بنظرةٍ خاطفةٍ في سيرة نبيِّنا محمَّد -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابه الميامين -رضوان الله عليهم- يكاد قلبك يتمزَّق حُرقةً على ما أصاب (بَعْثَ الرَّجِيع) وأصحابَ (بئر مَعُونة) ..
مجموعتان نُخبَويَّتان بعثهما النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لدعوة قبائل إلى دين الله -عزَّ وجلَّ- ..
لم تكن هاتان المجموعتان (لَمَّة) عاديَّة من الرِّجال ..! بل كانوا من خيار الصَّحابة علمًا وفقهًا وقراءةً للقرآن .. وهذا ما يليق بالمُبتعَثِين لهذا الحِمل العظيم ..
فقابلتهم القبائل بالاعتداء المباشر "غدرًا لا مواجهةً" ..!
وفُجِع المسلمون بعشرة في الرَّجيع ،، وبسبعين في بئر مَعُونة ..!!
هكذا .. دفعةً واحدةً .. خلال عدَّة أيَّام متقاربة ..
لنا أن نتصوَّر مقدار الألم العميق الذي نزل بروح النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- .. ممَّا جعله (على غير عادته) يقنت شهرًا كاملًا يلعن من قَتَل أصحابَه وخيرةَ مشاريعه الدَّعويَّة ..!
لا تتوقَّف .. تابع وانظر في (معركة مُؤْتة)
هناك ! بأدنى أرض الشَّام !
معركةٌ ملحميَّة ..
- ثلاثة آلاف مجاهد أرسلهم النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأمَّر عليهم ثلاثة رجالٍ بالتَّتالي ..
- مِئَتا ألف مقاتل من النَّصارى يقودهم هرقل الرُّوم ..
وهنا ! بالمدينة !
دموعٌ نبويَّة ..
أُنزِل الوحي على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليُنبِئه بخبر المعركة ..
زيد بن حارثة : القائد الأوَّل ، حِبُ النَّبيِّ وأخوه ومولاه ..
جعفر بن أبي طالب : القائد الثَّاني ، شبيه النَّبيِّ خُلُقًا وخَلْقًا ، ذُو الجناحَيْن الطَّيَّارُ في الجنَّة ..
عبدالله بن رواحة : القائد الثَّالث ، النَّقيب الثَّابت شاعر النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ..
قُتِل حَمَلة الرَّاية المحمَّديَّة ، وأفضَوْا إلى ربِّهم ..
فجلس النَّبيُّ والحزن ظاهرٌ على وجهه الكريم ، قَصَّ الخبر على أصحابه ،، والعينان الشريفتان تذرفان الدُّموع على القادة الثَّلاثة ..!
يخطر في البال سؤال ..
الانكسارات المُتتالية في حياة الجيل الإسلاميِّ الأوَّل (على عِظَمِها) هل استطاعت أن تصرفهم عن سبيلهم ..؟
تأمَّل ما تلا هاتَيْن الفاجعتَيْن ..
لتعلم أنَّ مثل هذه الانكسارات بما أحدثَْته من آلامٍ ونَدْباتٍ لم تكن عندَهم إلا وقودًا : تُشحَن به الهمم لاستمرار الجهاد نضالا يَجبُر ما انكسَر من الخواطر ويُعوِّض ما فات من الخسائر ..
ففي المشهد الأوَّل :
كانت الرَّجيع وبئر مَعُونة حجر الأساس في حصار يهود بني النَّضير ثم إجلائِهم ..
ظنُّوا أنَّ المسلمين انكسرت شوكتُهم بهاتَيْن الوقعتَيْن !
فتجاسروا على نقض عهدهم مع النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وتآمروا على قتله ..
(فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) ،، (فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَار)ِ .
وفي المشهد الثَّاني :
من المتوقَّع أن تتزعزع صفوف الجيش نتيجة الفراغ القياديِّ الذي حصل باستشهاد الثَّلاثة ، لكنَّ عزائمَ المسلمين وحكمتَهم لا تدخل في هذه التَّوقُّعات الانهزاميَّة ..
سارع الصَّحابة إلى تدارك هذا الفراغ ، واصطَلَحوا على رجلٍ تتطلَّع القلوب إلى الانضواء تحت خبرته وحنكته العسكريَّة (خالدِ بنِ الوليد) -رضي الله عنه- ..
فدفعوا إليه الرَّاية ونصَّبوه قائدًا ؛ فقاتَل قتالا شديدًا ،، ثمَّ وبخطَّة عبقريَّة انحاز بالجيش المسلم ، وأنجاهم الله به من براثن الرُّوم ..
وبهذَيْن المشهدَيْن وغيرِهما يرسم لنا النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابتُه "طريقًا عمليًّا تقدُّميًّا" لمواجهة الأزْمات والخسائر التي ستنزل بنا : (بالحذر من غدر الأعداء ، ورصِّ الصُّفوف لمواجهتهم) ..
لا نصرَ في الدُّنيا ، ولا رضى في الآخرة ؛ إلا بالتزام هذا "الطَّريق" ، (صبرًا) على ما يُقدِّره الله من البلاء ، و(يقينًا) بموعوده من النَّعماء .. وبذلك يجعل الله منَّا أئمَّةً يهدون بأمره ..
قال الله -عزَّ وجلَّ- : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران 200] .
هذا أمر الله ..
صبرٌ ؛ على ما يلحقنا من الأذى ..
مصابرةٌ ؛ للأعداء الذين يمكرون بنا ..
مرابطةٌ ؛ في مواضع العزَّة والجهاد ..
تقوى ؛ بفعل الطَّاعات وترك المنكرات ..
هكذا نُفلِح ونربح قضيَّتنا ..
حُزنُنا عظيمٌ على خسارتنا الكبيرة ، لكنْ لا وجودَ للسَّخط في قاموسِكِ يا أمَّة الإسلام ..
ولا نجزعُ فيشمتَ عدوُّنا ، ويسوء صديقنا ، ويغضب ربنا ، ويسر شيطاننا ، ويحبطَ أجرُنا ، وتضعفَ نفوسُنا ؛ بل هو الصَّبر والاحتساب .. فاللهم اُؤْجُرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيرًا منها ..
إنَٖ العين لتدمع ، وإنَّ القلب ليخشع ، وإنَّا على فراقكم يا قادة الجهاد لمحزونون ، ولا نقول إلا ما يرضي ربَّنا : إنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكلُّ شيءٍ عنده بمقدار .
عظَّم الله أجرَنا ، وأحسَن عزاءَنا ، وتقبَّل قتلانا ؛ ولا عزاءَ لشامِت ..
نقلتها لتصلركم كما صبرتني
مجموعتان نُخبَويَّتان بعثهما النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لدعوة قبائل إلى دين الله -عزَّ وجلَّ- ..
لم تكن هاتان المجموعتان (لَمَّة) عاديَّة من الرِّجال ..! بل كانوا من خيار الصَّحابة علمًا وفقهًا وقراءةً للقرآن .. وهذا ما يليق بالمُبتعَثِين لهذا الحِمل العظيم ..
فقابلتهم القبائل بالاعتداء المباشر "غدرًا لا مواجهةً" ..!
وفُجِع المسلمون بعشرة في الرَّجيع ،، وبسبعين في بئر مَعُونة ..!!
هكذا .. دفعةً واحدةً .. خلال عدَّة أيَّام متقاربة ..
لنا أن نتصوَّر مقدار الألم العميق الذي نزل بروح النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- .. ممَّا جعله (على غير عادته) يقنت شهرًا كاملًا يلعن من قَتَل أصحابَه وخيرةَ مشاريعه الدَّعويَّة ..!
لا تتوقَّف .. تابع وانظر في (معركة مُؤْتة)
هناك ! بأدنى أرض الشَّام !
معركةٌ ملحميَّة ..
- ثلاثة آلاف مجاهد أرسلهم النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأمَّر عليهم ثلاثة رجالٍ بالتَّتالي ..
- مِئَتا ألف مقاتل من النَّصارى يقودهم هرقل الرُّوم ..
وهنا ! بالمدينة !
دموعٌ نبويَّة ..
أُنزِل الوحي على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليُنبِئه بخبر المعركة ..
زيد بن حارثة : القائد الأوَّل ، حِبُ النَّبيِّ وأخوه ومولاه ..
جعفر بن أبي طالب : القائد الثَّاني ، شبيه النَّبيِّ خُلُقًا وخَلْقًا ، ذُو الجناحَيْن الطَّيَّارُ في الجنَّة ..
عبدالله بن رواحة : القائد الثَّالث ، النَّقيب الثَّابت شاعر النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ..
قُتِل حَمَلة الرَّاية المحمَّديَّة ، وأفضَوْا إلى ربِّهم ..
فجلس النَّبيُّ والحزن ظاهرٌ على وجهه الكريم ، قَصَّ الخبر على أصحابه ،، والعينان الشريفتان تذرفان الدُّموع على القادة الثَّلاثة ..!
يخطر في البال سؤال ..
الانكسارات المُتتالية في حياة الجيل الإسلاميِّ الأوَّل (على عِظَمِها) هل استطاعت أن تصرفهم عن سبيلهم ..؟
تأمَّل ما تلا هاتَيْن الفاجعتَيْن ..
لتعلم أنَّ مثل هذه الانكسارات بما أحدثَْته من آلامٍ ونَدْباتٍ لم تكن عندَهم إلا وقودًا : تُشحَن به الهمم لاستمرار الجهاد نضالا يَجبُر ما انكسَر من الخواطر ويُعوِّض ما فات من الخسائر ..
ففي المشهد الأوَّل :
كانت الرَّجيع وبئر مَعُونة حجر الأساس في حصار يهود بني النَّضير ثم إجلائِهم ..
ظنُّوا أنَّ المسلمين انكسرت شوكتُهم بهاتَيْن الوقعتَيْن !
فتجاسروا على نقض عهدهم مع النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وتآمروا على قتله ..
(فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) ،، (فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَار)ِ .
وفي المشهد الثَّاني :
من المتوقَّع أن تتزعزع صفوف الجيش نتيجة الفراغ القياديِّ الذي حصل باستشهاد الثَّلاثة ، لكنَّ عزائمَ المسلمين وحكمتَهم لا تدخل في هذه التَّوقُّعات الانهزاميَّة ..
سارع الصَّحابة إلى تدارك هذا الفراغ ، واصطَلَحوا على رجلٍ تتطلَّع القلوب إلى الانضواء تحت خبرته وحنكته العسكريَّة (خالدِ بنِ الوليد) -رضي الله عنه- ..
فدفعوا إليه الرَّاية ونصَّبوه قائدًا ؛ فقاتَل قتالا شديدًا ،، ثمَّ وبخطَّة عبقريَّة انحاز بالجيش المسلم ، وأنجاهم الله به من براثن الرُّوم ..
وبهذَيْن المشهدَيْن وغيرِهما يرسم لنا النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابتُه "طريقًا عمليًّا تقدُّميًّا" لمواجهة الأزْمات والخسائر التي ستنزل بنا : (بالحذر من غدر الأعداء ، ورصِّ الصُّفوف لمواجهتهم) ..
لا نصرَ في الدُّنيا ، ولا رضى في الآخرة ؛ إلا بالتزام هذا "الطَّريق" ، (صبرًا) على ما يُقدِّره الله من البلاء ، و(يقينًا) بموعوده من النَّعماء .. وبذلك يجعل الله منَّا أئمَّةً يهدون بأمره ..
قال الله -عزَّ وجلَّ- : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران 200] .
هذا أمر الله ..
صبرٌ ؛ على ما يلحقنا من الأذى ..
مصابرةٌ ؛ للأعداء الذين يمكرون بنا ..
مرابطةٌ ؛ في مواضع العزَّة والجهاد ..
تقوى ؛ بفعل الطَّاعات وترك المنكرات ..
هكذا نُفلِح ونربح قضيَّتنا ..
حُزنُنا عظيمٌ على خسارتنا الكبيرة ، لكنْ لا وجودَ للسَّخط في قاموسِكِ يا أمَّة الإسلام ..
ولا نجزعُ فيشمتَ عدوُّنا ، ويسوء صديقنا ، ويغضب ربنا ، ويسر شيطاننا ، ويحبطَ أجرُنا ، وتضعفَ نفوسُنا ؛ بل هو الصَّبر والاحتساب .. فاللهم اُؤْجُرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيرًا منها ..
إنَٖ العين لتدمع ، وإنَّ القلب ليخشع ، وإنَّا على فراقكم يا قادة الجهاد لمحزونون ، ولا نقول إلا ما يرضي ربَّنا : إنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكلُّ شيءٍ عنده بمقدار .
عظَّم الله أجرَنا ، وأحسَن عزاءَنا ، وتقبَّل قتلانا ؛ ولا عزاءَ لشامِت ..
نقلتها لتصلركم كما صبرتني