أسئلة حول الحوار.... لا حلول وسط
خالد المحاميد
حين وقفت الفنانة مي سكاف في مؤتمر الحوار الذي دعا إليه اتحاد الكتاب العرب في سوريا في 27/6/2011 وقالت جئت هنا من أجل الحوار وليس من أجل سماع خطب رنانة في مديح النظام ، ثم تركت القاعة بعد أن وجهت للخطيب كلمة توبيخ قائلة له ثم أنك فلسطيني وهذا الحوار بين السوريين وحدهم ، كانت تعبر بوضوح عن تصور نظام آل الأسد عن الحوار الذي يسعى إليه ، والذي يظنه مجرد لعبة ، طواقي ، على طريقة "طاق طاق طاقية " بحيث يبقى هو الراعي للعبة والحكم فيها ، ومهما تبدل اللاعبون من فاز منهم ومن خسر ، فالأمر لا يتعدى تغيير لاعبين حيث يبقى هو الحكم الذي لا يخسر شيئا في هذه اللعبة .
لقد قلت من قبل مرات عديدة أن هذا النظام غير قابل للإصلاح وسقت بعض الحيثيات المنطقية التي تجعل من هذا النظام خارج دائرة التحول باتجاه نظام ديمقراطي ، واليوم لدي أسئلة حول قضية الحوار والتي يحاول فيها النظام تفتيت قوى المعارضة وخلق الخلافات بين قياداتها.
سنفترض جدلا أن المعارضة جلست على طاولة الحوار، فمن هي الجهة المقابلة ؟
إن إحدى أهم مبادئ الحوار هو تحديد الهويات، بحيث يعرف كل طرف من هو وماذا يريد .
هناك خمسة مطالب رئيسية للشعب السوري ،عدا عن المطالب التي تتعلق بسير الأحداث بدءا من 15 آذار 2011 ومنها سحب الجيش والقوى الأمنية والعصابات المسلحة التابعة للنظام من شوارع المدن والقرى السورية ، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بلا استثناء، والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبها النظام في حق الشعب السوري ومطالب أخرى .
أما المطالب الخمسة الرئيسية فهي:
1- نظام بديمقراطية كاملة ، يسيطر فيها الشعب عبر ممثليه على المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية ويوجهها حسب إرادة الأكثرية المنتخبة في انتخابات حرة ونزيهة.
2- تغيير الدستور وتحديد فترتين رئاسيتين فقط لأي رئيس منتخب محدد الصلاحيات ، وذلك من خلال استفتاء عام على بنوده
3- إجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة بعد تجريد حزب البعث من قوته المعنوية والمادية، ومحاسبة قياداته على جميع ما ارتكبته من أخطاء بحق الشعب السوري منذ توليه السلطة
4- إجراء مسح كامل لعمليات الفساد والإثراء غير المشروع منذ تولي حزب البعث السلطة عام 1963
5- محاسبة المتورطين في عمليات القتل والاعتقال والتعذيب بأثر رجعي بواسطة قضاء نزيه وشفاف والتعويض المادي والمعنوي على المتضررين من هذه العمليات
هذه المطالب الخمسة الرئيسية ، نجدها في جميع أدبيات المعارضة السورية وخطاباتها وبياناتها ، كما إننا نسمعها في شعارات المتظاهرين في الشوارع ، وهي بالمحصلة مطالب محقة ولا يمكن تجاوز الأزمة من دون تحققها .
والسؤال الآن هو بالعودة إلى السؤال من سيكون على الطرف الأخر من الطاولة
أولاَ يجب أن ترفض المعارضة الحوار على طاولة مستديرة ، وهذه إحدى بديهيات تحديد الهويات ، فالطرف الذي سيحاور الشعب هم ممثلوا السلطة ، والشعب لم يعد يعترف بهذه السلطة كي تكون شريكا على طاولة الحوار ، والأكثر من ذلك هي سلطة معادية للشعب ارتكبت جرائم شنيعة بحقه فلا يمكنها الإدعاء بأنها على قدم المساواة مع الشعب ، فالحوار يجب أن يكون وجها لوجه ، مقعد مقابل مقعد، وهذا من شأنه أن يعطي للنظام صورة واقعية عن انفصال الشعب عنه ، وعدم صلاحيته كمرجعية أو ممثل لهذا الشعب .
ماذا نعني بتحديد الهويات ؟
نحن نفترض أن النظام سيحضر إلى طاولة الحوار وفي تصوره انه يحاور رعاياه من المواطنين ، ولذلك سيقوم بغربة المطالب الرئيسية الخمسة ليوجه الحوار باتجاه إصلاحات جزئية ، مثل إتاحة تأسيس أحزاب ، رقابة على المؤسسات ، مصالحة وطنية عامة بتعبير لنقلب هذه الصفحة ونبدأ من جديد، توزير بعض شخصيات المعارضة ، التضحية بأكباش فداء من المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية ، عفوا عام عن كل من شارك في الأحداث منذ آذار الماضي ، تغيير في الدستور بما فيها الفقرات التي تتحدث عن حزب البعض كقائد للدولة والمجتمع ، إجراء انتخابات عامة ، وقد تعطى المعارضة رئاسة مجلس الوزراء .
هذا ما سوف يفاوض عليه النظام، لكن كل هذه النازلات لا تعني شيئا على أرض الواقع، وهنا تتحدد هوية الطرف الآخر كنقيض لما يطرحه النظام ، فالمعارضة ستحاور على الكليات وليس على الجزئيات، أي على المطالب الخمسة المذكورة أعلاه ، فلا يمكن مثلا القبول بإجراء انتخابات في ظل سيطرة حزب البعث على المؤسسات والنقابات والجامعات والشبيبة ..الخ لأن نتيجة هذه الانتخابات مالم يجرد حزب البعث من قوته المادية والمعنوية ستكون محسومة سلفا لصالح البعثيين، وهذا هو السبب الذي دعا الأمين القطري المساعد لحزب البعث محمد سعيد بخيتان إلى التصريح بأن إزالة فقرة البعث قائدا للمجتمع والدولة، ستكون إذا فازت المعارضة بالانتخابات ، فهو يدرك انه إذا بقي حزب البعث مسيطرا على المؤسسات فإن الفوز سيكون من نصيبه، إن الحوار حول انتخابات حرة من دون تجريد حزب البعث من قوته المادية والمعنوية ، لن تكون سوى استنساخ تجربة أكثر من خمسين عاما في تجربة هيمنة البعثيين على السلطة والدولة والمجتمع .
فهل سيقبل النظام بتجريد حزب البعث من قوته كحزب للسلطة وتجريده من مقراته وأمواله وتحرير المنظمات الشعبية من قبضته وهيمنته ؟
هذا سؤال مهم، ولا أحد يتوقع أن يوافق النظام على ذلك ، وبالتالي فلا داعي لإضاعة الوقت في الحوار .
هذا مثال ، والمثال الآخر نطرحه بصيغة سؤال وجواب ، هل سيوافق النظام على محاسبة المتورطين بالقتل والاعتقال والتعذيب أمام قضاء شفاف ونزيه؟
إن المعارضة تمتلك آلاف الوثائق التي تؤكد باليقين المطلق بان النظام شكل عصابات مسلحة من مجموعات مدنية قامت وبحماية من بعض الوحدات العسكرية بقتل اعتقال وتعذيب المواطنين السوريين ، فمن هم الذي شكلوا هذه العصابات ، ومن كان يمولها ، ومن سلحها ، ومن كان ينقلها من مكان إلى أخر لتقتل المتظاهرين وتدق أعناقهم وتمزق أجسادهم .
لا أحد يشك بتورط بعض العسكريين من المستويات العليا ، وتورط أجهزة الأمن في حماية هذه العصابات ، بل وممارسة القتل والاعتقال والتعذيب أيضا ، فهل سيقبل النظام باعتقال هؤلاء وتقديمهم إلى القضاء ؟
ثم ماذا عن الفساد ، إن جميع المواطنين السوريين يعرفون من هم رموز الفساد في سوريا، ولا حاجة لنا بتسميتهم ،اسأل أي طفل سوري عن رموز الفساد فيبصق عن يساره سبع مرات قبل أن يذكر أسماءهم، ثم أن هناك عمليات فساد كبيرة ومظالم ونهب واستيلاء على حقوق المواطنين وتخريب مؤسسات ومنشآت ، وغسيل أموال، وتهريب مخدرات ، وكلها موبقات ارتكبها رجال النظام منذ تسلم حزب البعث السلطة عام 1963 ، فهل سيقبل النظام بالكشف عن كل هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها؟
وأي ديمقراطية سيقبل بها النظام ، هل سيقبل بتحديد فترتين رئاسيتين للرئيس ، هل سيقبل بفصل السلطات الثلاث ، وبالقضاء المستقل ، هل سيقبل أن تكون السلطة السياسية والعسكرية والقضائية بيد ممثلي الشعب ؟
هل علينا أن نقول أن النظام لن يقبل بأي من الشروط الخمسة المذكورة أعلاه ، وهل نحن بحاجة إلى إقامة الدليل على ذلك .
مالم يقبل النظام بتحقيق هذه المطالب ، فإن الأمور ستكون كما كانت عليه قبل 15 آذار 2011 بل وأسوأ مما كانت عليه ، إذن لماذا قامت الثورة ولماذا فقدنا 2000 شهيد وعشرات ألاف المعتقلين والمفقودين ، لماذا تركناهم يعذبون حمزة الخطيب حتى الموت إذا كنا سنعود تحت سلطة هذا النظام كما كنا عليه من قبل .
إن الشيء المؤكد هو أننا أمام طريقين لا ثالث لهما، إما المضي بالثورة حتى نهاية إسقاط النظام ، أو القبول بأنصاف حلول عبر الحوار ليبقى هذا النظام متحكما في مصير الشعب السورية ، وليس هناك طريق ثالث كما يدعي المنافق محمد حبيش
نعم قد تفشل الثورة، ولكننا سنظل نفتخر بأننا لم نتنازل عن مطالبنا ، وإن الشهداء والمعتقلين هم فخر ثورتنا ، وإن تراجعنا لم يكن اقتناعا بصوابية النظام، بل لأن هذا النظام نكل بنا وقمعنا بقوة السلاح ، وهذه لها ما بعدها لأن النظام لن يكون هو نفسه وسيظل يعيش حالة رعب مزمنة حتى يتفكك وينهار ذاتيا ، هذا إذا لم يقم شعبنا بثورة مسلحة لا تبقي ولا تذر
أما التصالح مع النظام عبر الحوار، ورشوتنا ببعض التنازلات فهذا معناه أننا نعطي النظام صك براءة تاريخي ، لا يعود لنا الحق بعدها بالثورة عليه مرة أخرى.
خالد المحاميد
حين وقفت الفنانة مي سكاف في مؤتمر الحوار الذي دعا إليه اتحاد الكتاب العرب في سوريا في 27/6/2011 وقالت جئت هنا من أجل الحوار وليس من أجل سماع خطب رنانة في مديح النظام ، ثم تركت القاعة بعد أن وجهت للخطيب كلمة توبيخ قائلة له ثم أنك فلسطيني وهذا الحوار بين السوريين وحدهم ، كانت تعبر بوضوح عن تصور نظام آل الأسد عن الحوار الذي يسعى إليه ، والذي يظنه مجرد لعبة ، طواقي ، على طريقة "طاق طاق طاقية " بحيث يبقى هو الراعي للعبة والحكم فيها ، ومهما تبدل اللاعبون من فاز منهم ومن خسر ، فالأمر لا يتعدى تغيير لاعبين حيث يبقى هو الحكم الذي لا يخسر شيئا في هذه اللعبة .
لقد قلت من قبل مرات عديدة أن هذا النظام غير قابل للإصلاح وسقت بعض الحيثيات المنطقية التي تجعل من هذا النظام خارج دائرة التحول باتجاه نظام ديمقراطي ، واليوم لدي أسئلة حول قضية الحوار والتي يحاول فيها النظام تفتيت قوى المعارضة وخلق الخلافات بين قياداتها.
سنفترض جدلا أن المعارضة جلست على طاولة الحوار، فمن هي الجهة المقابلة ؟
إن إحدى أهم مبادئ الحوار هو تحديد الهويات، بحيث يعرف كل طرف من هو وماذا يريد .
هناك خمسة مطالب رئيسية للشعب السوري ،عدا عن المطالب التي تتعلق بسير الأحداث بدءا من 15 آذار 2011 ومنها سحب الجيش والقوى الأمنية والعصابات المسلحة التابعة للنظام من شوارع المدن والقرى السورية ، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بلا استثناء، والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبها النظام في حق الشعب السوري ومطالب أخرى .
أما المطالب الخمسة الرئيسية فهي:
1- نظام بديمقراطية كاملة ، يسيطر فيها الشعب عبر ممثليه على المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية ويوجهها حسب إرادة الأكثرية المنتخبة في انتخابات حرة ونزيهة.
2- تغيير الدستور وتحديد فترتين رئاسيتين فقط لأي رئيس منتخب محدد الصلاحيات ، وذلك من خلال استفتاء عام على بنوده
3- إجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة بعد تجريد حزب البعث من قوته المعنوية والمادية، ومحاسبة قياداته على جميع ما ارتكبته من أخطاء بحق الشعب السوري منذ توليه السلطة
4- إجراء مسح كامل لعمليات الفساد والإثراء غير المشروع منذ تولي حزب البعث السلطة عام 1963
5- محاسبة المتورطين في عمليات القتل والاعتقال والتعذيب بأثر رجعي بواسطة قضاء نزيه وشفاف والتعويض المادي والمعنوي على المتضررين من هذه العمليات
هذه المطالب الخمسة الرئيسية ، نجدها في جميع أدبيات المعارضة السورية وخطاباتها وبياناتها ، كما إننا نسمعها في شعارات المتظاهرين في الشوارع ، وهي بالمحصلة مطالب محقة ولا يمكن تجاوز الأزمة من دون تحققها .
والسؤال الآن هو بالعودة إلى السؤال من سيكون على الطرف الأخر من الطاولة
أولاَ يجب أن ترفض المعارضة الحوار على طاولة مستديرة ، وهذه إحدى بديهيات تحديد الهويات ، فالطرف الذي سيحاور الشعب هم ممثلوا السلطة ، والشعب لم يعد يعترف بهذه السلطة كي تكون شريكا على طاولة الحوار ، والأكثر من ذلك هي سلطة معادية للشعب ارتكبت جرائم شنيعة بحقه فلا يمكنها الإدعاء بأنها على قدم المساواة مع الشعب ، فالحوار يجب أن يكون وجها لوجه ، مقعد مقابل مقعد، وهذا من شأنه أن يعطي للنظام صورة واقعية عن انفصال الشعب عنه ، وعدم صلاحيته كمرجعية أو ممثل لهذا الشعب .
ماذا نعني بتحديد الهويات ؟
نحن نفترض أن النظام سيحضر إلى طاولة الحوار وفي تصوره انه يحاور رعاياه من المواطنين ، ولذلك سيقوم بغربة المطالب الرئيسية الخمسة ليوجه الحوار باتجاه إصلاحات جزئية ، مثل إتاحة تأسيس أحزاب ، رقابة على المؤسسات ، مصالحة وطنية عامة بتعبير لنقلب هذه الصفحة ونبدأ من جديد، توزير بعض شخصيات المعارضة ، التضحية بأكباش فداء من المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية ، عفوا عام عن كل من شارك في الأحداث منذ آذار الماضي ، تغيير في الدستور بما فيها الفقرات التي تتحدث عن حزب البعض كقائد للدولة والمجتمع ، إجراء انتخابات عامة ، وقد تعطى المعارضة رئاسة مجلس الوزراء .
هذا ما سوف يفاوض عليه النظام، لكن كل هذه النازلات لا تعني شيئا على أرض الواقع، وهنا تتحدد هوية الطرف الآخر كنقيض لما يطرحه النظام ، فالمعارضة ستحاور على الكليات وليس على الجزئيات، أي على المطالب الخمسة المذكورة أعلاه ، فلا يمكن مثلا القبول بإجراء انتخابات في ظل سيطرة حزب البعث على المؤسسات والنقابات والجامعات والشبيبة ..الخ لأن نتيجة هذه الانتخابات مالم يجرد حزب البعث من قوته المادية والمعنوية ستكون محسومة سلفا لصالح البعثيين، وهذا هو السبب الذي دعا الأمين القطري المساعد لحزب البعث محمد سعيد بخيتان إلى التصريح بأن إزالة فقرة البعث قائدا للمجتمع والدولة، ستكون إذا فازت المعارضة بالانتخابات ، فهو يدرك انه إذا بقي حزب البعث مسيطرا على المؤسسات فإن الفوز سيكون من نصيبه، إن الحوار حول انتخابات حرة من دون تجريد حزب البعث من قوته المادية والمعنوية ، لن تكون سوى استنساخ تجربة أكثر من خمسين عاما في تجربة هيمنة البعثيين على السلطة والدولة والمجتمع .
فهل سيقبل النظام بتجريد حزب البعث من قوته كحزب للسلطة وتجريده من مقراته وأمواله وتحرير المنظمات الشعبية من قبضته وهيمنته ؟
هذا سؤال مهم، ولا أحد يتوقع أن يوافق النظام على ذلك ، وبالتالي فلا داعي لإضاعة الوقت في الحوار .
هذا مثال ، والمثال الآخر نطرحه بصيغة سؤال وجواب ، هل سيوافق النظام على محاسبة المتورطين بالقتل والاعتقال والتعذيب أمام قضاء شفاف ونزيه؟
إن المعارضة تمتلك آلاف الوثائق التي تؤكد باليقين المطلق بان النظام شكل عصابات مسلحة من مجموعات مدنية قامت وبحماية من بعض الوحدات العسكرية بقتل اعتقال وتعذيب المواطنين السوريين ، فمن هم الذي شكلوا هذه العصابات ، ومن كان يمولها ، ومن سلحها ، ومن كان ينقلها من مكان إلى أخر لتقتل المتظاهرين وتدق أعناقهم وتمزق أجسادهم .
لا أحد يشك بتورط بعض العسكريين من المستويات العليا ، وتورط أجهزة الأمن في حماية هذه العصابات ، بل وممارسة القتل والاعتقال والتعذيب أيضا ، فهل سيقبل النظام باعتقال هؤلاء وتقديمهم إلى القضاء ؟
ثم ماذا عن الفساد ، إن جميع المواطنين السوريين يعرفون من هم رموز الفساد في سوريا، ولا حاجة لنا بتسميتهم ،اسأل أي طفل سوري عن رموز الفساد فيبصق عن يساره سبع مرات قبل أن يذكر أسماءهم، ثم أن هناك عمليات فساد كبيرة ومظالم ونهب واستيلاء على حقوق المواطنين وتخريب مؤسسات ومنشآت ، وغسيل أموال، وتهريب مخدرات ، وكلها موبقات ارتكبها رجال النظام منذ تسلم حزب البعث السلطة عام 1963 ، فهل سيقبل النظام بالكشف عن كل هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها؟
وأي ديمقراطية سيقبل بها النظام ، هل سيقبل بتحديد فترتين رئاسيتين للرئيس ، هل سيقبل بفصل السلطات الثلاث ، وبالقضاء المستقل ، هل سيقبل أن تكون السلطة السياسية والعسكرية والقضائية بيد ممثلي الشعب ؟
هل علينا أن نقول أن النظام لن يقبل بأي من الشروط الخمسة المذكورة أعلاه ، وهل نحن بحاجة إلى إقامة الدليل على ذلك .
مالم يقبل النظام بتحقيق هذه المطالب ، فإن الأمور ستكون كما كانت عليه قبل 15 آذار 2011 بل وأسوأ مما كانت عليه ، إذن لماذا قامت الثورة ولماذا فقدنا 2000 شهيد وعشرات ألاف المعتقلين والمفقودين ، لماذا تركناهم يعذبون حمزة الخطيب حتى الموت إذا كنا سنعود تحت سلطة هذا النظام كما كنا عليه من قبل .
إن الشيء المؤكد هو أننا أمام طريقين لا ثالث لهما، إما المضي بالثورة حتى نهاية إسقاط النظام ، أو القبول بأنصاف حلول عبر الحوار ليبقى هذا النظام متحكما في مصير الشعب السورية ، وليس هناك طريق ثالث كما يدعي المنافق محمد حبيش
نعم قد تفشل الثورة، ولكننا سنظل نفتخر بأننا لم نتنازل عن مطالبنا ، وإن الشهداء والمعتقلين هم فخر ثورتنا ، وإن تراجعنا لم يكن اقتناعا بصوابية النظام، بل لأن هذا النظام نكل بنا وقمعنا بقوة السلاح ، وهذه لها ما بعدها لأن النظام لن يكون هو نفسه وسيظل يعيش حالة رعب مزمنة حتى يتفكك وينهار ذاتيا ، هذا إذا لم يقم شعبنا بثورة مسلحة لا تبقي ولا تذر
أما التصالح مع النظام عبر الحوار، ورشوتنا ببعض التنازلات فهذا معناه أننا نعطي النظام صك براءة تاريخي ، لا يعود لنا الحق بعدها بالثورة عليه مرة أخرى.