دردشة ... ع الماشي (2)
رأيت صاحبا لي بعد طول غياب .. ولعلنا لم نلتق منذ 3 سنوات بالتمام والكمال .. فالتقينا صدفة في مكان عام .. وكان من عادتنا بحكم العلاقة الحميمة أن نتكلم فيما بيننا من دون تحفظ . فيقول كل منا ما يراه ولا يحسب حسابا لعاقبة ما يقول .. ومع ذلك ونظرا لكون صاحبي ضالعا في الأمور السياسية ، وأني أثق بعقله وتحليلاته ، فقد آثرت أن أكون مستمعا ، لا متكلما .
قلت لصاحبي :- لا أحب أن أسالك عمن مات من الأهل والأصحاب .. لأني على يقين أنه لا يوجد في سوريا أهل بيت لم يصابوا في قريب أو حبيب .. ولا تسلني فالجراح غائرة ، ومن الأفضل أن لا ننكأها ..
فقال :
فقال :
- حسنا .. إذن كيف حالك أنت .؟ أراك بخير .. وأنا كما ترى بخير .. كلانا ما زال يمشي على رجليه ، ولم يخسر يدا ولا عينا بحمد الله .!!! فخُشَّ إذن فيما تريد قوله ، فليس لدي وقت طويل للبقاء معك ، فأنا على باب سفر بعد ساعة فقط . يمكن أن أحدثك نصف ساعة ، وأصغي إليك في النصف الآخر من الوقت .!!
قلت : كيف ترى حال الثورة .؟ أهي بخير أم بشر .؟
قال : الثورة بخير .. بخير لأنها ما زالت مستمرة .. وحين نعلم أن العالم كله متكالب ضدها، وهي ما زالت صامدة، فهذا يعني أنها بخير.
قلت : وماذا عن داعش .؟ أمخترقة هي أم ماذا .؟
قال : من يظن أنها غير مخترقة فاتهمه في عقله . ولكن الاختراق في الرأس ، والأجندة تفرض على الأدنى فرضا ، بالإقناع وغسيل المخ ، وهذا أخطر أنواع الاختراق .. لأنه في هذه الحال يكون التنظيم أشبه بالقطار الذي وضعه المهندسون على السكك الحديدية ، وانطلق في الوجهة التي يريدها المخططون ، وليس لربان القطار ولا للركاب تحكم في تغيير وجهته المرسومة .
قلت : وما دليلنا على هذا .؟
قال : نستدل على اختراق داعش من ثمارها .. ألم يقل المسيح عليه السلام : " من ثمارهم تعرفونهم " ولو تتبعنا ثمار داعش ، لوجدنا أنها أنهكت الجيش الحر بل دمرته تماما ، وعملت على إطالة معاناة السوريين وإحباطهم . وكان بين داعش وبين نظام الأسد تحالف عسكري غير معلن .
قلت : إذا سلمنا جدلا بأن قادة داعش مخترقون ، فكيف نفسر القتال الدائر بينهم وبين النظام الآن .؟
قال : هذا أمر طبيعي لا غرابة فيه ، فبعد أن قدمت داعش للنظام خدمة كبرى في تحطيم الجيش الحر . جاء وقت القضاء على داعش ، قبل أن تتحد مع بقية التشكيلات المقاتلة ، ذات التوجه إسلامي . وحين يقوم النظام بضرب داعش الآن ، فهو بذلك يقدم نفسه في صورة المتعاون مع التحالف الدولي بطريقة غير مباشرة .. وهذه خطوة لصالحه مائة بالمائة ..
قلت : إذن ضحك النظام على داعش ، حين هادنها في البداية ، وأغراها بقتل عدوه الشرس الجيش الحر، فلما تمت إزاحة الجيش الحر من الساحة ، جاء دور القضاء داعش ، فصدق فيها المثل " أكلت يوم أكل الثور الأبيض " .؟؟؟
قال صاحبي : نعم هو كذلك بالضبط .. والذي يحز في النفس ، أن المخلصين من داعش مغرر بهم ، وهم مقتنعون بأنهم كانوا على صواب في قتل الجيش الحر ، لأنه في نظرهم جيش مرتد ، وحاضنته الشعبية مرتدة أيضا ، وقتال المرتدين عندهم مقدم على قتل الكفرة الأصليين ... بهذا المنطق استطاع جهاز المخابرات الإيراني والموساد ومخابرات الأسد أن يسيروا داعش على سكة تخدمهم ، وتنتهي بداعش إلى الهاوية في نهاية الرحلة .. التي بات توقيت إنهائها بأيديهم هم ، وليس بأيدي ركاب القطار ..
:::::
وهنا نظر صاحبي إلى ساعته ، وقال : أستودعك الله يا صديقي ، فقد تدارك الوقت . وعلي أن أمضي لِطيَّتي ( لوجهتي) . أراك ثانية بخير .