الائتلاف .. هل نمدحه أم نذمه ؟ أم ماذا .؟؟
28 / 2 / 2015
بقلم : ابو ياسر السوري
=============
قبل بضع ساعات من يوم أمس ، تساءل أحد الإخوة ماذا قدم لنا الائتلاف .؟ فعلقت أرجوه أن لا ينشغل بعضنا بذم بعض ، وأن يعذر بعضنا بعضا ، وأن نوجه سهامنا للمجرم بشار الأسد ، فيجب أن نعطي الجهاد ضده أولوية على ما سواه  ... وما أن قلت هذا ، حتى خالفني عدد من الإخوة ، وانهالوا بسيل من النقد اللاذع للائتلاف ، وأجمعوا على لوم الائتلاف ، وألصقوا بأعضائه تهما كبرى ، تدور بين الفشل والتخوين والتسلق على الثورة ، وتجاوز بعضهم الحد فقال إن الائتلاف يخدم الأسد أكثر مما يخدم الثورة ..
أنا أعرف لماذا يقال هذا عن الائتلاف .. السبب هو إننا علقنا آمالا عريضة على المعارضة السياسية ، وتفاعلنا مع بعض أفرادها أثناء ظهورهم على القنوات الفضائية .. وكنا نظن أنهم سيخرجون الزير من البير .. وأنهم سوف يساعدوننا على الخلاص من المعاناة المكعبة .. وإذا بنا نفاجأ بأن هذا الائتلاف الوطني ومن قبله المجلس الوطني وكذلك الهيئات والتنسيقيات والمؤتمرات والروابط العلمية والتجمعات السياسية ... كلها غثاء كغثاء السيل . لا تحل ولا تربط ، ولا تقدم ولا تؤخر .. ودون أن نتساءل عن سبب فشل سياسيينا ، كفرنا بهم ، وسلقناهم بألسنة حداد .. وهنا اسمحوا لي أن أثير نقطتين :
النقطة الأولى : أنا ألوم المعارضة السياسية كغيري ، وأحملهم قسطا كبيرا من المسؤولية في هذا الفشل وأرى أن نصيب السياسيين الإسلاميين والعلمانيين من الملامة واحد ، لأن أيا منهم لم يستطع أن يرقى إلى مرتبة المعارض السياسي (الثائر) ، وإنما ظلوا يتصارعون فيما بينهم ، وكأنهم في ظل دولة مستقرة ، لا قتل فيها ولا دمار ولا تشريد ولا فساد ولا استبداد .. لذلك فشلوا ولم تجتمع لهم كلمة ، ولم يقدروا أن يقنعوا المجتمع الدولي بأنهم يمثلون الشعب السوري . وهذا ما أعطى المبرر لخذلان المجتمع الدولي لهم . ثم سرى الخذلان إلينا ، ورفض المجتمع الدولي أن يلبي لنا أي مطلب .. لقد طالبنا بمناطق آمنة .. وطالبنا بحظر جوي .. وطالبنا بتدخل دولي .. وطالبنا بتدخل عربي .. وطالبنا بفتح سفارات لحل مشكلة جوازات السفر ووثائق الإثبات .. فلم يصغ لنا أحد .. ولم نحصل من العالم على خير ..
وأعقب ذلك تدخل جبهة النصرة .. ثم دخول داعش مترافقا بالإعلان عن دولة الإسلام في العراق والشام ، ثم الإعلان عن الخلافة الإسلامية .. فأعطت داعش بذلك مبرراً آخر للمجتمع الدولي بأن يحظر علينا السلاح .. ويحرمنا من حق الدفاع عن أنفسنا .. بل وإن تدخل داعش هو الذي برر بأثر رجعي تدخل حزب اللات المبكر إلى سوريا ، ثم تدخل إيران السافر فيما بعد وانخراطها في الصراع ...
النقطة الثانية : كنا سابقا مغطى على أعيننا .. فكنا نظن أن المجتمع الدولي والدول العربية والدول الإسلامية .. لن يسمحوا للأسد بأن يتغول إلى هذه الدرجة الشنيعة .. وكنا نظن أنهم سيحترمون مطلب الشعب السوري في الحرية والكرامة والخلاص من الاستبداد والفساد ... وإذا بظنوننا كلها أوهام في أوهام .. فقد عرفنا أخيرا أن المجتمع الدولي يقف مع الأسد قلبا وقالبا .. وأن بعض الدول تدعي صداقتنا ( كذبا ) .. وبعضها يجاهر في عداوتنا .. على طريقة تبادل الأدوار . والذي صدمنا أكثر فأكثر ، هو موقف الدول العربية المتخاذل .. لقد أسلمونا إلى جزار يقصفنا بكل سلاح ليل نهار .. وكذلك عرفنا أخيرا أن المجتمع الدولي وأغلب العرب والمسلمين ، لا يريدون لنا أن ننجح لا عسكريا .. ولا سياسيا .. وكأني بهم قد غاظهم أن تنجح المعارضة العسكرية في زحزحة الأسد عن ثلاثة أرباع التراب السوري .. فلذلك أطلقوا له العنان ، وسمحوا له أن يستخدم الطيران الحربي ، وصواريخ سكود  المحملة برؤوس كيمياوية ، وبدأت الدول الكبرى بالضغط على السياسيين .. وتعمدت هذه الدول أن يفشلوا الائتلاف كما فشلوا قبله المجلس الوطني .. بل اشتروا بعض مكونات المعارضة ، للحيلولة دون توحيد المعارضة .. إنها يا إخواني مؤامرة متعددة الجوانب .. وإنه لمكر الليل والنهار .. فلماذا نلوم الائتلاف .؟ وما الفائدة من لومه ؟ والائتلاف مُسيَّر لا مُخيَّر .؟ ثم لماذا نلوم تفرق الكتائب المقاتلة ، وهم مضطرون أيضا لاتباع تعليمات من يمولهم بالمال .. وهؤلاء الممولون لا يخافون الله ، ولا يرقبون فينا إلَّاً ولا ذمة . وليس من مصلحتهم أن تتحد الكتائب المقاتلة .!؟  
والخلاصة يا سادة : إنني  أرى أن لا ينشغل بعضنا بشتم بعض .. فالشعب السوري ليس من الملائكة ، إنه تربية نظام مجرم ، ونحمد الله أن الثورة مستمرة بهذا الشعب حتى الآن .. لهذا أوصي نفسي وإخواني أن نبتعد عن التلاوم ، وأن لا نتراشق التهم بالتخوين .. وأن لا نتنازع فيما بيننا .. فلا خير في التنازع ، وإنما هو شؤم علينا قد يؤخر النصر . ويزيد في المعاناة ..
أيها الإخوة : إن أعضاء الائتلاف تنازعوا على مراكز وهمية .. وكان كل منهم يحلم بدولة يحكمها هو دون الآخرين .. وقد استعجلوا الشيء قبل أوانه ، فعوقبوا بحرمانه .. ونحن وقعنا في نفس المطب .. وأعطينا هؤلاء السياسيين قدرا زائدا من الثقة والتقدير .. وظننا أنهم الدولة البديلة عن النظام البائد .. وهذا خطأ .. فنحن جميعا نتعاون على هدم نظام فاسد ( يعني نحن الآن في مرحلة الهدم ) .. فإذا سقط النظام ( بدأت مرحلة البناء ) وكان لنا الحق عندها في اختيار السياسي الصالح ، وإقصاء الفاسد ...