العيد في مخيمات اللجوء وفي الشتات
كان العيد فيما مضى موعدا لجمع المتباعدين ، وإصلاح ذات بين المتخاصمين ، وفرصة لصلة الأرحام ، وبر الوالدين ، وتبادل التهاني بين الأصدقاء والجيران .. وكان للعيد بهجة ولذة وشعور غامر بالسعادة .. ولكنه صار بالنسبة للسوريين مثار حزن ، ودموع ، وحسرات وآهات . فليس هنالك أهل بيت إلا ولديهم أولاد مشردون ، أو معتقلون يقبعون في أقبية السجون . أو شهداء فارقوا الحياة وخلفوا الحزن وراءهم للأحياء . أو أطفال معوقون قد بترت أطرافهم ولم يستطيعوا الحراك ، فكانوا مثارا لغصة ألم في حلوق أهليهم ..
لو كان المسلمون كالجسد الواحد لألغيت احتفالات العيد في كافة بلدان العالم الإسلامي ، ولألغيت كل مظاهر الفرح والترف والرخاء ، تضامنا مع المنكوبين والمحرومين والتعساء من المسلمين .
سمعت خطيب الحرم النبوي ، وهو يكبر فرحا بالعيد .. ويكبر بهجة بنعمة الأمن .. ويكبر فرحا بنعمة الغنى واليسار .. ويكبر فرحا بأن بلده بخير .. وينسى سامحه الله أن له إخوانا تعساء أشقياء مكروبين خائفين مهددين بالموت في كل حين .. ينسى أن النظرة الإقليمية الضيقة ستكون وبالا على كافة المسلمين دون استثناء . لأن الإقليمية تقطيع لأوصال الأمة الواحدة ، وتفريق لصفها ، وإضعاف لقوتها . فلو كنا يدا واحدة لم يطمع فينا الطامعون . ولو كنا يدا واحدة لما عربد أوباما ولا الخامنئي ، وأرغوا وأزبدوا وتوعدوا وهددوا .. لو عقل خطيب الحرم لبكى لحال الأمة وابكى ولكنه لم يفعل ، وإنما فعل العكس تماما .. وكان كمن يكذب على نفسه وعلى غيره . لذلك لم يصدقه أحد . ولم يعجب بكلامه أحد .