خاطرة ( 44 ) : لا يُغيّر الله ما بنا .. حتى نغيّر ما بأنفسنا :
كثيرا ما وقع في التاريخ أنّ ظالماً تولى أمر الناس ، فحكمَهُمْ ، وقهرَهُمْ ، وظلمَهُمْ .. ونحنُ نعلم : أنه لا يُحكَّمُ أحدٌ في الناس إلا بتمكينٍ من الله ، لأن الله هو مالك الملك ، يضعه حيث شاء " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ... "
ونعلم أيضا : أنه ليس من حقنا أن نسأل " كيف جاز أن يُسلّط حاكمٌ ظالمٌ على الخلق
لأن الله تعالى " لا يسأل عما يفعل " ..
ولكن مع ذلك ، يمكن أن نتساءل عن وجه الحكمة في تسليط بعض الظلمة علينا ، وتحكيمهم في رقابنا .!؟ وهو أمرٌ معلومٌ مُشاهَد ..!!
ولعل الآية التالية تجيب على هذا التساؤل، قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * ) ولو لم تكن الرعية ظالمة ، لما سلط الله عليها ظالما ، " فكما تكونوا يُولَّ عليكم " ..
وقد يقول قائل : وكثيرا ما نرى قوما من الأخيار ، وقد حُكّمَ فيهم بعض الأشرار . فما وجه الحكمة في ذلك ..!؟
وجواب هذا الإشكال أن يقال : الحكمُ للأغلب ، فإذا كان أغلب المجتمع من الأخيار ، فلن يسلط الله عليهم إلا حاكما عدلا صالحا .. أما إذا غلب الشر على المجتمع ، عمهم الله بعقوبة من عنده ، فسلط عليهم الظالم ، وعاقب به الصالح والطالح ، قال تعالى ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) .
يعني في العربي الفصيح ، لو كنا أخياراً لما سُلّط علينا بشارٌ ولا أبوه من قبله ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) . وقانون التغيير لا يتحقق إلا بشرطه ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .