أفكار مضيئة (23) بعيدا عن التشاؤم في محطات :
24 / 6 / 2014
أبو ياسر السوري
- المحطة الخامسة – مخاض وميلاد أمة
يقول المتشائم : أي خير ترجوه من هذه الأمة العربية ، المنقسمة على نفسها ، وكل من أنظمتها لا يأمن غائلة الآخر ، ويتوجس منه خيفة .؟ بل وكل منهم يحقر أخاه ، ويصفه بأقبح النعوت .؟ لا تقل لي نحن أمة الـ 400 مليون .. فماذا أغنت الكثرة المتفككة المتفرقة المتناحرة .؟؟

وجوابنا على هذه المقدمة المتشائمة ، أن ما جاء فيها هو واقع لا مكان فيه للتفاؤل  ، وهذا ما جعل الأمة العربية محل احتقار الغرب والشرق لها .. وحسب هذه الأمة ذلا ومهانة وخنوعا ، أن ترضخ لقرارات أعدائها رضوخ العبد لسيده ، فإسرائيل وإيران باتتا صاحبتي الكلمة العليا في الوطن العربي ، وكل منهما يحتل دولة عربية مسلمة ، ويسوم أهلها أقسى استبداد ، ويعيث فيهم أبشع فساد .. فإسرائيل تحتل فلسطين القضية، وهي عربية مسلمة ، وإيران تحتل الأحواز المنسية ، وهي عربية مسلمة أيضا .. أمة من 400 مليون عربي ليس لها قرار ، بمعنى ليست حرة في اتخاذ أي قرار ... وتملى عليها الأوامر بإذلال الشعوب وسحقها ، وإبقائها ضمن دائرة التخلف والهمجية .. ويقوم القادة العرب بتنفيذ أوامر أسيادهم على أكمل الوجوه .. فالسجون عندنا أكبر مساحة ، وأكثر عددا من الجامعات . ونوادي القمار وكباريهات اللهو والمجون أكثر عددا من المختبرات العلمية ومراكز البحوث .

ومع ذلك فإني أرى نورا ساطعا في نهاية هذا النفق المظلم ، إني أرى في هذا الربيع العربي ميلاد أمة عربية جديدة .. أمة تملك قرارها ، وترفض وصاية الآخرين عليها .. أمة تساهم في بناء الحضارة الإنسانية ، لا متطفلة على موائد الحضارات الأخرى .. أمة لا ترضى بأقل من السيادة والريادة ، ونحن بانتظار ولادتها من قلب هذا الربيع العربي المبارك ، ولا بد لكل ميلاد من مخاض ، ولا بد لكل مخاض من آلام ..
***