الثورة السورية بين رهانات النظام القمعي وبين رهانات التظاهرات السلمية:أيهما الرابح؟
المتابع لمجريات الثورة السورية على النظام القمعي يلاحظ تطورات كبيرة متسارعة على أرض الواقع، أثبتت بما لا مجال للشك حقائق واضحة كالشمس.
بدأت الثورة بآحاد من الناس ثم بعشرات ثم مئات ثم بالآلاف، وهذا يدل على كسر حاجز الخوف من جهة السوريين واستقطاب مساحات جغرافية وبشرية كبيرة، ويدل على اضمحلال النظام وتساقط الأوراق من أيديه.
وبين مراهنات النظام ومراهنات الثوار يتأكد قوة الثوار وتقدمهم.
راهن النظام على قوته التعذيبة في السجون لما اعتقل الثوار وظن أن المتظاهرين ما زال الخوف من قلوبهم، لكنه فوجئ بأن هذا الرهان سقط وذهب أدراج الرياح، إذ كانت لمظاهرات الدول العربية الأخرى دافع قوي للمتظاهرين من جهة ومن جهة أخرى إصرار المعتقلين من المتظاهرين على موقفهم ويجعلوا من أنفسهم فداء على مسيرة المظاهرات التالية لهم، وهذا ما حدث، فلما عجزت أجهزة التعذيب في السجون على أن يجعلوا المتظاهرين المعتقلين أن يركعوا زاد هذا في رصيد الثورة وقوي المتظاهرون وزاد أفراده.
ثم راهن النظام على وسائل الإعلام المسموع والمقروء والمنظور والالكتروني،فأخذ يكيل التهم ويصف المتظاهرون بأنهم حفنة من المندسين والجواسيس لدول غربية أو دول عربية تريد زعزعة الأمن في البلد ، ووصفهم بأنهم عملاء مأجورين لسياسات خارجية، على أمل منه بأن لا يزداد المتظاهرون ولا تزداد رقعة التظاهرات، لكن هذا الرهان هوى لواد سحيق لا قرار له، ذلك لأن سلمية المظاهرات ومطالبها الشعبية والحقوقية من الحرية والكرامة وتطهير الفساد المستشري في جسم الدولة الخروفية المذبوحة،وهتاف المتظاهرون بمطالبتهم بحقوقهم التي كفلها لهم الدستور والقانون والأعراتف والتقاليد أسقط هذا الرهان ونجح رهان الثورة مرة أخرى.
ثم راهن النظام على قوة آلته العسكرية وأعوانه من الشبيحة النبيحة ، بإخضاع هؤلاء المتظاهرون الذين رفعوا لواء السلم والسلام في تظاهراتهم ، على تركيعهم وإبعادهم عن مسرح الأحداث وكتم أفواهم وإعماء أبصارهم، فارتكب النظام بهذا العمل أكبر خطأ فادح الذي قلب المعايير وجاءت النتائج وخيمة عليه ، وجاءت فيصالح المتظاهرين وصالح الثورة، بسبب ما مورس من قتل المتظاهرين والاعتقال العشوائي والعنف المتطرف والقمع المتعجرف، فسفكت دماء الشعب وأخذت الأوراح الطاهرة تصعد من سجن الجسم الضيق لتحوم الروح في عالمها الواسع، وتعطي هذه الدماء مزيدا من الدفع والتقدم للمتظاهرين، فما إن يقتل واحد من عائلة ما أو من قبيلة ما أو من بيت ما، حتى يأتي عوضه عشر أشخاص منهم من يطالب بأن لا يذهب دمه هدرا ولا تضحيته سدى، ومنهم من يمشي على دربه ويسلك خطاه، فازدادت رقعة التظاهرات الجغرافية وازداد عدد المتظاهرون، فسقط الرهان من يد النظام وتقدمت الثورة واستمرت المظاهرات وكسبت الثورة الرهان مرة ثانية.
ثم راهن النظام على الوقت ،وظن-وكم يخيب الظن بالمقبل- أنه كلما زاد طول الوقت لهذه المظاهرات فإن المتظاهرين سيتعبون ويملون ويرجعون لبيوتهم وينتهوا من هذه المظاهرات، وأن الوقت في صالح النظام، فليتغاضى عن متطلباتهم وليمارس معهم القوة ليخيفهم ولينكل بهم ويزج قادتهم في السجون والمعتقلات، وتتابعت الأيام وجاء بعد الأسبوع أسابيع ومضى شهر وجاء بعده شهور، والمظاهرات مستمرة والمتظاهرون يطالبون ويهتفون ويعلنون مطالبهم، وارتد السهم على صاحبه وأصاب النظام بمقتل كبير وانقلب السحر على الساحر، فإذ بالمظاهرات تتسع والمتظاهرون يزدادوا إصرارا، فتتعطل دوائر اقتصادية كثيرة ويتعرى النظام وتنكشف ألعابيه ويظهر كذبه وزيفه وتتساقط مكانته في الخارج والداخل شيئا فشيئا،ويفشل في رهانه و تكسب الثورة الرهان وتتقدم .
ثم راهن على الطائفية وأنه حاميها وبدونه تندلع الخرب الطائفية وأنه صمام الأمان،وأخذ يخوف الطوائف الأخرى ويشحن الأفكار والعقول بمثل هذه التوافه التي تجر الويلات. لكن ما حدث أنه بوعي كبير من الثورة وقادتها والمتظاهرون ، فأعلنوا جمعة صالح العلي ردا على ما يهرف به النظام، ولمتدت الأيدي من جميع الطوائف لتكون متعاونة مساعدة لبعضها، وأكدت الثورة والتظاهرات على سلميتها وشموليتها وأنها ليست خاصة بفرد معين أو حزب معين أو طائفة معين فسوريا لكل السوريين، مسلمين ومسيحين، أكراد وعرب، دروز وعلويين، شراكس وأرمنـ سنيين وشيعينـ أرثذوكس وكاثلويكـ مؤمنين وملحدين، من كافة الفئات والطبقات والأديان والاتجاهات والمذاهب، الجميع تحت سقف واحد وهو سقف سوريا وفوق بلد واحد وهو سوريا وفداء لغاية واحدة وهي سوريا :حرة وكرامة وعدالة ومساواة وقانون.
واحترقت ورقة النظام هذه وصمدت الثورة وتتابعت استمرارها وتفوقها وتقدمها واستقطبت ما أراد النظام عكس ذلك .
فسقط الرهان من يد النظام وتقدمت الثورة واستمرت المظاهرات وكسبت الثورة الرهان مرة ثانية.
ثم راهن على تشرذم المعارضات وتفتت المظاهرات وانقسام الثورة، فأخذ يعقد المؤتمرات ويدعو للحوار ويطالب بالاجتماع، فكان هذا من صالح الثورة والمتظاهرون، إذ عُرِف الجيد من السيئ وبَانَ المستغل من الوطني وظَهرَ الصالح من الطالح ، وبانت ألعوبة النظام، فرفض منسقوا الثورة والمظاهرات الحوار، ولا حوار مع قاتل وسارق وفاسد ومغتصب،ولا تفريط في دماء شهداء الثورة ولا تفريط في جهود المتظاهرون.
فسقطت الورقة من يده وبسقوطها بدأت خلخلة كبيرة في بنيان النظام والحكومة المهترئ، وبدأت تظهر عوامل الانشقاقات من هنا ومن هناك ، وكلها مكاسب للثورة ووقودا دافعا للمتظاهرين للاستمرارية.
وفشل رهان النظام وتقدمت الثورة واستمرت المظاهرات وكسبت الثورة الرهان مرة ثانية.
وجن جنون هذا النظام.
وخلال هذه الرهانات لجأ إلى أعمال خسيسة قذرة تبين محتواه العفن وتظهر مستواه الدنيئ وجهله المركب في التعامل مع الآخرين وبربريته المظلمة. نتحدث عنها لاحقا.
والآن النظام الشبيحي الكلبي النبيحي، والحكومة الفاسدة المتعفنة،والرئاسة البالية المهترئة، وأنظمتها المختلفة المظلمة؛ ما هي إلا كالنعجة لما تذبحها كيف تترنح وينفر منها الدم فتحاول العيش والاستمرار بالحياة وتخادع نفسها وتحاول البقاء ثم في النهاية مصيرها إلى الرحيل عن الحياة .
علم الدين 18/7/2011م
المتابع لمجريات الثورة السورية على النظام القمعي يلاحظ تطورات كبيرة متسارعة على أرض الواقع، أثبتت بما لا مجال للشك حقائق واضحة كالشمس.
بدأت الثورة بآحاد من الناس ثم بعشرات ثم مئات ثم بالآلاف، وهذا يدل على كسر حاجز الخوف من جهة السوريين واستقطاب مساحات جغرافية وبشرية كبيرة، ويدل على اضمحلال النظام وتساقط الأوراق من أيديه.
وبين مراهنات النظام ومراهنات الثوار يتأكد قوة الثوار وتقدمهم.
راهن النظام على قوته التعذيبة في السجون لما اعتقل الثوار وظن أن المتظاهرين ما زال الخوف من قلوبهم، لكنه فوجئ بأن هذا الرهان سقط وذهب أدراج الرياح، إذ كانت لمظاهرات الدول العربية الأخرى دافع قوي للمتظاهرين من جهة ومن جهة أخرى إصرار المعتقلين من المتظاهرين على موقفهم ويجعلوا من أنفسهم فداء على مسيرة المظاهرات التالية لهم، وهذا ما حدث، فلما عجزت أجهزة التعذيب في السجون على أن يجعلوا المتظاهرين المعتقلين أن يركعوا زاد هذا في رصيد الثورة وقوي المتظاهرون وزاد أفراده.
ثم راهن النظام على وسائل الإعلام المسموع والمقروء والمنظور والالكتروني،فأخذ يكيل التهم ويصف المتظاهرون بأنهم حفنة من المندسين والجواسيس لدول غربية أو دول عربية تريد زعزعة الأمن في البلد ، ووصفهم بأنهم عملاء مأجورين لسياسات خارجية، على أمل منه بأن لا يزداد المتظاهرون ولا تزداد رقعة التظاهرات، لكن هذا الرهان هوى لواد سحيق لا قرار له، ذلك لأن سلمية المظاهرات ومطالبها الشعبية والحقوقية من الحرية والكرامة وتطهير الفساد المستشري في جسم الدولة الخروفية المذبوحة،وهتاف المتظاهرون بمطالبتهم بحقوقهم التي كفلها لهم الدستور والقانون والأعراتف والتقاليد أسقط هذا الرهان ونجح رهان الثورة مرة أخرى.
ثم راهن النظام على قوة آلته العسكرية وأعوانه من الشبيحة النبيحة ، بإخضاع هؤلاء المتظاهرون الذين رفعوا لواء السلم والسلام في تظاهراتهم ، على تركيعهم وإبعادهم عن مسرح الأحداث وكتم أفواهم وإعماء أبصارهم، فارتكب النظام بهذا العمل أكبر خطأ فادح الذي قلب المعايير وجاءت النتائج وخيمة عليه ، وجاءت فيصالح المتظاهرين وصالح الثورة، بسبب ما مورس من قتل المتظاهرين والاعتقال العشوائي والعنف المتطرف والقمع المتعجرف، فسفكت دماء الشعب وأخذت الأوراح الطاهرة تصعد من سجن الجسم الضيق لتحوم الروح في عالمها الواسع، وتعطي هذه الدماء مزيدا من الدفع والتقدم للمتظاهرين، فما إن يقتل واحد من عائلة ما أو من قبيلة ما أو من بيت ما، حتى يأتي عوضه عشر أشخاص منهم من يطالب بأن لا يذهب دمه هدرا ولا تضحيته سدى، ومنهم من يمشي على دربه ويسلك خطاه، فازدادت رقعة التظاهرات الجغرافية وازداد عدد المتظاهرون، فسقط الرهان من يد النظام وتقدمت الثورة واستمرت المظاهرات وكسبت الثورة الرهان مرة ثانية.
ثم راهن النظام على الوقت ،وظن-وكم يخيب الظن بالمقبل- أنه كلما زاد طول الوقت لهذه المظاهرات فإن المتظاهرين سيتعبون ويملون ويرجعون لبيوتهم وينتهوا من هذه المظاهرات، وأن الوقت في صالح النظام، فليتغاضى عن متطلباتهم وليمارس معهم القوة ليخيفهم ولينكل بهم ويزج قادتهم في السجون والمعتقلات، وتتابعت الأيام وجاء بعد الأسبوع أسابيع ومضى شهر وجاء بعده شهور، والمظاهرات مستمرة والمتظاهرون يطالبون ويهتفون ويعلنون مطالبهم، وارتد السهم على صاحبه وأصاب النظام بمقتل كبير وانقلب السحر على الساحر، فإذ بالمظاهرات تتسع والمتظاهرون يزدادوا إصرارا، فتتعطل دوائر اقتصادية كثيرة ويتعرى النظام وتنكشف ألعابيه ويظهر كذبه وزيفه وتتساقط مكانته في الخارج والداخل شيئا فشيئا،ويفشل في رهانه و تكسب الثورة الرهان وتتقدم .
ثم راهن على الطائفية وأنه حاميها وبدونه تندلع الخرب الطائفية وأنه صمام الأمان،وأخذ يخوف الطوائف الأخرى ويشحن الأفكار والعقول بمثل هذه التوافه التي تجر الويلات. لكن ما حدث أنه بوعي كبير من الثورة وقادتها والمتظاهرون ، فأعلنوا جمعة صالح العلي ردا على ما يهرف به النظام، ولمتدت الأيدي من جميع الطوائف لتكون متعاونة مساعدة لبعضها، وأكدت الثورة والتظاهرات على سلميتها وشموليتها وأنها ليست خاصة بفرد معين أو حزب معين أو طائفة معين فسوريا لكل السوريين، مسلمين ومسيحين، أكراد وعرب، دروز وعلويين، شراكس وأرمنـ سنيين وشيعينـ أرثذوكس وكاثلويكـ مؤمنين وملحدين، من كافة الفئات والطبقات والأديان والاتجاهات والمذاهب، الجميع تحت سقف واحد وهو سقف سوريا وفوق بلد واحد وهو سوريا وفداء لغاية واحدة وهي سوريا :حرة وكرامة وعدالة ومساواة وقانون.
واحترقت ورقة النظام هذه وصمدت الثورة وتتابعت استمرارها وتفوقها وتقدمها واستقطبت ما أراد النظام عكس ذلك .
فسقط الرهان من يد النظام وتقدمت الثورة واستمرت المظاهرات وكسبت الثورة الرهان مرة ثانية.
ثم راهن على تشرذم المعارضات وتفتت المظاهرات وانقسام الثورة، فأخذ يعقد المؤتمرات ويدعو للحوار ويطالب بالاجتماع، فكان هذا من صالح الثورة والمتظاهرون، إذ عُرِف الجيد من السيئ وبَانَ المستغل من الوطني وظَهرَ الصالح من الطالح ، وبانت ألعوبة النظام، فرفض منسقوا الثورة والمظاهرات الحوار، ولا حوار مع قاتل وسارق وفاسد ومغتصب،ولا تفريط في دماء شهداء الثورة ولا تفريط في جهود المتظاهرون.
فسقطت الورقة من يده وبسقوطها بدأت خلخلة كبيرة في بنيان النظام والحكومة المهترئ، وبدأت تظهر عوامل الانشقاقات من هنا ومن هناك ، وكلها مكاسب للثورة ووقودا دافعا للمتظاهرين للاستمرارية.
وفشل رهان النظام وتقدمت الثورة واستمرت المظاهرات وكسبت الثورة الرهان مرة ثانية.
وجن جنون هذا النظام.
وخلال هذه الرهانات لجأ إلى أعمال خسيسة قذرة تبين محتواه العفن وتظهر مستواه الدنيئ وجهله المركب في التعامل مع الآخرين وبربريته المظلمة. نتحدث عنها لاحقا.
والآن النظام الشبيحي الكلبي النبيحي، والحكومة الفاسدة المتعفنة،والرئاسة البالية المهترئة، وأنظمتها المختلفة المظلمة؛ ما هي إلا كالنعجة لما تذبحها كيف تترنح وينفر منها الدم فتحاول العيش والاستمرار بالحياة وتخادع نفسها وتحاول البقاء ثم في النهاية مصيرها إلى الرحيل عن الحياة .
علم الدين 18/7/2011م