المجلس الإسلامي السوري .. هل نحن بحاجة إليه .؟؟؟
هذا المجلس لن نشهد له أو عليه ، حتى نشهد أول خطوة يخطوها ، ونرى الوجهة التي هو موليها .؟ ففي يوم مضى تم تشكيل ما سمي بـ " المجلس الوطني " ورحبنا به فرحين .. ثم ندمنا أشد الندم لتسرعنا بالترحيب بمن لا يستحق .. وقام بعده ما سمي بـ " الائتلاف الوطني " ورجونا أن يعوضنا هذا الائتلاف عما فاتنا من ذلك المجلس .. ( فكان شهاب الدين ... أسوأ من أخيه ) .. واليوم تم تشكيل ما سمي بـ ( المجلس الإسلامي السوري ) .. وكانت الموضة القديمة أن يوصف مثل هذا المجلس بـ ( الأعلى ) فيقال " المجلس الإسلامي الأعلى " ونظرا لتعدد هذه المجالس الإسلامية في الوطن العربي قديما ، وقيام نسخ منه في سوريا .. و مصر .. والأردن .. والسعودية .. واليمن .. والمغرب .. وفيما أدري ولا أدري من الدول العربية .. فقد اضطربت البوصلة ، ولم نعد نعرف أيها الأعلى ؟ وأيها الأدنى ؟ لأن صيغة التفضيل المحلاة بـ (أل) التعريف ، مع السكوت عن المفضل عليه ، تعني التفضيل المطلق .. فحين يزعم كل منهم أنه " الأعلى " فذلك يعني أن كلاً منهم يزعم أنه الأفضل مطلقا .. مما جعلنا في حيرة من أمرنا حيال هذه المجالس العليا ، والتي لم نشهد لها فائدة في العلم ، ولا في الدين ... لهذا أنصح بادئ ذي بدء كل مسلم غيور على أمته ، أن لا يعلق كبير أمل على هذا المجلس السوري .. وأن لا يذمه حتى يرى صنيعه :
لا تمدحنَّ امرءاً ما لم تجرِّبَهُ : ولا تَذُمَّنَّ إلا بعدَ تَجريبِ
ولست أدري إن كان أصحاب هذا المجلس يسمحون لنا بالسؤال ، أم أنهم ممن يرون أنفسهم " لا يُسألون عما يفعلون .؟ " .. ومهما يكن من أمر .. فلا بد لنا من السؤال .. ولا بد لهم من التكرم بالإصغاء والإجابة ..
1 – هؤلاء المجتمعون في اسطنبول .. على أي أساس كان اجتماعهم .؟ فإن كان اجتماعهم على اساس العلم ، ففي الواقع إننا لم نشهد بينهم وجوها يمكن الركون إليها في الفتوى .؟ وهنالك أفراد ليسوا بالقليل يفوقونهم علما وفهما في الدين ، وقد تم إقصاؤهم لأنهم لا يملكون الزاد والراحلة إلى اسطنبول .. فصار هذا المجلس وقفا على الأغنياء ممن يزعمون أنهم علماء ، وهم ليسوا بعلماء ، وقد بلغني أن بعضهم ليسوا سوى تجار قضوا سحابة أعمارهم في شهود الأسواق ، وعقد الصفقات ، وأن بعضهم ليسوا طلاب علم أصلا ، وإنما هم متعهدون يعملون في تشييد الدور والبناء .. ولا تعرفهم مجالس العلم المعنية بالإقراء والإملاء ..
فإن صح هذا ، فهو بمثابة من أسس بنيانه بلبنات من الملح . وما إن يجيء الشتاء ، ويتسرب الماء إلى هذه اللبنات الملحية ، حتى تذوب بمخالطة مياه الأمطار ، فلا يلبث البنيان جراء ذلك أن ينهار .. وتلك مخاطرة ما كنت أشير بها لو كان هنالك من استشار .
2 – يقولون الطبل في حرستا .. والمعازيم في دوما .. نحن الآن ومنذ ثلاث سنوات نحرث في الماء ، ونبذر في البحر . فالنظام المجرم يستقوي علينا بكفار الأرض جميعا . ويرتكب في حقنا أفظع الجرائم وأقذرها .. وهؤلاء العلماء بأعيانهم متخلفون عن الركب . بعيدون عن الواقع ، غير مكترثين لقتل مئات الالاف ، وتشويه مئات الالاف .. وتشريد نصف سكان سوريا .. وهدم 75 % من البناء السوري .. منازل .. مساجد .. مدارس .. مشافي .. دوائر حكومية .. مباني بلديات ومحاكم وغيرها وغيرها .. وهؤلاء المجتمعون ، بعضهم ممن جربناهم في المجلس الوطني وفشلوا .. وبعض ممن آثر البعد عن القتال ، واتجه نحو الدعوة وجمع المال لها وليس للمعركة . ومنهم من لم نسمع له حسا ولا ركزا ..
فهل نتوقع ممن سكت عن دمار البلد طوال ثلاث سنوات ، أو لنقل : عجز عن قيادة الثورة والإطاحة بنظام عصابة لا يمثل سوى طائفة قوامها 4% من سكان سوريا على التحقيق .. هل نتوقع ممن فشلوا في إيجاد حل نافع للسوريين ينقذهم من هذه العصابة طوال هذه الفترة ، أن يأتي اليوم منهم خير .؟ أما أنا فأشك في مجيء الخير منهم ، شكا أقرب إلى اليقين . وأقول لمن يريد أن يجربهم : لا يجرب المجرب إلا صاحب عقل مخرب .
3 – حين شُكِّلَ المجلس الوطني .. وتلاه تشكيل الائتلاف ، قيل لنا هذا هو الجناح السياسي للثورة .. وأقنعونا بأنه لا بد للثورة من رجال يحملون مطالبها ، إلى المجتمع الدولي ، والمنظمات صاحبة القرار في مثل هذه الصراعات ... والسؤال هنا : هل هنالك حاجة داعية لتشكيل هذا المجلس الخليط من الأفندية والمعممين .. ومن أصحاب اللحى الطويلة والمقصرين .. ومن الصوفية والسلفية وحزب التحرير والإخوان المسلمين ..؟ وإلى كم من الوقت سوف نحتاج لإصلاح ذات البين في هذا المجلس .؟ وهل هنالك إمكانية لإحداث تقارب بين مكوناته التي يكاد يكفر بعضها بعضا .؟
قد يتفق العلمانيون فيما بينهم على أرضية المصلحة المشتركة .. ويقتسمون المناصب دون عراك يذكر .. وقد تتوافق الأحزاب السياسية على حل مشترك يستفيد منه الجميع بقدر ثقلهم في الساحة الاجتماعية . ولكن اتفاق رجال الدين أمرٌ ، إن لم يكن مستحيلا ، فهو قريب من المستحيل ، فهم كما يقول عبد الله بن عباس " أشد تنافسا فيما بينهم من الحمر في زريبتها " فهيهات أن يجتمعوا على خير .. وهيهات أن يؤمل فيهم خير .!!؟
4 – نحن ممَّ نشكو الآن .؟ وما هي حاجتنا الماسة في الوقت الحاضر .؟ لسنا بحاجة إلى وعاظ .. ولا بحاجة إلى خطباء .. ولا بحاجة إلى دروس في توحيد الربوبية والألوهية .. ولا إلى تقريرات في الأشعرية والماتريدية .. نحن بحاجة قصوى إلى مقاتلين بالملايين .. وأن ينفر السوريون نفيرا عاما للإطاحة بهذا الطاغوت ، الذي جثم على صدورنا بضعا وأربعين سنة ، ولما طالبناه بالنصفة والعدل ، قرر استئصال خضرائنا ، والقضاء الكامل علينا وعلى نسائنا وأبنائنا .. وهو ماض في هذه السبيل ، يؤازره العالم كله على قتلنا .. فما الفائدة من تشكيل مجلس إسلامي سوري ، لن يكون له دور في العير ولا في النفير ..
نحن نطالب هؤلاء العلماء ، أولا : أن يتفرغ كبار السن منهم للدعاء للمجاهدين بالنصر .. ونطالبهم ثانيا : بأن يتفرغ الوجهاء منهم لجمع الأموال وإغاثة المشردين وإيوائهم ، وتأمين الكفاية لعوائل المجاهدين ، ومدهم بكل ما يقيم أودهم من طعام وشراب ودواء وكساء .. ونطالبهم ثالثا : بأن يشمر الشباب منهم عن سواعدهم للقتال ، فيتدربوا على استخدام السلاح ، ثم يتقدموا صفوف المجاهدين في سبيل الله ، ويبذلوا أرواحهم رخيصة لإعلاء كلمة الله ..
نحن – يا سادة - لسنا بحاجة إلى هذا الصنف من العلماء ، الذين لا يعلمون من الدين سوى إطالة اللحى وتكحيل الأعين ، والتحدث على طريقة الدراويش .. سيدنا .. مولانا .. خادمكم .. فضيلتكم .. نحن بحاجة إلى علماء يحملون السلاح كما حمله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حرب التتار ..
وختاما :
أيها الناس ، نحن في مرحلة مفصلية :
إما أن ننتصر ويبقى لنا دين نعبد الله على هديه ، وتسلم لنا كرامة لا نكون بشرا أسوياء بدونها .. وتؤمن لنا حرية لا ننحني معها لغير خالقنا ..
وإما أن نكره على الكفر بالله ، والخروج من الدين ، والتنازل عن الكرامة ، وأن نتحول إلى عبيد لكل مارق فاجر عاهر رعديد ..