داعش تقتل الطفولة: تقرير خاص عن انتهاكات داعش بحق الأطفال في سورية
-----------
منذ تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، سجّل هذا التنظيم رقماً قياسياً في الانتهاكات الموثقة لحقوق الإنسان بكافة أصنافها، وهي الانتهاكات التي أصبحت موضع اهتمام عالمي، نظراً لتمثيل التنظيم للصورة النمطية للتطرف الإسلامي، بالإضافة إلى الحملات المدفوعة الأجر من طرف النظام السوري ومؤيديه من أجل تسويق داعش إعلامياً باعتباره الجهة التي يواجهها النظام في حربه في سورية، وضرورة أن تتخذ الأطراف المختلفة قراراً واضحاً بدعم أحد طرفي المعادلة، النظام أو داعش!.
ولابد هنا من التنويه إلى أن النظام السوري قد ارتكب جرائم وانتهاكات خطيرة وقياسية تُعادل في خطورتها ما ارتكبته أكثر الأنظمة القمعية التي تم توثيق انتهاكاتها في العصر الحديث، ولكن معظم هذه الجرائم لم يجر توثيق حدوثها، ما عدا تلك الجرائم القليلة التي تم تسريب تسجيلاتها، بخلاف الجرائم التي يتم ارتكابها من قبل داعش، ويتم توثيقها بشكل واضح ومفصل، ويتم نشرها على وسائل إعلامهم الخاصة.
وقد شملت الانتهاكات التي مارستها داعش انتهاكات في عدد كبير من المجالات، حيث شملت انتهاكات واسعة بحق الإعلاميين والنشطاء المدنيين، والقيادات والنشطاء العسكريين في كتائب المعارضة، بالإضافة إلى انتهاكات بحق الأقليات، وانتهاكات بحقوق المرأة والطفل.
وسوف يتناول هذا التقرير انتهاكات داعش لحقوق الأطفال، وبشكل خاص حقّهم في الحياة، وحقهم في الحماية.
برامج الاستقطاب والتوجيه
تعتمد داعش في تجنيدها للأطفال على برامج الترغيب التي توفّر للأطفال أنشطة ترفيهية واجتماعية يفتقدون لها في ظل الأوضاع التي تعيشها سورية، وتقدم للمراهقين فرصة للتعبير عن ذواتهم من خلال الارتباط بتنظيم قوي عسكرياً، حيث يمكن لهم أن يشعروا بالسلطة وتحقيق الذات في صفوفها.
ويخضع الأطفال إلى دورات تهدف إلى إقناعهم بفكر التنظيم، حيث ظهرت العديد من التسجيلات التي بثّها التنظيم لمحاضرات يقوم بها بعض أفراد داعش تستهدف الأطفال، وظهر هؤلاء الأطفال وهم يرددون شعارات داعش.
وقد أظهر التنظيم اهتمامه بالمدارس والعملية التعليمية منذ نشأته، حيث كانت المدارس هي أول ما يقوم التنظيم بوضع يديه عليه في المناطق التي يقوم باحتلالها.
وقد عمد التنظيم إلى فرض الحجاب على الفتيات في كل المدارس، كما منع الحصص الترفيهية، كالرسم والرياضة والموسيقى.
كما تشير أنباء إلى أن ما يُسمى بديوان التربية لدى التنظيم يعتزم إصدار منهج دراسي خاص به، ليتم اعتماده في المدارس التي يتولى الإشراف عليها.
تجنيد الأطفال
مارس تنظيم داعش الأطفال كمجندين في صفوفه بشكل مكثف، حيث يظهر الأطفال في المقاطع التي تبثّها وسائل الإعلام الاجتماعي التابعة للتنظيم كمقاتلين يحملون السلاح، ويقومون بالأعمال العسكرية جنباً إلى جنب مع الكبار، كما ظهر بعض الأطفال وهم يقومون بأعمال الذبح التي عُرف التنظيم عن ممارستها بحق المعارضين له، وخاصة في صفوف المناهضين لنظام الأسد.
وتشير تقديرات اللجنة السورية لحقوق الإنسان إلى أن هناك حوالي 800 طفل دون سن الثامنة عشرة في صفوف مقاتلي داعش، يقومون في معظمهم بأعمال غير قتالية، حيث يشارك هؤلاء في خدمات الدعم اللوجستي لمقاتلي داعش، مثل نقل الذخيرة، وإعداد الطعام، وإصلاح وتنظيف العتاد والآليات، فيما يشارك آخرون في أعمال الحراسة والدوريات والحواجز.
الانتهاكات النفسية والتربوية لحقوق الطفل
تُشكّل انتهاكات داعش النفسية لحقوق الأطفال الجانب الأكثر خطورة من بين كل الانتهاكات التي تُمارسها، حيث يعمد تنظيم داعش إلى تعريض الأطفال إلى مشاهد العنف التي يُمارسها، ويشجّعهم على ممارستها، والمشاركة فيها.
وقد أظهرت كل التسجيلات والصور التي بثّها التنظيم لأعمال الإعدام والذبح والصلب التي مارسها التنظيم في المناطق التي يُسيطر عليها وجود الأطفال في الصفوف الأمامية، كما أظهرت قيام الأطفال بحمل الكاميرات والهواتف لتصوير المشاهد.
كما أظهر تسجيلات وصور أخرى بثّها التنظيم قيام أطفال بحمل رؤوس مقطوعة، ومشاركتهم في أعمال الذبح بأنفسهم. كما قام عدد من مقاتلي داعش بنشر صور لأبنائهم الذي يقومون بمساعدتهم أثناء قيامهم بذبح آخرين.
وعلى سبيل المثال فقد قام خالد شروف، وهو مقاتل في داعش، استرالي من أصل لبناني، بنشر صورة لطفله البالغ من العمر 7 سنوات وهو يحمل رأساً مقطوعاً يعود على ما يعتقد إلى أحد مقاتلي المعارضة السورية. كما ظهر طفل يحمل رأس القاضي الشرعي العام لألوية صقور الشام أبو عبد السميع بعد اقتحام بلدة أخترين في 14/8/2014.
انتهاك الحق في الحياة
كما هو النظام السوري، لم تستثن داعش الأطفال من أعمال الإعدام والمجازر التي تقوم بها، حيث تعرّض الأطفال للقتل، جنباً إلى جنب مع النساء والشيوخ والأطفال.
وبالإضافة إلى أعمال القتل التي يمارسها التنظيم نتيجة للقصف الجماعي، أو أعمال القتل المباشر عند السيطرة على المناطق التي تُحارب التنظيم، فإنّ عدداً من الأطفال قد تم قتلهم بشكل منفصل بعد اتهامهم بالإفطار في رمضان، أو حتى الاغتصاب!.
وكما هي العادة لدى تنظيم داعش، فإنّ التنظيم يقوم بوضع جثث الأطفال الذين تمّ إعدامهم في الساحات العامة لعدة أيام، من أجل ترهيب الجمهور.
النتائج والتوصيات
تشير ممارسات تنظيم داعش في المناطق التي تُسيطر عليها إلى استهدافها المباشر لجيل الأطفال، وحرصها على بث أفكارها في عقولهم، عن طريق سيطرتها على المدارس، وتنظيمها لبرامج خاصة لاستقطابهم.
كما تُشير التسجيلات التي تقوم داعش وأفرادها ببثها على الإنترنت إلى حرص التنظيم على حضور الأطفال ومشاركتهم في مشاهد العنف، وحالات الإعدام الوحشية التي تقوم بها.
واللجنة السورية لحقوق الإنسان وإذا تشير إلى الخطورة الآنية لانتهاكات داعش بحق الأطفال، فإنّها تؤكّد على الخطورة الأساسية المتمثلة في تأثير داعش على جيل من الأطفال، سيجعل القضاء على داعش مستقبلاً أمراً في غاية الصعوبة.
وتوصي اللجنة بما يلي:
ضرورة عمل المنظمات المدنية الموجودة في داخل المناطق التي تُسيطر عليها داعش، وفي المناطق التي تقع خارجها، على توفير برامج توعوية وتربوية للأطفال، توفّر لهم الحماية النسبية من برامج البروباغندا التي تُقدمها داعش.
ضرورة عمل المنظمات الأهلية والدولية على برامج موجّهة للوالدين، من أجل توعيتهم بكيفية التعامل مع الأطفال المعرّضين لمشاهد العنف بصورة عامة، والأطفال الذي يشاهدون أو يُشاركون في جرائم داعش.
أهمية عمل المجتمع الدولي بصورة حثيثة لدعم السوريين في حقهم لإقامة دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان، حيث يُساهم غياب هذه الحقوق، والانتهاكات المتواصلة لها من جميع الأطراف، وخاصة من طرف النظام السوري، وتجاهل المجتمع الدولي لهذه الانتهاكات، لزيدة مستوى التطرف، وخاصة لدى الشباب، وهو ما يترك آثاره بصورة خطيرة على المجتمع السوري برمّته.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
16/8/2014
رابــــــط التقـريــر
-----------
منذ تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، سجّل هذا التنظيم رقماً قياسياً في الانتهاكات الموثقة لحقوق الإنسان بكافة أصنافها، وهي الانتهاكات التي أصبحت موضع اهتمام عالمي، نظراً لتمثيل التنظيم للصورة النمطية للتطرف الإسلامي، بالإضافة إلى الحملات المدفوعة الأجر من طرف النظام السوري ومؤيديه من أجل تسويق داعش إعلامياً باعتباره الجهة التي يواجهها النظام في حربه في سورية، وضرورة أن تتخذ الأطراف المختلفة قراراً واضحاً بدعم أحد طرفي المعادلة، النظام أو داعش!.
ولابد هنا من التنويه إلى أن النظام السوري قد ارتكب جرائم وانتهاكات خطيرة وقياسية تُعادل في خطورتها ما ارتكبته أكثر الأنظمة القمعية التي تم توثيق انتهاكاتها في العصر الحديث، ولكن معظم هذه الجرائم لم يجر توثيق حدوثها، ما عدا تلك الجرائم القليلة التي تم تسريب تسجيلاتها، بخلاف الجرائم التي يتم ارتكابها من قبل داعش، ويتم توثيقها بشكل واضح ومفصل، ويتم نشرها على وسائل إعلامهم الخاصة.
وقد شملت الانتهاكات التي مارستها داعش انتهاكات في عدد كبير من المجالات، حيث شملت انتهاكات واسعة بحق الإعلاميين والنشطاء المدنيين، والقيادات والنشطاء العسكريين في كتائب المعارضة، بالإضافة إلى انتهاكات بحق الأقليات، وانتهاكات بحقوق المرأة والطفل.
وسوف يتناول هذا التقرير انتهاكات داعش لحقوق الأطفال، وبشكل خاص حقّهم في الحياة، وحقهم في الحماية.
برامج الاستقطاب والتوجيه
تعتمد داعش في تجنيدها للأطفال على برامج الترغيب التي توفّر للأطفال أنشطة ترفيهية واجتماعية يفتقدون لها في ظل الأوضاع التي تعيشها سورية، وتقدم للمراهقين فرصة للتعبير عن ذواتهم من خلال الارتباط بتنظيم قوي عسكرياً، حيث يمكن لهم أن يشعروا بالسلطة وتحقيق الذات في صفوفها.
ويخضع الأطفال إلى دورات تهدف إلى إقناعهم بفكر التنظيم، حيث ظهرت العديد من التسجيلات التي بثّها التنظيم لمحاضرات يقوم بها بعض أفراد داعش تستهدف الأطفال، وظهر هؤلاء الأطفال وهم يرددون شعارات داعش.
وقد أظهر التنظيم اهتمامه بالمدارس والعملية التعليمية منذ نشأته، حيث كانت المدارس هي أول ما يقوم التنظيم بوضع يديه عليه في المناطق التي يقوم باحتلالها.
وقد عمد التنظيم إلى فرض الحجاب على الفتيات في كل المدارس، كما منع الحصص الترفيهية، كالرسم والرياضة والموسيقى.
كما تشير أنباء إلى أن ما يُسمى بديوان التربية لدى التنظيم يعتزم إصدار منهج دراسي خاص به، ليتم اعتماده في المدارس التي يتولى الإشراف عليها.
تجنيد الأطفال
مارس تنظيم داعش الأطفال كمجندين في صفوفه بشكل مكثف، حيث يظهر الأطفال في المقاطع التي تبثّها وسائل الإعلام الاجتماعي التابعة للتنظيم كمقاتلين يحملون السلاح، ويقومون بالأعمال العسكرية جنباً إلى جنب مع الكبار، كما ظهر بعض الأطفال وهم يقومون بأعمال الذبح التي عُرف التنظيم عن ممارستها بحق المعارضين له، وخاصة في صفوف المناهضين لنظام الأسد.
وتشير تقديرات اللجنة السورية لحقوق الإنسان إلى أن هناك حوالي 800 طفل دون سن الثامنة عشرة في صفوف مقاتلي داعش، يقومون في معظمهم بأعمال غير قتالية، حيث يشارك هؤلاء في خدمات الدعم اللوجستي لمقاتلي داعش، مثل نقل الذخيرة، وإعداد الطعام، وإصلاح وتنظيف العتاد والآليات، فيما يشارك آخرون في أعمال الحراسة والدوريات والحواجز.
الانتهاكات النفسية والتربوية لحقوق الطفل
تُشكّل انتهاكات داعش النفسية لحقوق الأطفال الجانب الأكثر خطورة من بين كل الانتهاكات التي تُمارسها، حيث يعمد تنظيم داعش إلى تعريض الأطفال إلى مشاهد العنف التي يُمارسها، ويشجّعهم على ممارستها، والمشاركة فيها.
وقد أظهرت كل التسجيلات والصور التي بثّها التنظيم لأعمال الإعدام والذبح والصلب التي مارسها التنظيم في المناطق التي يُسيطر عليها وجود الأطفال في الصفوف الأمامية، كما أظهرت قيام الأطفال بحمل الكاميرات والهواتف لتصوير المشاهد.
كما أظهر تسجيلات وصور أخرى بثّها التنظيم قيام أطفال بحمل رؤوس مقطوعة، ومشاركتهم في أعمال الذبح بأنفسهم. كما قام عدد من مقاتلي داعش بنشر صور لأبنائهم الذي يقومون بمساعدتهم أثناء قيامهم بذبح آخرين.
وعلى سبيل المثال فقد قام خالد شروف، وهو مقاتل في داعش، استرالي من أصل لبناني، بنشر صورة لطفله البالغ من العمر 7 سنوات وهو يحمل رأساً مقطوعاً يعود على ما يعتقد إلى أحد مقاتلي المعارضة السورية. كما ظهر طفل يحمل رأس القاضي الشرعي العام لألوية صقور الشام أبو عبد السميع بعد اقتحام بلدة أخترين في 14/8/2014.
انتهاك الحق في الحياة
كما هو النظام السوري، لم تستثن داعش الأطفال من أعمال الإعدام والمجازر التي تقوم بها، حيث تعرّض الأطفال للقتل، جنباً إلى جنب مع النساء والشيوخ والأطفال.
وبالإضافة إلى أعمال القتل التي يمارسها التنظيم نتيجة للقصف الجماعي، أو أعمال القتل المباشر عند السيطرة على المناطق التي تُحارب التنظيم، فإنّ عدداً من الأطفال قد تم قتلهم بشكل منفصل بعد اتهامهم بالإفطار في رمضان، أو حتى الاغتصاب!.
وكما هي العادة لدى تنظيم داعش، فإنّ التنظيم يقوم بوضع جثث الأطفال الذين تمّ إعدامهم في الساحات العامة لعدة أيام، من أجل ترهيب الجمهور.
النتائج والتوصيات
تشير ممارسات تنظيم داعش في المناطق التي تُسيطر عليها إلى استهدافها المباشر لجيل الأطفال، وحرصها على بث أفكارها في عقولهم، عن طريق سيطرتها على المدارس، وتنظيمها لبرامج خاصة لاستقطابهم.
كما تُشير التسجيلات التي تقوم داعش وأفرادها ببثها على الإنترنت إلى حرص التنظيم على حضور الأطفال ومشاركتهم في مشاهد العنف، وحالات الإعدام الوحشية التي تقوم بها.
واللجنة السورية لحقوق الإنسان وإذا تشير إلى الخطورة الآنية لانتهاكات داعش بحق الأطفال، فإنّها تؤكّد على الخطورة الأساسية المتمثلة في تأثير داعش على جيل من الأطفال، سيجعل القضاء على داعش مستقبلاً أمراً في غاية الصعوبة.
وتوصي اللجنة بما يلي:
ضرورة عمل المنظمات المدنية الموجودة في داخل المناطق التي تُسيطر عليها داعش، وفي المناطق التي تقع خارجها، على توفير برامج توعوية وتربوية للأطفال، توفّر لهم الحماية النسبية من برامج البروباغندا التي تُقدمها داعش.
ضرورة عمل المنظمات الأهلية والدولية على برامج موجّهة للوالدين، من أجل توعيتهم بكيفية التعامل مع الأطفال المعرّضين لمشاهد العنف بصورة عامة، والأطفال الذي يشاهدون أو يُشاركون في جرائم داعش.
أهمية عمل المجتمع الدولي بصورة حثيثة لدعم السوريين في حقهم لإقامة دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان، حيث يُساهم غياب هذه الحقوق، والانتهاكات المتواصلة لها من جميع الأطراف، وخاصة من طرف النظام السوري، وتجاهل المجتمع الدولي لهذه الانتهاكات، لزيدة مستوى التطرف، وخاصة لدى الشباب، وهو ما يترك آثاره بصورة خطيرة على المجتمع السوري برمّته.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
16/8/2014
رابــــــط التقـريــر