الحرية قادمة إلى المجتمعات العربية
مقال : ( منقول ) لؤي صافي :
منذ ساعة واحدة
السنوات الثلاثة الماضية شكلت بداية تحولات عميقة في المنطقة العربية، ستتجلى تداعياتها في التغيرات الكبيرة التي ستطرأ على المجتمع العربي خلال السنوات القادمة. ما حدث من انتفاضات في سورية ومصر والعراق لا يمكن إيقافه باستخدام كل جيوش الأنظمة العسكرية لأن التغيير حدث على مستوى الوعي والبنية الاجتماعية معا.
حتى لو تمكنت الأنظمة العسكرية من سحق القوى المقاتلة والحركات السلفية الجهادية التي نشطت مؤخرا، فستجد هذه الأنظمة أنها غير قادرة على سحق الحراك الثوري واحتواء المد الشعبي الساعي للمشاركة في الحياة العامة. فالعمل العسكري ليس بداية التحرك الثوري ولن يكون نهايته، بل يشكل مرحلة فرضتها ردود فعل الأنظمة العسكرية نفسها.
هناك اهتمام جديد في الحياة العامة وشعور عميق لدى المواطن العربي أن مشاركته في صنع المستقبل السياسي والاقتصادي والثقافي واجب وطني وضرورة وجودية. هذا الوعي الجديد الذي تشكل خلال سنوات الاستبداد وتفلت من قمقمه التاريخي مع بزوغ الربيع العربي هو المسؤول عن الانتفاضات الشعبية التي سبقت المواجهات الدموية ولن تتمكن الأنظمة الحاكمة من إعادة المارد إلى قمقمه.
المطلوب من الشباب المنتفض على الاستبداد أن ينشط في تشكيل مؤسسات المجتمع المدني ذات الاهتمامات الثقافية والتعليمية والأخلاقية والخدمية والجمعيات الاحترافية والتنظيمية لتأكيد أولوية المجتمع المدني على الدولة والقيام بالأعباء الكثيرة التي ستكون الدولة عاجزة عن تحقيقها.
يجب تنشيط العمل الجمعي وتنظيم دوائر الحياة المدنية وعدم الاعتماد كليا على مبادرات السلطة أو المعارضة. الاعتماد على المؤسسات المركزية للدولة غير ممكن في مجتمع تتزايد فيه أعداد المثقفين والاحترافيين وخريجي الجامعات.
الدولة المركزية القادرة على الهيمنة على كل مؤسسات المجتمع إلى زوال، وستكون عاجزة عن تقديم الخدمات التي يحتاجها المجتمع. هذا التراجع في المنطقة العربية لدور الدولة المركزية يصحبه تراجع في فائض المال التي تملكه الدول الكبرى والتي استخدمته في العقود الماضية لتكريس سيطرتها على المجتمعات النامية.
الحرية قادمة إلى المجتمعات العربية، شاء من شاء وأبى من أبى. السؤال المهم يمكن أن يصاغ على النحو التالي: هل سيتمكن المثقفين والناشطين السياسيين العرب من تنظيم فضاء الحرية المتولد وفرض وجودهم على المؤسسات السلطوية، أم أن المنطقة العربية مقبلة على فترة من الفوضى والتجاذبات؟