أيها المجاهدون تحاشوا الاستئثار بإدارة البلدان المحررة :
======================
1 - لو دخل الشيطان من هذه الثغرة ، فسوف يوقعنا في نزاعات لها أول ، وليس لها آخر . لأن الفصائل المشاركة في فتح البلد ، سوف تختلف في المحاصصة على الوظائف . وربما جرها ذلك إلى الاقتتال فيما بينها – لا سمح الله -  وقد رأينا اختلافهم على الغنائم ، واقتتالهم عليها في أكثر من حادثة .. ولو أن المقاتلين اتقوا الله في قضية الغنائم الحربية لما اختلفوا. وتقوى الله فيها أن لا يستأثر فيها من غنمها ، وأن يصار إلى وضعها في مستودعات عامة ، وأن تكون ملكا للجميع ، وأن يتم توزيعها على المقاتلين بحسب الحاجة ، دون النظر إلى الأشخاص أو الجماعات .. ولو أنهم فعلوا ذلك يومها ، لما اختلفوا ولا اقتتلوا عليها .
2 – أذكر المقاتلين ، بموقف خالد بن الوليد ، الذي قاد المسلمين إلى النصر يوم اليرموك .. وقد جاءه كتاب عمر بالعزل من منصبه ، فاتفق هو وأبو عبيدة على عدم إشاعة خبر عزل خالد عن القيادة ، لئلا يفت ذلك في عزيمة المسلمين أثناء سير المعارك .. فلما انتهت المعركة ، أذاعوا الخبر ، وسلمت إدارة البلد إلى أبي عبيدة بن الجراح .. دون نزاع ولا خصومة ولا اقتتال .. ولم يزد خالد على أن قال " أنا لم أقاتل إرضاء لعمر ، وإنما إرضاء لرب عمر .. وما يضيرني أن أقاتل قائدا في المقدمة ، أو جنديا بين الصفوف .."
3 - لست أدري لماذا أخاف من استئثار المقاتلين بإدارة البلد التي حرروها ؟ فإن ذلك يذكرني بأننا نستبدل حكما عسكريا بحكم عسكري، واستبدادا باستبداد .. فالمقاتل يجب أن يخلص جهاده لله .. ولو أن أجدادنا الفاتحين استلموا إدارة المناطق التي فتحوها من الباب إلى المحراب لما استمر الفتح ، ولشغل المجاهدون بالإدارة عن الفتح .
نحن نذكر أن سيدنا عمر أبقى أهل السواد في العراق على ممالكهم وأراضيهم ، وفرض عليهم فيها الخراج . وهي ضريبة على الناتج من الأرض ، ولم يرض عمر أن يستأثر الفاتحون بالأراضي ، ولا أن يتملكها الفاتحون أنفسهم .. لئلا يصبح المال دولة بين الأغنياء منهم .. ولئلا يشغلوا بسبب البقاء في الأرض عن استمرار الفتح الإسلامي .