قال رائع لـ Mounir Rabih
يتقلّب حزب الله على جمر نار أشعلها، إنقلب السحر على الساحر. بالملموس، بدأ التأكّد أن الحرب السورية ليست نزهة، إحتفالات الإنتصار في القلمون تبدّدت، الحرب تجدّدت بأسلوب آخر، وهذه المرّة كانت المبادرة للمعارضة المسلّحة وليس له وللجيش السوري. نفّذ الثوار ضربات لمواقع الحزب في أكثر من منطقة قلمونية، تكبّد الحزب خسائر كبيرة، ما زال ينعي مقاتليه الذين سقطوا هناك منذ الثاني عشر من تموز تباعاً.
الحرب المتجدّدة فرضت نفسها على الحزب، الذي يجري دراسة معمقة لما جرى ويجري، ولتفادي هكذا أخطاء قاتلة مجدداً، يعتبر الحزب أن خسائره في 24 ساعة كبيرة جداً، وهي من أكثر المعارك التي استحقت ضريبة كبيرة جداً. لذا يعيد تقييم استراتيجيته، يبحث في خطط مستقبلية، لكنه يصل إلى حائط مسدود في كثير من الأحيان.
بداية، وفي إشارة إلى ما جرى في الأسبوع الفائت بين حزب الله والمعارضين السوريين بما أصبح يعرف بمعارك الجرود، يصعب التنبؤ بحقيقة ما حصل في ظل التكتم والتعتيم من قبل الحزب. لكن من خلال حجم الخسائر التي تكبدها، يمكن القول إنه تعرض الى أسلوب جديد من أساليب المواجهة لم يكن يعتقد بأنها ستواجهه، وبالتالي لم يكن مجهزا لها.
تقول مصادر عسكرية في حزب الله لـ"المدن" إن عناصر الحزب تعرضوا لما كانوا يعتمدون عليه في حربهم ضد العدو الإسرائيلي، أي لجأ المسلّحون إلى نصب كمائن، واعتماد أسلوب حرب العصابات، لذلك تكبّد الحزب هذا العدد من الخسائر في وقت قليل.
معروف أن أسلوب حرب العصابات يعتمد على المباغتة، وشن ضربة معيّنة على موقع معيّن ومن ثم التراجع، وفي هذا النوع من المواجهات، يعتبر المصدر نفسه أن الدفة مالت لمصلحة الثوار، أولاً لأنهم أصحاب الأرض والعارفون بطبيعتها وتضاريسها، وثانياً بسبب عنصر المباغتة خاصة اذا ما اعتبرنا أن الحزب كان يفترض بسط سيطرته على منطقة القلمون الجبلية وبالتالي فإن مقاتليه لم يكونوا على استعداد نفسي لخوض هكذا مواجهة، ويقول المصدر: "بعد حسم المعارك هناك، سرى إعتقاد في نفوس المقاتلين بأن المنطقة أصبحت منطقة خضراء عسكرياً، ولذا تمّ سحب مقاتلي النخبة من هناك إلى مناطق أخرى كإدلب وحلب، ومن بقي هناك هم من قليلي الخبرة الميدانية والصغار في السن، إذ كان هناك تقدير بأن القلمون أصبحت تعتبر من الخطوط الخلفية، وأعمار القتلى الذين سقطوا يؤكد ذلك، هذا بالإضافة إلى الكلام عن أسر مقاتلين أو جثثهم وهذه نقطة إضافية تسجّل لمصلحة الثوار وتفسر حجم الخسائر الفادحة التي تكبدها الحزب.
يرسم الحزب خططه على الخريطة حسب مناطق سيطرته وسيطرة خصومه، وهنا يشير المصدر إلى أن المعارضة السورية تسيطر على جرود عرسال، وجرود القلمون ربطاً بريف دمشق ودرعا وصولاً إلى الحدود مع الأردن، وهذا الخطّ طوله 75 كلم، أما هو فيسيطر على بلدات القلمون، والأوتوستراد الدولي، بالإضافة إلى طريق لبنان ـ دمشق الدولي الذي يمرّ بالمصنع.
لا يخفي قادة حزب الله الميدانيون مفاجأتهم بما جرى في الآونة الأخيرة، إقتحام القلمون والقصير لا يمكن فصله عن دخول الجيش السوري إلى حمص بناء على تسوية سياسية، هناك من يهمس بأنه إستدراج للحزب إلى المستنقع، ليبدأ المسلّحون بشن ضربات متفرّقة، وتؤكّد مصادر الحزب العسكرية لـ"المدن" أن المعارضين استخدموا أسلحة نوعية وحديثة من بينها صواريخ تاو وهذا ما ألحق بهم خسائر كبيرة.
يستعدّ الحزب لمواجهة ما يتعرّض له في وضع خطّة جديدة، لكن تواجهه مشكلة رئيسية. مقاتلو المعارضة يتمركزون في الجبال الوعرة ومغاورها في الجرود الممتدة بين القلمون وعرسال وهي مساحات واسعة، وهو بحال إستمر مدعوماً بطيران الجيش السوري بقصف أماكن وجود المسلّحين، سيسهم ذلك بدخولهم إلى عرسال وبعض المناطق الأخرى كأطراف بريتال ونحلة ويونين، أي إنتقالهم إلى العمق اللبناني. لطالما نظر الحزب إلى عرسال على أنها المنطقة الشاذة الوحيدة والعاصية على نفوذه، ولتجنيب نفسه ضربات مماثلة فلا يرى أمامه سوى خيار ضرب عرسال.
يقف حزب الله أمام إستحقاقين، إما فتح معركة عرسال وإقتحامها، أو تركها على ما هي عليه، وفي الحالتين فإن إرتداد أي خطوة من الإثنتين سيكون سلبياً على الحزب، بحال اقتحم عرسال ستقع حرب أهلية في لبنان، والجيش سيتعرض لهزة كبيرة إن لم يكن إنشقاقاً، أما بحال تركها فهذا يعني أنه سيبقى عرضة لضربات كالتي تعرّض لها مؤخّراً. هناك من يتحدّث عن وجوب تدخّل الجيش للقضاء على وجود المسلّحين في جرود عرسال، لكنّ مصادر عسكرية بارزة تقول لـ"المدن" إن الوضع لا يحتمل هكذا خطوة خصوصاً في هكذا جرود واسعة، وتعتبر المصادر أنه عند كل إشتباك بين الحزب والمعارضين السوريين فإن الجيش سيقف على الحياد تماماً كما كان يجري في طرابلس أثناء الإشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة.
.
http://www.almodon.com/politics/75fa0fea-bbff-44c3-806c-5e6aa994e42e
يتقلّب حزب الله على جمر نار أشعلها، إنقلب السحر على الساحر. بالملموس، بدأ التأكّد أن الحرب السورية ليست نزهة، إحتفالات الإنتصار في القلمون تبدّدت، الحرب تجدّدت بأسلوب آخر، وهذه المرّة كانت المبادرة للمعارضة المسلّحة وليس له وللجيش السوري. نفّذ الثوار ضربات لمواقع الحزب في أكثر من منطقة قلمونية، تكبّد الحزب خسائر كبيرة، ما زال ينعي مقاتليه الذين سقطوا هناك منذ الثاني عشر من تموز تباعاً.
الحرب المتجدّدة فرضت نفسها على الحزب، الذي يجري دراسة معمقة لما جرى ويجري، ولتفادي هكذا أخطاء قاتلة مجدداً، يعتبر الحزب أن خسائره في 24 ساعة كبيرة جداً، وهي من أكثر المعارك التي استحقت ضريبة كبيرة جداً. لذا يعيد تقييم استراتيجيته، يبحث في خطط مستقبلية، لكنه يصل إلى حائط مسدود في كثير من الأحيان.
بداية، وفي إشارة إلى ما جرى في الأسبوع الفائت بين حزب الله والمعارضين السوريين بما أصبح يعرف بمعارك الجرود، يصعب التنبؤ بحقيقة ما حصل في ظل التكتم والتعتيم من قبل الحزب. لكن من خلال حجم الخسائر التي تكبدها، يمكن القول إنه تعرض الى أسلوب جديد من أساليب المواجهة لم يكن يعتقد بأنها ستواجهه، وبالتالي لم يكن مجهزا لها.
تقول مصادر عسكرية في حزب الله لـ"المدن" إن عناصر الحزب تعرضوا لما كانوا يعتمدون عليه في حربهم ضد العدو الإسرائيلي، أي لجأ المسلّحون إلى نصب كمائن، واعتماد أسلوب حرب العصابات، لذلك تكبّد الحزب هذا العدد من الخسائر في وقت قليل.
معروف أن أسلوب حرب العصابات يعتمد على المباغتة، وشن ضربة معيّنة على موقع معيّن ومن ثم التراجع، وفي هذا النوع من المواجهات، يعتبر المصدر نفسه أن الدفة مالت لمصلحة الثوار، أولاً لأنهم أصحاب الأرض والعارفون بطبيعتها وتضاريسها، وثانياً بسبب عنصر المباغتة خاصة اذا ما اعتبرنا أن الحزب كان يفترض بسط سيطرته على منطقة القلمون الجبلية وبالتالي فإن مقاتليه لم يكونوا على استعداد نفسي لخوض هكذا مواجهة، ويقول المصدر: "بعد حسم المعارك هناك، سرى إعتقاد في نفوس المقاتلين بأن المنطقة أصبحت منطقة خضراء عسكرياً، ولذا تمّ سحب مقاتلي النخبة من هناك إلى مناطق أخرى كإدلب وحلب، ومن بقي هناك هم من قليلي الخبرة الميدانية والصغار في السن، إذ كان هناك تقدير بأن القلمون أصبحت تعتبر من الخطوط الخلفية، وأعمار القتلى الذين سقطوا يؤكد ذلك، هذا بالإضافة إلى الكلام عن أسر مقاتلين أو جثثهم وهذه نقطة إضافية تسجّل لمصلحة الثوار وتفسر حجم الخسائر الفادحة التي تكبدها الحزب.
يرسم الحزب خططه على الخريطة حسب مناطق سيطرته وسيطرة خصومه، وهنا يشير المصدر إلى أن المعارضة السورية تسيطر على جرود عرسال، وجرود القلمون ربطاً بريف دمشق ودرعا وصولاً إلى الحدود مع الأردن، وهذا الخطّ طوله 75 كلم، أما هو فيسيطر على بلدات القلمون، والأوتوستراد الدولي، بالإضافة إلى طريق لبنان ـ دمشق الدولي الذي يمرّ بالمصنع.
لا يخفي قادة حزب الله الميدانيون مفاجأتهم بما جرى في الآونة الأخيرة، إقتحام القلمون والقصير لا يمكن فصله عن دخول الجيش السوري إلى حمص بناء على تسوية سياسية، هناك من يهمس بأنه إستدراج للحزب إلى المستنقع، ليبدأ المسلّحون بشن ضربات متفرّقة، وتؤكّد مصادر الحزب العسكرية لـ"المدن" أن المعارضين استخدموا أسلحة نوعية وحديثة من بينها صواريخ تاو وهذا ما ألحق بهم خسائر كبيرة.
يستعدّ الحزب لمواجهة ما يتعرّض له في وضع خطّة جديدة، لكن تواجهه مشكلة رئيسية. مقاتلو المعارضة يتمركزون في الجبال الوعرة ومغاورها في الجرود الممتدة بين القلمون وعرسال وهي مساحات واسعة، وهو بحال إستمر مدعوماً بطيران الجيش السوري بقصف أماكن وجود المسلّحين، سيسهم ذلك بدخولهم إلى عرسال وبعض المناطق الأخرى كأطراف بريتال ونحلة ويونين، أي إنتقالهم إلى العمق اللبناني. لطالما نظر الحزب إلى عرسال على أنها المنطقة الشاذة الوحيدة والعاصية على نفوذه، ولتجنيب نفسه ضربات مماثلة فلا يرى أمامه سوى خيار ضرب عرسال.
يقف حزب الله أمام إستحقاقين، إما فتح معركة عرسال وإقتحامها، أو تركها على ما هي عليه، وفي الحالتين فإن إرتداد أي خطوة من الإثنتين سيكون سلبياً على الحزب، بحال اقتحم عرسال ستقع حرب أهلية في لبنان، والجيش سيتعرض لهزة كبيرة إن لم يكن إنشقاقاً، أما بحال تركها فهذا يعني أنه سيبقى عرضة لضربات كالتي تعرّض لها مؤخّراً. هناك من يتحدّث عن وجوب تدخّل الجيش للقضاء على وجود المسلّحين في جرود عرسال، لكنّ مصادر عسكرية بارزة تقول لـ"المدن" إن الوضع لا يحتمل هكذا خطوة خصوصاً في هكذا جرود واسعة، وتعتبر المصادر أنه عند كل إشتباك بين الحزب والمعارضين السوريين فإن الجيش سيقف على الحياد تماماً كما كان يجري في طرابلس أثناء الإشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة.
.
http://www.almodon.com/politics/75fa0fea-bbff-44c3-806c-5e6aa994e42e