زوجة البطل حسين الهرموش تبيع ثياب زوجها لتأكل هي وابناؤها :
15 / 5 / 2014
بقلم : أبو ياسر السوري
بقلم : أبو ياسر السوري
ما كنت أحب أن أقرأ هذا الخبر .. أعني الخبر المدون أعلاه مع الصورة ، والذي يقول " إن زوجة المقدم الحر حسين هرموش تقوم ببيع ملابس زوجها بمزاد علني لتؤمن بدل إيجار البيت الذي تسكن فيه بتركيا " .!!
فبعض الأخبار - يا سادة - لشدة قسوتها على النفس ، تتمنى لو كانت كاذبة ، أو نتمنى أن لا نسمعها .. أحقا بلغ نكران الجميل بنا نحن السوريين ، أن تكافأ زوجة هذا البطل حسين الهرموش ، بالتجاهل والإهمال ، حتى تلجئها الضرورة إلى بيع ملابس زوجها البطل الرمز والقائد الفذ بالمزاد العلني ، لئلا يؤدي عجزها عن تسديد الآجار ، إلى رميها وأولادها في الشارع .؟؟ يا للعار .!!
حسين هرموش حين انشق عن جيش النظام ، كان يعلم أنه يعرض حياته ومستقبله العسكري إلى خطر كبير .. وكان يعلم أن سوف لا يبقى له راتب ينفق منه على نفسه وأسرته .. وكان يعلم أنه لن يبقى له بيت يأوي إليه في سوريا ما دام النظام قائما .. وكان يقدر أنه ربما اضطر أن يعيش مشردا هو وأسرته لبضع سنوات قبيل سقوط النظام .. كان الهرموش يعلم أن انشقاقه يشكل خطرا على حياته وعلى أسرته .. وعلى أهله .. وعلى أقربائه جميعا . لأنه يعلم أن النظام يعاقب المعارض له ويعاقب معه أقرباءه حتى الدرجة الخامسة .!!
حسين الهرموش كان على علم بكل هذه المخاطر التي تنتظره بعد انشقاقه عن الجيش .. ثم وضع هذه المخاوف جميعا في كفة ، وإسقاط نظام الأسد في كفة ، فرجح لديه التصميم على إسقاط النظام مهما كانت التكاليف ..
انشق الهرموش ، وسارع الخطا إلى تشكيل الجيش الحر ، وهذا أمر طبيعي جدا ، فالهرموش رجل عسكري ، وكان مؤمنا بأن هذا النظام لن يسقط إلا بالقوة . لن يسقط إلا بانشقاق الضباط الشرفاء ، ووقوفهم صفا واحدا في مواجهته والانقضاض عليه بعزيمة وإصرار..
انشق الهرموش .. فهدم النظام بيته وأحرقه ، وأحرق معه كل بيت في قريته ، واعتقل وقتل كل أقربائه .. وبمقدار الألم الذي أحدثه انشقاق الهرموش للنظام ، وإنشاؤه للجيش الحر .. بمقدار غيظ النظام منه لهاتين الخطوتين الفاعلتين .. كان الانتقام .. بل لقد رمى النظام بكل ثقله حتى قبض عليه ، وأودعه في غياهب السجون تحت الأرض .. ومما لا شك فيه أنه تعرض لعذاب فوق التصور .. ولا ندري إن كان ما زال حيا ، أم أنه فارق الحياة .. وفي الحالين لا فائدة ترجى من التفكير بشخص حسين الهرموش . فقد أثبت الرجل أنه يتمتع بقمة البطولة وقمة الشجاعة وقمة الإيثار .. ولولا هذه المزايا العالية ، لما عرض نفسه لأعتى الأخطار ، وحسبه بطولة وشجاعة وإيثارا ، أنه أول ضابط برتبة مقدم يعلن انشقاقه عن جيش النظام الخائن ، بل ويقوم بتأسيس جيش لإسقاط هذا الطاغوت بالقوة .. شكل الهرموش الجيش الحر ، وأقض به مضاجع النظام ، واستطاع هذا الجيش أن يطرد نظام الأسد من كل التراب السوري ، حتى لم يبق له فيه موطئ قدم آمن ، فلجأ إلى سلاح الجو الذي لن يعيد إليه كرسيه يوما ، وإنما سيزيد النقمة عليه يوما بعد يوم .
الهرموش - يا سادة - رمز من رموز الثورة ، وعزه عزها ، وذله ذلها ، وظلمه ظلمها .. وتضييع زوجته وأبنائه من بعده ، هو أقبح جزاء يكافأ به هذا البطل المغوار في أسرته ، التي تعاني من الفقر والجوع والقلة والحاجة ، ما يجعلها تبيع ملابس زوجها لتدفع الآجار أو تطرد وتشرد هي وأبناؤها ..
إن سوء معاملة أسرة الهرموش ، ليذكرني بالسوء الذي كوفئ به فاتح الأندلس طارق بن زياد .. فقد قيل أن سليمان بن عبد الملك سخط عليه ، فسمل عينيه بالحديد والنار فأفقده بصره ، وتركه يعيش بقية حياته فقيرا يتكفف الناس على أبواب المساجد .. فتبّاً لكُلّ مَنْ يكافئ بالسوء على الإحسان .!!!