يا نشامى الفرات
مجاهد مأمون ديرانية
هذا يومكم؛ حقٌّ لكم أن تفخروا بأنكم حجزتم في ألبوم الثورة يوماً، وحقيقٌ على سوريا كلها أن تفخر بكم أيها الأكماء الأكفاء الجُرَآء البُسَلاء.
يا نشامى الفرات: أنتم أبناء النهر والصحراء، أبناء الحرية والكرامة والإباء. إنّ حَبَّ الرمل يسافر على صفحة الصحراء لا تحدّه حدود، وقَطْر الماء يتدفق في لجّة النهر لا تحجزه سدود، فكيف يطيق ابن النهر والصحراء أن تأسره وتحكمه عصابة من المجرمين والأنذال؟ هذا مُحال.
إذا كانت ثورات المدن كلها رياحاً فإن ثورات أبناء الفرات أعاصير... بوركَت أعاصيرُكم يا نشامى الفرات. لقد أثلجتم صدورَ إخوانكم في سوريا كلها بحشودكم التي ملأت الأرضَ حتى ضاقت عنها الأرضُ، وهتافاتكم التي ملأت الفضاء حتى ضجَّ منها الفضاء... إنها مواكب الحرية التي سيذكرها لكم الناس إلى آخر الزمان.
هذا يومكم يا نشامى الفرات، يا ليوث الدير والميادين والقورية والعشارة والطيانة والشحيل والبكارة والبورحمة والرقيب والبصيرة والحوايج والقرعان والشنان، وكل موطن وناحية من نواحي الفرات: إخوانكم في البوكمال يُصبحون ويُمسون على لهب النار. إنهم إخوانكم لا إخوانَ لهم غيركم، فلا تُسْلموهم إلى عدوهم وعدوكم، إنه عدو فاجر لا شرف له ولا خلاق.
بينكم وبين البوكمال مسيرة ساعة، فهبّوا إليهم بالفزعة الكبرى. أخرجوا من كل أربعة من رجالكم واحداً، فهؤلاء مئة ألف؛ لن تقف في وجه مئة ألف من عمالقة الفرات كتائبُ القمع والعدوان، لن تقف أمامكم عصائبُ البغاة والخُوّان؛ لن يُغلَب مئة ألف من قلّة!
يا عمالقة الفرات: لقد كنتم شامةً في جبين الوطن على الدوام، وكنتم فخراً لسوريا في كل حين. أيامكم الغُرّ في مجاهدة الاستعمار لا تُنسى، وبطولاتكم وتضحيات أبنائكم مسجَّلة في تاريخ سوريا بحروف الذهب. وها قد دار الزمان دورته وعدتم إلى صدارة الملحمة، فهيا انهضوا وقوموا يا أسود الفرات، يا أبطال الدير والميادين وهاتيك النواحي الماجدات، صِلوا المجد القديم بالمجد الجديد، وسجّلوا سطراً جديداً في ملحمة الخلود.