الموقف التركي يتسم بالوضوح والمنطق والحق والعدل :
بقلم : أبو ياسر السوري
تركيا تنظر إلى لب المشكلة بالنسبة لسوريا والمنطقة برمتها . وواشنطن تنظر إلى قشور المشكلة .. فأمريكا والتحالف يطالبون تركيا أن تدخل وتشارك بجيشها البري في ضرب داعش والجماعات الإرهابية في سوريا والعراق .. ولكن دون المساس بنظام الأسد .
وتركيا ترى أن بقاء الأسد ونظامه ، هو سبب المشاكل كلها ، وبانتهائه تنتهي كل مشاكل المنطقة .. لأن سكوت المجتمع الدولي عن جرائم الأسد فيما مضى ، هو ما دفع بمليوني سوري إلى مغادرة سوريا واللجوء إلى تركيا .. كما أن سكوت هذا المجتمع الظالم عن تطرف الأسد في قمع الشعب السوري ، وسكوته أيضا عن اشتراك حزب الشيطان اللبناني ، والحرس الثوري وفيلق القدس الإيراني ، وفيلق بدر ولواء أبي السطل عباس العراقيين ..  في قمع الشعب السوري المطالب بحريته ، كان علة العلل في صنع الإرهاب ، ودفع الجماعات المتطرفة لدخول سوريا .
وبعد اللتيا والتي ، قررت واشنطن إنشاء تحالف دولي لتوجيه ضربات جوية ضد داعش ، ودول التحالف تعلم أن الطيران غير قادر على حسم المعركة مع داعش ، وأنه لا بد من جيش بري ، يتصدى لداعش على الأرض ، ويقوم بتحييدها أو القضاء عليها .. وليس في دول التحالف دولة أبدت استعدادها للقيام بهذه المهمة سوى تركيا .. ومما أخر انضمامَ تركيا إلى التحالف الدولي تصريحُ واشنطن بأن الضربات الجوية سوف تقتصر على داعش والجماعات الإرهابية فقط ، وأنها لن تتعرض لنظام الأسد بسوء . وطبعا هي بهذا لا تعمل على إنهاء الصراع ، وإنما تعمل على إطالة أمده .
لهذا رفضت تركيا المغامرة بالتدخل البري ما لم تغير واشنطن استراتيجيتها ، وتوافق على ثلاثة شروط ، وهي التالية :
الأول : أن يكون تدخلها تحت مظلة التحالف الدولي والناتو ، لتضمن أنها لن تتورط وحدها بحرب مع سوريا وحلفائها ، قد تضعها في مستنقع يصعب خروجها منه لعدة سنوات ..
الثاني : أن يفرض التحالف تحديد منطقة حظر جوي ، لتضمن بذلك تركيا وقوف سيل النازحين إليها من سوريا والعراق .. عند بدء العمليات القتالية ..
الثالث : أن يتعهد التحالف بإسقاط بشار الأسد ونظامه الأمني ، بوصفه يمثل أبشع أنواع الإرهاب ، ويقتل من السوريين أضعاف ما تقتل داعش منهم .
وهكذا ، تجد أن موقف واشنطن ومعها الموقف الغربي كله من هذه المسالة ، لا يتسم بأدنى درجات الإنسانية ... بينما تجد الموقف التركي على النقيض منهم تماما . فتركيا تريد حلا جذريا للمشاكل التي تعصف بالمنطقة كلها ، وتعرض شعوبها لمعاناة لا تحتمل .