، وعزمه على إبادة الشعب وتهجيره داخليا وخارجيا .. على أن الثورة صارت بأمس الحاجة إلى : 1 - جناح سياسي     2 - جناح عسكري    3 - جناح إغاثي    4 - جناح دعوي .
ثم اختلفنا في ترتيب الأولويات بين هذه التحديات .. وانطلق السوريون عشوائيا لخدمة ثورتهم ، وزعم كل من انخرط في ميدان ، أن ميدانه هو الأولى بالاهتمام ... فالسياسي يستخف بالعسكري .. والعسكري يحتقر السياسي .. والإغاثي يرى إسعاف الناس أولى مما عداه .. والدعويُّ يرى أن ميدانه هو الأولى بالتقديم ، لأنه الدواء لكل بلاء أصابنا بسبب بعدنا عن الدين وتعاليمه الحكيمة ..
لا شك أن الثورة وضعتنا أمام تحديات كبرى .. لا سبيل غلى إهمال أي منها .. ولا سبيل إلى إعطائها نفس القدر من الاهتمام .. ولا بد من ترتيب الأولويات بين هذه المطالب .. ولا سبيل إلى معرفة الأولى بالتقديم منها ، إلا من خلال قدرة هذا المطلب أو ذاك على إسقاط النظام ..
 فأما الجانبان الإغاثي .. والدعوي .. فإن العمل فيهما لا يسقط نظاما طائفيا ، لا علاقة له بخلق ولا دين ، حتى لو استمر العاملون فيهما إلى مئات السنين ..
وأما العمل السياسي ، فكذلك ليس سبيلا لإسقاط نظام ، قرر منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة ، أن يقمع الشعب الثائر بكل قوة ووحشية ، وأن يضرب عرض الحائط بكل الحلول السياسية .. ثم إن دولا كبرى تقف إلى جانبه في المحافل الدولية ..
 ولم يبق لإسقاط هذا النظام ، سوى الحل العسكري ، مع علمنا بأن النظام هو الطرف الأقوى في هذه المعادلة .. ولكننا نؤمن بأن الله تعالى يقول " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " ..
إذن ، إن الجانب العسكري ، كان وما يزال هو الأولى بالدعم ماليا وإعلاميا .. ولكننا لم نعطه حقه من الأهمية ، وإنما قدمنا عليه العمل السياسي ، فصرفنا مئات الملايين عل المجلس الوطني ، والائتلاف الوطني ، وعلى المؤتمرات هنا وهناك .. وعلى رواتب منسوبي الائتلاف .. وأجور أسفارهم .. ونزولهم في افخم الفنادق .. و .. و ..
كما قدمنا عليه أيضا مصلحة العمل الإغاثي والدعوي . فجُمعت الملايين ، وما زالت تُجمع ، فيُسرَقُ الجزء الأكبر مما يُجمع ، ويصرف الفتات الباقي على بعض من يسعفهم الحظ من المحتاجين .. وما زلنا نجمع الأموال لمراكز الدعوة .. ومراكز تحفيظ القرآن . وتوزيع بعض الألبسة وتوزيع بعض المعونات ..
ولو أننا رتبنا الأولويات منذ البداية ، وقررنا تقديم مصلحة الجانب العسكري على غيره .. لتغيرت النتائج قبل استفحال أمر داعش وحالش وعافش .. ولو كنا دعمنا الجيش الحر بالأموال السورية فقط ، لما انفرط عقد هذا الجيش ، ولما وقعت كتائب المجاهدين تحت رحمة الممولين ، الذين يفرضون علينا أجنداتهم المختلفة . حتى كادت قضيتنا أن تصبح التوأم لقضية فلسطين .
أما بعد يا سادة : فإن جيش الفتح الآن .. وغرف العمليات العسكرية في جنوب سوريا وشمالها .. وما تحقق على أيدي أبطالنا من انتصارات في إدلب وجسر الشغور وأريحا والمسطومة وسيطرتنا على اللواء 52 والسيطرة أخيرا على مطار الثعلة .. هذه الانتصارات تؤكد من جديد أن العمل العسكري هو الأولى بالاتفاق .. وهو الأولى بالعناية .. والأولى بالاهتمام .. وحريتنا التي سلبت منا بالقوة ، لا يمكن استردادها إلا بالقوة .. 


***