الفشل بين غياب الرؤى ونظرية المؤامرة
لعل من السهولة بمكان أن نرد فشل معظم المشاريع الإسلامية في منطقتنا لسبب واحد وهو المؤامرة، المؤامرة الخارجية وبعض الأحيان الداخلية، فالغياب المنطقي لفهم الواقع وتسلسل الأحداث ومحاولة البحث عن شماعات نعلق عليها انتكاساتنا المتكررة جعل هذه النظرية محل ترحيب، بل واحدة من المسلمات المنطقية التي يبنى عليها الإخفاق.
ونحن هنا لا نستبعد فكرة التآمر كمنهج قائم للتعامل مع الكثير من القضايا، خاصة الدولية والسياسية، فهي واقع لا يمكن إنكاره، فالتآمر عرف منذ بداية الخليقة، أوَليس قتل قابيل أخاه هابيل مثالاً للمؤامرة بأبسط صورها؟! ولو أردنا الحديث عن هذه السياسة التي وَسَمت الكثير من مراحل الحكم وعند كل الأمم لأفردنا لذلك مجلدات.
ولكن ما هو مستغرب حقًّا هو الاتكاء على هذه النظرية لتبرير النكسات، وعدم وضع الاستراتيجيات لمواجهة التآمر على مستوى الأحزاب أو الدول.
هل من مؤامرة تستهدف الإسلام حقًّا؟
من الصعوبة الإجابة عن هذا السؤال، ولكن بالتأكيد المؤامرة لم تكن على الإسلام كشعائر وعبادات ترافق المسلم في يومياته، وربما أداها في كثير من الأحيان دونما تفكّر.
والدليل هو تآمر ما يعرف بالدول الاستعمارية على الدول الفقيرة، وكثير منها لا ينتمي للعالم الإسلامي، بل وصل التآمر على بعضها البعض (تآمر الدول المحيطة بفرنسا على الثورة الفرنسية ومحاولة إجهاضها لخوفهم من إيقاظ الشعوب).
فالاستهداف الذي يطال الإسلام هو في جوهره، حيث يمثل دعوة للإصلاح وإقامة العدل ومنح الحرية لأفراد البشرية، ويدعو لبناء إنسان حر يتمتع بكرامته، وبالتالي فإن هذا الإنسان الذي تحرر فكره من العبودية والتبعية لغير الله قادر على أن يبني مجتمعًا متحضرًا قويًّا يتمتع بكل أسباب القوة، وهذا تمامًا ما حصل في القرون الأولى للحضارة الإسلامية.
فالعبادات ما زالت هيَ هيَ قائمة لم تتغير من صلاة وصيام وحج... ولكن ما غاب عن المسلمين هو إدراكهم هذه الحضارة الإنسانية.
وعليه فإن معظم الحركات الإسلامية التي ظهرت في العصور المتأخرة فشلت في الارتقاء بالمجتمع الإسلامي وقيادته في عصر التطور العلمي والتقدم، وإذا أردنا إجمال الأسباب فهي مختلفة باختلاف هذه الحركات، ولكن يمكن إجمالها بما يلي:
- جعل السلطة والوصول إليها هو الهدف الأسمى، رغم أن تاريخ الإسلام يثبت أن هدفه كان النهوض والارتقاء بالمجتمع.
- اللعب العاطفي على وتر الإسلام لمعرفتهم بقدرته على استنهاض الشعوب، ولكن التوظيف كان بشكل سلبي.
- احتكار الإسلام من قبل هذه الفئات، فازداد الاستقطاب بين التيارات الإسلامية وغيرها وحتى في بعض الأحيان بين التيارات نفسها.
- معظم المشاريع التي ظهرت اتخذت الطابع الدعوي ولم تلق بالًا للإنسان فكرًا وتنمية، ولم يكن لها تصور استراتيجي في التعامل مع العالم المحيط.
- تغليب المصالح الفئوية وعدم احترام التعددية وغياب المشروع الوطني.
بالطبع لم تكن كل التجارب سيئة، فلقد برزت إضاءات إسلامية متفرقة حملت معها بذور النهضة، ولكنها كانت أقرب للتجارب الذاتية والمحاولات الفردية، والتي في غالبها حوربت ووئدت.
بقلم : معين فحام
لعل من السهولة بمكان أن نرد فشل معظم المشاريع الإسلامية في منطقتنا لسبب واحد وهو المؤامرة، المؤامرة الخارجية وبعض الأحيان الداخلية، فالغياب المنطقي لفهم الواقع وتسلسل الأحداث ومحاولة البحث عن شماعات نعلق عليها انتكاساتنا المتكررة جعل هذه النظرية محل ترحيب، بل واحدة من المسلمات المنطقية التي يبنى عليها الإخفاق.
ونحن هنا لا نستبعد فكرة التآمر كمنهج قائم للتعامل مع الكثير من القضايا، خاصة الدولية والسياسية، فهي واقع لا يمكن إنكاره، فالتآمر عرف منذ بداية الخليقة، أوَليس قتل قابيل أخاه هابيل مثالاً للمؤامرة بأبسط صورها؟! ولو أردنا الحديث عن هذه السياسة التي وَسَمت الكثير من مراحل الحكم وعند كل الأمم لأفردنا لذلك مجلدات.
ولكن ما هو مستغرب حقًّا هو الاتكاء على هذه النظرية لتبرير النكسات، وعدم وضع الاستراتيجيات لمواجهة التآمر على مستوى الأحزاب أو الدول.
هل من مؤامرة تستهدف الإسلام حقًّا؟
من الصعوبة الإجابة عن هذا السؤال، ولكن بالتأكيد المؤامرة لم تكن على الإسلام كشعائر وعبادات ترافق المسلم في يومياته، وربما أداها في كثير من الأحيان دونما تفكّر.
والدليل هو تآمر ما يعرف بالدول الاستعمارية على الدول الفقيرة، وكثير منها لا ينتمي للعالم الإسلامي، بل وصل التآمر على بعضها البعض (تآمر الدول المحيطة بفرنسا على الثورة الفرنسية ومحاولة إجهاضها لخوفهم من إيقاظ الشعوب).
فالاستهداف الذي يطال الإسلام هو في جوهره، حيث يمثل دعوة للإصلاح وإقامة العدل ومنح الحرية لأفراد البشرية، ويدعو لبناء إنسان حر يتمتع بكرامته، وبالتالي فإن هذا الإنسان الذي تحرر فكره من العبودية والتبعية لغير الله قادر على أن يبني مجتمعًا متحضرًا قويًّا يتمتع بكل أسباب القوة، وهذا تمامًا ما حصل في القرون الأولى للحضارة الإسلامية.
فالعبادات ما زالت هيَ هيَ قائمة لم تتغير من صلاة وصيام وحج... ولكن ما غاب عن المسلمين هو إدراكهم هذه الحضارة الإنسانية.
وعليه فإن معظم الحركات الإسلامية التي ظهرت في العصور المتأخرة فشلت في الارتقاء بالمجتمع الإسلامي وقيادته في عصر التطور العلمي والتقدم، وإذا أردنا إجمال الأسباب فهي مختلفة باختلاف هذه الحركات، ولكن يمكن إجمالها بما يلي:
- جعل السلطة والوصول إليها هو الهدف الأسمى، رغم أن تاريخ الإسلام يثبت أن هدفه كان النهوض والارتقاء بالمجتمع.
- اللعب العاطفي على وتر الإسلام لمعرفتهم بقدرته على استنهاض الشعوب، ولكن التوظيف كان بشكل سلبي.
- احتكار الإسلام من قبل هذه الفئات، فازداد الاستقطاب بين التيارات الإسلامية وغيرها وحتى في بعض الأحيان بين التيارات نفسها.
- معظم المشاريع التي ظهرت اتخذت الطابع الدعوي ولم تلق بالًا للإنسان فكرًا وتنمية، ولم يكن لها تصور استراتيجي في التعامل مع العالم المحيط.
- تغليب المصالح الفئوية وعدم احترام التعددية وغياب المشروع الوطني.
بالطبع لم تكن كل التجارب سيئة، فلقد برزت إضاءات إسلامية متفرقة حملت معها بذور النهضة، ولكنها كانت أقرب للتجارب الذاتية والمحاولات الفردية، والتي في غالبها حوربت ووئدت.
بقلم : معين فحام