من يحكم دمشق الآن .. الأسد أم سليماني . وماذا بعد ؟
16 / 3 / 2015
بقلم : ابو ياسر السوري
==============
كان الأسد المقبور عدوا لشعبه ، لذلك كان موقنا بأنه لا بد لبقائه على دست السلطة من موالاة جهة ما تسانده في الأزمات .. لهذا ما إن وصل الخميني إلى السلطة ، حتى ولى الأسد وجهه نحو إيران فأبرم اتفاقا سريا بينه وبين الخميني على النصرة المتبادلة بين البلدين ، واعترف الخميني يومها بأن النصيرية فرقة من فرق الشيعة الاثني عشرية ، بعدما كانوا في نظره كفارا ملحدين .. ولهذا وقف الأسد الأب إلى جانب الخميني في الحرب التي دارت بين بغداد العربية وطهران الفارسية .. مخالفا بذلك كل الشعارات العروبية التي كان يتغنى بها صباح مساء .. وهي شعارات تلزمه أدبيا بالوقوف مع العراق في حربه ضد إيران .. ولكن الأسد تصرف يومها على نحو يفرغ شعاراته العروبية من مصداقيتها ، ويظهره بمظهر الكذاب الذي يتصرف بعكس ما يقول ..
كان الأسد الأب يعتقد أنه قادر على خداع إيران .. وكانت إيران تتغابى له ، وتشعره بأنه قادر على خداعها . في الوقت الذي كانت فيه إيران تخطط للسيطرة على دمشق ولو على المدى البعيد . وبتعبير آخر كان كل منهما يحفر لصاحبه حفرة ليوقعه فيها ..
ومرت الأيام ، ومات الأسد الأب ، وجاء الابن الوريث الأهبل ، فحل محل أبيه ، ووثق علاقاته مع طهران ، وبات على علم بالاتفاقات السرية المبرمة بين أبيه وملالي إيران .. فلما انطلقت ثورة الربيع العربي في درعا ، تحركت إيران لتلعب لعبتها ، فأوعزت إلى حزب الله أن يتحرك من لبنان لنصرة الأسد في قمع الثورة ، ورحب الأسد الأهبل بذلك ، ولم يكن يدري أن دخول حزب الله في هذا الصراع سيكلفه ثمنا غاليا في المستقبل القريب العاجل .. بينما كانت إيران تعلم علم اليقين أن فرصتها باتت سانحة ، وأنه آن الأوان لتضرب ضربتها القاضية ، فأغرت الأسد بشن حرب إجرامية على شعبه ، وأمدته بكل ما يحتاج إليه من سلاح وعتاد ورجال ومال .. ثم دفعت إيران الأحداث باتجاه التفاقم ، وعملت على توسيع الخرق على الراقع ، وانطلق الأسد يفتك ويقتل ويشرد ، حتى لم يدع مجالا للصلح .. وفاته أن الشعوب أقوى من المستبدين . وأن مغالب شعبه مغلوب في النهاية .. لقد توهم بشار أنه سيتمكن من قمع الثورة خلال أيام أو أسابيع .. فلما مرت الشهور والأعوام ، ولم يدرك مراده ، وإنما صار إلى حال لا يحسد عليها .. فالأرض لم تعد له ، وأبناء طائفته يقتلون بالمئات والآلاف .. وإيران يزداد نفوذها يوما بعد يوم . حتى بات يشعر أن بقاءه في الحكم بات رهنا بحماية إيران .
وهكذا جاءت اللحظة الفارقة .؟ التي أيقن فيها الأسد أنه غير قادر على حسم المعركة لصالحه ، وأنه لا يملك إلا الاستمرار في القتل والتدمير ، وزيادة النقمة عليه يوما بعد يوم ، وأنه مهدد بالسقوط ، وأنه بحاجة إلى من يحميه من شعبه الذي سوف يحاكمه على كل جرائمه ، وسوف يجعله عبرة لمن يعتبر ..
أما إيران ، فكذلك جاءتها اللحظة المنتظرة ، حيث استطاعت أن تجر الأسد إلى أضيق مسالكه ، وأن تضعه في أحلك ظروفه ، وأن تجعل نفوذها أقوى من نفوذه .. حتى بات بقاؤه على كرسيه في يدها . وبات الأسد يشعر في قرارة نفسه بأنه مدين بحياته لقاسم سليماني، وأنه أعجز من أن يخالف له أمرا ، ولا أدل على ذلك من قيام قاسم سليماني بإقالة رستم غزالة من منصبه ، وعجز الأسد عن التدخل لإبقائه في منصبه .. يعني بدأ سليماني يتصرف في سوريا وكأنه الحاكم بأمره .. وبدا بشار الأسد وكأنه لا يملك من أمره ولا من أمر بلده شيئا ..
إن الخيانة التي زرع بذورها الأسد المقبور حافظ الأسد بالأمس ، جاء يحصد عواقبها اليوم ابنه المجرم بشار . لقد أفلت زمام الأمر من يده . وضاع منه كرسيه . وأصبح عاجزا لا حول له ولا قوة ، بل بات دمية يحركها قاسم سليماني كما يشاء ..
وهنا نسجل ملاحظتين : ( أولاهما ) أن سوريا ليست مزرعة لآل الأسد – كما كانوا يتوهمون - وإنما هي لأبنائها الأحرار الشرفاء .. وأن ثورتنا سوف تكنس الخونة ، وترمي بهم إلى مزابل التاريخ ..
( الثانية ) إننا نقول لإيران : نحن أبناء رجال قلموا أظافركم في القادسية ونهاوند .. وقد ورثنا السيوف التي قاتلوكم بها .. و " إن عادت العقرب عدنا لها والنعل حاضرة " . فإما أن ترجعوا من حيث أتيتم ، وإما أن ندحركم ، ونملك بلادكم كما ملكناها من قبل . فنحن مبشرون بالنصر عليكم مدى الدهر إلى قيام الساعة . قال صلى الله عليه وسلم " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده " .