مبدأ معاملة الأعداء بالمثل في الحرب .. ماذا يعني .؟؟؟؟
ابو ياسر السوري
21 / 6 / 2014
ديننا دين العدل والإنصاف .. شرع لنا معاملة أعدائنا بالمثل أثناء المعارك " وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ " .. وشرع لنا القصاص بعد أن تضع الحرب أوزارها ...
ولكن مقاتلينا في هذه الأيام يعملون عكس ذلك .. فقد افتاهم الجهلة ، بأن يحسنوا لأسراهم ، وأن لا يقتلوا طفلا ، ولا امرأة ، ولا شيخا كبيرا ، ولا يقطعوا شجرة ، ولا يقتلوا راهبا ...
ونحن نخالفهم في ذلك كله ، ونخطئهم .. ولدينا الدليل :
أولا : هؤلاء الذين نقبض عليهم ليسوا أسرى حرب .. وإنما هم مفسدون في الأرض ، والمفسدون في الأرض إن تابوا ورجعوا قبل القبض عليهم ، فنخلي سبيلهم .. وإن قبضنا عليهم قبل أن يتوبوا فالحد فيهم أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض .. لقوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ) .
ثانيا : كانت المثلة في الحرب شيء معيب لدى العرب ، فلما مثل المشركون بحمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومثلوا بغيره من قتلى المسلمين ، أقسم النبي وأصحابه : لئن أظفرهم الله بأعدائهم ، ليمثلن بأربعين مقابل كل رجل مثل به منهم . فأنزل الله تعالى قوله : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ *) فأذن للمسلمين بأن يمثلوا بأعدائهم مثلا بمثل دون زيادة .. ولكنه تعالى نهى نبيه أن يأخذ بمبدأ العدل ، وندبه إلى الأخذ بمبدأ الفضل ، وهو أن يصبر ولا يأخذ حقه من قاتلي عمه حمزة رضي الله عنه .. فقال تعالى : ( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ) .
وهكذا ، أذن القرآن بالمثلة معاملة بالمثل في الحرب على خلاف العرف السائد في زمانهم ، فأذن بجدع الأنوف ، وبقر البطون ، وقطع الرؤوس .. من الأعداء الذين فعلوا بقتلانا شيئا من ذلك .
وأذن بالقتال في الشهر الحرام .. وكان العرف لا يجيزه في زمانهم .. وأذن بالقتال في البلد الحرام .. وكان العرف لا يجيزه أيضا ... فلما خرج الأعداء عن هذا العرف أو ذاك ، أذن الله للمسلمين أن يعاملوا أعدائهم بالمثل .. قال تعالى (وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ) (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم ) .
وتحرير المناط في هذه القضية ، أن أحكام القتال نزلت مراعية العرف في ذلك الزمن . وحين خالف المشركون العرف السائد ، أذن للمسلمين أن يعاملوهم بالمثل ، لأن الحكم العرفي يدور مع العرف الذي بني عليه وجودا وعدما ..
وقياسا عليه نقول : كل ما ورد من أحاديث تنهى عن قتل الأطفال والنساء وكبار السن وقطع الشجر ... فهو مرهون بعمل الخصم ، فإن فعل بنا أعداؤنا ذلك ، جاز لنا أن نعاملهم بالمثل ، فنقتل أطفالهم ونساءهم وشيوخهم . ونقطع أشجارهم ، ونتلف زروعهم ومواشيهم . ونص القرآن صريح في هذا ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم ) ..
ولكننا لا نغتصب نساءهم .. لأن ذلك مخالف لمبادئ الشرف والمروءة .. ولأن الاغتصاب شكل من أشكال الزنا. والله تعالى يقول (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ).
***
***