الكرسي والمبادئ
بقلم حسام الثورة
يبدو أن المبادئ والشعارات التي يتبجح بها الكثير وتزين بها الجدران وتتصدر الصفحات الأولى ما هي إلا كلام لا تساوي قيمة الحبر الذي تكتب بها أو قيمة الورق التي تكتب عليه , ولعل هذا ما نعيشه في عصرنا الحالي بل أخطر ما نعيشه في عصرنا الحالي , المؤهلات العلمية والموقع الاجتماعي والتاريخ السياسي أو كما يقولون التاريخ النضالي يبدو أن كلها أوراق مطلوبة للوصول إلى الكرسي وبعدها ترمى في سلة القمامة .
عشنا طفولتنا ونحن نطرب لسماع قيادات تاريخية وهي تتغنى بالنضال لتحرير فلسطين قضية العرب الأولى ثم اليوم نفاجئ إننا كنا نعيش كذبة كبرى , كم شدنا في شبابنا كلام بعض من يسمون بالعلماء ثم صحونا لنرى إنهم كانوا منافقين لا يمتون بصلة للدين الاسلامي الحق إلا بما يخرج من أفواههم والأمثلة كثيرة وكثيرة لا نريد استعراض الاسماء .
المثال الصارخ اليوم ما يحدث في تركيا وإن كان لا يختلف عما ذكرنا إلا أن التناقض هنا صارخ ومفضوح أكثر , في تركيا اليوم يتفق الثعلب والدجاج , يتفق الأيمان بالحاد , يلتقي التدين بالعلمانية الفجة .
في تركيا اليوم يتجلى الصراع على الكرسي بأبشع صورة , قبل اشهر وقف الداعية الاسلامي الصوفي فتح الله جولن مع عدوه التاريخي حزب الجمهورية التركي العلماني المتطرف هذا الحزب الذي غير قبر الداعية النورسي ووضعه في مكان مجهول لا .
يهتدى إلية حتى لا يكون رمزا ليزار من قبل اتباعه الذي يعتبر جولن واحد منهم , هذا التعاون بين جولن والحزب الجمهوري لضرب شريكه وحليفه السابق حزب العدالة ذو الميول الاسلامية على أي شيء بني هذا الاتفاق ؟؟؟.
في تركيا أحزاب أخرى غير علمانية بنفس الدرجة مثل الحزب الجمهوري وكان بإمكان جولن التعاون معهم ولكنه لم يفعل مع أن وصول الحزب الجمهوري يعني ضربة لأتباع جولن , هل من يفسر لنا كيف اتفقت مبادئ الطرفين المتنافرة للعمل سوية إلا أنه حب السلطة والكراسي فأين المبادئ والقيم .
اليوم المثال الصارخ الأكبر ترشح إكمال الدين إحسان أوغلوا لرئاسة تركيا مرشحا من أكثر جهة معادية للإسلام في تركيا ومن حركة طورونية عنصرية وهذا بعيدا كل البعد عن الاسلام ودعوة الاسلام حيث قال إن أكرمكم عند الله أتقاكم .
إكمال الدين هذا كما يقال عنه إسلامي رجل السعودية تربية مصر وبعد كل هذا رئيسا لأكبر منظمة إسلامية لمدة تسع سنوات , ولعلنا نفهم اليوم لماذا هذه المنظمات والمؤسسات الاسلامية نسمع باسمها ولا نرى لها أثر على الواقع مقارنة بمؤسسات اليهود والروافض ولا تحظى بأي احترام دولي ولم تتمكن برفع الظلم عن مسلم واحد في أنحاء المعمورة مع أنها تمثل أكبر تجمع على الكرة الأرضية ومليار ونصف من البشر .
إكمال الدين يترشح لمنصب الرئاسة البراق وهو أبن واحد وسبعين عام فهل ما تبقى من العمر يستحق التضحية بالمبادئ والأخلاق ولكن لا بد لديه جواب آخر.
العلمانيون والطورنيون عندهم هدف الاطاحة بحزب العدالة والتنمية حتى لو تعاونوا مع الشيطان ولكن كيف سيسوقون هذا الهدف للشباب المخدوع بشعاراتهم بدعم مرشح إسلامي يتناقضون معه مئة بالمائة وهذا ما يفسر بعض الآراء أن الكثير منهم لن يدعم إكمال الدين رغم قرارات الأحزاب بدعمه ولعل الله يريد بالبلد خيرا فيخرج الكثير من نطاق الأفكار التي تحملها هذه الأحزاب .
وفي الطرف الآخر ما الذي سيقدمه هذا الاسلامي كما يسمى لهذه الاحزاب وهو مرشحهم وليس مدعوم من غيرهم , هل سيقنعهم بالصلاة مثلا , أو بترك شرب الخمر , أم سيطلب من بناتهم التنازل قليلا عما يسمى عندهم بالحرية الشخصية والتي تتناقض مع تعاليم الاسلام , هل سيتجرأ هذا المرشح الرئاسي أن يقول لهم الأصنام ممنوعة في الاسلام هل هل هل هل سيكون من الممكن أن يقول لهم على الأقل محمد رسول الله صلى الله عليه رسول من رسل الله أو أن يفتتح اجتماعاته بأية من آيات القرآن الكريم
أنا لآ أدري ما الذي اتفق عليه الطرفان وما الذي سيقدمه كل منهما للآخر ولعله كما فاوض كفار قريش الرسول صلى الله عليه وسلم حين قالوا تعال تعبد أصنامنا عاما ونعبد إلهك عاما آخر ولكن ربما لن يرضى العلمانيون أن يعبدوا رب إكمال الدين ساعة واحدة فما الثمن الذي قبضه كل من الطرفين للتنازل عن مبادئه وشعاراته الطنانة أم أن بريق الكرسي وسحره وجاذبيته كافية لكل هذه التنازلات التي تبنى عليها هذه الأحزاب ويكذب بها على بسطاء الناس حتى إذا تحققت غاية المؤسسين فإذا هذه المبادئ ورقة في مهب الريح والأهم من هؤلاء هم اولئك الذين يتحدثون بالدين والجنة والنار والعقيدة والإيمان وإذا بهم عند تحقيق مصالحهم ضربوا بكل ذلك عرض الحائط وانطبق عليهم قول الشاعر :
صلى وصام لأمرٍ كان يطلبهُ : لما انقضى الأمر لا صلى ولا صاما