حوار العبيد :
2 / 5 / 2015
بقلم : أبو ياسر السوري
=========
مررت اليوم بمقال لأحدهم حول الجاسوس المصري " رأفت الهجان " الذي تم زرعه في إسرائيل .. فقرأت المقال ، وتصفحت التعليقات الخاصة به ، فهالني ما قرأت ..  لقد كان من بين المعلقين من شكك في رواية رأفت الهجان ، واعتبرها من تأليف المخابرات وأكاذيبهم لتلميع صورتهم عند المجتمع المصري ..
وبالمقابل، كان منهم من يرى رأفت الهجان رمزا مصريا لا يجوز مساسه بسوء ، وهو عند هذا الفريق حقيقة لا تقبل النقاش . ولهذا ما إن شكك أحدهم في رواية الهجان ، حتى انبرى له أحد مؤيديها ، وأساء في الرد على المشكك فيها .. وشيئا فشيئا تحول النقاش بين الفريقين إلى تبادل الشتائم والإسفاف في القول .. فكان من مفردات الحوار المتبادلة بين المتحاورين قولهم : ابن اللبوة  ..ابن الوسخة .. ويا أهبل .. ويا فاضي .. يا كلاب .. يا أوساخ .. أولاد الكلاب .. الخونة .. الصيع .. العيال ..
ثم هبط الحوار دركة أخرى ، فتحول من شتم الأفراد إلى شتم الدول ، وصار كل منهم يتعصب لبلده ، ويشتم بلد الآخر ، حتى طالت  شتائمهم كلا من : مصر .. والعراق .. وسوريا ..  وتجلت الإقليمية عبر عراكهم في أقبح مظاهرها .. وبدا وكأن المواطن العربي لا ينتمي إلى أمة عربية واحدة ، تمتد جغرافيا من المحيط إلى الخليج .. ويبلغ عدد سكانها 400 مليون نسمة ..!! وإنما ينتمي إلى إقليمه الضيق المحدود ، وينحاز لأبناء إقليمه برهم وفاجرهم .. وربما شتم أقدس مقدس لدى مخالفه ، دفاعا عن رقاصة تنتمي إلى إقليمه هو الذي ينتمي إليه ..
طبعا هذه عينة من العقلية التي صاغتها الأنظمة العربية بغبائها . فكل حاكم أو رئيس أو زعيم ، استطاع بصورة أو بأخرى ، أن يقنع أبناء شعبه بأنه هو القائد الرمز .. وكفاهم فخراً أن يكونوا محكومين له ، وكفاهم أيضا أن يكونوا فوق الآخرين في سلم الشرف الرفيع .. وما علموا أنهم حولوا شعوبهم من أحرار إلى عبيد ، وأصبحوا هم أسياد العبيد .
تلك هي الثقافة التي أملاها علينا الطغاة على مدى 65 عاما بعد رحيل المستعمر الأجنبي ، وتلك هي الثقافة التي فرقتنا ومزقتنا وجعلتنا مستعبدين لحكام ، هم حرب علينا سلم لأعدائنا .. وسوف نبقى مستعبدين لهم ، خانعين راكعين ساجدين ، ما لم نتخلص من تلك المفاهيم الخاطئة .. ونتعلم كيف نختلف .. وكيف نتفق ,!! ومتى نقول للحاكم " نعم " ومتى نقول له " لا " ونكون على حق في الحالين .